الرئيس الأمريكي والدولة الإسلامية الإرهابية بالسودان (1 – 4)

 


 

 

ushari@outlook.com

(1)

سودان الإسلاميين في قائمة الدول الراعية للإرهاب

(أ)

أعرض في هذه المقالات للأمر التنفيذي الرئاسي الأمريكي بحظر رعايا سبع دول ذات أغلبية مسلمة، وأركز على دلالات الأمر وتداعياته بشأن السودان على وجه الخصوص.

يظل السودان، في شكله المتمثل في نظام الإنقاذ، مكيَّفا بقرار وزارة الخارجية الأمريكية، وبالاستناد على قوانين أمريكية، على أنه "دولة راعية للإرهاب"، منذ العام 1993. وليس مع السودان في القائمة الأمريكية القصيرة إلا إيران وسوريا. وهنالك قائمة أمريكية أخرى فيها سبعون “منظمة إرهابية" يقول الأمريكيون في آخر تقرير منشور عن الموضوع في موقع وزارة الخارجية الأمريكية إن السودان كان أو ظل يدعم بعضها، مثل حماس.

(ب)

لن تتم إزالة اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب ما لم يرسل الرئيس الأمريكي ترمب تقريرا مُسبَّبا إلى الكونجرس الأمريكي "يَشْهد" فيه ترمب على أن حكومة نظام الإنقاذ "لم تقدم أي دعم للإرهاب الدولي خلال الستة أشهر الماضية"، وما لم يشهد ترمب في تقريره أن حكومة الإنقاذ "قدمت ضمانات بأنها لن تُقدِّم أيَّ دعم لأفعال إرهاب دولي في المستقبل" (من موقع وزارة الخارجية الأمريكية). 

لكن، وبعد إدراج السودان في دائرة الأمر التنفيذي الرئاسي لحظر المسلمين من دخول أمريكا، وبسبب أن "الإرهاب الإسلامي الراديكالي"، في اللغة الأمريكية، يستحوذ على دماغ ترمب ودماغ مستشاره السياسي ستيف بانون المُصرِّح بكراهيته للمسلمين، لا يرجح أن وزير الخارجية الأمريكية الذي حاول غندور رشوته بتهنئة سيتحمس إلى مضايقة الرئيس ترمب بموضوع هؤلاء الإسلاميين الذين لهم ماض في الإرهاب على مدى ربع قرن من الزمان. فهم يمارسون إرهاب الدولة حتى ضد مواطنيهم، إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية وقهرا وتكميما للحريات، فما بالك بإتيانهم حركات إرهابية خارجية هنا وهناك؟

ترمب لن يهرول، مجازيا، إلى الكونجرس للمحاجة بتقرير لأجل شطب اسم السودان من قائمة "الدول الراعية للإرهاب".

(ج)

لن يكترث ترمب إلى أن حكومة الإنقاذ قدمت لأمريكا كل ما تريده أمريكا لمكافحة الإرهاب، وقد يجد ترمب تسلية في مشاهدة انبطاح الإسلاميين السودانيين بين رجلي السيد الأمريكي يلحسون ماضيهم في الإرهاب، وكذا سيسخر ترمب من استعراض الإسلاميين رضا أوباما عنهم ورفعه العقوبات الاقتصادية قبل نهاية رئاسته، وترمب عازم على مسح إرث أوباما كلية، وقد يتعجب ترمب لغرابة هؤلاء الإسلاميين يتبجحون بأنهم تحصلوا على شرف عظيم بإنشاء أمريكا أكبر مكتب للمخابرات الأمريكية في العاصمة الإسلامية.

(د)

لن يغفر ترمب للإسلاميين السودانيين أنهم كانوا يوما يدعمون الإرهاب، ولابد أن ترمب تم تنويره أن أسامة بن لادن كان يعيش في الخرطوم. وأن الإسلاميين في الإنقاذ حاولوا اغتيال حسني مبارك في أثيوبيا. ولن يشفع للإسلاميين لدى ترمب دفعهم فلقد غدرنا بصديقنا الفنزويلي إليش سانشيز، كارلوس خدرناه وسلمناه إلى عميل المخابرات الفرنسية المسيو بليجير ليطير به إلى فرنسا.

