الجزء الأول من حوار الأستاذ عبد الواحد مع صحيفة الوطن الجنوب سودانية
رئيس حركة/ جيش تحرير السودان الأستاذ المناضل عبد الواحد محمد النور فى حوار المكاشفة والصراحة
(1-3)
الزعيم والأستاذ عبد الواحد محمد نور رئيس حركة جيش تحرير السودان القائد الذي يتمتع بالمبادئ السياسية الواضحة والذي لا يحب الانكسار مطلقا، الامر الذي برز جليآ من خلال تبني منهج فكري وتحرري ثابت، مما جعله أكثر قيادات حركات الكفاح المسلح وضوحا، خاصة تلك المواقف المتعلقه بالأزمة السودانية ومحاولة معالجتها من جزورها، والذي ظل ينادي بها منذ تأسيس الحركة التي يترأسها، وذلك بأن يكون السودان دولة مواطنة متساوية شكلاً وموضوعاً ، تفصل فيه المؤسسات الدينية عن مؤسسات الدولة بالإضافة إلى تطبيق العلمانية التي يري بأنها الضامن الأساسي لعدم عودة الإستبداد الديني ، كما ظل مطالبا بسيادة حكم القانون من خلال إعادة هيكلة جميع مؤسسات الدولة وفق أسس قومية جديدة، الامر الذي جعله ان يرفض كل المساعي التي وجهت لدعوتة لمنبر التفاوض وعدم قبول اغلب مسارات التسويات السلمية مع الحكومة السودانية، رافضا ما أسماه بالحلول الجزئية، معتبرا أن الحل الوحيد هو معالجة قضايا الوطن من خلال مخاطبة جزور الأزمة المتمثلة في المواطنة المتساوية وقبول الآخر ثقافيا واجتماعيا دينيا سياسيا موقف ظل متمسكا حتي بعد سقوط نظام الإنقاذ الاسلاموي. ومنذ توقيع اتفاقية أبوجا عام ٢٠٠٦ اختار العيش خارج السودان متنقلا بين فرنسا وبعض البلدان الأوروبية الأخرى، مركزا في خطابه السياسي على ضرورة إعادة نظام الحكم بأسس جديدة تراعي التنوع الكائن بالسودان .الى مضابط الحوار
حاوره : مايكل ريال كرستوفر
* مفهومنا للقضية هي أزمة الحكم في السودان منذ ١٩٥٦م لغاية الآن.
* الصفوة السياسية في السلطة مارسوا نفس سياسة الإنجليز ( فرق تسد).
* العملية السلمية التي تجري في جوبا لن تحقق سلام بل سوف تعقد الوضع في السودان ، كونها قائمة علي المحاصصة وليس مخاطبة جذور الأزمة.
*ومشروعنا هو بناء السودان العلماني الديمقراطي الليبرالي الفيدرالي ،
*نحن بشرنا بطرح مبادرة للسلام الشامل بالسودان وهي حوار سوداني سوداني داخل السودان ، تشارك فيه كل مكونات الثورة والشعب السوداني .
*الحركة الشعبية والرفيق الحلو هم يعرفون ماذا يفعلون ، وأؤمن تماماً بأنهم يرفضون السلام القائم علي محاصصات بل طرحوا قضايا مصيرية مهمة.
* بداية نرحب بك ضيفاً على قراء صحيفة الوطن؟
?أشكرك جداً الأستاذ مايكل ريال كريستوفر علي هذا الحوار ، وعبرك لكل قراء صحيفة الوطن وشعبنا العظيم بجمهورية جنوب السودان.
* ماهي أهم قضايا إنسان دارفور وما هي آفاق الحلول المطلوبة ؟
? تسمية قضية إنسان دارفور خطأ ، لأن القضية ليست قضية دارفور ولا جبال النوبة أو النيل الأزرق وغيره ، مفهومنا للقضية هي أزمة الحكم في السودان منذ 1956 لغاية الآن ، إن الصفوة السياسية في السلطة مارسوا نفس سياسة الإنجليز ( فرق تسد). فالإنجليز إختاروا نخبة صفوية من السودانيين ووفروا لهم كل الإمكانيات من تعليم وإقتصاد وغيره ، وعندما خرجوا سلموهم السودان بكافة مؤسساته السياسية والإقتصادية والعسكرية والدينية وخلافها ، مما خلق أزمة الحكم بالسودان ، المشكلة ليست مشكلة دارفور إنما مشكلو السودان في دارفور
* صف لنا الأوضاع الإنسانية والأمنية للنازحين بالمعسكرات؟
