الحراك الثوري لإسقاط الانقلاب العسكري ومبادرة أسر الشهداء

 


 

 

هناك من يقول بأن مبادرة أسر الشهداء أتت في وقت غير مناسب، وقت لازال فيه المكون العسكري يتمسك بانقلابه ويواجه الاحتجاجات السلمية بالآلة العسكرية، فكأن المبادرة تأتي من موقف ضعف، غير أن الواقع يقول العكس تماماََ، فما يفعله الآن المكون العسكري يعكس حالة مخجلة من الضعف والذعر والخوف والإرتباك٠

فهو يحمل البندقية ويحتمي بكرسي الحكم ويجلس تحته. ! يغتصب الحكم ويعجز عن تسييره٠!
يحبس بعض أنصار الدولة العميقة ويستعين ببعضهم ٠!
يدخل نفسه وكل البلد في أزمة ويعجز عن تقديم أي رؤية للخروج منها٠!
يقتل الشباب بلا رحمه ثم يهرب مستنصراََ بالموساد الاسرائيلي في مواجه الشعب الاعزل ٠!!! فأي ضعف وأي عار هذا. ٠!!!

أما مبادرة أسر الشهداء فقد إنطلقت من وسط ممن يسببون للمكون العسكري حالة الخوف والارتباك، ومن موقف قوة تتصاعد لحظياََ ويتنامي فيه الاحساس الثوري، فنشاهد من يسدون الشوارع بعرباتهم وأجسادهم حماية للثوار،

والمزيد من فئات الشعب وقواه الحية ينضمون للمد الثوري، منهم أئمة المساجد الذين أكدوا حرمة الدماء التي يسفكها العسكر، والسفراء والدبلوماسيين الذين أدانوا القتل وحيوا الحراك الموحد لمناهضة الإنقلاب، والمتقاعدين من ضباط القوات المسلحة الذين طالبوا العسكر بتسليم السلطة للمدنيين، ونادي القضاة الذي وجه مذكرة قوية لمجلس السيادة أعلن فيها أنه لن يلتزم الصمت حيال الإنتهاكات الجسيمة التي يتعرض لها الشعب،
ووكلاء النيابة الذين اصدروا بياناََ ادانوا فيه القتل والقمع وطالبوا برفع الطوارئ وأعلنوا التوقف عن العمل ليوم والتهديد بكل الخيارات.

والمستشارين القانونيين بوزارة العدل الذين ادانوا الإنقلاب وحالة الطوارئ والقتل والقمع وأعلنوا عن ترتيبات الدخول في العصيان المدني الشامل.

وفي حالة غير مسبوقة، سيكون لها ما بعدها، رفع سعادة رئيس القضاء مذكرة لمجلس السيادة، بتوقيعه وباسم كل قضاة السودان جاء فيها : (ظللنا نراقب الأوضاع وما صاحبها من قتل خارج القانون واعتداءات صارخة على أبناء وطننا الي الدرجة التي لايمكن السكوت عليها... نؤكد بأننا في السلطة القضائية.. لن نتوانى أو نتردد في اتخاذ ما يلينا من إجراءات تكفل وتساهم في حماية المواطنين وحفظ أرواحهم وصيانة حقوقهم ).

هذا كله يصب في إتجاه وحدة وقوة الصف الوطني لهزيمة الإنقلاب، وأن المبادرة لا تأتي من ضعف بل من موقف وطني نبيل حريص على أمن البلد وسلامته ومستقبله، ولهذا يحمل أسر الشهداء العصا والجزرة في آن واحد، لكن الجزرة لا تعني مشاركة المكون العسكري في الحكم الانتقالي مرة أخرى ليلدغ الشعب من ذات الجحر، بل تهدف (للانتصار لكل دم اريق في السودان من خلال الشروع في مشروع تأسيسي يحمي حق السودانيين في أن يكونوا احراراََ ويعيشوا بكرامة.).

لذلك فإن ما يمكن قوله من مخرج آمن، المطلوب الآن من المكون العسكري أن يستجيب لصوت العقل ويحقن ما تبقى من الدماء، وينهي الإنقلاب بالصورة التي يتفق عليها، ثم يخضع لترتيبات عدالة انتقالية تسبقها تحقق أهداف الثورة، وبعدها يفي أسر الشهداء أصحاب المبادرة بوعدهم بالتسامح، وينتظروا ما جبل عليه جميع أهل السودان من صفة العفو عند المقدرة.

aabdoaadvo2019@gmail.com

 

آراء