احتفالاً بالذكرى الثامنة والثلاثين حول تقديم الحزب د. النعيم كمحتفل (19)

 


 

 

بسم الله الرحمن الرحيم
وَلاَ تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا* يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لاَ يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا*هَاأَنتُمْ هَؤُلاء جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَن يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَم مَّن يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً"
صدق الله العظيم

*كتابة مقدمات لكتب الانحلال الجنسي*

*كتاب ميلودي نموذجاً*

*إنّ من أقبح ما قام به النعيم تشجيع الشبّان والشابات من المنحرفين جنسياً، على ممارسة انحرافاتهم، والاشادة بهم كأبطال!!* ونحن هنا نورد نموذجاً لهذا العمل، كتاب (ميلودي)، الذي كتب له *مقدمة تشيد بالكتاب وتمجِّده.*
اسم الكتاب
Real Stories of American Muslims..
الكاتبة
Melody Moezzi..
الناشر
The University of Arkansas Press
– 2007
Foreword by
Ahmed An- Na'im-Abdullahi
الرابط:
https://books.google.com/books/about/Wa ... r.html?id=
6uo6EASQGcgC

تقول صاحبة الكتاب عن كتابها، أنّه يتناول *قصص حقيقية* لمسلمين أمريكيين.. لقد أجرت الكاتبة مقابلات مع اثني عشر شخصاً، من المسلمين والمسلمات، من أصول مختلفة، وأوردت قصصهم.
*غرض الكتاب الأساسي، هو الدفاع عن الممارسات الجنسية، خارج رباط الزوجية، بصور مختلفة*.. بل وجعل هذه الممارسات إسلاماً!! ووصفها بأنها تقوم على *قيم رفيعة مثل الصدق والشجاعة.*

د. النعيم في تقديمه للكتاب، يؤيد كل ما ورد فيه، ويمجِّده، دون أيّ تحفظ.. *ولم يعترض على قضية واحدة مما ورد في الكتاب*.. ولم يرَ في ما ورد في الكتاب، أي شيء يحتاج لتصحيح، مما يؤكد أنّه يؤيد، ويشجع كل ما ورد فيه.
د. النعيم بدأ مقدمته بقوله: "احتفل بهذا الكتاب، وأمجِّده، كجهد فكري عميق، ومؤثر، باتجاه التصالح مع هويتي كمسلم أمريكي، وانطلق في ذلك من منطلق إيجابي ومؤيد له".. ونحن سنرجع لأقوال النعيم في المقدمة في نهاية كتابتنا هذه.
من المهم جداً أن نعرف أن ميلودي، مؤلفة الكتاب، تلميذة للنعيم، في القانون، وفي أفكاره الخاصة.. وهي شديدة الإعجاب بآرائه – وقد سبقت إلى ذلك الإشارة.
أوردت ميلودي، في كتابها قصة اثني عشر شابّاً وشابّة، كما ذكرنا.. يكاد يكون جميعهم طلاب جامعات أو من الخريجين الجدد.. وجميعهم من الأمريكيين، من أصول مختلفة.. ونحن هنا سنأخذ من هؤلاء ثلاثة نماذج فقط.. وحتى هذه النماذج لن نتحدث عنها بالتفصيل، وانما نكتفي بإيراد بعض القضايا الهامة، المتعلقة بسلوكهم ومواقفهم، مما يلقي المزيد من الضوء، على *تأييد النعيم للانحرافات الجنسية، والترويج لها باسم الإسلام نفسه!!*

