الكتابة وصراع الحضور الرصين المفضي لفكرأ راقي

 


 

 

زهير عثمان حمد
تعدّ نشأة الكتابة الإبداعية جزءًا لا يتجزأ من تاريخ البشرية، حيث تطورت الكتابة عبر العصور لتصبح وسيلة للتعبير عن الأفكار والمشاعر والقصص. يمكن تتبع تاريخ الكتابة الإبداعية إلى العصور القديمة، بدءًا من الكتابة المسمارية في بلاد الرافدين حوالي 3600 قبل الميلاد، والتي كانت تستخدم لتدوين الأحداث التاريخية والأساطير والقصص, تلا ذلك ظهور الكتابة الهيروغليفية في مصر حوالي 3200 قبل الميلاد، والتي استخدمت أيضًا لأغراض مماثلة. مع مرور الوقت، تطورت الكتابة لتشمل الأبجدية الفينيقية، التي أثرت بدورها على العديد من الأنظمة الكتابية الأخرى في العالم القديم

كانت هذه الأشكال الأولى للكتابة تمهيدًا لتطور الكتابة الإبداعية كما نعرفها اليوم، حيث أصبحت الكتابة وسيلة ليس فقط لتسجيل الأحداث، بل أيضًا للتعبير عن الخيال والإبداع الأدبي. ومع تقدم الزمن، أصبحت الكتابة الإبداعية تشمل الشعر، والرواية، والمسرحية، وغيرها من الأشكال الأدبية التي تعكس تجارب الإنسان وتطلعاته.
بالطبع، تاريخ الكتابة غني ومتنوع ويعكس تطور الحضارات البشرية عبر العصور. لقد مرت الكتابة بعدة مراحل تطورية مهمة , الكتابة المسمارية: تعد من أقدم أشكال الكتابة وظهرت في بلاد الرافدين حوالي 3600 ق.م. استخدمت لتدوين اللغات السومرية والأكادية والبابلية والآشورية. الكتابة الهيروغليفية ابتكرها المصريون القدماء حوالي 3400 ق.م. استخدمت الصور والرموز لتمثيل الأصوات والمفاهيم. أن ظهور الأبجدية: تطورت الأبجدية من الكتابات السابقة وأصبحت تعتمد على الحروف لتمثيل الأصوات، مما سهل عملية الكتابة والقراءة. الكتابة الأبجدية الفينيقية: تطورت في بلاد الشام وسيناء وأثرت في العديد من الأنظمة الكتابية الأخرى ويمكن ان نقول الكتابة الأبجدية الأوغاريتية وهي من الأنواع التي ظهرت في المنطقة السورية وأسهمت في تطور الكتابة وظهور ورق البردي و اختراع الورق من قبل المصريين ساهم في انتشار الكتابة بشكل أوسع

ولابد أن اتذكر تاريخ الطباعة مع اختراع الطباعة، تغيرت الكتابة من جديد، حيث أصبح من الممكن نشر الكتب والمعرفة على نطاق واسع وتجعل من العلم والمعرفة يمكن الوصول اليه والتامل فيما انتج العقل البشري وهذه المراحل تعكس كيف أن الكتابة لم تكن مجرد وسيلة لتسجيل المعلومات، بل كانت أداة حيوية للتواصل وتبادل المعرفة والثقافة بين الشعوب. ومع تقدم الزمن، أصبحت الكتابة تشمل مجموعة واسعة من الأشكال الأدبية والإبداعية، وتطورت لتصبح جزءًا لا يتجزأ من الحضارة الإنسانية , وتلعب الكتابة دورًا حيويًا في المجتمعات الحديثة، وتتجلى أهميتها في عدة جوانب هامة منها وسيلة للتواصل: تعد الكتابة من أبرز طرق التواصل بين الأفراد والمجتمعات، وهي تسمح بتبادل الأفكار والمعلومات عبر الزمان والمكان وحفظ العلوم والمعارف: تُستخدم الكتابة لتدوين الخبرات، والتجارب، والاستنتاجات، والآراء، مما يسهم في تراكم المعرفة الإنسانية , التعبير عن المشاعر: توفر الكتابة وسيلة للأفراد للتعبير عن مشاعرهم وأفكارهم بطريقة مدروسة ومؤثرة.

