هرولة الديمقراطيين من المقاومة إلى المحاضنة مع الإسلاميين (2-4)

 


 

 

 

 

ushari@outlook.com


...
(1)
في هذا السياق، ونحن في "زمان الفالصو"، وفي ضوء حكمة الفيتوري أن "الغافل من ظن أن الأشياء هي الأشياء"، أواصل قراءة مرثية الأستاذ خالد التيجاني النور في موت الحركة الإسلامية، وخالد أحد أهم كتاب الحركة، لديه مشروع جديد، لتطبيع الحركة الإسلامية والحركيين الإسلاميين، فيستغل خالد لتسريب مشروعه مظهرَ المعقولية، ويستغل موقفَه المسجل كالمثقف الإسلامي العارف سبقا بخطر الانقلاب العسكري، ونقدَه الحركة/الإنقاذ، ويستغل في خطابه الأخير أنه كذلك ينادي الحركيين الإسلاميين إلى ما يسميه "المراجعة العميقة" لتجربتهم.


...
(2)
ولأن تطبيعَ الحركة الإسلامية والحركيين الإسلاميين لا يمكن إنجازه إلا في عقول المعارضين المقاومين، ومن بينهم "الديمقراطيون"، وجد الأستاذ خالد والإسلاميون ضالَّتهم في "مشروع الفكر الديمقراطي"، المقيمة قيادتُه في كمبالا، فأقنعوا القيادة (الأستاذ شمس الدين ضو البيت، أخيرا نعرف رسميا الهوية تحت "مَن نحنُ" في الصفحة الخالية في موقع المشروع في الأنترنيت)، أقنع الإسلاميون قيادة المشروع بأن تغيِّر موقفَها السياسي المسجل كتابة والمعلن في الفيسبوك. ليكون الموقف تركَ "المقاومة حتى إسقاط نظام الفساد" واعتماد الهرولة إلى أحضان الحركيين الإسلاميين، بعيدا عن هذه "المقاومة" اللعينة التي يكرهها الإسلاميون ويستميتون في إحداث موتها، يدركون أن المقاومة، خاصة هذه الشبابية السلمية الشرسة المستمرة غير المهمومة بمشكلة العمر أو بحدوث التغيير الآن، هي الخطر الوحيد الذي له شأن في تهديد هيمنة الحركة/الإنقاذ في شكلها الأشد شطنا في الدولة الإسلامية العميقة.


...
(3)
وقد عبَّر عن ذات الكراهية إزاء هذه المقاومة المفكرُ الإسلامي د. عبد الله علي إبراهيم، الذي كتب أنه يرى الانتقال من "المقاومة" إلى "النهضة"، أي، على طريقة السائحين، الانتقال "من سقوط النظم السياسية"، نُظم زي الإنقاذ دي، "إلى زلزلة الأنساق الاجتماعية والثقافية والاقتصادية التي تفرخ نظم الأزمة ..."، بينما ليست "الزلزلة" عند الله إلا اللَّجْلَجة بتلبيس اللغة وتخليطها (اقرأ مقاله "سايحين زي ديل ..."، سودانايل).


...
(4)
قبل أسابيع قليلة فقط بتاريخ 17 ديسمبر 2016 أصدر مشروع الفكر الديمقراطي بيانا في صفحته في الفيسبوك لدعم العصيان المدني والعمل الشبابي لإسقاط نظام الإنقاذ، بوصفه "نظام الفساد". وجاء في البيان أن ﺍﻟﺘﻐﻴﻴﺮ يبدأ بـ "العصيان المدني والتحرير"، التحرير من "نظام دكتاتوري فاسد وظالم".
...
ثم تحدث البيان عن "قدرة الشباب وتأهيله" لقيادة المرحلة، مرحلة "إسقاط النظام والترتيب لفترة الانتقال بكفاءة وسلام". وكذا جاء في البيان الثوري حديثٌ عن "عبقرية آلية العصيان المدني التي اجترحها [الشباب؟] في التعبير عن العقل الجمعي للمقاومة".
..
واختتمت القيادة بيانها بدعوة آلاف الشباب الذين قال المشروع إنهم منتظمون في برنامجه "مجموعات القراءة من أجل التغيير"، بدعوتهم إلى دعم العصيان المدني يوم 19 ديسمبر 2017، و"الانتظام في لجان المقاومة"، "حتى إسقاط نظام الفساد".


