الدمج: بين التسريع والتأخير ولعبة “الحية والسلم” في الوصول لسدة الحُكم الحُلم

 


 

عمر الحويج
1 April, 2023

 

كبسولة :-
البرهان : طلب التسريع في الدمج مقترح سياسي وليس عسكري لإبعاد حميدتي وتسليمه السلطة كاملة للإسلامويين .
دقلو : طلب التأخير في الدمج مقترح سياسي وليس عسكري لإبعاد البرهان وإستلامه السلطة بدون الإسلامويين .
(المركزي للحرية والتغيير إلتحقوا مجدداً بالثورة قبل فوات الآوان)
***
شاء من شاء وأبى من أبى ، فإن الدائر الآن في الساحة السياسية والساحة العسكرية ، تُسيرَّه بخطى حثيثة وخطط مرسومة ومرسولة للكافة ، هي قوى الإسلام السياسي ، وأنا لا أقرأ الغيب فيما يأتي من حديث ، فكل المعطيات التي أمامنا ، وما يجري في شاشة الأحداث أمام أعيننا ، من يرسم خطاه هو بعينه لا غيره ، بتمامه وكماله ، وهو من طالت أيامه وسنينه ، كما طالت عمامته وشاله ومركوبه واستطالت غرة صلاته المخاتلة ، ما نسميه في أصله وفصله بالتنظيم الإسلاموي مهما تعددت مسمياته الحرباوية ، وإن كان يفعل هذه المرة من خلف ستار بخفاء وأختباء ، سواءً أن كان تخطيطه مبنياً على أساس إستمرار نظامه في الوجود حاكماً بأمر الله ، كاذباً ومنافقاً ، وهذا هو خياره الأول وما بعده إلا عيسى عليه السلام ، أو على الأقل عدم تصفيته نهائياً ، في حالة إنتصار الحتمية التاريخية المتمثلة في ثورة ديسمبر العملاقة ، على ثورته المضادة بتنوعات تنظيماتها وشخوصها وأعيانها ، التي جَمَّع لها كل أدواته البشرية-المطواعة كل بمصلحته وحزبيته وذاتيته ، والمالية-المُكتنزَة والمنهوبة علناً ، وهذا ما يتحسب له ويحاول عرقلته بقدر ما تستطيع مؤامراته التي تمرس فيها وعاش بها وعليها ، منذ إعلان وجوده الفعلي بعد الإستقلال ، وشرَّف فيها الحياة السياسية بوجهه القبيح ، وهو يعلم أن مواصلة وجوده مرتبط إرتباطاً وثيقاً ، لا فكاك منه ، بوجوده داخل القوات المسلحة ، التي وضع كل جهوده لتحويلها إلى جانب تنظيمه ، كقوات تابعة لإسلامويته ، حتى لو بقيادة أخرى غير البرهان ، فالجيش مليئة رتبه العليا بالعديد المقدر ، ممن يتطلعون للقيام بالمهمة خير قيام ، مثلهم والبشير تماماً ، في ثلاثينيته العجفاء ، فهذه القيادات لم تصل إلى مراتبها ورتبها ، من الدنيا حتى العليا منها ، باستلامهم السلطة فقط في يونيو 89 . فقد كانت البداية ، منذ المصالحة المشهودة والمشؤومة ، مع نظام مايو بقيادة الديكتاتورية النميرية ، من حيث بدأ التمكين لتنظيمهم المشبوه ، في الإقتصاد والسلاح ، ومعاً الإثنين ، داخل أرصدة البنوك التابعة لهم ، أو القوات الرسمية التي قاموا يتجنيدها منذ ذلك الزمان البعيد ، وللإحتياط المسلح أيضاً ، هناك المخبأ في البيوت وفي الحيشان الواسعة أو خلاء الله الأوسع ، تحسباً لليوم الكالح إذا هل عليهم فجأة ، كما يتحسب اللصوص . وكما تركوا لنا ذلك الزمان ، مصيبة سابقة هي ، قوانين سبتمر ، التي لا تزال حية ترزق ، ولازالوا يرتزقون من ضرعها غير المقدس ، حتى بعد أن إستشهد فداءاً لدحرها والغائها ، الشهيد الراحل الأستاذ محمود محمد طه ، تلك التي لم يقدر ويستطيع على مسح كتابها وقانونها ، حتى من قال أنها لا تسوى الحبر التي كتبت به ، فظلت حتى الآن كمسمار جحا في جنبنا المنهوك ، كما تركت لنا لاحقاً ، مسماراَ أغلظ من تلك القوانين سيئة السمعة ، مسماراً يحيط بخاصرتنا وكان في زمانهم لهم "حمايتي" المملوك ، وأصبح الآن الطرف الآخر ، من المعادلة السياسية العسكرية ، المصنوعة من جهات ليست بأي حال ، من أهل الثورة أو أهل البلاد الحريصين على أمنها وسلامها ، ففي معركة الوصول للسلطة ، بين المتنازعين عليها البرهاني والحميدتي ، وهذا الطرف الأخير ، وإن رفض الآن "شغلانة" حمايتهم ، فقد توصل بعد إنقلاب البرهان وتبرؤه منه ، أن هذه الحماية لن تأتي له "بمريسة تام زين" ، فقرر أن يشتغل لصالح جيشه الجرار الذي سمح له خصمه ، الذي أصبح عدوه اللدود ، ومنافسه في حلم أبيه ، بتضخيمه وتوسيع قاعدته وتدريبه ، وجعل منه ، وتحت أعينه، جيشاً منافساً بهيبته وتسلحه ، من البندقية حتى الدرون ، وبها أصبح شوكة حوت في وجه حلم أبيه وبنيه وحاشيته من الأرزقية والإنتهازيين والمسلحين ، المتشح سلاحهم بخيانة أهلهم وذويهم .
