أهمية التفكير في جنوب السودان

 


 

 


ushari@outlook.com
مجددا، كل شيء واضح الآن، في جمهورية جنوب السودان.
(1)
إجرام سلفا كير في قيادته التطهير العرقي وتقتيله النوير العسكريين والمدنيين في جوبا، ومسؤوليته الجنائية المتمثلة في اقترف قواته المُفظِعات الجماعية في مناطق أخرى ضد قبيلة النوير، خاصة في أعالي النيل، وقصة الكونتينر الحاوية الحديدية في لير مدينة مشار وخنق قوات سلفا أكثر من ستين من النوير في داخلها ثابتة، ودونك رفض سلفا كير محاسبة زبانيته على جرائمهم، بل تجده يقدم لهم العفو والحماية والتستر. كذلك أصبح سلفا كير بارعا في الكذب.
هكذا أنعي إليكم أحد أعظم أبطال الكفاح المسلح ضد الاستعمار العربي الإسلامي في جنوب السودان، وكان زعيم حركة الاستقلال. فلنقبل الموت السياسي لسلفا كير، ولنتعامل معه وكأنه لا وجود له إلا على سبيل الوجود بالمضايقة، وهو وجود مؤقت قصير الأجل.
(2)
واضح أيضا اليوم إجرام رياك مشار، أسوأ قادة جنوب السودان على الإطلاق، يتحمل الوزر الأكبر في تدمير حلم الدولة الجديدة، وأمامنا بينات عمالته التاريخية المستمرة للدولة الإسلامية الإجرامية الفاسدة في السودان. مهووس صنعته كذلك الكذب يتصنع أنه الضحية. فلنجرده من أية مشروعية، ولنقبل أيضا نهايته في مسرح السياسة.
(3)
الفساد الإجرامي المريع لدى قيادات الحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان. لا يوجد مثيل في أفريقيا، أو في العالم، يضاهي الاهتراء الأخلاقي المتمثل في لصوصية هؤلاء القادة، تحديدا في وضعية جنوب السودان أهله عراة حفاة يهدهم الفقر والمرض في معية الجهل. يجب أن نتعافى من الخدر الأخلاقي لكي نتمكن من استثارة الغضب على فداحة جرم الحزب الحاكم في جنوب السودان.
(4)
ثابتةٌ عيانا مشاركة موظفي المجتمع الدولي، والمنظمات الطوعية، ومنظمات الأمم المتحدة، والمراكز الاستشارية الأجنبية، مشاركتهم في عمليات النهب والإفساد في جنوب السودان. وهو الملف المسكوت عنه بتواطؤ بعض أهم الأكاديميين الذين كتبوا عن الإجرام الإفسادي في جنوب السودان ونظَّروا له. كتبوا ونظروا عن ثقافة الفساد بتبيين العلاقات بين القادة المحليين، وكأن الخبراء الغربيين ليسوا طرفا أصيلا في ذات صناعة الفساد وثقافته (مثالا، انظر كتاب أليكس دي وال عن القرن الأفريقي 2015). وهنالك فساد دولة الصين المشرفة على غسيل أموال البترول المنهوبة، ساكتة لابدة على الطريقة الصينية، وهو موضوع لا يرد عنه حديث لكنه واضح اليوم.
(5)
فشل التفكير لدى تحالف الترويكا (أمريكا وبريطانيا والنرويج) والإيقاد والاتحاد الأفريقي حين تقرر فرض ما كنت أسميته قبل سبعة شهور الاتفاقية الاستعمارية ومحورها المحكمة الهجين الأضحوكة وقلت إنه لن يكتب لها نجاح. وهي الاتفاقية التي فَرَضت على أهل جنوب السودان قيادة سلفا كير ورياك مشار في الحكومة بينما كان هذان الشخصان موضوعيا المسؤولَيْن الأوليْن عن اقتراف الجرائم العالمية في جنوب السودان.
(6)
تبيُّن خداع الأكاديميا الأمريكية لدى البروفيسور محمود مامداني، المستشار المفضل لدى مفوضية الاتحاد الأفريقية، بكلامه الفارغ عن الحلول الأفريقية للمشكلات الأفريقية في جنوب السودان، ومقترحاته الاحتيالية التي لم يكن لها من علاقة مع نتائج التحقيق ذاته. وقد كتبت عن ذلك ما يكفي مبينا عدم أخلاقية هذي نوعية العمل الأكاديمي مدفوع الثمن.
