مدرسة لطفي الاقتصادية: ما بين الواقع الممزق والخيال الخير الجميل
shawgio@hotmail.com
أخى الكريم شوقى ابراهيم عثمان
لقد اطلعت على مقالك القيم بموقغ سودنايل ولمحت فيه بلاشك مجهود بحثى واعدادى جيد ولكن وللمصلحه العامه هناك بعض الملاحظات المرجعيه التى يجب تنبيهك لها للمنفعه العامه ولاثراء الحوار الفكرى:
( من الملاحظات هو تضمينك معلومة (وفي الذهن أسطورة جامعة هارفارد التي أسسها ويمتلكها جي. بي. مورجان ولكن الحقيقه هى ان جامعة هارفارد ليست مملوكه ل جى بى مورغان البنك الاستثمارى الامريكى وانما هى تدار كمنظمه او هيئه طوعيه
Not for Profit Organization
الملاحظه الاخرى هى انك تميل الى التعميم الدى ينفد الى درجة الاخلال ومثالا على ما أقول انت دكرت (وعلى سبيل المثال لا الحصر، كل الاقتصاديين السودانيين يجهلون كيف توصل العبقري البريطاني جون ماينارد كينيز إلى "نظريته العامة" في الاقتصاد)!!
وهدا تعميم مخل لانك تفترض انك الوحيد الملم وفيه نوع من التهكم على كثير من خبراء ومتخصصين الاقتصاد الدين يحتلون ارقى المراتب ويدرسون فى كل الجامعات المرموقه وأكرر (كل) الجامعات ومراكز الفكر العالمى المرموقه) ولا أدرى على مادا استندت فى تعميمك هدا؟
تلك فقط امثله بسيطه للتعميم الدى يخل بجودة مقالك الثر اتمنى ان تراعيها مستقبلا ولك ودى.
أخوك
سيف الدين عبد العزيز ابراهيم
محلل اقتصادى بالولايات المتحده
الأخ الكريم سيف الدين
تحية طيبة وشكرا على هذا الأيميل الطيب وشكرا على جهدك في المراسلة وشكرا على تفاعلك مع مقالتي وشكرا على مدحك لي وندعو الله أن نكون عند حسن ظنك، وأعلق على نقاطك التي ذكرتها وهي موضع تقدير وإحترام.
1) جامعة هارفارد.
أسسها ج. بي.مورقان..هذه لا شك فيها وعائلة مورجان هي عائلة يهودية غنية، ويرتبطون بعائلة روتشيلد البريطانية منذ القرن ال 19..وهم من أشرت لهم بوصلة لندن في المقالة. ما عليك إلا الدخول على الأنترنيت والبحث متى وكيف تأسست هذه الجامعة. أما قولك أنها (جامعة هارفارد ليست مملوكه ل جى بى مورغان البنك الاستثمارى الامريكى وانما هى تدار كمنظمه او هيئه طوعيه Not for Profit Organization) هذا لا ينفي أن عائلة مورجان تملكها وأسستها ربما في نهاية القرن 19 أو بداية القرن العشرين، والتملك هنا يعني التملك بالمعنى القانوني من أرض، وفكرة المشروع الخ. وهنا نعني مورجان الجد والمؤسس الأول لهذه العائلة أما أبناؤه (أنظر الصورة) فيمتلكون تركته من بنوك وعقارات ونفوذ، بل لهم أسهم سيادية في جهاز الإحتياطي الفيدرالي. أما كونها غير ربحية، نعم..هذا شعار فوقي، تدثرت به خلال قرنين بالحيادية والموضوعية – وهذا حكم قيمة value judgment لأنو أي جامعة يجب أن تكسب السمعة "العلمية الطيبة" لكي تؤثر في المجتمع لذا الشعار منظمة أو هيئة طوعية غير ربحية وكأن تكون ظاهريا حيادية وموضوعية، ولا تمانع أن تتلقى هبات بهذا المعنى من الشركات وغيرها، ومعظم هذه الشركات المانحة هي يهودية.