(هـ)

ومما يظل يشغل الأمريكيين بشأن إرهاب الإنقاذ هو الكيفية التي تم بها تسهيل هروب أولئك قتلة موظفي السفارة الأمريكية في الخرطوم من السجن. وواضح أن الأمريكيين لا يصدقون رواية الإسلاميين عن أنه لا علاقة لهم بتسهيل ذلك الهروب. فكتابة الأمريكيين عن الموضوع تظل مشحونة بالغضب.

(و)

في تقديري، لن يغفر ترمب للإسلاميين ماضيهم في الإرهاب لا يهمه أنهم يحلفون والله العظيم توبة. لأن كل غفران من جانبه سيعني في ذهنية ترمب ومريديه تخليه عن التشدد إزاء "الإرهاب الإسلامي الراديكالي" وهو موضوعه الأساس.

كما إن مزاج ترمب المعكر حاليا بمغالبة التحديات لشرعيته كرئيس لن يمكنه من الصبر لاكتناه غرابة هذي خلطة الإسلاميين-العرب-السود-الفاسدين-مجرمي-الحرب-الإرهابيين، مما هو مجسدن في رموز حكومة الإنقاذ. ولن يعترف ترمب بوجود أي تناقض بين احتقاره هؤلاء اسلاميي السودان ومظاحكاته التلفونية مع السعوديين والإماراتيين.

(ز)

وكذا لن تتمكن حكومة الإنقاذ، بسبب ضعفها وعدم شرعيتها، وبسبب ذلك ماضيها في جرائم الإرهاب، لن تتمكن من مجرد التفكير في قطع الاستمرار في تقديم العون للأمريكيين في مجال مكافحة الإرهاب.

سيكون نظام الإنقاذ الإسلامي بماضيه الثابت في الإرهاب ملهاة ترمب لتذكير الأمريكيين بأنه توجد فعلا دول راعية للإرهاب. ولن يقبل ترمب مجرد التفكير في حذف اسم هذه الدولة الضعيفة يسيطر عليها حرامية من قائمة الدول الراعية للإرهاب.

(ح)

أرى ترمب يستهدف الإيرانيين، فهو لا يثق فيهم وقد حذَّرَهم، وسيأتي قريبا دور الإسلاميين السودانيين الذين لن يسعفهم التهافت ولا المسكنة. عندئذ، لن يجد هؤلاء الإنقاذيون مددا يأتيهم من السودانيين ضحايا إرهاب الدولة الإسلامية في السودان. فقد أدرك السوداني الحقيقة عن خرافات الإسلاميين في خطابهم عن "الوطن"، بعد أن حولوا هذا الوطن بفسادهم إلى ضيعتهم الخاصة لهم ولأبنائهم، بل هم أفصحوا في العلن عن سياستهم لحظر السودانيين المعارضين من دخول السودان، وهي سياسة سرية قائمة، وقد تم تطبيقها ضدي، ليس فقط برفضهم تجديد جوازي للسفر، بل كذلك برفض سفارة السودان منحي تأشيرة سفر اضطرارية للعودة إلى السودان.

لن يأتي السعوديون أو الإماراتيون لنجدة الإسلاميين السودانيين من غضبة ترمب. خاصة وقد صرح ترمب أن دولا لم يسمها، ونعرف منها السعودية والإمارات، أيدته في تحديد السودان، وهو بين السبع دول، كدولة كذلك تمثل خطرا على أمريكا في مجال ما يسميه ترمب "الإرهاب الإسلامي الراديكالي".

...

فألتفت الآن إلى تقديم الموضوع القضائي المتداخل مع حظر دخول السودانيين إلى أمريكا. ثم أتناول المشكلات المتحدرة من القضية الأمريكية وتأثيرها على السودانيين وعلى نظام الإنقاذ.