لقد تغيرت استراتيجية وتكتيكات هذا الطَمُّوح للوصول إلى السلطة وحلاوة رئاستها ، بدلاً عن منافسه البرهان قليل الحيلة والعين الما بصيرة واليد القصيرة ، فقد قرر أن ينحاز تقيه وفقه ضرورة (وكلهم يمارسون السياسة بمنظور إسلاموي سلطوي ، ومن الممكن إرهابوي ، ومن شابه صانعه فما ظلم ) ، كما إنحيازه السابق والتكتيكي الكاذب للثورة في 11 إبريل 2019 ، ففضل هذه المرة لوضع القدم في سلم الوصول للرئاسة ، أن يغازل الثورة والديمقراطية ، ولكن عن طريق المركزي القريب منه ، في الرؤيا والتخطيط لسودان الغد القديم ، دون السودان الجديد ، كما أرادت له الثورة أن يكون ، ليعبث به كما يشاء له سلاحه وماله وداعميه، وحاضنته الجديدة ، التي يحلم ويخطط ليكون هو مرشحها في إنتخابات قادمة ، وهي الخطة التي كَتَّبت عنها في هذا الموقع ومواقع أخرى ، قبل أكثر من عام ، قلت فيها أن حميدتي ومستشاريه أذكى من البرهان ومستشاريه ، لأنه يخطط للوصول للسلطة عن طريق الديمقراطية والمدنية التي رفعت شعاراتها الثورة ، وتحت يده ماله وسلاحه ، فقط يبحث عن حاضنة ترشحه لمنصب الرئيس ، بعكس البرهان الذي يرهن رئاسته للدولة بحلم أبيه ، وإنقلابه الإسلاموي الخائب والمشؤوم .
وها هو حميدتي يجد حاضنته في الحرية والتغيير المركزي ، وإن كانت وستكون ، خاوية الوفاض من جماهيرها ، التي حتماً ستفقدها في مسيرتها بعد تشكيل حكومتها ، حين زمان تفقد فيه شعبيتها المتبقية ، وهي ساهية لاهية بكراسي السلطة والكسب الرخيص ، مشغولة تتفرج على مواصلة صراع الفيلة ، بين هذا الثنائي الطامح للسلطة يتبعهم الغاوون من شاكلتهم ، وهم يحيكون المؤامرة تلو الأخرى ، واستنفاد الوقت بعد الآخر ، وما يأتي بعدها من إخفاء السلع ، وغلاء الأسعار ورفع قيمة الدولار وغيرها وغيرها من وسائل التركيع التي يجيدونها ، ولن يجني مركزي الحرية والتغيير ، من هذا الصراع المحتدم إلا الحصرم والإنهزام . أيا كانت مدة هذه الفترة الإنتقالية التي سيعيشون وسطها ، وهم مبعدون عنها ومغيبون منها ، بأي مدة زمنية كانت أو ستكون ، طبقاً لما تخرج به الوساطات والجوديات ، القائمة الآن على قدم وساق ، حيث ترتبط سنوات الإنتقال ، بهذه المباراة الخالية من الجمهور بحسب قوانين الفيفا الدولية لكرة القدم عفواً..لكرة السياسة لعبة فن الممكن ، والمتمكن من مفاصلها الآخرين من غير مركزي الحرية والتغيير ، والمدعومة بمن يجيدون فنونها ، والتي ستتراوح مدة الفترة الإنتقالية ونهايتها ، بناءً على نتيجة هذه المباراة ، الملعوبة حسب إستقرار المصالح والرغائب والأحلام ، سواءً أن كانت سنتين أو خمسة أو عشرة أياً كان مداها ستكون هي فترة الإنتقال الموعودة ، وعلى باقي الشعوب السودانية المنتظرة فس الأسحاق البعيدة ، مراعاة فروق الوقت ، وموعد أعمارها بيد الله ، وهي الآن في المخاض ، بين يفتح الله ويستر الله ، ونحن لمنتظرون .
ولن أقول لرفاقنا في الثورة والحرية والتغيير غير ما جاء في الكبسولة التي أنزلتها في صفحتي ، يوم جاءت أخبار الشؤم ، وكان أول الغيث قطرة إنسحاب ممثلي الجيش من إجتماع ورشة الإصلاح الأمني والعسكري وبعدها يأتي مطر الإحباط.

وهو كما قلت أعلاه :
(المركزي للحرية والتغيير إلتحقوا مجدداً بالثورة قبل فوات الآوان) .

وأيضاً أقول أدناه :
للثورة المضادة ، ولكل مكوناتها التي تملأ الساحة صراخاً وضجيجاً ، أقول لها ، أنها فقط تحاول عبثاً ، مد أصابعها العوجاء ، وأعينها العمياء ، تريد أن تغطي شمس الثورة الساطعة السمراء ، ولكن غداً حين الصحو على الحقيقة ، سترونها في كامل نصرها وبهائها وإشراقها ، وإن غداً لناظره قريب .

omeralhiwaig441@gmail.com
/////////////////////////////

 

آراء