*أسرا – Asra*
نبدأ النماذج بأسرا.. وهي من أصول هندية ولدت في مدينة مومباي عام 1965، وقد هاجرت أسرتها للولايات المتحدة، وهي في سنّ الرابعة.
ولكي توضح الكاتبة، جرأة أسرا، ذكرت أنّها وجدتها تجلس في المسجد في القسم الخاص بالرجال، وسط بحر منهم.. وجلست ميلودي معها.. وقالت أسرا أنها لم تختر الجلوس في هذا الوضع، لأنها تستمتع به، أو لأنها تشعر أن وجودها مرغوب فيه، أو مرحب به.. ولكنها تأمل أن يعكس المسجد في المستقبل، روح الإسلام الحقيقية.. ولقد بدا لميلودي أنّ خطبة الإمام كلها موجهة لأسرا بصورة مباشرة، تعبيراً عن حنقه على جلوسها وسط الرجال، وفي القسم الخاص بهم.. وقد ذكر الإمام أنّه لا مكان للحداثة في الإسلام، وأنّ السراط المستقيم واحد.. ثم تحدث عن ضرورة تنبيه من لا يتبع السنّة بصورة صحيحة.. عند هذا، قالت له ميلودي بصوت مسموع –وكانت تظن أنها تحدثت بصوت منخفض- : كيف تعرف أنّ طريقتك هي الصحيحة؟ فردّ عليها الإمام، بقوله: يا أخت هذا ليس وقت الجدل.. وكان عدد من المصلّين في الصفوف الأمامية، قد التفتوا لأسرا وميلودي.
تعترض أسرا على الفصل بين الرجال والنساء في المسجد.. وتراه أمراً غير صحيح ديناً.. تقول أسرا أنها *أنجبت إبناً، غير شرعي –دون زواج– وهي فخورة بإنجابها هذا الإبن*.. وقد قررت أن تحج إلى بيت الله الحرام، ومعها ابنها، الذي أسمته شبلي، وكان وقتها، لم يكمل عامه الأول.. وقد دارت في ذهنها، بعض الخواطر حول اصطحاب إبنها – فهي تعلم أنّ قوانين السعودية، تجرّمها وتعاقب من هم أمثالها.. ولكن قررت ألّا تشعر بالعار، من أمر هو أكثر ما تفخر به في حياتها.. وقررت أن تعيش حياتها، مهما كلّفها الامر، بصدق، ووضوح، ومسؤولية.
قالت ميلودي عن أسرا: إنني لا أجد نموذجاً نرفعه لكل أطفالنا، وهو نموذج يشجعنا على أن نحذو حذوه مثل أسرا!!
عندما ورد الحديث عن زمزم، في قصة حج أسرا، تم التعرُّض لسيدنا إبراهيم وهاجر، بصورة تقدِّم هاجر بصورة على أنّها مثل أسرا في إنجابها لسيدنا إسماعيل.. وقيلت كلمة قبيحة في حق سيدنا إسماعيل.. وبذلك اتّهم أبو الانبياء بما لا يُتهَم به المؤمن العادي، وتمّ الطعن في نسب سيدنا إسماعيل، وكل سلالته، بمن فيهم سيد المرسلين.. *وقبل د. النعيم كل هذا القول، بما فيه من بهتان وإفك عظيم، بل وشجَّعه*، وأثنى عليه بما كتب من إشادة بكل ما ورد في الكتاب، دون أن يستثنى شيئاً واحداً!!
تقول أسرا، أنّ أمنا هاجر هي مثلها الأعلى!! معلوم، أنّ الآثمين يحبون أن يكون الجميع مثلهم، ويكرهون الأطهار.. وقديماً قال قوم لوط، ما حكاه القرآن عنهم في قوله تعالى: (فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِۦٓ إِلَّآ أَن قَالُوٓاْ أَخْرِجُوٓاْ ءَالَ لُوطٍۢ مِّن قَرْيَتِكُمْ ۖ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ)..