(2)

طلب ولاية واشنطون إعلان عدم دستورية الأمر التنفيذي الرئاسي

استهدف الأمر التنفيذي الرئاسي "المسلمين" من الدول السبع، ومن بينها السودان. وقد كان هذا الاستهداف للمسلمين، كمسلمين، هو السبب الأساس في الشكوى القانونية المقدَّمة من النائب العام في ولاية واشنطون، روبرت فيرجسون، ضد الرئيس ترمب وحكومته.

طلب فيرجسون من قاضي المديرية في مدينة سياتيل بولاية واشنطون، جيمس روبارت، إعلان عدم قانونية الأمر التنفيذي الرئاسي وعدم دستوريته. ودعم فيرجسون طلبه نيابة عن ولاية واشنطون بتقديم تسع بينات مستندية تثبت أن الرئيس ترمب بل قصد "المسلمين"، كمسلمين، بقرار الحظر من دخول أمريكا، وبيَّن فيرجسون أن ذلك التمييز على أساس الدين يخالف مواد قانون الهجرة والجنسية ويخالف مواد الدستور الأمريكي، ودفع فيرجسون أيضا بأن حظر المسلمين مواطني الدول السبع المستهدفة تسبب في الضرر للشركات والجامعات في ولاية واشنطون، وأنه أضر بالعلاقات الأسرية لأشخاص مقيمين بالولاية. أي، إن الولاية ذاتها تضررت من الأمر التنفيذي الرئاسي الذي أصدره ترمب. وقد دعمت بعض كبرى الشركات مثل أمازون دعوى الولاية ضد ترمب.

تلك كانت القضية الأساس التي تقدمت بها فيرجسون النائب العام لولاية واشنطون، موضوعها طلبه من المحكمة إعلان عدم دستورية قرار الرئيس ترمب.

(3)

طلب ولاية واشنطون إجراءات تحفظية لإيقاف تنفيذ الأمر مؤقتا

ثم تقدم النائب العام فيرجسون، في سياق قضيته الدستورية الأساس، بطلب إجراءات تحفظية، لكي يصدر القاضي "أمرا تحجيميا وقتيا" (temporary restraining order) لإيقاف تنفيذ الأمر التنفيذي الرئاسي، ريثما يتم الفصل في الدعوى الأساس المطالِبة بإعلان عدم دستورية الأمر التنفيذي الرئاسي ذاته.

أي، إن وقف تنفيذ الأمر التنفيذي الرئاسي سيكون وقتيا. وهو طلب منفصل يأتي في سياق القضية الدستورية الأساس.

(4)

المراجعة القضائية على الطريقة الأمريكية

الموضوع هنا متعلق بعقيدة "المراجعة القضائية"، وهي من إبداع القانون العام الأمريكي.  فمن سلطات القضاة الفيدراليين، ابتداء من قاضي المديرية الفرد، إعلان أن قرارا حكوميا، حتى لو كان من رئيس الجمهورية، مخالف للدستور، ومن ثم يمكن للقاضي إبطال مفعول هذا القرار في جميع أرجاء أمريكا.

وتنطبق المراجعة القضائية أيضا على أي قانون يصدره الكونجرس، فيمكن للقاضي أن يفصل فيما إذا كان القانون دستوريا. وكله من الفهم الأمريكي لمبدأ الفصل بين السلطات، وللقضاة فقط حق تفسير الدستور في حال وجود اختلاف بين السلطات الثلاث، والرأي النهائي في التفسير للمحكمة العليا.   

(5)

القاضي يوقف مؤقتا تنفيذ الأمر الرئاسي بحظر المسلمين من دخول أمريكا

وافق قاضي المديرية جيمس روبارت على طلب ولاية واشنطون لـ "الأمر التقييدي الوقتي" الذي تم به إيقاف تنفيذ الأمر التنفيذي الذي كان أصدره الرئيس ترمب. 

فلمتابعة هذه القضية التي تهم السودانيين، خاصة حملة التأشيرات الذين يسابقون الزمن لدخول أمريكا، يتعين فهم الفرق بين "الأمر التقييدي الوقتي" (Temporary Restraining Order)، من جهة، وما يسمى “الأمر المنعي الابتدائي (Preliminary Injunction)، من جهة أخرى. الأول يمكن منحه للحيلولة دون وقوع ضرر ماثل ووشيك، ويمكن للقاضي منحه دون إعلان الطرف الآخر. وهو يسري لمدة قصيرة، ربما مدة أسبوعين فقط، وله بالطبع شروط صارمة، أهمها إقناع القاضي بوجود خطر وشيك لا يمكن عكسه إن حدث. أما الأمر المنعي الابتدائي فهو لتثبيت الأمور على ما هي عليه ريثما يتم الفصل في الدعوى.