الإبداع والابتكار: تُعتبر الكتابة أداة للإبداع، حيث تسمح بتطوير الأفكار وتقديمها بأشكال فنية مثل الرواية والشعر. التأثير الاجتماعي والثقافي: تساهم الكتابة في نشر الوعي وتشكيل الرأي العام، وتعزيز الثقافة والمعرفة. التنفيس عن النفس: تُستخدم الكتابة كوسيلة للتنفيس عن الضغوط النفسية والتعبير عن الذات. لتطور العقلي والاجتماعي: تنمي الكتابة القدرات العقلية وتسهم في تنمية العلاقات الاجتماعية. المساهمة في التنمية: تعد الكتابة وسيلة للمساهمة في إحداث التغيير والإصلاح في المجتمعات. المصدر الاقتصادي: تُعتبر الكتابة مصدرًا للدخل من خلال تأليف الكتب، كتابة المقالات، والتدوين عبر الإنترنت , بهذه الطرق وغيرها، تُعد الكتابة جزءًا لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي والثقافي للمجتمعات الحديثة، وتلعب دورًا محوريًا في تقدمها وازدهارها

مدارس الكتابة الشائعة اليوم تتنوع بين الأساليب التقليدية والحديثة، وكل منها له قيمته الأدبية الخاصة التي تسهم في إثراء الثقافة والأدب. من أبرز هذه المدارس , الواقعية: تركز على تصوير الواقع بأمانة وتفصيل، وتعكس التجارب الإنسانية بصدق. الرومانسية: تعبر عن المشاعر العميقة والخيال، وتميل إلى تمجيد الطبيعة والعواطف. الحداثة: تتميز بالتجريب وكسر القواعد التقليدية، وتسعى لاستكشاف أشكال جديدة من التعبير. البوستمودرنية: تتسم بالسخرية والتنوع، وتشكك في الحقائق المطلقة وتعتمد على التجزئة
التيار الوعي: يركز على الحياة الداخلية للشخصيات ويستخدم تقنيات مثل السرد الداخلي , قيمتها الأدبية تكمن في قدرتها على توسيع آفاق القراء وتحفيز التفكير النقدي، وتوفير وسائل متنوعة للتعبير عن الهوية الثقافية والفردية. كما تساهم في تطور اللغة وتجديد أشكالها الفنية، وتعزز التواصل بين الثقافات المختلفة. بالطبع، هناك العديد من المؤرخين الذين اشتهروا بمساهماتهم القيمة في مجال التاريخ. إهذه قائمة ببعض أشهر كُتّاب التاريخ: ابن خلدون: مؤلف “مقدمة ابن خلدون”، وهو يعتبر من أوائل من أسس علم الاجتماع ودراسة التاريخ. ابن الأثير: مؤلف “الكامل في التاريخ”، وهو من الكتب المهمة في التاريخ الإسلامي. أبو الفداء: مؤلف “المختصر في تاريخ البشر”، وهو يقدم تاريخًا موجزًا للدول. الذهبي: مؤلف “سير أعلام النبلاء”، وهو كتاب يتناول سير الشخصيات البارزة في التاريخ الإسلامي. هؤلاء المؤرخون وغيرهم قدموا إسهامات كبيرة في فهمنا للتاريخ وتطور الحضارات الإنسانية. كتبهم تعتبر مصادر أساسية للباحثين والمهتمين بالتاريخ العربي والإسلامي. ولا أنسي العظيم الجاحظ لقد كان الجاحظ بالفعل ثروة عظيمة في الأدب العربي ومن أبرز الشخصيات التي أثرت في تاريخ الكتابة. إسهاماته في مجال الأدب والفكر لا تُقدر بثمن، وهو معروف بأسلوبه الأدبي الفريد ومؤلفاته الغزيرة التي تناولت موضوعات متنوعة من البلاغة والأدب إلى علم الحيوان والظواهر الاجتماعية.
من أشهر أعماله - كتاب الحيوان: يعد من أهم مؤلفاته ويتناول فيه الجاحظ الحيوانات بأسلوب موسوعي، مستشهدًا بالقرآن والحديث والشعر العربي , كتاب البيان والتبيين: يركز فيه على البلاغة وفنون الكلام، ويعد من الكتب الأساسية في دراسة اللغة العربية , كتاب البخلاء: يستعرض فيه الجاحظ صفات البخلاء بأسلوب ساخر وفكاهي , كان الجاحظ يتميز بأسلوبه السهل والسلس، وقدرته على الاستطراد بطريقة تجذب القارئ، وكان يعتمد على النزعة العقلية في كتاباته. وبالتأكيد، يُعد الجاحظ من الأعلام الذين أثروا في الأدب العربي ويستحق التقدير والإشادة بمساهماته القيمة
و تاريخ الكتابة في السودان يعكس تنوع الثقافة والتراث الغني للبلاد. يمكن تقسيم تاريخ الكتابة في السودان إلى عدة مراحل , الفترة التقليدية: كانت القصة الشفهية تمثل الشكل الأساسي للأدب، حيث كانت تُحكى في المجتمعات وتنقل التراث والحكمة الشعبية. الفترة الاستعمارية: شهدت القصة القصيرة تحولًا مع تأثير الاستعمار وتوسع التعليم والنشر، حيث بدأت تنشر في الصحف والمجلات وتتأثر بالأساليب الأدبية الغربية