?هؤلاء النازحين كانوا مواطنين يمارسون حياتهم العادية في قراهم وحواكيرهم منذ عهد الفراعنة وما قبله ، وورثوا هذه الأراضي من أجداد أجدادهم ، وكانت عندهم دولة (سلطنة دارفور) إستطاعوا إقامة نظام حكم فيدرالي وحل أزمة المواطنة بطريقة لم تتوفر حتي لدي الإنجليز لحل مشكلتهم في الحواكير مع الأيرلنديين والأسكتلنديين وغيرهم من شعوب بريطانيا العظمي. تمردنا علي سلطة الصفوة في الخرطوم ذكّرهم حقبة ما قبل الإنجليز وخافوا من إقتلاع سلطتهم، وعمدوا إلي هتك النسيج الإجتماعي كأضعف حلقة في دارفور ، وفق سياسة فرق تسد وتسليح القبائل علي أساس عنصري ، وقسموا مجتمع دارفور إلي عرب وزرقة إمعاناً في الفرقة والفتنة. وفي وجهة نظر الصفوة بأننا ننتمي إلي حواضن إفريقية فقاموا بتحريض وتسليح بعض أهلنا الرحل من القبائل العربية لقتل أهلهم وشركاؤهم من القبائل الإفريقية الذين عاشوا سوياً لمئات السنوات قبل أن تكون هنالك دولة إسمها السودان ، فإرتكبوا مجازر إبادة وتطهير عرقي وجرائم حرب وتشريد ، وأصبح أكثر 90% من شعبنا وحواضننا الإجتماعية مشردون في معسكرات النزوح واللجوء ، وسلبت منهم أراضيهم وحواكيرهم بالقوة ونهبت ممتلكاتهم وأحرقت مزارعهم وبيوتهم ، والحكومة منعت الإغاثة عن هؤلاء الضحايا وطردت المنظمات الأجنبية حتي لا تقدم لهم الخدمات إمعاناً في قتلهم بالجوع والمرض ، وللأسف حتي الحكومة الحالية مستمرة في حصار النازحين ولم تسمح بدخول المنظمات الدولية لدارفور رغم تصريحاتهم الكثيرة خاوية المضمون والمحتوي. فالنازحون الآن يعيشون أوضاعاً إنسانية وأمنية غاية في السوء ، ويتعرضون يومياً لإنتهاكات المليشيات الحكومية دون أن تحرك حكومة الخرطوم ساكناً.
* هل تعتقد بأن عملية السلام التي تجري حالياً بجوبا بواسطة( الفيديو) بين الفرقاء السياسيين السودانيين سيحدث فيها إختراق في ظل هذه الظروف الصحيةالمتعلقة بجائحة الكورونا ؟
? نتمني أن يرفع الله جائحة كورونا عن العالم ويتم التوصل لإكتشاف علاج سريع وفعال. العملية السلمية التي تجري في جوبا لن تحقق سلام بل سوف تعقد الوضع في السودان ، كونها قائمة علي المحاصصة وليس مخاطبة جذور الأزمة ، وهذا النهج من المفاوضات قد جربناه في أكثر من أربعين إتفاقية ولم يحقق سلام أو إستقرار بالسودان ، وتجريب المجرب في ظل توفر نفس الظروف لن يحقق نتائج مختلفة. حكومة جنوب السودان والحركة الشعبية لتحرير السودان هم رفاقنا في نضالنا الطويل ، وتعلمنا منهم الكثير ، من الرفيق الراحل دكتور جون قرنق والرفيق الرئيس سلفاكير ميارديت وتعلمنا ورضعنا من ثدي نضال شعبنا في جنوب السودان وقادة جنوب السودان والحركة الشعبية/ الجيش الشعبي لتحرير السودان ، وتفتحت آفاقنا علي نضالاتهم الطويلة من أجل الحرية والكرامة منذ عام 1955. ما يجري في جوبا لن يجلب سلام للسودان ، فالأزمة لا تحل بالمحصصات والكوتات ، الحل يكمن في مخاطبة الجذور التأريخية للأزمة ولماذا هنالك حروب في السودان منذ 1955 ، والإجابة علي أسئلة هوية السودان وعلاقة الدين بالدولة وخلق مشروع وطني في دولة المواطنة المتساوية. عندما تم تأسيس الحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان في عام 1983 كنا أطفال صغار ، ومنذ ذلك التاريخ ظلت الحرب مستمرة الي توقيع اتفاق نيفاشا 2005 ونال جنوب إستقلاله وحريته ، وفي 2002 قمنا بثورة ضد النظام الحاكم واستمرت الحرب لأنه لا يوجد أفق لدي الصفوة لمخاطبة جذور الأزمة لضمان عدم إندلاع حرب ، وطالما أن نهج الحكومات الصفوية يتمثل في الحلول الجزئية ، بلا شك سوف تندلع حروب أخري حتي لو نحن وقعنا تسوية مع الحكومة لأن ظروف إندلاع الحرب ستكون متوفرة. أنا بناشد رفاقنا في جنوب السودان ليدركوا بأن كل إتفاقيات السلام الجزئية منذ 1956 لغاية الآن لم تحقق أي سلام بالسودان لأنها لم تخاطب جذور الأزمةة، فالسلام يأتي عبر حوار سوداني سوداني لمخاطبة جذور الأزمة التأريخية.
