الأديب عمر جعفر السوري – رحمة الله عليك – وعزاء للشاعر السفير جمال محمد إبراهيم .. بقلم د. عبدالمنعم عبدالمحمود العربي/المملكة المتحدة

 


 

 

من القلب وإلى القلب خواطر عفوية كانت…. وإن كانت ولدت من سويداء قلبين تحابا وتعارفا "من على البعد" فحقيقة قد نمت وترعرعت حتى إكتملت علاقة من نمط أدب الرسائل الراقي مستوى وبلاغة. وكعصافير الجنة في نشوتها الصباحية كانت تخرج لنا تلك الخواطر البريئة من أعشاشها الخضراء تجمل عالمنا وكنا نحن القراء المعجبين بها "المجهولين الهوية والزمان والمكان" حقيقة الذين يرتون من نبعها الصافي من العكر، تبتهج لها نفوسنا وتنظفها كثوب الدبلان الأبيض من دنس عبوس هذه الدنيا الجائرة الماكرة. شخصياً كنت من المهتمين ومتابعا لتلك الخواطر وبديع الرسائل الحميمية وراقية. كانت تمثل لي حديقة غناء ذات البهجة والجمال التي تفرض علي المرء دخولها وتدعوه للإستمتاع بما تحويه من مروج وينابيع وورود وطيور جميلة غريدة . والحدائق ما هي إلا تلك الأماكن العامة الوحيدة التي تستقبل زوراها بكل أريحية فقط لتسعدهم ، لا تفرق بين ألوانهم أو أجناسهم أو أعمارهم أو معتقداتهم أو ألقابهم.
جدا تأثرت وأنا أطالع كلمة رثائك الحزينة يا السفير جمال في ذكر من كنت تحب والعجيب أنكما لم تلتقيا في هذه الحياة الدنيا طيلة تلك العلاقة الأدبية والثقافية والاجتماعية الراقية وتبادل رسائلكما يوهم القارئ أنكما قد ولدتما وترعرعتما في حي واحد من إحدى مدن السودان. هذا من فضلكما ورقيكما وعليكما وبمستوى هذا النوع من الإخاء والمودة ينطبق القول "الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها إئتلف وما تناكر منها إختلف"

كانت لي رغبة أن أبعث رسالة شكر وتقدير للراحل السيد عمر جعفر السوري خاصة بعد مقال لي نشر على سودانايل عن الراحل أبوآمنة حامد وذكر حبه لمدينة بربر، فقد أردف الراحل مقالا عن أبوآمنة حامد ثم مطولا ركز علي تفاصيل تاريخية جدا مهمة عن الشاعر إبراهيم ودالفراش . لقد تفضل بتفصيل عن دقائق سيرته الذاتية وعلاقته بالإرتريين عندما كانت مهامه البريدية تمتد لتشمل منطقة تسني وحتى مصوع. كنت أريد أن أسأله من أين له كل تلك المعلومات التاريخية الدقيقة التي نجهلها نحن أبناء المنطقة بمدينة بربر وأحفاد ود الفراش كلهم أصدقائي وزملائي في المدارس ؟. اليوم لقد عرفت الجواب.

نعم الرجل الأديب الأريب لقد كان الفقيد ونعم الإخلاص والوفاء ونوع هذا الإخاء والحب الذي ولد ونشأ بينكما يا السيد جمال، عفواً ولد وعاش عمرا و قلبا ينبض ويتدفق خواطراً سمحة عطرت حتى سماء دنيانا نحن. من لي بإنسان مثلكما عفو الخاطر على الحب والتآخي الحق راقيا يجمع السودانيين وصادقاً أمة واحدة في وطن واحد قوي متماسك "يوحد لا يفرق، يبني ويعمر لا يدمر أو يشرد"

رحمة الله ومغفرته تشملك يا عمر جعفر السوري وجنة فردوس عرضها السموات والأرض أسأل الله أن يكرمك بها، ولك العزاء الحار السفير السيد جمال محمد إبراهيم والله يبارك فيك وفي عمرك فقد أحسنت. التعازي لأسرة الفقيد.
من القلب وإلى القلب خواطر عفوية كانت…. إلى السماء رحلت …. وكلنا راحلون

عبدالمنعم
aa76@me.com

 

آراء