وجاء مناوي يُبشّر بالانفصال والحرب … بقلم: هاشم بانقا الريح

 


 

 

hbrayah@yahoo.com

 

وكأنّ كل المطلوب من مسئولينا الذين يتربعون على وظائف قيادية ويستلمون مقابلها مستحقات تُقدّر بملايين الجنيهات، كأنّ دورهم ينحصر في إطلاق التحذيرات، والاتهامات، والصيحات من تردي الوضع، وأن الأيام المقبلات ستشهد انفجاراً سياسياً، وكله بسبب المؤتمر الوطني. ونسى هؤلاء وأولئك أنهم شركاء في هذه التي تسمى "حكومة الوحدة الوطنية"، وأن ما ينسحب على أي شريك فيها، كبُر أم صغُر، ينسحب على بقية الشركاء، إذ أن الكعكة مقسمة بين الشركاء حتى وإن كانت قسمة ضيزى، كما يرى بعضهم.

السيد مني أركو مناوي، كبير مساعدي رئيس الجمهورية بموجب اتفاقية أبوجا، قال في تصريحات صحفية نُشرت مؤخراً إن انفصال الجنوب قد تم بالفعل، وكل ما تبقى هو انتظار الصيغة القانونية في عام 2011م. وفي نفس الوقت حذّر السيد كبير مساعدي رئيس الجمهورية من تدهور الأوضاع في دارفور، ووصفها بأنها "نار تحت الرماد."

وشكا كبير مساعدي رئيس الجمهورية من "التهميش"، وقال: (إن نصوص اتفاقية أبوجا تقول إن منصبي بصلاحيات نائب رئيس، ومن حقي أن أشارك في المجلس الرئاسي وأحضر كل الاجتماعات، ولكن لم يلتزموا بذلك). واتهم الحركة الشعبية بأن لها دور في هذا "التهميش" الذي يعاني منه ووجه اللوم لسلفاكير ميارديت، النائب الأول لرئيس الجمهورية، رئيس حكومة الجنوب، وقال إن سلفاكير لم يسأل أين مناوي في اجتماعات المجلس الرئاسي، مضيفاً أن المجلس أصبح بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية.

وحذّر السيد كبير مساعدي رئيس الجمهورية من المخاطر الكبيرة التي سيشهدها السودان عام 2010م، وحذر كذلك من تجاهل الأوضاع في دارفور، متهماً المؤتمر الوطني بأنه (غضّ الطرف عن مطالب أهل دارفور.) وقال إن كافة الاحتمالات واردة للاحتجاج على ما يحدث في دارفور بما فيها العودة إلى مربع الحرب. 

والآن وبعد أن ألقى السيد مني أركو مناوي، كبير مساعدي رئيس الجمهورية بتحذيراته وتهديداته وآوى إلى مسكنه، الذي توفره له "حكومة الوحدة الوطنية" من أموال دافعي الضرائب، ومنهم أهلنا في دارفور بالطبع، بعد أن فعل ذلك، من حق أي منا أن يسأل: ما الذي فعله مناوي لدارفور؟ منذ توقيع اتفاقية أبوجا التي منحت السيد مني أركو مناوى منصب بامتيازات وبروتوكولات، لم نسمع منه غير التحذير والتهديد بالعودة للحرب، والآن جاء ليبشر بانفصال الجنوب ويرسم سيناريو قاتم لمستقبل السودان بعد هذا الانفصال.

خرج السيد مناوي أكثر من مرة مغاضباً المؤتمر الوطني، الذي تربطه به شراكة وقسمة في السلطة والثروة، مهما كان رأيه في قطعة "الكعكة" التي مُنحت له. وخرج مناوي مع المتظاهرين ضد الحكومة في يوم الاثنين السابع من ديسمبر 2009م، وكأنّ حل قضية دارفور، التي وقّع من أجلها اتفاقية أبوجا، ستُحل من خلال التظاهر أمام مبنى المجلس الوطني.

القضية التي تستعصي على الفهم هي: كيف يلعب شخص ما دور الحكومة والمعارضة في آنٍ واحد؟ السيد مني أركو مناوي يتمتع بمنصب كبير في الحكومة، ويتعامل على هذا الأساس، ومن المفترض أنه أيضاً ضلع ، وإن كان "أعوجاً" في رسم سياسات الحكومة والتشريعات التي تصدرها والقوانين التي تسنه وتنفذها. وما دام السيد مناوي يردد أنه غير نادم على توقيع اتفاقية أبوجا فهذا يعني أنه راضٍ عن بنودها، وإلا لما ظل هذه السنوات في منصبه الرسمي ضمن منظومة "حكومة الوحدة الوطنية".

الملاحظ من هذه التصريحات وغيرها أن السيد مناوي جعل جلّ همه الشكوى من "تهميش" صلاحياته، بعد أن حزّ في نفسه أن يرى "التماسيح" الكبار يستأثرون باجتماعات المجلس الرئاسي، وغيره من المشاورات والتنسيق في الأمور السيادية، والسياسية، والاقتصادية، تاركين الفتات لصغار الشركاء. لكن وبالرغم من هذه الشكاوى المتكررة ما يزال السيد كبير مساعدي رئيس الجمهورية يًفضّل الأكل في "صينية" المؤتمر الوطني، على الرغم من أنه آثر مؤخراً الصلاة خلف المعارضة.

 

 

* مترجم وكاتب صحفي يعمل بالمملكة العربية السعودية 

 

آراء