*فيصل – Faisal*
فيصل هو الشخصية الأخيرة التي تناولتها ميلودي في كتابها.. والكاتبة شديدة الإعجاب به لدوره الكبير في نصرة المنحرفين جنسياً –بالطبع منحرفين هذه أينما وردت هي عبارتي أنا– وذلك، من خلال إنشائه لمنظمة (الفاتحة – Al-fatihae)، وقد أسَّس فيصل هذه المنظمة عام 1998، وكان وقتها في سنّ التاسعة عشر.. وقد عرّض نفسه للقتل بسبب تأسيس هذه المنظمة.. وعمل المنظمة في الأساس هو *جمع الشاذين جنسياً، بمختلف أشكالهم، والدفاع عنهم*، عبر إقامة المؤتمرات الخاصة بهم، والعمل على نشر مبادئهم، وتدريبهم على الدفاع عن (قيمهم)!! حسب تعبير الكتاب.. المنظمة مكرسة للشواذ من الجنسين، وهي مؤسسة غير ربحية.
وقد عرفت ميلودي عن المنظمة، وعن فيصل، من أسرا، التي قدمت كلمة في مؤتمر من مؤتمرات المنظمة.. وقد حضرت ميلودي هذا المؤتمر، وتحدثت عن تجربة حضورها.. وقالت عن فيصل يبدو أنّه يدير كلّ شيء في المنظمة.. ولأسباب أمنية، لم تتمكن ميلودي من مقابلة فيصل في البداية، ولكن سمح لها بمقابلته، عندما عرفت علاقتها بأسرا.
تقول ميلودي عن فيصل، إنه شخص فريد، وانه شخصية إنسانية معقدة، لكنه بإنشائه لهذه المنظمة، قام بعمل عظيم.. وهي أكبر منظمة إسلامية في العالم للمذكورين.. وبإنشائه لمنظمة الفاتحة تقول ميلودي: أنقذ مئات الأرواح، إذ أن المنحرفين جنسياً كثيراً ما كانوا ينتحرون.. تقول ميلودي أنّها اليوم، عندما تسمع، من يدينون المثلية الجنسية، بأقوال مثل: الإسلام يمنع الشذوذ الجنسي.. الشاذ جنسياً لا يمكن أن يكون مسلماً.. تقول: أقول في نفسي.. كم من الأرواح أنقذ هؤلاء؟! وهي تستشهد بقوله تعالى: ((مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا)).
يقول فيصل عن نفسه، أنّه كان على علاقة جنسية شاذّة لفترة عام أو عامين، عندما كان في حوالي السادسة عشر أو السابعة عشر.. ولذلك كان على مصالحة مع ميوله الجنسية، عندما كان يدعى ليتحدث عن الإسلام، وهو في المرحلة الثانوية.. وخليله أمريكي أبيض يكبره بعشرة أعوام.. وقد كان هذا الخليل قبل أن يتعرف على فيصل، يتسائل إذا كان فيصل شاذاً جنسياً أم لا.. وكانت الإجابة تأتيه: لا، فيصل ليس شاذاً جنسياً Gay، إنه متديّن، إلى أن اتضح له أنّ فيصل Gay ومتدين في نفس الوقت!!.