...
(5)
بعد أسابيع قليلة فقط من صدور ذلك البيان الثوري، كانت اللغة العربية كذلك حاضرة عند قيادة مشروع الفكر الديمقراطي، وكانت اللغة كذلك مطواعة لتسهيل قراءة جديدة مختلفة تماما من القراءة قبل أسابيع قليلة، لتبرير التغيير المستحدث الآن من تلك المقاومة إلى وضعية المحاضنة.
...
فاقرأْ نصَّ البيان الختامي عن ملتقى نيروبي في نهاية فبراير 2017، وقارنْه بنص البيان "العاجل" 16 ديسمبر 2016 في الفيسبوك، قراءة لأجل التغيير. لتجد في نص البيان المشترك عن الملتقى حديثا عن "التفاكر الذي يضع حداً للاحتقان السياسي، وللاستقطاب الأيديولوجي بين مختلف الاتجاهات، خاصة ما بين إسلاميين وعلمانيين". وهي المحاضنة.
...
وتجد أيضا حديثا عن "الأمل" في أن يسهم الملتقي في "وضع حد للمأزق الراهن، ويمهد لمشروع الدولة الوطنية السودانية"، ليكون ذلك "عبر تداول حر ... يؤدي إلى فهم جديد لطبيعة العلاقة بين الدين والدولة".


...
(6)
فكيف نفسر التغيير الكامل عند قيادة "مشروع الفكر الديمقراطي" من الموقف "الثوري" في نص بيان ديسمبر 2016 لإسقاط نظام الإنقاذ، إلى اعتماد موقف معقول موضوعي وطني حواري، إلخ ... في نص الإعلان الختامي لملتقى الدين والدولة، بالاشتراك مع مؤسسة إيلاف للحوار والتنمية، في فبراير 2017؟


...
(7)
لا يمكن أن نفسر نصا إلا في سياق علاقات هذا النص بنصوص خارجية متعددة نستحضرُها بماديتها في الأوراق أو الكترونيا. حيث تشكل النصوصُ المتعددة المستحضَرةُ، المكتوبةُ باللغة أو بأي نظام آخر، والمعادُ ترتيبها في كيان موحد لكنه كيان مفتوح لنصوص إضافية، تشكل هذه النصوص المقرونةُ وجوديةً يمكن أن نحللَها وأن نفسرها.
...
هذا مجموع النصوص المُسْتجمَعة بالاستحضار في محل الكتابة والقراءة، يسميه الفيلسوفان الفرنسيان ديلوز وغاتاري "الجُمَّاع"، ترجمتي المقتبسة من "جُمَّاع الثريا" بعلل الانتظامية في نسق والتباين بين الاختفاء والظهور، يمكن أن يكون الاقتباس من "المُستَجْمَع"، بعلة تجميع النصوص المتناثرة في محل التفكيك، والترجمة هي للمفهوم الفرنسي الأصل agencement المترجَم إلى الإنجليزية بـ assemblage. من المفاهيم الأصولية في النظريات ما بعد البنيوية، في حدها الانتقادي.
...
وكل ما يعنيه المفهوم هو أن كلَّ نصٍّ مستقل يأخذ مكانه كمكوِّنٍ بين مكوِّنات في منظومة نصوصية موحدة مفتوحة لنصوص إضافية، فلا يمكن فهم أحد النصوص بصورة كافية بدون استحضار نصوص أخرى يحدد القارئ المعينُ أهميتَها، والموضوع قريب من مفهوم "التَّناص" للفرنسية البلغارية جوليا كريستيفا، وليس المفهوم بعيدا من حيث بروتوكولات التواصل بمفهوم "السرقات" الشعرية والأدبية بصورة عامة.
والفكرة بسيطة، هي أن النصوص تتحادث فيما بينها تاريخيا وآنيا، وهي أحيانا تقحم نفسها بالقوة في المنظومة النصوصية، "الجُمَّاع". وهي ليست كلها نصوصا صادقة، فمنها نصوص مُسْتهبِلة حذقت حركات التصنع والاستخفاء، وتريد الاحتيال، حضوريا أو غيابيا، خاصة في هذا زمان الفالصو والإسلاميين.