وإذا فهمت أن الهدف من تأسيس هذه الجامعة هو صنع الأيديلوجية الاقتصادية الدولية منذ مطلع القرن العشرين وبلحاظ تأسيس جهاز الإحتياطي الفيدرالي في 23 ديسمبر 1913م بطبخة يهودية، أنتهت بأن يكون البنك المركزي الأمريكي بنك قطاع خاص – فلم لا يتدثر آل مورجان خلف لافتة تسمى هيئة طوعية غير ربحية؟؟ وهم هم كل بنوك نيويورك اليهودية تختبئي خلف لافتة تسمى جهاز الإحتياطي الفيدرالي والبنك الدولي بدءا من 1944م؟؟
أزيدك في هذا المضمار أن جامعة شيكاغو أيضا أسسها اليهودي جون د. روكفيللر..وطبقا لنعوم تشومسكي وهو هو بلا شك تعرفه ومن اليهود القلائل الذي تحترمه بل تحبه، بعظمة لسانه فضح جامعة شيكاغوا أنها زورت وطبعت كتاب آدم سميث ثروة الأمم 1776م وبشكل خاص المقاطع التي تتعلق بالليبرالية الإقتصادية، وأنزلت الكتاب كما لو أنه الأصل!! لماذا التزوير؟!! هو في صالح الإيديولوجية الإقتصادية التي صنعها اليهود. وهل تستطيع أن تصنع أيديولوجية بدون جامعات؟! يجب أن تفهم أن أية أيديولوجية هي بالضرورة مكبلة للعقل الإنساني لأنها تسقط في المحدودية – إلا إذا رغب الإنسان في سعيه أن يتأله، والأيديولوجية لا يمكن أن تصبح ظاهرة شمولية، فيها الكثير من المنحول عن عمد أو بالخطأ. كذلك الإسلام هو شمولي في كل جوانبه بمعنى الكلمة، ولكن مع الأسف حولته السياسة أو المتأسلمين على مدار 13 قرنا إلى أيديولوجية توظيفية غايتها السيطرة على المال العام من قبل عائلة dynasty أو مجموعة حركية من المنتفعين مثل الحركات الإسلامية اليوم.
أنا أشكرك أن أرسلت لي هذا الأيميل، ولعله يكون فاتحة حوار إقتصادي للإقتصاديين وغير الإقتصاديين على صفحات سودان نايل. وفي ختام هذه النقطة..اليوم دول الخليج تحت ستار مبطن وبخفية يرغبون بشدة في إعادة قراءة وكتابة التاريخ الإسلامي، فأندفعوا هذه الأيام للسيطرة على المطابع في العالم العربي عبر تأسيس ما يسمى بإتحاد الطابعين العرب (في طور التأسيس)، بعد أن سيطروا قبل عقدين أو أربعة على الفضاء العربي الإعلامي مثل الصحف والفضائيات الخ، وسيطبعون التراث الإسلامي بعد تنتيفه على مزاجهم، وهي عينها الأيديلوجية، فهم هم في نجد أو شيكاغو أبناء عمومة!!
أما النقطة الثانية لك فتقول:
(الملاحظه الاخرى هى انك تميل الى التعميم الذى ينفد الى درجة الاخلال ومثالا على ما أقول انت ذكرت (وعلى سبيل المثال لا الحصر، كل الاقتصاديين السودانيين يجهلون كيف توصل العبقري البريطاني جون ماينارد كينيز إلى "نظريته العامة" في الاقتصاد)!! وهدا تعميم مخل لانك تفترض انك الوحيد الملم وفيه نوع من التهكم على كثير من خبراء ومتخصصين الاقتصاد الذين يحتلون ارقى المراتب ويدرسون فى كل الجامعات المرموقه وأكرر (كل) الجامعات ومراكز الفكر العالمى المرموقة ولا أدرى على ماذا استندت فى تعميمك هذا؟)أ.هـ.