(6)

ترجيح نجاح القضية الدستورية ضد ترمب وحكومته

ارتكز القاضي روبارت في إصداره "الأمر التقييدي الوقتي" على تقديره أن الدعوى الدستورية الأساس من ولاية واشنطون لها خصائص تذهب في اتجاه يرجِّح نجاحها. وذلك شرط لإصدار كل أمر تقييدي وقتي. ومن ثم كان إصدار هذا القاضي جيمس روبارت "الأمر التقييدي الوقتي" بشيرا أن القضية الدستورية الأساس ستنجح.

وجه القاضي بذلك الأمر التقييدي الوقتي جميع موظفي الهجرة، في طول الإمبراطورية الأمريكية وعرضها، في خمسين ولاية، بعدم تنفيذ الأمر التنفيذي الصادر من الرئيس ترمب. ووجههم القاضي بالإحجام فورا عن تنفيذ أمر الرئيس. وطلب القاضي من وزارة العدل تقديم ردها على القضية الدستورية الأساس.

أي، إن قاضي المديرية الفرد في المحكمة الفيدرالية بمدينة سياتيل أوقف تنفيذ قرار الرئيس ترمب، في أمريكا كلها. مما هو من سلطاته كقاض فدرالي (فهنالك قضاة الولايات الذين ليست لهم هذه السلطات). وكقاض فدرالي، فإن ولايته مدى الحياة "ما دام سلوكه قويما" (in good behavior).

(7)

فلنتذكر بالمقارنة بعض القضاة الفاسدين في السودان

أردت تبيين هذه النقاط القضائية وفي ذاكرتي القضاة اللصوص الذين عرفتهم مباشرة، بأسمائهم، في السلطة القضائية السودانية الفاسدة، وكنت كتبت عنهم في سودانايل. فقاضي المديرية district judge جيمس روبارت الذي أوقف تنفيذ الأمر التنفيذي الذي كان أصدره الرئيس ترمب، هذا القاضي هو المقابل للقاضية الإسلامية الفاسدة كوثر عوض عبد الرحمن التي كانت كذلك مثله "قاضية مديرية"، لكن في المحكمة العامة بالديوم الشرقية.

وكنت ألقيت القبض على كوثر متلبسة باقتراف جرائم الاحتيال والتزوير في الأوراق واصطناع المستند وتقديم البينة المختلقة لمحكمة الاستئناف، وبسبب فسادها، ولابد قسمتها ريع النهب والابتزاز والرشاوى مع المتنفذين في السلطة القضائية، تمت ترقيتها إلى قاضية استئناف في الخرطوم بحري. بينما ظل القاضي روبارت الذي كان يوما محاميا "قاضي مديرية" فقط! فالحلقات متصلة دائما.

(8)

سريان تنفيذ قرار القاضي روبارت

هكذا، بذلك الأمر القضائي التاريخي، تم السماح للمسلمين من الدول السبعة، وبينها السودان [الدولة الراعية للإرهاب]، بدخول أمريكا. وتم استئناف العمل في برنامج إدخال اللاجئين السوريين إلى أمريكا. وتحقق تثبيت منع إعطاء أولوية  للمسيحين من بين اللاجئين من الدول السبع، أي عدم التمييز بين مسلم ومسيحي عند الاختيار لإعادة التوطين في أمريكا.

كذلك أعادت وزارة الخارجية تفعيل ستين ألف تأشيرة كانت ألغتها سرا أثناء ذات الوقت الذي كانت تدور فيه الإجراءات في المحكمة بمدينة سياتيل. وقد وصف أحد أساتذة القانون بجامعة هارفارد هذه الفعلة السرية بأنها ترقى إلى الإساءة إلى المحكمة.

