من المحبرة الى المقبرة (2) فى وداع يحى العوض

 


 

 

siddiqmeheasi20@gemail.com
Subject: [your-subject]

غزا صدام حسين وخرج الاف الناس منها وكان من بين الخارجين يحى العوض فى رفقة القانونى مصطفى محجوب, اتصل بى لمساعدته فى الوصول الى مصر عبر ميناء العقبة فاوكلت الأمر لمدير مكتب جريدة الشرق فى عمان شاكر الجوهرى الذى قام بالواجب ,وفى القاهرة مثل الكثيرين الذين لاذوا بالفرار من الكويت واجه يحى واقعا مصريا جديدا معقدا فاتصل بى مرة اخرى طالبا على وجه السرعة ايجاد وظيفة له بصحيفة الشرق هنا فى قطر, وارسل لى سيرته الذاتية وعرضتها على رئيس التحرير ناصرالعثمان شفاه الله والذى كان يفكر فى تاسيس مركز للمعلومات والدراسات للصحيفة, واستجاب ناصر ووجه الأدارة بالسرعة فى عمل الاجراءات لمجىء يحى الى الدوحة ,ولم تمض ايام حتى استقبلت صديقى فى المطار فأكمل اجراءات الاقامة ,وشرع فى تاسيس المركز الجديد للشرق واتبعة لاحقا بمركز لتدريب الصحفيين والاعلاميين ,ولم يكتف الراحل بذلك ولكنه اقترح على رئيس التحرير ناصر العثمان ان تخرج الشرق من شرنقة تغطية الأحداث من وكالات الأنباءالعربية والعالمية لتصبح هى مصدرا للأخبار, فكانت الشرق اول صحيفة خليجية بل وعربية تغطى دخول ثوارالجبهة الشعبية لتحريراريتريا اسمرا بعد سقوط نظام الديكتاتورمنغستو هيلا مريام , وكانت ايضا اول صحيفة تجرى حوارا مع الرئيس الجديد اسياس افورقى وتستمر انجازات يحى العوض فيغطى بداية الحرب الأهلية التى نشبت بعد سقوط نظام الرئيس سياد برى وانفصال الصومال الشمالى ,وبذلك كانت الشرق ايضا اول صحيفة عربية تغطى الحدث من مصادره فسارعت وكالات الأنباء لـتأخذ روايات الشرق ,وكان ذلك انجازا صحفيا مميزا, ويستمر يحى ويصبح صحافى الثورات والأحداث الكبرى فتبعثه الشرق هذه المرة لتغطية خروج الجيش السوفيتى من افغانستان ودخول قوات طالبان اليها ,وتلك كانت حسب مايروى الراحل مغامرة كبرى لصحفى يسعى الى الحصول على الأخبار وسط انفجارات االقنابل ,وازيز الطائرات ,وحرائق المبانى ,وشهد يحى الأعدام المأسوى للرئيس الموالى للسوفييت محمد نجيب الله فى الساحة الرئيسة للعاصمة كابول ,وقد سجل الراحل كل رحلاته فى كتب لتكون مراجع للذين يبحثون عن خفايا وطبيعة تلك الأحداث .
الفجر نافذة للمعارضة بعد وصول الجبهة الاسلامية الى السلطة فى السودان عبر انقلابها العسكرى المعروف ,فكرنا يحى وانا ان نعيد اصدار صحيفته النهار خارج السودان لتكون منبرا للمعارضة, وشرعنا فى الأتصال بالسودانيين المعارضين فى قطر حول المشروع ,وجرت مشاورات عبر اجتماعات عديدة لتكوين شركة مساهمة لأصدار الصحيفة فى الخارج ,غير ان المحاولة لم تنجح لمحاذير من بعض الشركاء المفترضين الذين انسحب معظمهم خوفا من ان يضاروا اذا ذهبو فى اجازاتهم السنوية الى السودان وفى اذهانهم شراسة نظام المتأسلمين وتلك كانت قنعاتهم التى اخذناها فى الأعتبار .
لم نستسلم ولم نيأس فذهبنا الى اسمرا حيث كانت المعارضة تحت عنوان" التجمع الوطنى الديمقراطى" وعرضنا عليها المشروع ,واجتمعنا مع السيد محمدعثمان الميرغنى رئيس التجمع فبارك المشروع ولكن خرجنا منه بالبركة فقط ولم يتطرق الى التمويل ,وذهبنا الى الدكتور عمر نور الدائم رئيس حزب الأمة بالأنابه, ونائب رئيس التجمع فرحب الرجل بالمشروع ,ولكنه كان صريحا معنا من انهم فى هذه اللحظة يعطون الأولوية للأشراف على معسكر مقاتلى الحزب على الحدود ,وليس فى مقدورهم المساهمة فى المشروع مع قناعته بضرورة منبر اعلامى للتجمع ,الى هنا انتهت مهمتنا وقررنا صرف النظر عن المشروع نهائيا ,وحزمنا حقائبنا للعودة الى الدوحة ,ولكن كانت المفاجأة ان اتصلت بنا شخصية مقربة من الرئيس اسياس افورقى الذى كان يستضيف المعارضة على ارضه ويزودها بالمال والسلاح واخبرنا ان الرئيس يريد مقابلتنا ,وبالفعل تم تحديد موعد معه وعرفنا انه كان ملما بكل ما دار حول المشروع ,وفى حضرته ابدى الرجل استعداده لتمويل المشروع على ان يعمل على الترويج لكونفدرالية القرن الأفريقى بعد سقوط نظام الجبهة الأسلامية وكونفدرالية القرن الأفريقى هو مشروع اعده الراحل محمد ابو القاسم حاج حمد يكون اركانه كل من اريتريا واثيوبيا ,والصومال ,وجيبوتى واوغندا, والسودان لاحقا بعد سقوط نظام الجبهة الأسلامية كذلك كان من ضمن اهداف المشروع تصحيح الصورة عربيا عن اريتريا واثيوبيا لكونها يقيمان علاقات مع اسرائيل .