أطمئنك أنني لا أميل إلى التعميم عموما ولكن هو مقتضى المقالة الصحفية الذي يجبرك على أن تختصر المقولات. أما بشكل خاص كون الإقتصاديين السودانيين يجهلون كيف توصل العبقري البريطاني جون ماينارد كينيز إلى نظريته العامة في الإقتصاد هو قولي وليس فيه مبالغة، وأكرره مجددا نعم لا يعرفون. وهو ليس من التهكم، بل أزيدك أن معظم الإقتصاديين في العالم كله ربما لا يعرفون، ولا أرغب أن أضع نسبة مئوية ولكن قل ربما بنسبة 90% منهم لا يعرفون. وشكرا على سؤالك المهذب: على ماذا أستندت على تعميمك هذا؟
للإجابة على ماذا أستندت أعطيك هذه النقاط:
1) في علم الإقتصاد هنا في السودان أو في أمريكا، أو أفريقيا الخ، يدرسونك النظرية الإقتصادية عبر الاقتصاد الصغير والكبير على التوالي micro- & macroeconomics، ولكن هنالك منطقتين معتم عليهما: (a ما يسمى بال inter-macroeconomics وهو مصطلح من تعبيري، عادة يشار له بأسلوب فضفاض كالإقتصاد الدولي أو العالمي ولا يوضع كمادة علمية للفحص كمادة للدراسة في العالم الثالث، بل يخضع بكامله للمساومات في المؤتمرات الدولية ولكن بخفية وأحيانا بصمت قاتل، بينما تروج له مؤسسات الأمم المتحدة بكفيتها. – وهذا ما يؤشر إلى إعراض الأيديولوجية. أما النقطة الثانية فهي: (b إن علم النقود في كتب دراسة الإقتصاد يحتاج إلى مراجعة، وهي مادة معتم عليها غربيا وغامضة لدى الخاصة من الاقتصاديين، ومحيرة لدى العامة.
2) لا يكفي أن تفهم ظاهرة النقود أكاديميا من حيث هي (النقود) كظاهرة، مثل وظائفها الخ، ولكن في هذا العالم الوضعي يجب أن تدرس هذه الوظائف في موقعها، بتعبير آخر يجب أن تدرس تاريخ صناعة النقود في أوروبا كما هو، وكيف تطورت المفهومات من حقبة لآخرى، من النظام الإقطاعي النقدي وإلى النظام النقدي االعالمي الحالي. وهذا ما فعلته بالضبط، بحثت في تاريخ النقود وركزت على عملة الدولار.
3) في عالم البحث والدرس والدروس، وطبعا في عالم الإضافات حتى الإكتشاف، يقال: لا تأتي الصدفة إلا لمن يستحقها!! أثناء بحثي أصدمت بفترة 1929-1932م وهو الإنهيار العظيم في أسواق المال، خاصة في الولايات المتحدة الأمريكية!! وهذا الإنهيار سببه التجازب ما بين لندن وواشنطون حول الذهب. فمنذ 1913م سرقت لندن جل ذهب الولايات المتحدة بخفية عبر عملائها الدوليين، ببساطة باعوا لها ذهب الولايات المتحدة الأمريكية!! بل أول شيء فعله هؤلاء العملاء أن أقرضوا بريطانيا (المفلسة وقتها) وحلفائها قرضا حربيا مقداره 25 بليون دولارا ذهبيا لكي تدخل الحرب ضد ألمانيا وحلفاءها – ولم يكن عمر جهاز الإحتياطي الفيدرالي سوى بضعة أشهر!!
4) في عام 1932م وحتى 1935م أقام الكونجرس الأمريكي الدنيا ولم يقعدها، ليس لمعرفة فقط كيف حصل هذا الإنهيار المالي، بل أيضا وإلى هذا التاريخ 1932-1935م لم يك أعضاء الكونجرس بشقيه يفهمون كيف يعمل جهاز الاحتياطي الفيدرالي – فكونوا لجنة لهذه الغرض وكان زبونها الدائم الاقتصادي مارينر إكليس Eccles Marriner مستشار وزير الخزانة الأمريكية وقتها، وهو شخصية محترمة ونزيهة. وعادة تسجل هذه الجلسات في محاضر كلمة كلمة.