...
فأما وقد اتضح كل شيء اليوم، وانهارت مجددا أنقاض الدولة في جنوب السودان، بدأنا نرى قادة الحركة الشعبية المعروفين مثل لام أكول يولون فرارا من القصور المحترقة، وفي أثر لام أكول جاء باقان أموم، الآن ينادي هذان الفاشلان بفرض استعمار أفريقي تحت مظلة الأمم المتحدة على جنوب السودان!
كان لام أكول وزيرا للزراعة وللأمن الغذائي، فما علاقة ذلك بالسياسة، وأقصد السياسة بمعناها الانتهازي الدنيء، ليستقيل لام أكول من منصبه؟
أما كان بإمكان لام أكول مواصلة العمل التقني المعياري في مجال تسهيل الأمن الغذائي والزراعة حتى والاتفاقية الاستعمارية انتهى أمرها كما هو يتباكى عليها، وحتى مع وجود الطاغية الصغير عديم القدرة على التفكير سلفا كير وتخبطه واستحواذ كيانه بالبارانويا من مشار؟
درس صغير. حين كنت أعمل مع اليونيسف في جنوب السودان كنت أجادل الخبراء الأوربيين والأمريكيين حول أهمية الاستمرار في بناء المدارس في شمال بحر الغزال، حتى حين كان جيش الاستعمار العربي الإسلامي يأتي ليدمرها بصورة منتظمة، وقد كان، كان يتم إنشاء تلك المدارس ودعمها بالمعينات مثل الكتب والكراسات والأقلام وكنا نعرف أنه حين يتم هجوم بواسطة المجاهدين عليها، كان المواطنون ينقذون ما يمكن إنقاذه ويهربون يحملون السبورات والكتب، ثم كانوا يعودون بعد ذهاب المجاهدين أولاد العرب، وبدعم اليونيسف كانوا يبنون مجددا ذات المدارس التي كان تم حرقها عدة مرات، كله في شمال بحر الغزال، وتظل هذه النقاشات العميقة والقرارات في تقارير برنامج شريان الحياة، التي لابد أن يتم نشرها يوما كما ينادي جون رايلز.
نقطتي هي أنه كان يتعين على لام أكول أن يلزم مكانه في وزارة استراتيجية، هي وزارة الزراعة والأمن الغذائي، وأن يعمل على إضفاء معقولية تقنية على كيفية تحقيق أمن غذائي حتى في ظروف التهديد من قبل القادة الجنوبيين المجاهدين نوعية سلفا كير وزبانيته.
لكن، وللحسرة، نعرف أن لام أكول كان وصل منذ زمن إلى مكان لا رجعة له منه. وهو من المشاركين بأفعاله المتهورة وبطموحاته وبغروره وبممالأته لنظام الإنقاذ في تدمير حلم جنوب السودان.
أما باقان أموم، فصنم جنوبي آخر، كم تمت عبادته من الغافلين بسبب راديكاليته المصطنعة في المناكفة والمناجزة ضد الإسلاميين. وكل خطابه تبين أخيرا رغوا وجفاء زبد.
أما كان بإمكان باقان أموم تفعيل منصبه كالأمين العام لدعوة عضوية حزب الحركة الشعبية للتفاكر في كيفية الخروج من الأزمة؟ قبل قراره المتعجل تسليم المفتاح لقوة التدخل الاستعمارية الأفريقية تمهيدا للنجاة بنفسه والهروب إلى أستراليا أو هي كندا أو كينيا أو الخرطوم لا يهم.
...
عليه، لم يبق لجنوب السودان، وقد خانته طبقة الحركة الشعبية، غير مواطنيه بقيادة مثقفيه والهيئات النسائية والشبابية، والقيادات الأهلية القبيلية القريبة الصلة بالمواطنين، وربما بعض القيادات الدينية.