*سارة – Sarah*
سارة نموذج صارخ لضحايا الإغتراب في الغرب، ولمأساة إنسان الحضارة الغربية بصورة عامة.. شابة صغيرة، في عمر طالبات الجامعة، مسلمة، تعيش كل صور الرذيلة والفسق، وتتباهى بذلك!! وتعتبر كل انحرافاتها، من قيم الإسلام!! وتجد في كل ذلك الإشادة والتشجيع من النعيم وصحبه، مِمَن ماتت ضمائرهم، وخمد فيهم الحس الإنساني، فأصبحوا يضحون، بكل إنسان، وبكل قيمة، في سبيل مجد زائف، وعرض زائل.
تتحدث ميلودي عن سارة بصورة شاعرية.. وتتغزل في كل ما يتعلّق بها، حتى غليونها، الذي تدخن به الماريجوانا، وهي مخدر معروف في الولايات المتحدة.. كانت ميلودي تحاورها، وحجرة نومها –مكان الحوار– تسبح في دخان من الماريجوانا.. وقد شاركتها ميلودي في تدخينها.
تقول سارة عن نفسها: أعتبر نفسي مسلمة، وقد وجدت الإسلام ديناً جميلاً، له رسالة أساسية، هي تحقيق إنسانية الإنسان، عبر الصلاة والصوم، والأعياد، وعبر قبول الحب والجنس.. انه أحد الأديان الكتابية التي تذكر الجنس بوضوح.. لا يوجد ضرر من الجنس بين المتزوجين –تقصد بما فيهم المثليين مثلها– لا يطلب منّا أي شيء فوق قدرتنا كبشر، ربما يكون صعباً، لكنه منسجم مع الطبيعة البشرية ولا يتعارض معها.
تقول: من المؤكد أنا مسلمة.. ولكنني *في الواقع لا أتبع أي من قوانين الإسلام..* أعتقد أنّ الناس يحولون الدين إلى قوانين، لأنهم لا يفكرون، ولا يريدوا أن يفكروا!! أعني أنني أحب الجنس.. أعتقد أننا عندما نحقق قمة اللذة الجنسية Orgasm، نكون أقرب ما نكون إلى القداسة.. ولكن معظم الناس لا يستمتعون بذلك، دون الشعور بالذنب أو القذارة أو العار – أنا لا أقول القوانين ليست مهمة، إنها في الواقع مهمة، ولها معنى.. أنا فقط أقول أنها يجب ألّا تحد من فكرك أو أفكارك.
وتقول: حين يقوم بعض المسلمين بإدانة المثلية الجنسية أو السحاق، هذا لا يمثل التفسير الوحيد.. زواج المرأة والرجل، ليس من أركان الإسلام.. وميول الفرد الجنسية لا علاقة لها بإسلامك.. فالإسلام هو الإسلام لله، وهذه هي حقيقة تعريف الإسلام.
وتقول: أنا أعتقد أنّه لا يمكن الوصول إلى إجماع عبر العمل الأكاديمي، أو المناظرات حول إذا ما كان الشذوذ الجنسي مسموح به في الإسلام أم لا.. هنالك على الأقل، أمر مؤسس، وحوله إجماع (إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ ۖ يَقُصُّ الْحَقَّ ۖ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ).. اعتقد أنّه سوف لن تكون هنالك خلافات، وسيكون هنالك تسامح كبير، إذا قبل المسلمون في العالم الإسلامي، أنّ الله هو القاضي الحقيقي، والنهائي، والوحيد وأمسكوا عن أحكامهم الفانية، والتي لا قيمة لها، خصوصاً بالنسبة للقضايا، والمشاعر، التي ليست لهم فيها تجربة شخصية.
سارة لا ترى أيّ ضرورة لموافقة الآخرين على ميولها الجنسية، وليست لها رغبة في هذه الموافقة.. وهي تقول: أننا قد نختلف في مفاهيمنا، ولكنني لا أحلم بأن أقول لفرد ما الذي عليه أن يمارسه.. وأتوقع من الآخرين نفس الاحترام، وأطالب به.