...
(8)
أقصد شد انتباه القارئ إلى العلاقات بين النصوص التالية: (1) نص بيان مشروع الفكر الديمقراطي عن العصيان والمقاومة حتي إسقاط النظام الفاسد، مقرونا إلى (2) نص ملتقى نيروبي، الملتقى كنص في ذاته؛ ومن ثم القرن إلى (3) نص البيان الختامي عن الملتقى؛ وإلى (4) مقال الأستاذ خالد التيجاني في الرثاء؛ و(5) مقال الدكتور سلمان أن موضوع الدين والدولة قديم مسهوك؛ و(6) مقالي وفيه التسآل عن مصادر تمويل ملتقى نيروبي؛ و(7) مقال الأستاذ عبد المنعم الجاك يرد على مقالي ألا علاقة للديمقراطية أولا بالتمويل؛
وأخيرا (8) مقال الأستاذ شمس الدين ضو البيت من مشروع الفكر الديمقراطي، بدون بيان في المقال عن أهم سؤال حول ملتقى نيروبي، مصدر التمويل.


...
(9)
فجميع هذه النصوص تشكل ذلك "الجُمَّاع النصوصي"، غير المكتمل دائما، غير مكتمل لأن فيه أماكن خالية مخصوصة لنصوص مُغَيَّبة عنا، فنحن نعرف أن النصوص المغيبة لها وجودية مادية، لكنها مستترةٌ مستخفِيةٌ ومستبعَدةٌ من "الجُمَّاع النُّصوصي" بين أيدينا.
فعلى سبيل المثال هنالك النص الغائب الذي أعطيه الرقم (9)، وهو عن مصادر تمويل الملتقى، ومن ثم سيظل التفسير لملتقى نيروبي غير مكتمل، تحديدا بسبب غياب مثل هذا النص الجوهري رقم (9) "مصادر التمويل".


...
(10)
ومن النصوص المُغيَّبة بالقصد النصُّ عن الظروف التجريبية الدقيقة والملابسات التي جمعت أصلا بين "مشروع الفكر الديمقراطي" و"مؤسسة إيلاف للحوار والتنمية"، خاصة بعد دعوة المشروع الديمقراطي إلى العصيان والمقاومة "حتى إسقاط نظام الفساد".
...
لكن، قرر كل من الأستاذ خالد التيجاني النور والأستاذ شمس الدين ضو البيت تغييب هذا النص، فأعطيه الرقم (10) ليكون مكانُه محفوظا في المنظومة، وهو كذلك نصُّ أو مجموع نصوص تمثل وقائع جوهرية وضرورية لكمال فهم ملتقى نيروبي وتفسيره.


...
(11)
وحيث إنهما خالد وشمس الدين تركا النصوص الحاضرة والمغيَّبة تتحادث بالهمس فيما بينها ولا يريدان لنا أن نسمع أهم ما يدور همسا، يجوز لنا أن نستخدم نظرية العقل وأدوات التحليل والتفكيك لاستكشاف المعاني الخارجية المستبعدة من الشبكة والمخفية، الاستكشاف بتركيز الإبصار في آثار لغوية للنصوص المغيبة متروكة وباقية في النصوص المتاحة، مثل "فجوة" مصادر التمويل المتروكة في النص، فالنص مقدود بتلك الفجوة.
وفي كل هذا الاستكشاف رهق عظيم لا طاقة لنا به، ونحن نرى أن كل شيء في السودان أصبح خطيرا، ونشهد في كل مكان كيف تتم صناعة المعاني الفالصو وتثبيتها في الأوراق.
...
فكل واقعةٍ جوهريةٍ يتم تغييبُها بالقصد، بواسطة الكاتب، من النص المفصَح عنه، تُدرِج النصَّ المفصحَ عنه في دائرة الفالصو.
وليس الفالصو إلا وهو كذلك "الكتابة الاحتيالية المتدبَّرة". تحديدا، حين تكون الواقعة المغيبةُ ضروريةً للفهم والتفسير الكافيين، وحين يكون هنالك واجب الإفصاح والشفافية والمصداقية والخضوع للمحاسبية مُعَلَّقاً حول رقبة الكاتب الذي يتصدى بالكتابة في موضوعات الشأن السوداني العام.


