السلطة الرابعة التي نحب ان نراها

 


 

 

لكي يرتقي الاعلام الرسمي وغير الرسمي ( السوشيال ميديا) لمستوي التحديات التي تواجهها الدولة السودانية ويسهم في بناء المشروع الوطني رصدت في مقالي هذا بعض مما بدا لي من نقاط ضعف وثغرات وعلل موروثة وسائدة يجب تناولها بجدية من قبل الاعلاميين واصحاب الاقلام ومعالجتها .

أولا: وربما هذه اخطر العلل انتشار التعميم في الرأي والتقدير و الحكم. خطورة التعميم تكمن في انه ظلم بين يؤجج ويوسع دائرة الصراع والخلاف ( الاصل محاولة حصر وتقليل نقاط الخلاف لمصلحة جمع الكلمة) و يقود للخلاصات والنتائج الضالة والمضلة ويفارق التنوير لانه يوفر بيئة خصبة لنمو ثقافة ( القطيع ) ويعطل ملكة التفكير النقدي ويحصرها في القلة تفكر وتقرر للاخرين فتقودهم للتهلكة. الامثلة كثيرة لانتشار هذا النمط من التفكير ومنها (١) اعتبار كل السياسيين وكل العسكريين وكل منسوبي الشرطة و جهاز الامن والاستخبارات والشرطة مدفوعين بالمصالح الذاتية الضيقة. بالطبع هذا غير صحيح فهنالك من السياسيين والعسكريين وغيرهم النبلاء ومنهم الخساس. السؤال الذي يطرح نفسه ما دور الاعلام في وضع معايير لتسهيل التمييز والحكم علي الناس. (٢) مثال آخر لداء التعميم - تحميل فصيل سياسي او مؤسسة عامة راسخة وزر سلوك اجرامي لقلة من منسوبيها. هذا بالطبع ليس من الحكمة ولا من العدالة ولا من المصلحة فتحميل ( الكيزان) جميعا وزر الفعل الاجرامي الذي وقع علي الطفلة ( ترتيل ) خطأ وشطط وتحامل في الحكم يقول تعالي ( لا يجرمنكم شنئان قوم علي الا تعدلوا)
شبيه ذلك في تقديري حادثة طرد الحزب الشيوعي من البرلمان . فهو كذلك حدث فردي او لمجموعة صغيرة يستغل لمصلحة تصفية حسابات سياسية ضد مجموعة اكبر او فصيل سياسي كبير . ماحدث في الماضي من سلوكيات وانماط في التفكير وتقصير من الاعلام اسهم في رسم واقعنا اليوم ومستقبلنا غدا.

ثانيا : اخلاقيات العمل العام والسياسة الفاسدة . ذاع عند البعض خاصة اصحاب الايديولوجية يمنة ويسارا ان العمل العام والترقي فيه والسياسة تقوم علي الخداع والكذب واغتيال الشخصيات والشعارات والاهداف الزائفة و عدم المصداقية والكيد والخطط السرية (والحفر ) واهمال متطلبات المواطن والمجتمع اليومية مما افسد المجتمع والحياة العامة. للاعلام دور هام جدا في التوعية والتنوير باضرار انتشار هذه الأخلاقيات فالكذب والغش (والحفر ) والكيد يدمر الافراد و الاحزاب والمؤسسات التي تمارسها كما يدمر الاخرين . ولعنته تصيب الضحية كما تصيب الجميع. التغيير الذي نحب ان نكونه يبدأ بضرب المثال والقدوة والاستقامة في الحياة الخاصة والعامة فالاستقامة في السياسة كما في العمل العام هي افضل سياسة.