واضح من منطق سارة، الفهم الليبرالي للفردية والحرية الفردية.. وهو ما يعمل النعيم وصحبه، على إشاعته في المجتمعات الإسلامية، وإلباسه لبوس الإسلام. كما أنّ الإنحراف الفكري، في تفكيرها الديني، هو جوهر ما عليه النعيم وصحبه.. هم جميعاً يبنون على الحقيقة، وعلى الواقع، ويتجاوزون الشريعة تماماً.. هذا مع العلم بأنّ موضوع الحلال والحرام، هو موضوع شريعة، وهو مفصّل في القرآن والسنّة بصورة لا مجال معها للإلتباس.. ولكنّهم يبعدون السنة تماماً، ويؤولون بعض آيات القرآن وفق أهوائهم.
تقول ميلودي عن سارة، هنالك شيء صوفي في شخصيتها، وهو لا يتعلّق بتعاطيها المخدرات!!
بعد المقابلة الأولى لميلودي مع سارة، تخرجت سارة من الجامعة وتزوجت.. وقبل هذا الزواج، كانت تعيش مع عشيقة لها –بنت– تمارس معها الجنس، وعندما تزوجت سارة وانتقلت إلى مدينة أخرى، أرسلت خطاباً إلى ميلودي عبر بريدها الإلكتروني، تخبرها فيه بخبرها.. قالت لها: إنني الآن أعيش في نيويورك، وقد حظيت بعدد من الرحلات هذا العام.. ثم أخبرتها بزواجها.. ولأنّها كانت عشيقة لبنت خشيت ألّا تصدقها ميلودي، في أنّها تزوجت من ولد، فقالت لها: لقد تزوجت من ولد *(أنا لا أهظر إنه ولد)* .. I got married to a boy – yes I am not joking
لقد تزوجت سارة من شاب سوداني يعمل في صناعة الأفلام يدعى أمير.. ولقد أوردت ميلودي لأمير قوله: *إنّ جمال العقيدة أكبر بكثير من الدوقما.*
تميل ميلودي إلى التعبير الإنشائي الأدبي، وكذلك سارة، وكلاهما يحب اللغة الشاعرية.. ومما قالته سارة.
I practice love in all it’s forms.. my God is made of joy, and I worship through love in all it’s forms.
"أنا أمارس الحب (الجنس) في كل أشكاله.. وإلهي مصنوع من المتعة، وأنا أعبد من خلال الجنس في كل أشكاله!!".
ختمت ميلودي حديثها في قولها عن سارة: إنّها نوع من الأشخاص، الذين لا يمكن نسيانهم، ليس فقط بسبب وجهها المرح، أو بسبب صوتها المميز، وإنّما بصورة خاصة، بسبب روحها الطاغية الغامرة.