...
(12)
مجددا، من هو الممول لملتقى نيروبي؟
هذا التسآل له مشروعيةٌ لا يمكن ردها إلا بالمغالطة. فكل منظمة طوعية تتلقى مالا عاما لخدمة قضية مجتمعية أو ثقافية، أو متعلقة بحقوق الإنسان والديمقراطية في البلاد الشقية مثل السودان، يجب عليها هذه المنظمة أن تفصح عن مصادر تمويلها، بالكامل.
...
كذلك معروفٌ لدى جميع المنظمات الطوعية أن كشف الحساب المالي ليس سرا. ولا يتم تقديمُه للمموِّل فقط، بل يتم تقديمه علنا كذلك للعضوية جميعها، وكذا لأصحاب المصلحة الآخرين، خاصة الذين تم الحصول على المال العام باسمهم وباسم قضاياهم. وهذا هو المعيار الثابت في مجال استدرار المال لأغراض العمل الطوعي.
...
أحيانا ستتعلل المنظمة الطوعية بخطورة الوضع الأمني في السودان، وبأنها لا تريد كشف هذه المعلومات خوفا على سلامة منسوبيها "في الداخل"، مما قد يبدو في الظاهر معقولا، لكنه مغالطة، حيث لا يوجد تبرير للسرية في العمل الطوعي العام أو في قضايا الشأن العام، خاصة في وضعية السودان الكارثية.


...
(13)
نعم، فالعلانية والشفافية بل مطلوبتان تحديدا في السودان. وتحديدا بسبب أن جهاز الأمن السوداني يموِّل منظمات وجمعيات وصحفا ومؤتمرات ولقاءات ومجلات وكتبا وشركات وأشخاصا، لتنفيذ أنواع نشاط غايتها الوحيدة فل عزيمة المعارضين وتمزيق المقاومة، وحماية الدولة الإسلامية الإجرامية الفاسدة.
...
وبمجرد إجراء القراءة اللصيقة لما يكتبه ضباط "سلاح الكتابة" في الصحف الإسفيرية ندرك أن جهاز الأمن السوداني اشترى عددا كبيرا من الأشخاص، منهم من يقولون إنهم ديمقراطيون، أومعارضون، بينما هم إسلاميون تم تجنيدهم في الخفاء أو عملاء مؤاجرون لدى جهاز الأمن السوداني، مع توجيههم بشتم الإنقاذ والإسلاميين (المتأسلمون، الإسلاميون، الكيزان)، كمدخل احتيالي لتمرير الرسائل الخبيثة المشدودة إلى أغراضها المعروفة.
...
من هنا يأتي لزوم ابتعاد "مشروع الفكر الديمقراطي" عن أية شبهة من هذا القبيل، فالجميع في العمل الطوعي ذي العلاقة بالسودان، أيا كانوا، متهمون حتى يثبت العكس، بسبب استشراء الفساد في قطاع المنظمات الطوعية في جميع أنحاء العالم، وبسبب عدم أخلاقية أجهزة الاستخبارات المشغولة بحماية صناعة الفساد في دول مثل السودان.
والشبهات فاعلةٌ وسائغة بسبب أن اللغة حاضرة دائما مطواعة وفاعلة بذاتها للاحتيال علينا، ولا يتم إنفاذ الاحتيال في جميع أشكاله إلا باللغة وفيها. ونحن كبشر، لسنا مُركَّبين دماغيا لملاحظة الاحتيال باللغة حتى وهو يدور أمام أعيننا وفي مسامعنا. فلابد لنا من امتدادات للدماغ البشري، امتدادات مثل نصوص مادية حاضرة أو مغيَّبة لكنا نعرف أنها موجودة، لنكتشف فيها ومنها الاحتيال الذي يدور ضدنا.
...
فلا يكون إبعاد شبهة "العلاقة" مع جهاز الأمن الأعضاؤه هم ذاتهم أعضاء الحركة الإسلامية/الإنقاذ/المؤتمر الوطني (الأستاذ الكودة) إلا بالإفصاح الكامل من قبل مشروع الفكر الديمقراطي عن الوقائع الجوهرية، هنا مصادر التمويل لملتقى نيروبي ولكافة أعمال "المشروع" وعن كيفية صرف المبالغ المتحصل عليها. دائما في الموقع الشبكي أو في صفحة الفيسبوك.