عمل في (الفجر) كل من المفكر الراحل الخاتم عدلان كمترجم رئيسي، والباحث الدكتور الباقر العفيف كمسؤول عن قسم الدراسات، والناقد محمّد خلف الله كمسؤول عن الصفحة الثقافية،ومن بعده الدكتورالكاتب والصحفى حسن الجزولي ّ,وكتب فى الفجر كل من عبد الله على ابراهيم, ومحمد الحسن احمد ,والدكتور محمد ابراهيم الشوش ,وعمر جعفر الّسّورى, واحمد على بقادى, ومحمد ابو القاسم حاج حمد ,وكان مدير مكتبنا فى القاهرة الدكتور حيدر ابراهيم على ,وعوضت الفجر النقص الحاد الذى كانت تعانى منه المعارضة حيث فشلت فى اصدار صحيفة منتظمة تعبرعنها.
توقف صدور الصحيفة في مايو 1998 ونشرت صحيفة (القدس العربي) " إنّ صحيفة سودانية أريترية تموِّلها دولة أريتريا أعلنت أنّ عددها 104 سيكون آخر أعدادها التي تصدر من لندن، وأنّ مجلس إدارتها قرّر تحويل مشروعها إلى قناة تلفزيونية، ومركزاً لدراسات القرن الأفريقي، لكن مراقبي الشأن السوداني قالوا إنّ اتفاق المصالحة الَّذي أُبرم فى الدوحة بين الرئيسين السوداني عمر البشير والأريتري أسياس أفورقي بوساطة قطرية في مايو 1998، كان وراء وقف الجريدة عن الصدور". ومع عدم صحة مانشرته القدس فإنّ ماحدث بالضبط هو أنّ الحرب الأريترية الإثيوبية التى نشبت حول مثلث بادمى المتنازع عليه بين البلدين كانت هي السبب الأول في وقف الصحيفة، وتحويل منصرفاتها إلى المجهود الحربي

 

آراء