هذه بعض نماذج ميلودي، والآن نرجع إلى أقوال د. النعيم في تقديمه لكتابها.. فهو يقول: *"أنا احتفل بهذا الكتاب، وأمجده كجهد فكري عميق، ومؤثر، باتجاه التصالح مع هويتي كمسلم أمريكي، وانطلق في ذلك من منطلق ايجابي، ومؤيد له".. احتفل بهذا الكتاب.. وأمجده.. وانطلق من منطلق ايجابي مؤيد له!!* النعيم يتحدث عن التصالح مع هويته كمسلم أمريكي.. وفي هذا التصالح يترك الإسلام، وقيم الإسلام، ويتبنّى الجانب المنحط، والمخالف لمبادئ الإسلام الأساسية، من الحياة الأمريكية!!
لو لم يرد في الكتاب أي شيء، يأخذه المسلم عليه، *سوى الطعن في أخلاق أبي الانبياء، سيدنا إبراهيم عليه السلام، والطعن في هاجر.. والطعن في نسب سيدنا اسماعيل، وبالتالي الطعن في نسب سيد الخلق أجمعين، وأشرف من ولدت الأمهات.. لو لم يرد، سوى هذا البهتان العظيم لاستحق الكتاب أن يوصف بأنه، أسوأ وأحقر ما كتبه بشر..* أما أن يكون الكاتب منتمياً للإسلام، والمقدم له كذلك، فهذا يجعل العمل خارج إمكانية أن يوصف..
ومع هذا السوء، الكتاب، كما رأينا، من النماذج القليلة التي عرضناها، لم يترك شيئاً من الكبائر، إلا وقد توفّر عليه، ومجّده، ونسبه للإسلام، في عدم حياء منقطع النظير.
يقول د. النعيم في مواصلة تمجيده للكتاب: *"كما احتفل أيضاً بهذا الكتاب، وأمجّده بصفتي مواطناً عالمياً، وداعية حقوق إنسان، نظراً لأن مبادرة ميلودي في هذا الكتاب، إنما هي بسبيل استكشاف واستلهام الإمكانيات الإبداعية للتنوع والتعدد داخل، وفيما بين المجتمعات، في كل مكان..* إنّ الغرض المحدد لهذه المقدمة المختصرة هو أن أقدم بعضاً من الخلفية والسياق لهذا التوفيق والمصالحة فيما يخص الهوية، من واقع التنوع السكاني، لأخلص لتأكيد القيمة العليا للتعددية –ليس فقط بالنسبة للمجتمعات المهاجرة– والمستضيفة، في الولايات المتحدة الأمريكية، بل على نطاق كوني".. لا يوجد في الإسلام تعددية بالمعنى الذي يتحدث عنه د. النعيم وصحبه.. لا توجد أي تعددية حول أركان الإسلام، وإنما هي الوحدة، فكل مسلم ملزم بأركان الإسلام كما وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم.. فمن لا يؤمن بلا إله إلا الله – الركن الأول والأساسي –وعدم الإيمان هذا هو ما عليه النعيم– ليس مسلماً.. ولا توجد أي تعددية في الإسلام حول الحرام البيّن، خصوصاً بالنسبة إلى الكبائر، مثل الزنا.. والأمر كله ليس متروكاً للأفراد من المسلمين، ليقرروا فيه، وإنما هو محدد بصورة قاطعة من قبل الله ورسوله.. فالحلال هو ما حلل الله ورسوله.. والحرام هو ما حرّم الله ورسوله، وهذا أمر بداهة، ولا يغيب عن أي مسلم يهمه دينه.. فالتنوع بالصورة التي وردت عن شخصيات الكتاب، من أشكال السلوك الجنسي، خارج الزواج الشرعي، هو خروج من الإسلام، وليس تنوّعاً داخله، كما يزعم د. النعيم وتلميذته ميلودي.. الإسلام، في شريعته بداهة، لا يدعو للفاحشة.. يقول تعالى: (وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ)).. فد. النعيم وصحبه، يزعمون نفس زعم هؤلاء الأقدمين الذي نفاه القرآن.. *لا أحد، طبيعي، من المسلمين* لا يعلم أنّ الزنا، والمثلية الجنسية من كبائر الفواحش المنهي عنها.. قال تعالى: ((وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا ۖ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا)).. لم يقل: لا تزنوا، وانما قال (ولا تقربوا الزنا).. ويقول عن قوم لوط: ((إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ الْعَالَمِينَ)).. يقول تعالى: ((قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ)).. والنعيم وصحبه يقولون على الله ما لا يعلمون.. يقول تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۚ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) *ود. النعيم وصحبه، يعملون عملاً واسعاً، ومنظماً، ومموّلاً، في تبرير الفاحشة، ونشرها، وجعلها هي نفسها دين – إسلام.. وهم يجدون التمويل والدعم والمديح، كأبطال، ويمجدون بعضهم البعض.*
في مقدمته العجيبة يقول د. النعيم: "ولدى التحليل النهائي، فإنّ هنالك طرق لا حصر لها لفهم وتطبيق الإسلام.. وبقبولهم لهذا التفاوت الكبير في الفهم والتطبيق، يمكن للمسلمين وغير المسلمين، على حدّ سواء أن يتعلموا الكثير من بعضهم البعض، وأن يحققوا مستويات أكبر من الفهم المتبادل، والقبول لأفكار ومعتقدات بعضهم البعض".. كل هذا كذب وبهتان.. وعلينا أن نتذكر أنّ النعيم قال: "لا يوجد شيء متماسك اسمه إسلام".. الإسلام، لا يقاس ولا يحاكم بواقع المسلمين –فالمسلمون قد نصلوا عن دينهم فقد تقسموا إلى ما أخبر به المعصوم في قوله: "افترقت اليهود على احدى وسبعين فرقة كلها في الهاوية الا واحدة فهي الناجية، وافترقت النصارى إلى اثنتين وسبعين فرقة كلها في الهاوية إلا واحدة.. وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في الهاوية إلا واحدة".
من أعظم مفارقات د. النعيم، أنه يقول في المقدمة أنّه يقدم الكتاب لأهله، فهو قد قال: "هذا الكتاب مهم بالنسبة لي شخصياً، وبالنسبة لزوجتي، ولأطفالنا، ولحفيدتي"!! بئس ما قدمت لأهلك!!.

