فكذلك القى السامري” حول الحرب وتحييد الإطاري .. قراءة أولى في اتفاق جدة

 


 

 

لا يحاول هذا المقال الخوض في اجندة المتحاربين في السودان و لا ان يحلل وضع الجيش السوداني و من يقوده .. او ان يسعى لتوصيف من يقود الانقلاب الاخير على الثورة ولا كيفية تطور الدعم السريع من مضغة مخلقة و غير مخلقة الى قوة تجلس علي طاولة المفاوضات بصفة اعتبارية ذات ثقل قانوني بحسب اتفاف جدة. كما اقترح ان يستعيض الناس من الآن فصاعداً عن سرد خلفيات الجيش السوداني منذ 1989 و كيفية تكوين الدعم السريع و كيف يتصرف رئيس المنظومة و كيفية تعاملت الحكومة السودانية و جيشها مع مليشياته قبل و بعد 15 ابريل 2023م بان يتم وضع كل الحقائق المعروفة بين قوسين للإشارة الي المحتوى والابتعاد عن الاجترار و التكرار و التفرغ للعمل االجاد للتصدي لما يواجه البلاد من مصير ....و لا نستثنى احداً.
عليه فان الغرض من المقال هو مقارنة و تحليل الخطاب الذي سبق إعلان جدة خاصة ما ذكر في جلسة الاستماع بمجلس الشيوخ الأمريكي المتعلقة بالسودان يوم العاشر من مايو 2023 م و كيف تجاهل ممثلو الوساطة في جدة تحديداً وفد الولايات المتحدة الامريكية ما تم مناقشته في الجلسة المذكورة. راس السيناتور الديمقراطي ميننديز جلسة الاستماع بافتتاحية عن اوضاع الحرب بالسودان و مداخلة من سيناتور رتش عضو لجنة العلاقات الدولية بمجلس الشيوخ و قد استمعت الجلسة لشهادتين واحدة من السفيرة فيكتوريا نيولان وكيل وزارة الخارجية للشؤون السياسية و شهادة أخرى من ساره شارلس مساعد مدير مكتب المساعدات الانسانية التابع للوكالة الامريكية للتنمية الدولية. كما يشير المقال الى الدور الذي لعبته مولي في مساعد وزير الخارجية الامريكية للشؤون الافريقية في مفاوضات جدة و هو ما يتعارض مع ما ورد في الجلسة و مخرجاتها.
بدأ السيناتور مينندز بالإفصاح عن القصور الذي شاب محتوى و و اسلوب تنفيذ سياسة الولايات المتحدة تجاه ما يجري في السودان منذ اندلاع ثورة ديسمبر 2018 م معدداً الاخفاق تلو الإخفاق مشيراً الى رفض الإدارة الامريكية تسمية ما حدث في اكتوبر 2021م بالانقلاب.. و قد امن السيناتور رتش علي فشل الدبلوماسية الاسعافية في تحديد اهداف الادارة الامريكية في السودان و مالات تلك السياسة في منطقة البحر الاحمر و القرن الافريقي و كيف توانت الادارة الافريقية عن تقديم اجابات على اسئلة في هذا الخصوص لاكثر من ثلاثة اشهر تاركة إياهم في ظلام – حسب تعبيره- تجاه ما يجري على ارض الواقع. و قال السيناتور إنهم يشاهدون ما يجري في السودان وقع الحافر بالحافر مقارنة بما تم في ليبيا و سوريا و كيف ان الولايات المتحدة استمرت في التعامل مع الجنرالين رغم ادانتهما في جرائم ضد الانسانية و جرائم حرب في دارفور و رغم افشال الجنرالين لمساعي التحول الديمقراطي في السودان بدون ان يتم فرض اي عقوبات عليهما – حسب تعبيره-. و قد دعا لتغيير المبنى و المعنى في السياسة الامريكية تجاه السودان:
Change of architecture
منادياً بتغيير مهندسيها في أن معا:
Change of architects
اما عن الاوضاع الانسانية المخيفة و حجم المساعدات الانساينة المطلوبة كما ما ورد على لسان سارة شارلس فحدث و لا حرج. و لكن هل خرجت الجلسة باعلان عن حجم المساعدات حتى تتولى الوساطة الاضطلاع بها على غرار:
و هم السعاة اذا العشيرة افظعت وهم فوارسها و هم حكامها
و هم ربيع للمجاور فيهم ....و المرملات إذا تطاول عامها
و إذا الامانة قسمت في معشر اوفى باوفر حظنا... قسامها