فيقع العبء الأكبر في التخطيط للخروج من الوضعية الراهنة على المثقفين الملتزمين، أحدد الملتزمين لأنه يوجد بين المثقفين محتالون كثر ومنهم من تم استئجاره ليخدم أجندة الإسلاميين باللغة العربية، شاهدهم في الجزيرة واسمع كلامهم تفهم عمالتهم لنظام الإنقاذ. لابد من الفرز والتدقيق واتخاذ القرارات الصعبة لعزل كل من يخدم عميلا لدى نظام الإنقاذ مهما كانت حجته عن أجندة مشروعة أو دعاوى بالدفاع عن النفس. فأكبر أخطاء جون قرنق أن أعاد إلى الحركة الشعبية رياك مشار ولام أكول. والنتيجة أمامنا يستمران في تدمير جنوب السودان بالتعاون مع ذات نظام الإنقاذ.
...
في مثل هذه الوضعيات المعقدة اليوم، لابد من حلول جديدة، فأرى أن كل حل ناجع لابد له من المكونات التالية، ليس ليتم تحقيق أي منها فورا، بل أن يتم اعتمادها كمكونات متضافرة ومتداخلة في مسار طويل ومعقد لحل مشكلة جنوب السودان. ولتكن هذه المكونات من "الثوابت" المستمرة في كل تفكير:
أولا،
رفض أي تدخل أجنبي أفريقي في جنوب السودان، بل يتعين على أهل جنوب السودان أن يتأهبوا لمناهضة أية قوات أفريقية أجنبية تدخل بلادهم أو يتم استجلابها، مناهضتها بجميع أشكال القوة، بما في ذلك القوة العنيفة، بالتحالف الوقتي مع سلفا كير، حتى تضطر القوة المشتركة إن تجرأت أو تم استجلابها إلى الانسحاب.
ذلك لأن الوصاية التي يريدون فرضعها على جنوب السودان لا يمكن أن تكون إلا وصاية أفريقية من قبل دول الإيقاد، تحت مظلة الاتحاد الأفريقي، اتحاد حكام أفريقيا الطغاة المجرمين. نعرفهم جيدا.
فانظر الفشل والفساد والإجرام في كل واحدة من دول الإيقاد الدعية، السودان كينيا يوغندا اريتريا الصومال جيبوتي وحتى اثيوبيا ذاتها، وانظر أغلبية دول أفريقيا المنتهية، فبأية منعة أخلاقية لدى أية واحدة من هذه الدول لتأتي تقول إنها تملك حلا لمشكلة جنوب السودان فتريد أن تفرض وصاية عليه أو التدخل بقوات عسكرية في أراضيه؟
ثم انظر في العنف الدموي نتاج الوصاية الأمريكية في أفغانستان والعراق. وانظر في النتائج الخائبة للوصاية الأممية في كوسوفو وتيمور الشرقية.
ثانيا،
يجب أن تنأى الدول الأفريقية ودول الترويكا والمنظمات الدولية بنفسها عن التدخل في وضعية جنوب السودان، لكي تفسح المجال لأهل جنوب السودان لإنشاء رؤاهم وأفكارهم في كيفية حل مشكلتهم الداخلية، دائما على استقلال من الضغوط بالمال أو الابتزاز من قبل دول الترويكا والمؤسسات التي تدور في ملكها. لا دور لهذه الدول الأجنبية إلا حين تتم دعوتها للمساعدة بعد أن يقرر أهل الجنوب الحل الذي يريدونه.
فهؤلاء المتحشرون الأمميون وأتباعهم الأفارقة، ولا ننس أنهم أشخاص جهلة متنطعون يتحدثون بأسماء دولهم، يُغرقون المجال الخطابي العام في جنوب السودان بالترهات يسمونها حلولا أفريقية للمشكلات الأفريقية، أو حلولا قائمة على عقلانية لحقوق إنسان.
باختصار، ليس لأي من هذه الدول الغربية أو الأفريقية ما يمكنها تقديمه في مجال الأفكار أو الحلول لجنوب السودان. فقد قدمت ما كان عندها، وتبين خطل تفكيرها، وفشلت جميع مقترحاتها التي فرضتها بالقوة والابتزاز لا بالحجة العقلانية، وانهارت جميع تدخلاتها الغبية، بدون استثناء. فلا يجوز لهذه الدول أن تستمر في التجريب بخدع إضافية، وكأن موطني جنوب السودان حقل تجارب وكأنهم لا عقل لهم.