(9)

سياق إصدار قرار القاضي روبارت

يجب أن نتذكر أن لقرار القاضي بمنح "الأمر التقييدي المؤقت" لوقف تنفيذ أمر ترمب سياق تاريخي اجتماعي ونفساني. ذلك بصرف النظر عن أسباب القرار في القانون والسوابق والدستور. ويتعلق هذا السياق المؤثر في القرار بالخجل القومي لدى الأمريكيين بشأن ماضيهم في منع يهود من دخول أمريكا وهم كانوا فارين من النازية. وتم مرارا في المحادثات العود لهذا الموضوع المؤرق.

وكذا يتعلق السياق بالخجل القومي من قرار السلطات الأمريكية احتجاز "الأمريكيين من أصل ياباني" في معسكرات اعتقال أثناء الحرب العالمية الثانية.

كذلك جاء القرار القضائي في سياق المظاهرات الشعبية التي اندلعت في مئات المدن الأمريكية تنادي بالسماح للمسلمين الأجانب واللاجئين المسلمين بدخول أمريكا. وكان المتظاهرون من مختلف الديانات والألوان والهويات العرقية والميول الجنسية، نساء ورجالا وشبابا، ومنهم من جاء مع أطفاله في الثامنة والعاشرة لتثقيفهم بأهمية قبول المسلم الأجنبي وأهمية التعاطف الإنساني مع هذا المسلم الأجنبي حين يأتي لاجئا إلى أمريكا.

ولابد أن القاضي تأثر بهذه المشاهد الرائعة غير المسبوقة في تاريخ أمريكا وقد خرجت الجموع في أكثر من مئة مطار في مدن أمريكا للترحيب بـ "المسلمين" الذين يرفضهم ترمب بدعوى همه بحماية الأمن القومي الأمريكي من "الإرهاب الإسلامي الراديكالي"، وهي لغته radical Islamic terrorism.

(10)

غضب الرئيس ترمب من القاضي روبارت

غضب الرئيس ترمب من قاضي المديرية جيمس روبارت، وفي تغريدة أشار ترمب إلى القاضي جيمس روبارت بــ "ما يُسَمَّى بقاضٍ"، ووصف القرار القضائي بأنه "سخيف"، ووعد مؤيديه أن القرار سيتم رده عند استئنافه!

(11)

وزارة العدل تستأنف قرار القاضي روبارت 

في ليلة السبت وفي الساعات الأولى من صباح الأحد 5/2/2017، تقدمت وزارة العدل الأمريكية بطلب مستعجل لدى محكمة الاستئناف الفدرالية في الدائرة التاسعة (مقرها في سان فرانسيسكو بكاليفورنيا). ومثل هذا الطلب المستعجل يستلمه ثلاثة قضاة الكترونيا في حواسيبهم الشخصية في أي وقت على مدار الساعة في أي يوم حتى خلال العطلات، ويوجد موظفون بالمحاكم مختصون بتنبيه القضاة إلى وصول مثل هذا الطلب المستعجل للتو.

طلبت وزارة العدل من القضاة الثلاثة في الدائرة رد أمر القاضي جيمس روبارت والتوجيه بالعود إلى تنفيذ الأمر التنفيذي الرئاسي كما هو. وقدمت وزارة العدل أسبابها للاستئناف في لغة قوية. وذهبت إلى أن ولاية واشنطون ليس لديها وضع قانوني standing لرفع الدعوى الأساس أصلا، بحجة أن الولاية لا تمثل المسلمين المستهدفين بالحظر، وبحجة أنها كولاية لم يقع عليها ضرر.

وكذا دفعت وزارة العدل في استئنافها بأن الرئيس الأمريكي له سلطات بتخويل قانوني لإصدار ما يراه من قرارات بشأن الهجرة، وأن هذه القرارات من الرئيس "لا تخضع للمراجعة القضائية". وأنه لا يجوز للسلطة القضائية أن تتغول على سلطات الرئيس بالتعقيب على قراراته التي يعطيه القانون حق إصدارها.

