الاستقلال والاستغلال

 


 

 


ركـائز

ahmadkaruri@ymail.com

بعد 56 عام مرت من الاستقلال ما زالت أسئلة تطرح نفسها بإلحاح ، إلى أين نسير ؟ أو إلى أين تسير بنا حكوماتنا ؟ الطبيعي أن تتقدم البلاد نحو التنمية بأنوعها في التعليم والصحة وماإلى ذلك ، ولست أعني بالتنمية توفرها عبر القطاعات الخاصة أو الشبيهة مع عدم قدرة المواطن البسيط من التمتع بها ، إذاً فلمن تكون النهضة .
في زيارة في الستينات حضر الشيخ زايد للسودان وكان من ضمن فعاليات الزيارة حضور سباق الهجن بمدينة الأبيض - حينها قال ليت وظبي تصبح يوما كمدينة الأبيض - ونحن نسأل الله عكس ذلك
بعد 56 عام من الاستقلال كل حكومة أنجزت انجازا ما أو عدة انجازات ولكن فشلت كلها في تحقيق الوحدة الوطنية ، بعد 56 عام من الاستقلال أرى أن السودان يسير للوراء فلن تقوم نهضة ولن تبنى تنمية ما لم يتحقق هذا الشرط – شرط الوحدة الوطنية – .
في كل البلاد التي تحكمها استراتيجيتها تكون الحكومة والمعارضة شقان داخل الحكم ، لكن هنا الحكومة تسعى جاهدة لرد كيد المعارضة - والمعارضة تسعى جاهدة لتفشيل سعى الحومة ، وقد يصل بها الحال لدرجة لاتصدق حيث يمكن للمعارضة أن تفعل فعلاً لا ينساه التاريخ ، ولا يغفره إنسان ، كأن يصل الأمر بالمعارضة حد تدمير البنيات الأساسية للبلد ويصل الحد بالحكومة الاستهزاء والسخرية من المعارضة - ولا حكيم في كلا الجانبين ، لا حكيم ، وللأسف حكومة اليوم قد تكون معارضة الأمس ومعارضة اليوم هي حكومة الأمس ، فمتى يبلغ البنيان يومه تمامه إذا كنت تبني وغيرك يهدم .
لست متشائماً ولكن أقول أن الأجيال ملت هذه الصراعات التي تدل و للأسف أن الوطن آخر ما يشغل بال السياسيين ، والمسميات الكثيرة للداء العضال تؤكد أن التشخيص من البداية كان فيه خطأ فنجد الوحدة الوطنية - الوفاق الوطني - التراضي الوطني  - الحوار الوطني ، ولم يصل الأمر إلى الآن لقريب منها .
الحوار يعني أن يقبل جانباه التنازل بعض الشئ عن شروطهما وهذه من أبجديات الحوار ، والتنازل لا يقلل من قيمة طرف بل يرفع شأنة في التاريخ لأنه هنا رجح كفة مصلحة الوطن .
كل متأمل في حال البلاد الآن يدهش وحق له لأسباب ، أولها أن كل من يدعي مصلحة منطقته هو رافض للمصلحة العامة ، وثانياً كل مدعي ومحارب من أجل منطقته وأهله نجده يقتل فيها ويدمر فيها ، ثالثاً أنهم بذلك ينفذون مخطط لتدمير البلد وتفريق أهلة ولمصلحة المستعمر ، وفي هذا استغلال لموارد البلد واستغلال لاسم القضية ، واستغلال لعواطف البسطاء ومن غُرِّر  بهم .
نحن بهذه التصرفات نعيد المستعمر مرة أخرى ليستغل البلد لكن بشكل جديد وبوجه جديد فيه كل الخيانة لهذا الوطن إذ لابد من الإذعان لمطالب الداعمين لهذه الحروب ، ولينظر كل رافع للسلاح ورافض للحوار ما حققته الحركة الشعبية ولم تستطع أن تحققه طوال عقدين من الزمان بالسلاح ، عبر الحوار الوطني وإن طال ستتحقق المطالب وتحفظ في ذات الوقت الدماء والأرواح وهي السلاح الأكثر فعالية في تنمية هذا الوطن المثخن بالجراح .
في الذكرى 57 للإسقلال نرى بوضوح تام أن مصير هذا البلد مجهول بسبب المشاكل التي تحاصره والأزمات التي تتدافع نحوه من كل جانب من الداخل والخارج ، ولا يصدها سوى التوحد ضد عدو الداخل قبل الخارج ، بعد الوحدة الوطنية ستسير هذه البلاد للأمام وستنهض وسيأكل الجميع من الكيكة إن كانت هي همهم ، وأقول قد تعيد الوحدة الوطنية الوحدة بين البلدين وربما نحطم يوما جدار أبيي ونرجع دولة أوقوى بالوحدة والمصلحة الوطنية التي ترتفع فوق العرق والجنس والقبيلة.
بذكرى الاستقلال نرى أن الاستقلال نفسه جاء بالحوار ، واستطاع قياداته بحنكة ودراية الوصول لاستقلال البلد من امبراطورية قابضة بيد من حديد ، إذا بالحوار يمكن تغليب مصلحة البلد ويصل كل لما يريد والمستفيد الأول والأخير هو الوطن كل الوطن .

 

آراء