بسم الله الرحمن الرحيم
يقول سبحانه وتعالي في مُحكم تنزيله(ولقد كرمنا بني آدم)صدق الله العظيم، وهذا التكريم مطلق لايرتبط بالغني والفقر واللون والعرق والجنس والزمان والمكان،وعندما خلق سبحانه وتعالي بني آدم خلق الدين والعقل والأخلاق ، فإختار بني آدم العقل فأبي الدين والأخلاق إلا أن تتبعه .
إن ظُلم ذوي القُربي لأشد مُضاضة من الحُسام المهند، ولهذا فإن ما ألم بالخدمات الصحية تعليما ووقاية وعلاجا وما ألم بالمواطن قبل مُقدم الخدمة لأمر جلل يستوجب أن يجلس الجميع من أجل تدارسه والوقوف علي أمره وصولا إلي ما يُصلح أمرها علها تعود إلي ماضيها التليد وتلحق بركب التقدم ، فأجيال اليوم عندما نحكي لها لايستغربون فقط ويتعجبون! بل يفغرون أفواههم من ما يسمعون ويعتقدون أنهم يحلمون؟
قالت فاطمة زوجة عمر بن عبد العزيز ( دخلت يوماً عليه وهو جالس في مُصلاه واضع خده علي يده ودموعه تسيل علي خديه ، فقلت: مالك؟ فقال: ويحك يا فاطمة،فقد وُليّتُ من هذه الأمة ما وُليّتُ، فتفكرت في الفقير الجائع، والمريض الضائع،والعاري المجهود ، واليتيم المكسور ،والأرملة الوحيدة، والمظلوم المقهور، والغريب والأسير، والشيخ الكبير، وذي العيال الكثير والمال القليل، وأشباههم في أقطار الأرض وأطراف البلاد، فعلمت أن ربي عزّ وجلّ سيسألني عنهم يوم القيامة، وإن خصمي دونهم محمد صلي الله عليه وسلم ، فخشيت أن لايثبت لي حجة عند خصومته فرحمت نفسي فبكيت ) إنه عمر بن عبد العزيز الخليفة العادل يُحاسِب نفسه قبل أن يُحاسب . قبول الشخص المسئول عند الجمهور لا يرتبط بمظهر أو علم أو ثقافة أو بسطة في الرزق والمادة واللسان ، بل هي هبة ربانية خالصة يُعطيها من يشاء من خلقه لحكمة يعلمها هو، وقبل أن يتم تعيين بروف حميدة وزيرا لصحة الخرطوم كُتِب عنه السالب الكثير ولم تخلو صحيفة إلي يومنا هذا عن الحديث عنه وعن سوء إدارته وقراراته وإستعلائه حتي علي زملائه الأطباء .
كتبنا عنه مُعبّرين عن عدم رضائنا عن سياساته وقراراته وتخبطه وإستغلاله لكرسي الوزارة من أجل التمكين لمملكته.
إن الطبيب الحاذق لمهنته لا يمكن أن يصف الدواء قبل الوصول إلي التشخيص الصحيح ، وهذا التشخيص يحتاج لمعينات من فحوصات ربما دقيقة وصولا للعلاج الناجع، ومع ذلك لابد أن تشرح للمريض ومرافقيه نوعية المرض وكيفية أخذ الدواء ولكن بروف مامون أشرع مبضعه تجريحا دون أخذ إقرار المريض ولم يُدرك أن ذلك الفعل يقود إلي مُضاعفات قد تؤدي إلي وفاة المريض، فأصطدم بزملائه في رسالة الإنسانية لعدم مشورتهم بل الإستعلاء عليهم ونفر منه الكثير فكانت المذكرات والوقفات الإحتجاجية والإصطدام الذي قطعا إن لم يتداركه السيد والي الخرطوم فورا سيقود إلي كارثة في الخدمات الصحية ونحن الآن علي شفا جرفها .