ثالثا،
أن تعلن الحركة الشعبية فشلها الذريع والنهائي، وأن تحل نفسها، ثم أن تختفي تماما من الحياة السياسية في جنوب السودان، فيندثر معها خطابها الاحتيالي، وينتهي ادعاؤها بمشروعية فساد قادتها واستحقاقاتهم في أموال البترول بعلة دورهم في نيل الاستقلال.
رابعا،
أن يتم إجبار سلفا كير ورياك مشار، وأعوانهما الكبار، جميعهم، على التنحي عن السلطة ومنعهم من السعي لمواقع وزارية في السلطة، ثم أن ينتظروا محاسبتهم على الجرائم التي اقترفوها، وهي جرائم عالمية ثابتة لا تغتفر. وليس هذا الإجبار على التنحي بأمر صعب. فانظر كيف تخلص سلفا كير إجرائيا، بسهولة، من رياك مشار؟
خامسا،
أن يتم استرداد الأموال والممتلكات المنهوبة، وأهمهما أموال البترول في بلايين الدولارات، وثابت أنه تمت سرقتها بواسطة قادة الحركة الشعبية والجيش الشعبي والوزراء وبتسهيلهم لأقاربهم ومعارفهم والمتواطئين معهم. والبينات التي تثبت السرقة ومآلات الأرصدة المغسولة في الحسابات البنكية الأجنبية لم تعد سرا. هذا الأمر له أولوية قصوى فلا يغيب عن خطاب المقاومة أبدا. لأن الحق بشأنه أبلج، وبدون استرداد الأرصدة المنهوبة ونزع القصور من السَّرَقة لن تقوم لجنوب السودان قائمة. فكيف تفسر للمواطنين الفقراء وهم الأغلبية الساحقة إفلات الهمباتة من العقوبة واستمرار استحواذهم على ما نهبوه في وضح النهار؟
سادسا،
مناهضة التدخل الإجرامي في شؤون جنوب السودان من قبل الحركة الإسلامية السودانية وهي ذاتها نظام الإنقاذ في جمهورية السودان، بما في ذلك بوضع استراتيجية علنية يمكن الاستيثاق من مصداقيتها لوقف الدعم للحركة الشعبية شمال أو دعم حركة العدل والمساواة، وهو الدعم الذي تتخذه الحكومة السودانية تكؤة احتيالية للتدخل الإجرامي في جنوب السودان وأعين الإسلاميين مشدودة إلى آبار البترول في أعالي النيل.
قد يكون هذا التدخل الإجرامي في شؤون جنوب السودان من أكبر التحديات، فحكومة السودان عازمة على الانتقام من جنوب السودان وزعزعة استقراره، وهو أمر سهل لدى الإنقاذ بسبب تكثر الانتهازيين والخونة من جنوب السودان واستعدادهم بيع أنفسهم للإسلاميين بأبخس الأثمان.
...
لا يمكن بالطبع تحقق أي من هذه المقترحات الستة بصورة مباشرة أو كاملة، فورا. المهم هو اعتماد المثقفين الملتزمين هذه المقترحات كمكونات في التفكير في كيفية خروج جنوب السودان من الوضعية الكارثية الراهنة.
بدون مثل هذا التفكير الراديكالي، لن يتمكن أهل جنوب السودان أصلا من مجرد البدء في التخطيط لبناء دولتهم أو الشروع في تنفيذ الأفعال اليومية الضرورية التي تنتظرهم، في مجالات إعادة توطين ملايين النازحين واللاجئين، وتضميد الجراح، والتعليم والصحة والغذاء، وبناء المؤسسات العامة النزيهة، وبقية الأشياء البسيطة، هذه الأشياء البسيطة لن تتحقق إلا بتضمين كل واحد من المكونات الستة أعلاه في التفكير لحل المشكلة، بدءا برفض التدخل الاستعماري الأفريقي.