*البعض يري بأنه لا سلام في السودان دون وجود حركتيّ عبد الواحد محمد نور وعبد العزيز الحلو علي طاولة المفاوضات..كيف تري ذلك؟
? في تقديري أن هذه النظرة خاطئة لأنها قائمة علي أعطي ناس عبد الواحد كذا وناس الحلو كذا ، وهي عين المحاصصة والتقسيمات التي نرفضها بشدة. كما أن تسمية بحركتّي عبد الواحد والحلو هو ظل يرسخ له العقل الصفوي لتقزيم الحركات وربطها بالأشخاص والمناطق بدلاً عن ربطها بمشاريعها السياسية. إن اسم هاتين الحركتين هما حركة/ جيش تحرير السودان والحركة الشعبية لتحرير السودان- شمال. ونحن نريد تحرير السودان من هذه التقسيمات حركة عبد الواحد/ حركة عبد العزيز/ حركة جون قرنق. مشروع الحركة الشعبية هو تحقيق السودان الجديد ، ومشروعنا هو بناء السودان العلماني الديمقراطي الليبرالي الفيدرالي ، لوضع أسس جديدة لدولة حقيقية في دولة مواطنة متساوية.
*هل واجهتم ضغوط من بعض الدول من أجل المشاركة في المفاوضات مع الحكومة الإنتقالية؟
? ظللنا نتعرض للضغوط الدولية منذ مفاوضات أبوجا 2006 ، ولا يوجد تنظيم أو حكومة مورس عليها ضغوط أكثر منا ، وتحملنا كل هذه الضغوط ولم نستسلم للحلول التي لم تخاطب قضايا الوطن ، ونؤمن إيماناً عميقاً بأن لا أحد في العالم له دين علينا غير شعبنا العظيم. نحن من صنعنا ثورتنا وكفاحنا ولم يصنعنا أحد حتي يمارس علينا ضغطاً للنزول عند رغباته. رغم أن البشير سقط إلا الدولة العميقة لا تزال قائمة ومتحكمة في مؤسسات الدولة. لا يزال هنالك بصيص أمل في للتوصل إلي سلام شامل وعادل ومستدام ، وكما حاربنا بشجاعة سوف نبحث عن السلام بذات الشجاعة ولكن ليس السلام الذي يريده الصفوة.
*بالرغم من إنكم طرحتم فكرة التفاوض مع الحكومة بالداخل إلا إنكم مؤخرا طلبتم من شباب الثورة في السودان الخروج في مليونية 30 يونيو القادم ..ألا تفتكرون ذلك يمثل إزدواجية معايير ؟
? نحن لم نطرح فكرة تفاوض مع الحكومة بالداخل أو الخارج ، فالوقع قد تجاوز مسألة التفاوض بين حكومة ومعارضة ، نحن بشرنا بطرح مبادرة للسلام الشامل بالسودان وهي حوار سوداني سوداني داخل السودان ، تشارك فيه كل مكونات الثورة والشعب السوداني من أحزاب سياسية وحركات ثورية والشباب والنساء والمجتمع المدني والنازحين واللاجئين والإدارات الأهلية والزعماء الدينيين والرعاة والمزارعين والمؤسسات العسكرية وووالخ ما عدا النظام البائد وواجهاته ، بغرض مخاطبة جذور الأزمة التاريخية وإيجاد الحلول الناجعة لها ، والتوافق علي حكومة إنتقالية مدنية بالكامل من شخصيات مستقلة مشهود لها بمقاومة النظام البائد وليس محاصصة حزبية ، وأن تكون هذه الحكومة برئاسة د. عبد الله حمدوك ، والتوصل إلي ترتيبات أمنية نهائية بموجبها يتم تكوين جيش قومي واحد ذو عقيدة قتالية متوافق عليها . وأن نضع مشروع وبرامج إقتصادية وسياسية وأمنية وووإلخ لهذه الحكومة لتقوم بتنفيذها. أما الدعوة للخروج في مليونية 30 يونيو هو حق الشعوب في التعبير عن أهدافها ، فالثورة السودانية قد تمت سرقتها وحرفت عن مسارها ، ولابد من ممارسة ضغوط شعبية سلمية لإستراد الثورة وإستكمال أهدافها ، فإن عدم دعوة الشعب للخروج هو خيانة للثورة والشهداء والوطن. فالنضال السلمي والعمل الجماهيري هو أحد الوسائل المهمة في مشروعنا.
*الآن توجد مستجدات علي طاولة مفاوضات جوبا وذلك بعودة الحلو للتفاوض مع الحكومة الإنتقالية في السودان هل يصب ذلك في عملية الوصول إلي السلام؟
? الحركة الشعبية والرفيق الحلو هم يعرفون ماذا يفعلون ، وأؤمن تماماً بأنهم يرفضون السلام القائم علي محاصصات ، ولغاية اللحظة لم أسمع بأنهم طلبوا محاصصة بل طرحوا قضايا مصيرية مهمة مثل علاقة الدين بالدولة ( العلمانية) ونتفق معهم تماماً حول هذه القضايا ، فقط نختلف حول التفاوض مع الحكومة لأن التفاوض يكون بين طرفين ونحن نطرح حوار مع كل الأطراف السودانية وضع حد لحمل السلاح ، حتي لا نسمع أن أهلنا في الجزيرة أو الشمالية وغيرهما من المناطق السودانية قد حملوا السلاح ضد السلطة.