...
(14)

فقد لاحظت أن الأستاذ شمس الدين ضو البيت في مقاله للرد على منتقدي الملتقى، خاصة نقد الأستاذ عبد المنعم الجاك، تجنب تماما هذه المسألة الجوهرية المتعلقة بمصادر تمويل الملتقى، رغم أن هذا الموضوع هو الذي كان أصلا جعلني أخاطب الأستاذ عبد المنعم كتابة عن أية علاقة لهم بالملتقى وطلبت منهم كتابة أن يبينوا لي ما إذا كانت الديمقراطية أولا موَّلت الملتقى، وطلبت منهم الإفصاح عن المبالغ وعن مصادرها، فرد عبد المنعم مشكورا بالتصحيح أنه لا علاقة للمجموعة السودانية للديمقراطية أولا بالملتقى، ومن ثم كان ذلك خطابه مناط تدخل الأستاذ شمس الدين بمقاله في سودانايل عن "الحاكمية" وليس في المقال أي إفصاح عن موضوع التمويل محل التسآل.


...
(15)
سيظل هذا التسآل عن التمويل قائما إلى أن يتم التعرف على تفاصيله، لأن مصادر التمويل قد تفسر سبب ذلك التغيير الفجائي في تحول مشروع الفكر الديمقراطي من معسكر "المقاومة حتى إسقاط نظام الفساد" إلى الهرولة إلى أحضان الإسلاميين وأعضاء المؤتمر الوطني.
...
والإيحاء مقصود، ولا أستخدم المداراة ولا المطاعنة في الكتابة، لأن في الإيحاء، وهو يظل مجرد إيحاء تقوله النصوص المتاحة غير المكتملة، قد يدفع الأستاذ شمس الدين ضو البيت إلى الإفصاح في العلن عن الوقائع الجوهرية المطلوبة، مصادر التمويل، ليس لذاتها، ولكن لأن مصادر التمويل قد تفسر تغيير الموقف ضد المقاومة، وقد تلقي أضواء إضافية على ملتقى نيروبي، ذاته الملتقى كنص متداخل مع النصوص الأخرى لكنه مستقل عنها، وبمعزل عن النصوص التي قدمها المشاركون في الملتقى، وليست كل نصوص المشاركين تتأثر بالضرورة بمصدر التمويل أو بالعقيدة السياسية للمموِّل أو حتى بأهداف الملتقى، فالكاتب هو النص في سياقه، وبإمكان النص الواضح أن يبين موقف الكاتب أيا كان السياق الخارجي للكتابة وبالرغم من السياق.
...
ربما تكون الوقائع التي أتوقع وأنتظر الإفصاح عنها في صالح مشروع الفكر الديمقراطي، ولصالح بناء الثقة في المشروع وهو مطالب بمراجعة موقفه المتمثل في الهرولة إلى أحضان الإسلاميين/الإنقاذ، ولا تٌمنح الثقةُ بالمجان، بل باعتماد الشفافية والمصداقية، والمحاسبية السياسية، كلها عبارات ذات معان مادية سارية في الحياة اليومية.
...
كذلك يتجاوز موضوع التمويل هذه الحالة الصغيرة المحددة، إلى دلالات أعمق تتعلق بمسارات المقاومة الشبابية ضد الدولة الإسلامية الإجرامية الفاسدة. في مجال مراجعة الأخطاء في التقدير، وفي مجال التفكر في تصور مستقبل بدون نظام الإنقاذ البغيض وتركته.
وأخلص إلى أنه ليس في هذا النظام أية مسلمات محتومة، بما في ذلك بمسألة الدين والدولة، بل كله نظام من تخليق الحركة الإسلامية التي نعرفها والإسلاميين الذين عرفناهم بصورة كافية تقول لنا ألا نثق فيهم. انظر أفعالهم على مدى الثمانية وعشرين عاما.
ولابد من الاستشارات العلنية مع الشباب بشأن كل مبادرة، في الأنترنيت.
باختصار، لزوم طرد السرية بصورة نهائية وحاسمة من مجال العمل العام، فالسرية في هذا المجال تستدعي التصنع والمداراة والكذب، وهي تستدعي ما هو أسوأ من الكذب.


...
عشاري أحمد محمود خليل

ushari@oultook.com

 

آراء