سندق الصخر .. أنشودة لحبوبه حليمه
د. أحمد خير
22 May, 2011
22 May, 2011
بعدما أرٍسلت للنشر مقالى بعنوان " عندما يذبح التعليم عبر الأثير " الذى تطرقت فى جزء منه إلى بعض برامج قناة الشروق ، عدت فى ذلك المساء لمشاهدة القناة وحزنت كثيرا ان لم أتطرق فى مقالى ذاك إلى إحدى زهرات الفضائية وهى الإعلامية الرقيقة الأستاذه/ رانيا هارون وبرنامجها " مع كل الود والتقدير " . فمع كل الود والتقدير إسمحى لى أستاذه رانيا أن أشيد بحلقة هذا المساء الخميس 19 مايو 2011 ، التى قدمت فيها " حبوبه حليمه " فى حلقتك التى إخترت لها أنت عنوانا أصاب كبد الموضوع وهو : سندق الصخر . تلك الكلمات التى خطها شاعرنا الكبير الصديق السفير/ محمد المكى إبراهيم وتغنى بها فنان الشعب الأستاذ/ محمد وردى ابان ثورة أكتوبر 1964 التى أطاحت بالحكم العسكرى الذى برغم جبروته لايقارن بما يحدث اليوم فى سوداننا . نعم أستاذه / رانيا حبوبه حليمة كما أطلقت عليها أنت هى ثورة فى أنثى إتخذت من كسر الحجارة سبيلا للعيش برغم كبر سنها ! نعم حبوبه حليمة التى أمسكت أنت بيدها مشيرة إلى الجراح التى أصابت راحتها بفعل ماتقوم به من عمل شاق وهى تكوم تلال الأحجار التى تبيعها لتقتات من ثمنها.
أعترف بأننى لم أتمالك نفسى من البكاء عندما وصفت عمل حبوبة حليمة قائلة : سنوات طويلة قضتها فى هذا العمل الشاق المؤبد ، ألا يكفيها ماواجهته ؟! نعم أستاذه/ رانيا سنوات عملها الشاق تكفى والآن تستحق البراءة ونيشان جدارة حيث أنها كما سردت بعد أن تزوجت ورحلت مع زوجها بعيدا عن أهلها وأنجبت من الأبناء ثمانية بالإضافة إلى طفلتين تركتهما لها إبنتها التى رحلت عن دنيانا وأخذت حبوبة حليمة على عاتقها إعالة نفسها وذاك الكم من الأطفال . لم تذهب حبوبه حليمه لتطرق أبواب المسئولين طلبا للعون وما مدت يدها لغير الله . هى الإنسان الذى آمن بالله وبالعمل الشريف مهما كانت المشقة . عملت على تكسير الحجارة وشكرا لكاميرا الشروق التى وثقت تلال الحجارة التى قامت حبوبه حليمة بتكسيرها ، وإن لم تعترف هى بذلك لحسب المشاهد أن هناك آلة أستخدمت لتكسير تلك الحجارة ! ولكن الحقيقة أن حبوبه حليمة فعلت ذلك بيدين عاريتين ومن الغريب أنها وبرغم ذلك العمل الشاق كانت تبتسم وهى تحكى لك قصتها وماتقوم به من عمل . حبوبه حليمه عبرت بحق أن الإنسان هو الذى يوجد مناخ السعادة أو الكدر إلى عالمه ! وأن حبوبه حليمة إختارت وبرغم مصاعب الحياة أن تقهر الواقع وتعبر فوق المستحيل ! عندما شاهدتها تقوم بتكسير تلك الحجارة والإبتسامة لم تفارق ثغرها شعرت عندها أن الشاعر محمد المكى إبراهيم " ود المكى " كان يرى فى الأفق صورة حليمه وماتقوم به عندما خط : سندق الصخر ... حتى يخرج الصخر لنا زرعا وخضرة ! فاليوم ياود المكى ياشاعر أكتوبر الأخضر، حبوبه حليمه تقول : سندق الصخر ... حتى يخرج الصخر لنا كسرة وخدرة ! لتعيش هى وصغارها فى هذا الزمن الصعب الذى لايرحم . لن أنادى من هنا على وزارة الرعاية الإجتماعية والضمان الإجتماعى لنجدة حبوبة حليمة وأمثالها من الذين حكم عليهن الزمن بالأشغال الشاقة المؤبدة وبدون أحكام قضائية . وذلك لأسباب ربما منها أن الوزارة تعمل فى نطاق المدن لتظهر للمسئولين مناشطها ، أما من هم فى الأصقاع الذين يعملون فى حر الصيف وزمهرير الشتاء من أمثال حبوبه حليمه فهؤلاء لهم الله ، وهو بكرمه يسخر لهم رانيا واخواتها فهن كفيلات لتلمس وإظهار حاجات المحتاجين وعلى أيديهن سيطلق سراح من حكم عليهن الزمن بالأشغال الشاقة .فمع كل الود والتقدير أتقدم للإعلامية القديرة رانيا هارون بخالص الشكر على ذلك العمل الوثائقى الممتاز والشكر لقناة الشروق على ماتقدمه من هبات لعون المحتاجين . جزاكم الله خيرا . ونتساءل: أين حق المواطن ياحكومة تدعى الشريعة منهجا للحكم ؟ وكيف ينام الحاكم وحليمة تتقلب من أوجاع ساعات عمل شاق متواصل تقضيها فى تكسير الحجارة لكسب قوتها وقوت أطفالها برغم كبر سنها ؟ وألا تستحق حليمة جائزة الأم المثالية ؟ والإعلامية رانيا هارون جائزة العمل الوثائقى ؟ مجرد سؤال !
Ahmed Kheir [aikheir@yahoo.com]