د. النعيم يعمل على تزييف الإسلام، وتزييف التاريخ، في سبيل نشر الفاحشة بين المؤمنين – فهو يزعم أنّ الإسلام يتكيف مع العادات الدينية والثقافية!! اسمعه يقول من تقديمه لكتاب ميلودي: *"إنّ النجاح التاريخي المميز للإسلام كدين عالمي، يمكن أن يعزى بصورة كبيرة إلى مقدرة الإسلام على التكيّف مع التقاليد والعادات الدينية والثقافية للمجتمعات التي يسعى للإنتشار فيها على مكث وتدرج"*.. هذا محض كذب، وافتراء على الله ورسوله.. الإسلام لا يتكيف مع غيره، وإنما يطلب من غيره أن يتكيف معه.. الإسلام لا يخضع للواقع كيفما كان، وإنما يعمل على تغيير الواقع ليتوافق مع قيمه وتعاليمه.. هو أحدث تغييراً جذرياً في الجزيرة العربية، وفي كل منطقة انتشر فيها.. وهو لا يساوم في أساسياته – والمحرمات من أساسياته.. هو لا يقر أي منكر، ويطلب من المسلمين أن يغيروا المنكر.. *وهو في شريعته ينهى نهياً قاطعاً، عن التشبه ولو في المظهر،* بأصحاب الأديان والثقافات الأخرى على عكس ما يزعم النعيم.. قول النعيم هذا الذي أوردناه له، هو بالضبط نقيض قول الأستاذ محمود الذي جاء فيه: *"إنّ القرآن لا يتلاءم مع الأوضاع، وإنما يعرضها على الوضع الذي لا يرضى له بديلاً، ثم يشذبها، ويهذبها، حتى تسلس له، وتنسجم معه.. ومن المألوف أنّ الأوضاع تحتوي على أخلاط شتى من الصالح، والطالح، ووظيفة القرآن وظيفة الميزان الذي يعطي كلاً قيمته، ووزنه، وينبذ ما لا قيمة له ولا وزن".*
يقول د. النعيم: *"واهتداءً بالنموذج التأسيسي لرسالة النبي محمد في غرب الجزيرة العربية في مطلع القرن السابع، يسعى المسلمون دائماً للتكيف مع الظروف الإجتماعية والثقافية التي يجدونها سائدة في المجتمعات التي يقدمون إليها، دون أن يفرضوا آراءهم الدينية أو السياسية، وأساليب حياتهم، على المجتمعات، إلا في أدنى مستوى.. وبالتالي فإن صفة مسلم أو إسلامي قد تطورت دائماً في الزمن"*.. إنّ هذا أمر غير طبيعي، أن يكذب مسلم على النبي صلى الله عليه وسلم، ويبهته هذا البهتان العظيم، الذي يصوّر رسالته بما هو عكس ما قامت عليه.. لا أحد عدا النعيم، حتى ألدّ خصوم الإسلام، لا يعترف بالتغيير الجذري الذي أحدثته رسالة النبي محمد صلى الله عليه وسلم في الجزيرة العربية، وفي كل الأماكن التي وصلت إليها.. هذا باطل بداهةً، ويعكس الواقع عكساً.. يقول د. النعيم: *"علماً بأنّ كافة العناصر والتفاعلات التي شكلت الهوية الإسلامية في أي وقت من الأوقات، في أي مكان من الأمكنة، قد كانت أيضاً نتاج للتفاعل والتعاطي المستمر مع المجتمعات غير الإسلامية، داخل البلد الواحد وخارجه، بدءاً من دولة شبه الصحراء الأفريقية إلى القارة الهندية، ومن دول أوروبا الشرقية، ووسط آسيا، إلى دول جنوب شرق آسيا"*.. كل هذا باطل بداهة ومغالطة للتاريخ.. الهوية الاسلامية ليست نتيجة تفاعل، فيه يتنازل المسلمون عن مبادئهم، وإنما هي تقوم بصورة جوهرية على مبادئ وقيم الإسلام الواضحة.. وعبر تاريخ الإسلام، لم يكن المسلمون مجرد متأثرين بغيرهم، وإنما كانوا هم دائماً من يؤثر، خصوصاً في وقت سيادة الإسلام، في الأماكن التي ساد فيها.. وحتى عندما يكون المسلمون أقلية مستضعفة، لا يتخلون عن هويتهم.
ما يريد د. النعيم أن يقوله، أو هو قاله بالفعل، هو: على المسلمين في أمريكا أن يتكيفوا مع الدين الأمريكي والثقافة الأمريكية، وطريقة الحياة الأمريكية، بكل ما فيها، كما فعل أبطال كتاب ميلودي الذي قدم له، دون أي مرجعية من دينهم، حتى في مجال الحلال والحرام.. فإذا كانت الثقافة الأمريكية، تسمح بالزنا، وأنواع الشذوذ الجنسي المختلفة، فعليهم أن يتقبلوا ذلك، كما فعل أبطال كتاب ميلودي، وأن يعتبروا أن هذا هو نفسه الإسلام، وهم في ذلك يهتدون بالنموذج التأسيسي لرسالة النبي كما زعم، في بهتانه العظيم.. هذا هو جوهر رسالة د. النعيم بصورة عامة، وفي مقدمة كتاب ميلودي بصورة خاصة.. *هو يدعو المسلمين لترك معاييرهم، وقيمهم، واتباع المعايير والقيم الغربية*، حتى تلك التي تتناقض تناقضاً حاداً مع الإسلام.. وفي عدم حياء منقطع النظير زعم النعيم أنّ هذا ما فعله المعصوم، وفعله غيره من المسلمين اهتداءً بهديه.. *إن هذا رجل لا يتورع عن أي شيء، هو يكذب على الله، وعلى رسوله، وعلى قرآنه، فلا شيء يمنعه من الكذب على الآخرين*.