الكلمة المفتاحية التي تنبئ عن النوايا هي تعبير فرويدي الدلالات لما قالته السفيرة نولان عن التعامل مع من سرقوا مستفبل السودان!
قد تكون النية هي سرقة مستقبل السودان و ترك اوار الحرب التي تضطرم مستعراً لمحو اسم السودان كدولة
ومحو ماضي شعبه التليد و تشريد اهله بين نازح و لاجئ بحسب ما ورد في الفقرة الثانية من الاعلان . أم ان المراد هو افساح المجال لما يدور من اعمال تخريب ممنهج و اعتداءات على المواطنين و هدم البنية التحتية بافتعال الحرائق و السرقات التي تقضي علي كل السجلات المدنية و المالية و القضائية و سجلات الاراضي و الوثائق التاريخية في المتاحف و مراكز الابحاث ووزارة التعليم العالي و البحث العلمي الخ ؟
فقابيل في السودان اصبح براسين ناطقين:
لنا الدنيا و من اضحى عليها.... و نبطش حين نبطش قادرينا .... بلا اي وازع او تحسب لعقاب.
و نحن نؤمن على ما تم طرحه من سؤوال جوهري في تلك الجلسة: كيف نعيد نفس الادوار كل مرة و نامل في الحصول على نتائج مختلفة!
الوسطاء ...امثلنا طريقة؟
بالنظر الى النسختين الانجليزية و العربية في إعلان جدة تجد المفارقة في المعاني المرادة حسب الصيغ غير الدقيقة في النسختين. فبينما تذكر النسخة العربيىة ان المفاوضات هي استجابة لمناشدات الدول الشقيقة و الصديقة تجد النسخة الانجليزية تتحدث عن:
brotherly countries
رغم ان معظم الدول المحيطة بالسودان يمكن الإشارة اليها بصفة المؤنث خاصة ان من الدول الشقيقة دولة كينيا التي كانت اول من سعى لمبادرة سلام بين الطرفين الا ان الدعوة تم تجاهلها للاسباب التي نعرف.
و قطعا لا يمكننا فهم لماذا تشارك سيدة واحدة في المفاوضات هي مولي في و هي التي قال عنها رئيس الجلسة في مجلس الشيوخ انه لا يفهم لماذا تعارض فرض عقوبات على الجنرالين متسائلاً لماذا لم تحضر الجلسة شخصيا للدفاع عن وجهة نظرها!

انتهى إعلان جدة بالنقطة رقم (7) و التي يبدو انها لم تكن مقصودة اصلاً
Came as an afterthought.
و الا لتم ذكرها في بداية الاعلان لان الهدف من المفاوضات الذي يعول عليه السودانيون هو الوصول الى هدنة تمهيداً لوقف كامل للعدائيات، و ليس توصيفاً حول كيف يمكن ان تستمر الحرب بشروط عدم التعرض الى المدنيين و المنشئات و فتح ممرات المساعدات الانسانية الخ. كيف يكمن للاعلان الالتزام بتحقيق وقف اطلاق نار قصير المدى بدون تحديد لمدة الهدنة او تواريخها و بدون تسمية لضامنين للاتفاق او تحديد ماهية "لالتزام بجدولة المناقشات الموسعة اللاحقة لتحقيق و قف دائم للاعمال العدوانية" كما ورد في الإعلان؟ يجب التركيز هنا على ان النقطة رقم 7 تتعارض تماماً مع الفقرة الخامسة من الاعلان و التي تتنصل عن اي مشروع مستقبلي لحل النزاع و تقرأ "و ندرك ان الالتزام بالإعلان لن يؤثر على أي وضع قانوني أو امني او سياسي للأطراف الموقعة عليه و لن يرتبط بالانخراط في أي عملية سياسية"! كيف لا و قد وعد الحضور في جلسة مجلس الشيوخ بمواصلة العمل مع الشركاء لاستعادة الحكم المدني الرشيد للسودان و شعبه "المحب للدميقراطية"!
و اين يا ترى بقية اعضاء الآلية الرباعية خاصة بريطانيا ام انها تم ابعادها بعد مناداة البرلمان البريطاني باعتبار فاغنر منظمة ارهابية والمطالبة بفرض عقوبات على منتهكي حقوق الانسان في السودان كما جاء في صحيفة الغارديان بتاريخ 26 ابريل 2023 م.
و متى تتم استعادة دور المدنيين؟ اليس من خطل الرأي ان لا يعترف الجميع بان تغييب المجلس التشريعي كان و ما يزال الهدف منه هو اقصاء الثوار لتمرير كل المراحل الفاشلة التي مرت على البلاد منذ الحكومة الاولي بعد الثورة و تحت مراي و مسمع و مشاركة الاليات متعددة الاضلاع؟
و ماذا عن حكومة السودان؟ هل الموقعون على الإعلان يمثلون سيادة السودان ام الانقلاب الاول في ابريل 2019 م ام الانقلاب الثاني في يونيو 2019 م ام الانقلاب الثالث في اكتوبر 2021 م ام الانقلاب الحالي !
و اين الدور الافريقي و الاقليمي فيما يجري ؟ خاصة فيما يتعلق بضمانات لوقف اطلاق النار و تنفيذ بنود الاعلان..ام انهم اشربوا في قلوبهم الادوار المسبقة سلفاً:
فهذه هي البقرة التي رفست الكلب .. الذي قتل القطة.. التي اكلت الفار ..الذي أكل الدخن ... الذي كان في العجل الذي صنعه السامري....لمنع إصلاح المنظومة الامنية... و تحييد الأطاري.

فهل من مدكر!
ايمان بلدو

eiman_hamza@hotmail.com
////////////////////

 

آراء