وما هذه "الأفريقية" المدعاة إلا الخدعة الجديدة، فحتى عمر البشير هذا الإسلامي العروبي ذو الوقاح من حلة ود بانقا بدأ يتغنى بأفريقيا ويدعي بالكذب أنه ضد استعمارها، قضيته الوحيدة في الدينا فطومة بنسودة التي تحميه النوم! ينسى عمر البشير في بردلوبته الأثيوبية الحمراء أن الاستعمار الأول الذي دمر أفريقيا كان بدأ يوم دخلها العرب من كل الاتجاهات يحملون معهم خدعة الإسلامية لأغراض الرق والخَراج. وأن هذي أزمة جنوب السودان، ومع أن اليد البريطانية في عودها نتن، بل تمتد جذورها كذلك في الاستعمار العربي الإسلامي، تركياً ومصرياً وسودانياً. ولكأنه مكتوب على شعب جنوب السودان أن يعيش كل حياته وتاريخه مستعمرا بواسطة شذاذ الآفاق يأتون في جميع الأشكال الممكنة، ومنها أشكال جنوبية بأسماء مثل سلفا كير ورياك مشار.
...
يتعين على المثقفين في جنوب السودان الإمساك بناصية الأمر في بلادهم، وأن لا ينخدعوا بـ "الأفريقية الجديدة" تستعرض بألوانها في قبيح صور زوما وامتداده في أمبيكي، وموسيفيني والبشير وبقية الطغاة الفاسدين.
وكذا عليهم أن يدركوا سخف الأكاديميين الأدعياء وبؤس نتاج التقارير الملفقة المشتراة. وأن يعلموا أن الأمم المتحدة لم تعد قادرة على التفكير، وليست لديها أية حلول ناجعة، ومن ثم فأنتم ترون من كبار موظفيها ومن صغارهم ركنوا إلى الهزء في برمجة مشروعات الحماية والإغاثة، وانكبوا في تحقيق المصالح الذاتية والسرقة والارتشاء. والبينات المادية عن فساد موظفي الأمم المتحدة متكثرة في كل مكان، ولنتذكر اليوناميد على سبيل المثال كقوة أممية للتدخل للحماية. أما الدول الغربية فلم تكن يوما قادرة على التفكير السديد في حل مشكلات الغير.
بالدرجة الأولى، يتعين على المثقفين في جنوب السودان أن يعترفوا بالحقيقة المرة أن زمان الكلام الفارغ عن نضال الحركة الشعبية قد انتهى، وانتهت معه خرافات البطولة والاستحقاقات، واستبانت للجميع في العالم بأسره تفاهة الجيش الشعبي لتحرير السودان، ليس إلا مجموعة مليشيات للنهب والتقتيل والاغتصاب وأفعال الاسترقاق على نطاق واسع. ولا يبين تفاهة هذا الجيش وتفاهة الحزب الحاكم وحكومة جنوب السودان أكثر مما يبينه استخدام ذات خطاب الإنكار الذي استلفوه من الإسلاميين في نظام الإنقاذ. وهم بزوا الإسلاميين في وقاح إنكار المفظعات الجماعية من كل نوع يقترفها الجيش وجهاز الأمن وتقترفها المؤسسات الحكومية. وأغلب إنكارهم باللغة العربية.
لكن، في هذه الحقيقة المرة، عند الإحاطة بها وفهمها وتفسيرها، يجد المثقفون وعد المستقبل لشعوب جنوب السودان ولشعوب السودان. وقضية جنوب السودان هي كذلك قضية جميع المثقفين الملتزمين في السودان. فالعدو واحد، ذاتها هذي طبقة الحرامية الهمباتة المقيمين المرابطين في أجهزة الدولتين، بقيادة هؤلاء الطغاة الصغار، عمر البشير وسلفا كير ورياك مشار، وانظر، ذات المؤسسات الحكومية الإجرامية، وانظر الجيشين المشكلين من تحالف مليشيات إجرامية، وانظر جهازي الأمن، وتمعن النظر في ذات الممارسات اليومية الصغيرة في تفاصيلها الدقيقة، إغلاق الصحف، حجر حرية الحركة، حبس الصحفيين والعدوان عليهم، لا فرق بين الوضعيتين الكارثيتين في الجمهوريتين.
...
عشاري أحمد محمود خليل
ushari@outlook.com

 

آراء