5) جون ماينارد كينيز كان زبونا دائما في مبنى ومكتبة الكونجرس، وكان يقرأ هذه المحاضر التي يدلو فيها مارينر إكليس Eccles Marriner بدلوه بكاملها وبتفاصيلها!! بل حتى أن هذه اللجنة دعته لجلسة لكي يدلي برأيه أثناء وقوع الإنهيار العظيم 1929-1932م. وهكذا خرج كينيز بنظريته والفضل يرجع إلى مارينر إكليس Eccles Marriner ولم يفعل كينيز سوى أنه أخذ كل أقواله ووضعها في نظريته العامة. هذه النقطة مدسوسة لا تجدها في الكتب، لم؟؟ من عدة زوايا، فكينيز نفسه كان ذكيا وموهوبا – بل أنا أحترمه حقا لتاريخه الشخصي، ولكنها نقطة ذاتية فيه مثل أي عبقري لا يعترف بالفضل لغيره. وثانيا، أن تفاصيل وأصحاب المؤامرة في واشنطون في عام 1932-1935م يفضلون دفن أقوال وشخص مارينر إكليس Eccles Marriner للأبد. ولكن ماذا قال مارينر إكليس Eccles Marriner في محاضره؟؟ هو موضوع لك ويا أخ سيف أبحث عنه في مكتبة الكونجرس!! ولكن بالتأكيد أنه قال أن جهاز الإحتياطي الفيدرالي لا يملكه لا الحكومة الأمريكية ولا الشعب الأمريكي..وبالتأكيد شرح لهم الكثير!! وبالرغم من ذلك لم يفهم رجال السينات كيف يعمل جهاز الاحتياطي الفيدرالي لصعوبة الرطانة الاقتصادية، فلخصها لهم أحد الصحفيين الإقتصاديين الأشقياء هكذا: اليهود تملكوا ماكينة نقود يضعون في جانبها ورقة بيضاء فتخرج من الجانب الآخر خضراء وهي الدولار!!
6) أهم شق في نظرية كينيز general theory of economics هو تدخل الدولة في الدورة الاقتصادية لصالح قوى الإقتصاد بشكل متوازن والسيطرة على التضخم والعطالة الخ!! بينما يهود الولايات المتحدة كانوا يرفعون شعار: السوق الحر وعدم تدخل الدولة!! لماذا؟ لأنهم يملكون جهاز الآحتياطي الفيدرالي!! فأفهم.
فكرة مدرسة لطفي الإقتصدادية هي فكرة جديرة بالتاسيس LSE، تكريما لهذه الشخصية وعائلته، ونقطة حيوية وطنية يتجمع حولها الإقتصاديون السودانيون أمثالك، ولعلمك أنني لم أذكر أيضا أن معظم الاقتصاديين يتم رشوتهم بشكل أو آخر، وعليك قراءة مقالتي هل الولايات المتحدة الأمريكية على وشك الإنهيار وكتبتها عام 2005م، وهذه مقالة قديمة أعتز بها، والرشوة تتم في الولايات المتحدة الأمريكية عبر ملأ جيوب مراكز البحوث و think tanks الخ، أما في العالم الثالث فشراؤهم يتم بملاليم، أما الاقتصاديون السودانيون، فطموحهم أن يعملوا في دول الخليج وحسب – وأنت تعرف الباقي!!
كذلك لم أشرح ما يتم عادة في الجامعات (في كل العالم وليس السودان فقط) إذا فحصنا العلاقة ما بين الأستاذ والطالب سنجدها طريقا ذا أتجاه واحد، وإذا كان الطالب أكثر موهبة وأكثر قدرة نقدية من أستاذه وربما يكون على أعتاب إكتشاف جديد، لا شك سيقمعه أو يقحمه الأستاذ – فقط من نقطة غرور، وأن هذا الأستاذ صاحب الماجستير أو الدكتوراه لن يسمح لطالب صغير أن يسفه مقرر جامعي..!!
لقد أجهدت نفسي لكي أجيب، ولكن ستجد كل ذلك في كتابي الذي أسعى لنشره وبتفاصيل أكبر – هذا إذا وافق الأستاذ طارق الجزولي سيكون أول ظهور له.
فهل أبطلت ما قصدته أنت بأنني أعمم؟ أرجو أن أكون توفقت ولك كل المودة والمحبة
شوقي إبراهيم عثمان
كاتب ومحلل سياسي
shawgio@hotmail.com