جوبا تطلب والخرطوم ترفض: تحسباً للاستفتاء.. جدل القوات الدولية يعود مجدداً تقرير: خالد البلولة إزيرق

 


 

 


اقترب موعد الاستفتاء، ومع اقترابه ازدادت المخاوف الامنية خاصة على طول الشريط الحدودي الفاصل بين الجنوب والشمال الذي يبلغ طوله حوالي «2000» كلم، تخوف تجاوز مداه الداخل السوداني الى ان حظى بالاهتمام الدولي، على ضوء طلب رئيس حكومة الجنوب سلفاكير ميارديت الذي تقدم به لبعثة مجلس الأمن الدولي في جوبا الاسبوع قبل الماضي بضرورة نشر قوات دولية فاصلة بين الشمال والجنوب خوفاً من اي توغل شمالي محتمل على الجنوب. تخوف تعامل معه سفراء مجلس الامن الدولي بجدية، في سرعة دعوة مجلس الأمن الدولي لنشر قوات اممية فاصلة بين الشمال والجنوب قبيل الاستفتاء الذي تبقت له حوالي «85» يوما فقط.
ولم يمضِ وقت طويل على طلب نشر قوات دولية على حدود الشمال والجنوب، حتى أعلن مسؤول عمليات حفظ السلام في الامم المتحدة الان روي، انه سيتم نشر المزيد من الجنود في بعض المناطق الحساسة على الحدود بين شمال وجنوب السودان خلال الاسابيع المقبلة للحيلولة دون وقوع اعمال عنف محتملة مرتبطة بالاستفتاء فيما اسماه «بالنقاط الساخنة» مشيرا إلى ان قدرات بعثة الامم المتحدة بالسودان لن تمكنها من اقامة منطقة عازلة على طول الخط الحدودي.
وكان سلفاكير قد طالب بمنطقة عازلة عرضها «16» كلم تديرها الأمم المتحدة على طول الحدود بين الشمال والجنوب، ورأى دبلوماسيون انه من المحتمل ان يصدر قرار من مجلس الامن الدولي في القريب العاجل لزيادة قوات حفظ السلام في السودان على ضوء تقرير بعثة مجلس الأمن الدولي للسودان. ويقدر عدد القوات الدولية المنتشرة لمراقبة تنفيذ إتفاقية السلام الشامل بحوالي ««10» الف جندي، تم نشرهم تحت البند السادس من ميثاق الامم المتحدة لمراقبة عملية السلام في السودان وذلك بطلب من حكومة السودان وشريكي اتفاقية السلام المؤتمر الوطني والحركة الشعبية. فيما يرى مراقبون ان طلب نشر قوات دولية اضافية على طول الشريط الحدودي بين الشمال والجنوب لمنع وقوع اي احتكاكات أمنية محتملة بين الشمال والجنوب قد يستلزم استصداره تحت الفصل السابع وهذا يجد الرفض من الخرطوم، كما أن تحويل تفويض القوات الدولية المنتشرة لمراقبة تنفيذ الاتفاقية من البند السادس الى البند السابع سيخلق كثيراً من المشاكل الامنية خاصة في ظل رفض الخرطوم لفكرة نشر قوات على الحدود بين الشمال والجنوب.
وكان رئيس حكومة الجنوب الفريق سلفاكير ميارديت قد برر طلبه الذي تقدم به لمجلس الامن بنشر قوات دولية على الحدود خوفاً من اختراقات قال ربما يقوم بها الشمال لزعزعة الاوضاع في الجنوب حال اختار الانفصال في الاستفتاء المرتقب، ومن جهتها اعتبرت القوات المسلحهة الحديث عن نشر قوات عازلة بين الشمال والجنوب يعبر إما عن جهل بمجريات الاحداث الحقيقية في السودان، أو تحرشاً يستهدف استقراره وسلامته، وقالت على لسان المتحدث الرسمي بإسمها الصوارمي خالد سعد في تصريحات صحافية، ان القوات الاممية الموجودة في الجنوب لديها تفويض محدد ليس من بينه الانتشار على الحدود وانما مراقبة الاتفاقية، واعتبر الحديث عن نشر قوات عازلة يصب في تأزيم الموقف والتصعيد مع ترتيبات اجراء الاستفتاء. ولكن القيادي بالحركة الشعبية ونائب رئيس البرلمان اتيم قرنق، قال لـ»الصحافة» إن من حق مجلس الأمن الدولي اذا ظهرت بوادر تدل على احتمال اندلاع حرب تؤثر على الامن والسلم الدولي من حقه ان يتدخل لمنع وقوع الكارثة، واضاف «تصريحات قادة المؤتمر الوطني بالحرب والحشود العسكرية على الحدود تبرر لمجلس الامن ذلك، لأن الوضع في السودان شبه دولتين منفصلتين، والجنوب يريد قوات دولية لحماية نفسه من اي اعتداء محتمل، وقال لكن الشمال اذا كانت لديه نية للاعتداء من حقه الاعتراض على القوات الدولية، وقال القضية ليست في الخريطة السودانية وانما في ممارسة السيادة، فالوضع غير عادي البلد بها ثلاثة جيوش» ورجح اتيم قدرة القوات الدولية اذا تم نشرها بتفويض تحت البند السابع، واعطيت سلطات واسعة ان تحسم اي تفلتات في الحدود بين الشمال والجنوب، مشيرا الى ان التفويض الممنوح للقوات الدولية الآن في الجنوب ودارفور تفويض مراقبة فقط وليس حفظ السلام.