ألم يكن ممكنا أن يشرح السيد الوالي ووزيره الخارطة الصحية لولاية الخرطوم ؟ لماذا إستنكر عليهم كتابة المذكرات وحتي لم يُقابلهم لإقناعهم؟ لايوجد خط أحمر حتي للوالي في ما يهم الوطن والمواطن؟ الأطباء والكوادر الطبية والمواطنون كلهم مهمومون بترقية الخدمات الطبية وأن تكون عدالة التوزيع هي سمة الحكومة.
إن تأهيل الأطراف ليس قرارات فوقية، وليس إفتتاحات سياسية، بل هو قول يتبعه فعل ثم متابعة، بل ما يضير بروف مامون وحتي السيد الوالي أن تظل المستشفيات في المركز تعمل بكامل طاقتها وفي نفس الوقت يتم تأهيل الأطراف بما تحتاجه من مباني وكوادر ومعدات ونظام تحويل وتوفير المعينات اللازمة من فحوصات ومعامل متكاملة وأدوية في متناول اليد وأن لا يتم التحويل إلا وفق نظام متعارف عليه علميا وليس سياسيا للمستشفيات المرجعية والمراكز القومية.
لقد فشل بروف مامون في إقناع زملائه بخارطته الصحية التي لم ينشرها علي الملأ،إنها غير مقدسة ، بل وجدت الإعتراض بكل السبل، وحتي كان هنالك إعتراض عليه هو شخصيا من د.مُعز حسن بخيت ورسالته للسيد الوالي بأن نار جهنم ستُفتح ، والآن السهام من كل مكان، والتنفير هو جزء من سياسة بروف مامون والهجرة بالآلاف دليل ،وتقاطع المصالح وإستثماراته ووظائفه الكثيرة فصاحب بالين كضاب وركيب سرجين وقاع ومساك دربين ضهاب.
الأخ دكتور الخضر إنها أمانة ويوم القيامة خزي وندامة وأنت مسئول أمام ألله عن صحة وعافية ولاية بحجم دولة ومُجاراتك ودفاعك عن بروف مامون نهاياته المأساوية قد بانت وظهرت والرجوع إلي الحق فضيلة، والأطباء ليسوا ضد الدولة الوطن، ولكنهم ضد ما تفرضونه من آراء تفقد الحكمة والمرونة والشفافية، إنها إستعلاء وإستخفاف وإستغلال ، وعليكم أن تُفرقوا بين الحكومة والدولة، فالدولة والوطن باقي ما بقيت الحياة ، ولكن الحكومات تأتي وتذهب ربما غير مأسوف عليها ودوام الحال من المحال، وتبقي الأعمال والإنجازات الخالدة في ذهن الشعب، وما قام ويقوم به مامون أنت مسئول ومحاسب عنه أمام الوطن والشعب والله.
الأخ الخضر والي الخرطوم وأنت في منصبك هذا إنما لخدمة الوطن فأنت جزء منه تأتمر بأمره وتؤدي الأمانة والتكليف من أجل مصالحه وصونها والحفاظ عليها ويحق للمواطن أن يعزلك ويحاسبك لأنه أتي بك لتخدمه وتعطيه كل الوقت وليس الفضل منه ، وليس هنالك قداسة أو خط أحمر للمسئول وأمانة التكليف طالما هو يخدم الوطن والشعب ، بل من رأي منكم منكرا فليغيره بيده، والإمام العادل عمر وقولته المشهورة: لوعثرت بغلة بالعراق لكان عمرا مسئولا عنها، واليوم نحن في مقام المناصحة لن نقول لو رأينا فيك إعوجاجا لقومناك بسيفنا ، ولكن رسالة القلم الذي أقسم به رب العزة هي دالتنا وعليك أن تُعطي كل الوقت للأطباء وتسمع لهم وتحاورهم ، أليس هدفكم هو المواطن والخدمات الصحية؟ إن كان الأمر كذلك فإن الجلوس معهم هو فرض عين ، إما أن تقتنع بوجهة نظرهم أو تقنعهم بخارطتكم الصحية في كتاب مفتوح لكل الشعب ما لم تكن هنالك أجندات خفية وراء خارطتكم الصحية، ألا هل بلغت أللهم فأشهد.
يديكم دوام الصحة وتمام العافية والشكر علي العافية
sayed gannat [sayedgannat7@hotmail.com]