(13)

محكمة الاستئناف تؤيد قرار القاضي روبارت وترفض طلب وزارة العدل

فجاء الرد سراعا. أيد القضاة الفيدراليون الثلاثة في محكمة الاستئناف "الأمر التقييدي الوقتي" الذي كان أصدره زميلهم قاضي المديرية روبارت. وبذلك رفضت محكمة الاستئناف طلب وزارة العدل إعادة الأمور إلى ما كانت عليه قبل ذلك الأمر الوقتي. أي، رفض القضاة السماح بتنفيذ الحظر ضد الدول السبعة، ورفضوا إلغاء برنامج اللاجئين السوريين، ورفضوا أيضا إعطاء أولوية للاجئين السوريين المسيحيين في مقابل اللاجئين السوريين المسلمين.

(14)

محكمة الاستئناف توجه الطرفين بتقديم مذكرات إضافية للاستئناف

ثم وجهت محكمةُ الاستئناف وزارةَ العدل المستأنِفة وولايةَ واشنطون المُستأنَف ضدها بتقديم مذكرات في موعد أقصاه [غدا] يوم الإثنين 6/فبراير/2017 بشأن النزاع القانوني.

وذلك يعني أنه سيتعين على وزارة العدل، لكي تنجح، أن تبين أن "ضررا لا يمكن عكسه" سيحدث بسبب الأمر القضائي الوقتي، مما بالطبع يعني أيضا أن على وزارة العدل إثبات أن فترة إيقاف الأمر التنفيذي الرئاسي على مدى الأيام القليلة الماضية بعد قرار القاضي روبارت تسببت في إحداث ضرر للأمن الأمريكي لا يمكن إصلاحه، وهي حجة ترمب ابتداء.

ويعني قرار محكمة الاستئناف أيضا أنه سيتعين على حكومة واشنطون أن تبين أن قضيتها الأساس يُرجَّح نجاحُها، على أساس أهليتها القانونية والوقائعية، وأن تبين أيضا أن ضررا لا يمكن عكسه سيتأتى من تنفيذ الأمر التنفيذي الرئاسي.

...

(15)

ترمب يغرد مجددا

ما أن خيبت محكمة الاستئناف أحلام ترمب ووعده لمؤيديه أن قرار القاضي أول درجة سيتم إلغاؤه، حتى عبر ترمب عن استيائه في أكثر من تغريدة. وتحسر ترمب على أمريكا التي أصبح القضاة فيها يسلبون سلطات الرئاسة. وحذر من أنه لو وقع حادث إرهابي جراء فتح الأبواب لهذه الجموع الأجنبية سيتحمل القضاة والمحاكم المسؤولية.

(16)

الطريق إلى المحكمة العليا

يبدو أن هذا النزاع سيجد طريقه إلى المحكمة العليا، خاصة في سياق وجود قرار قضائي مخالف من محكمة في بوسطون، وبسبب توقع أحكام قضائية إضافية من الولايات.

فإن قبلت المحكمة العليا النظر في القضية سينتهي الأمر لصالح ترمب أو ضده. إلا إذا كانت النتيجة 4 ضد 4 حسب الانقسام الحزبي في المحكمة العليا (إذا لم يتم قبول القاضي المرشح من قبل ترمب). حينئذ، يتم اعتماد قرار محكمة الاستئناف.

بالرغم من أن القاضي روبارت تم تعينيه بواسطة جورج بوش، إلا أن أغلبية القضاة في محكمة الاستئناف من الديمقراطيين.

...

في المقالات التالية أقدم ثلاثة أخطاء شنيعة انطوى عليها الأمر التنفيذي الرئاسي بشأن السودان:

  1. استثناء موظفي الإنقاذ حملة الجوازات الدبلوماسية من الحظر؛

  2. عدم تمييز الأمر الرئاسي بين السودانيين ضحايا إرهاب الإنقاذ من جهة، والسودانيين عملاء نظام الإنقاذ المقيمين في أمريكا، من جهة أخرى؛

  3. عدم إدراك ترمب وحكومته الفروق الجوهرية بين "المسلم"، و"الإسلام"، و"الإسلامية".

....

عشاري أحمد محمود خليل

سياتيل، ولاية واشنطون

 

آراء