ورفضت الخرطوم نشر قوات دولية على الشريط الحدودي بين الشمال والجنوب، وقالت انها لم يتم التشاور معها في هذا الأمر، وعدته خرقاً لإتفاقية السلام الشامل التي تمثل المرجعية في وجود قوات دولية بالسودان لمراقبة تنفيذ الاتفاقية وقالت ان الاتفاقية لم تنص علي نشر قوات على الشريط الحدودي عند نهاية الفترة الانتقالية، وأشارت الى ان الأمم المتحدة لا يمكنها ارسال جنود لحفظ السلام في الحدود بين الشمال والجنوب من دون موافقة الحكومة السودانية، بعد أن وصفته بغير المنصوص عليه في اتفاقية السلام الشامل، التي حصرت مهام قوات حفظ السلام الدولية البالغ عددها حوالي «10» الف جندي في مراقبة تنفيذ اتفاقية السلام الشامل تحت البند السادس من ميثاق الامم المتحدة. ولكن السفير عثمان السيد مدير مركز دراسات الشرق الاوسط وافريقيا قال لـ»الصحافة» ان الدعوة المثارة حول قوات دولية قانوناً لا يمكن ولا يستقيم ان يتم ذلك، لأن الدعوة لقوات دولية تأتي دائماً بطلب رسمي من حكومة الدولة المعنية، مشيرا الى ان السودان ليس تحت وصاية الامم المتحدة وله حكومة فاعلة وله قواته المسلحة كما انه ليس بدولة فاشلة حتى يرسل مجلس الامن الدولي قوات بناء على طلب سلفاكير او تخوف أوباما، واضاف «هذا غير وارد» وأشار السيد الى ان قوانين الامم المتحدة نفسها لاتبيح لها التدخل مالم يأتي ذلك بطلب من الدولة المعنية، وان ذلك لا يمكن إلا اذا حدث تدهور مريع في الوضع الأمني بين دولتين عندئذ يمكن لمجلس الامن الدولي تحت الفصل السابع التدخل، لكن ما يجري الآن هو شأن داخلي للسودان متعلق بالاستفتاء، والحكومة لم تعلن فشلها بل اعلنت اجراء الاستفتاء في موعده، مشيرا الى ان السودان لم يصل للمرحلة التي تستدعي تدخل مجلس الأمن بهذه الطريقة، نوه الى انه في حال اعلان الاستقلال من جانب جنوب السودان ولم تقبله الحكومة لا يعترف به اقليميا او دوليا، مستدلا بما جرى في استقلال اريتريا واضاف «لم يعترف باستقلالها لو لا اعتراف اثيوبيا بها وقبولها لنتيجته» ووصف السيد تجارب القوات الدولية في افريقيا بالفشل، مشيرا الى ان الامم المتحدة لا تستطيع ان تنشر قوات لاطول شريط حدود بين الشمال والجنوب به كثير من الصعوبات الأمنية والجغرافية».
ويأتي الاقتراح بنشر قوات أممية على طول الشريط الحدودي بين الشمال والجنوب في وقت عجزت فيه المنظمة الدولية من استكمال نشر قواتها المقرره بحفظ السلام في دارفور، كما أن قواتها المعنية بمراقبة تنفيذ اتفاقية السلام الشامل اكتمل انتشارها بعد وقت طويل، الأمر الذي يضع اكثر من علامة استفهام حول جدوى نشر قوات جديدة على الحدود بين الشمال والجنوب ومدى قدراتها في منع وقوع اي تفلتات علي طول الشريط الحدودي. الدكتور شيخ الدين شدو، استاذ القانون الدستوري بالجامعات السودانية قال لـ»الصحافة» ان المرجعية في نشر قوات دولية في السودان هي اتفاقية السلام الشامل وهي لم تنص على نشر قوات على الحدود حسبما هو مثار في مجلس الأمن الدولي،ووصف طلب سلفاكير بنشر قوات دولية بأنه خروج على الاتفاقية لأنه نائب الرئيس في حكومة الوحدة الوطنية الى نهاية الاستفتاء، ومن الناحية اللوجستية قلل شدو من نجاح الامم المتحدة في نشر قوات على الحدود التي تبلغ «1936» كلم، ووصفها بانها عملية صعبة لانها مناطق وعرة وليساً خطاً مستقيماً وبه نتوءات ومناطق جبلية، وقال شدو ان تقارير مجلس الأمن لم تستقِ معلوماتها من الحكومة ووصفها بغير الدقيقة في تقييم الوضع، واضاف «من حق الحكومة ان ترفض هذه القوات بإعتبارها حكومة وحدة وطنية والجنوب ليس له حكومة يخول لها ان تتقدم بمثل هذا الطلب» وشكك شدو في قدرات القوات الدولية وقال انها اذا نشرت ونشبت حرب بين الشمال والجنوب لن تستطيع منعها، وما يجري في دارفور منذ 2003م خير دليل على ذلك فهي لم تفعل شيئاً، وقال «هناك سوء نية مبيتة والحركة الشعبية غير مطمئنة على استقرار الأوضاع في الجنوب وتصر على الدعوة للانفصال وتدرك أن الانفصال له تبعاته».

khalid balola [dolib33@hotmail.com]

 

آراء