كذلك للاعلام دور هام في تمليك الحقائق و تنوير المواطن في مجال وضع المعايير والتقييم الموضوعي للشعارات والقيادات والسياسات والاداء
والرؤي والمشاريع حتي يسهل علي المواطن كشف الزائف منها و الاصيل فلا يتم خداع المواطنين بالشعارات الزائفة واوهام المشاريع ثم عندما تتاح الفرصة للتنفيذ نجد ان المشروع سراب ووهم ( لانه غير ذكي- في تقديري اي هدف ومشروع سياسي يجب ان يكون ذكيا ومعاييره انه محدد بدقة وغير غامض ولا فضفاض وواقعي وقابل للقياس والتنفيذ وموضوعي متسق مع الواقع والظروف ومحدد بفترة زمنية). ايضا ، علي الاعلام يقع واجب توجيه الرأي العام وتصويب الاراء الطائشة او المنحازة نحو القضايا والمثل والقيم والاولويات الكبري.

ثالثا : ضعف دور الاعلام في مجال تسهيل وتيسير الحوار وجمع الكلمة وانغماس بعض الاعلاميين في المهاترات والمزايدات. واجب الاعلام ان يحارب استغلال عاطفة الجماهير بالمهاترات والمزايدات .ومازال عدد من اصحاب الاقلام المعروفين والموهوبين يمارسون المهاترة والمزايدة تدفعهم روح واخلاق (جاهلية) لمناصرة مصالحهم او انتماءهم بالباطل وبالحق بالرغم ان ذلك يتعارض من اخلاقيات المهنة وارث النبوة وواجب الساعة. وخلق النبوة عظيم لو يعلم اهل الاعلام ولو اخذوا به واذاعوه لكفوا همهم الاعلامي فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم :
ليس منا من دعا إلى عصبية، وليس منا من قاتل على عصبية، وليس منا من مات على عصبية) . و عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( إن الله أوحى إليّ أن تواضعوا حتى لا يبغي أحد على أحد ولا يفخر أحد على أحد ). امام ارباب القلم مسئولية جماعية في التصدي لدعاة دولة المليشيا والعصابات وشريعة الغاب عبر
تحفيز ودفع المنظمات والمراكز البحثية والمؤسسات العامة الحكومية وغير الحكومية ولجان المقاومة (لا استثناء او عذر لاحد بمن فيهم الاسلاميين ) للحوار البناء علي جميع المستويات ( القيادات العليا والوسيطة والمحلية او الدنيا ) حول السبل اللازمة والقانونية لتحقيق تطلعات الشعب في الديمقراطية والعدالة والسلام وبسط الامن ودولة القانون والاسراع بتنفيذ العقوبة في اولئك النفر الذين يسعون في الارض فسادا غض النظر عن دوافعهم وانتماءاتهم وولاءهم . الجميع بلا استثناء صاحب مصلحة في دولة القانون. علي الاعلام وقادته ان يسهموا في بناء المجتمع من خلال مساعدة الناس على إيجاد المشتركات والحلول للمشاكل المجتمعية.

رابعا : كذلك علي الاعلام واجب المراقبة و التدقيق ونشر الحقائق عن المؤسسات العامة المختلفة وفي وقتنا هذا هنالك خصوصية واولوية لمراقبة اداء الشرطة والنيابة و القضاء و خطوات الاسراع في تحقيق العدالة لما في ذلك من نفع ومصلحة عامة وعكس ذلك فساد عظيم.فاذا استمر الفساد وعجزت المؤسسات العدلية من شرطة ونيابة والقضاء عن تحقيق العدالة بالسرعة التي تناسب عظم الجرائم يجب ان يقود الاعلام حوارا حول اصلاح المؤسسات العدلية وجدوي انشاء اليات مجتمعية بديلة اكثر كفاءة في احقاق العدالة والقصاص من المجرمين علي جميع المستويات في المحليات والمدن والقري.

من الحكمة ونحن دعاة الديمقراطية والحرية والسلام والعدالة ان نتعلم متي ننتقد وكيف نمارس النقد والفعل بحيث نتمثل القيم التي ندعوا لها بهدف التأثير في الاخرين ليحذوا حذونا او يتبعونا . ان نقدم انتصار القيم والمثل والاخلاق علي تحقيق الانتصارات الشخصية والحزبية ليس بله ولا منقصة بل فضيلة. حان الاوان ان نسمو ونرتقي لمستوي التحديات .

شريف محمد شريف علي
١/١٢/٢٠٢٣

engshereef1977@yahoo.com

 

آراء