نقف عند هذا الحد، ونحب أن نعتذر للقراء الكرام على ما سقناه إلى أسماعهم ونظرهم من قاذورات.. ولكن لم يكن من الأمر بد.. فلا بد من كشف جميع ضلالات النعيم.. ثمّ هذه القاذورات هي ما انحطت إليه الحضارة الغربية، في تسفلها في مجال الأخلاق عامة، والسلوك الجنسي خاصة.. فهم قد أدخلوا المثلية في حقوق الإنسان.. وهي أمر حيواني، وحتى دون مستوى الحيوان.. وهم يركزون عليها تركيزاً شديداً، حتى أنّ وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلنتون قد قالت: *حقوق المثليين هي حقوق الإنسان.. وحقوق الإنسان هي حقوق المثليين!!*
أقف عند هذا الحد، وأقول لد. النعيم: إنّ *عدوّك الأول والأساسي، هو نفسك!! ثمّ الذين يؤيدونك على ما أنت عليه*، ويدافعون عنك، فهؤلاء يخونون دينهم.. يخونون الله ورسوله وقرآنه والمرشد ودعوته، والله لا يهدي كيد الخائنين.. ليس في هؤلاء خير لك ولا لأنفسهم.. من المستحيل لإنسان صادق، يهتم بالآخرين كما يهتم بالحق، أن يقول لك أنك بخير.. *أنت لست بخير*.. بل إنّك لفي *أسوأ وضع يكون عليه بشر*، ومن يخدعك عن نفسك لا يريد بك خيراً.. هو لا يحبك ولا يهمه مصيرك.. هو يحبك لنفسه.. وهذه هي الأنانية السفلى، لا الحب.. على كلٍّ، من *يؤيدك هو معك* في نفس المركب الغارق، ومن يفعل ذلك من الجمهوريين، هو يخون دعوته ومرشده.. إنّ من يقبل الإساءة للأستاذ، من الجمهوريين، ليس له نصيب من الحس الديني، وبعيد كل البعد عن المروءة، التي تتوفر لعامة السودانيين.
نتوقف عند هذا الحد، وسنرجع بعد فاصل قصير من الزمن، إن شاء الله إلى موضوع الإحتفال بالذكرى.

خالد الحاج عبدالمحمود
رفاعة في 10 مارس2023

 

آراء