الفترة الحديثة: شهدت القصة القصيرة في السودان نموًا وتطورًا كبيرًا، حيث برزت أسماء بارزة في هذا المجال وظهرت مجلات متخصصة في القصة القصيرة وتوسعت قاعدة القراءة والكتابة. الكتابة في السودان المعاصرة تعكس تنوعًا ثقافيًا وفكريًا فريدًا، حيث تُجسِّد الأعمال الأدبية هوية السودان الغنية وتطورها عبر الزمن , و تبرز الهوية السودانية كموضوع رئيس في الحوارات الثقافية والفكرية، وتتناول الأعمال الفكرية والثقافية مسألة الهوية وتحديد ملامحها , ومن الإشراقات البارزة في الأدب السوداني المعاصر، نجد تأثير الثورات والتغييرات السياسية، مثل ثورة ديسمبر 2018، التي أثرت في الوعي الوطني والهوية. وكما لعبت التأثيرات الخارجية والعلاقات الدولية دورًا في تشكيل الهوية السودانية، بما في ذلك العلاقات بالدول العربية والأفريقية بأشارة عابرة في مجال الرواية، شهدت الرواية السودانية المعاصرة تحولات نحو نمط جديد من الكتابة والأسلوب، مع اهتمام بالمنسي وإيلاء أهمية للهامش. وقد استبطن الكتّاب الواقع المحلي وأسطروه، متخذين المحلي مسارًا إلى الإنساني والكلي والكوني , وإضافة إلى ذلك، تجد اللغة العربية اتساعًا آخر بسبب ازدهار الكتابة الإبداعية من قصة ورواية وشعر وسط جيل الشباب في جنوب السودان، مما يسهم في إثراء المكتبة العربية بأعمال جديدة

بالنسبة للكتب الأولى التي طبعت في تاريخ الثقافة السودانية، لا توجد معلومات محددة في نتائج البحث المتاحة لدي. ومع ذلك، يمكن القول إن الكتب التي تناولت التراث والثقافة السودانية تعتبر من الأعمال الرائدة في تاريخ الثقافة السودانية. هذه الكتب تعكس الحضارات القديمة وتجارب وممارسات الإنسان السوداني عبر التاريخ. للحصول على معلومات أكثر تفصيلًا، يمكن الرجوع إلى المصادر التاريخية والمكتبات الوطنية التي قد تحتوي على سجلات الكتب الأولى التي طبعت في السودان.وقد يسال سائل ,ماذا عن شعراء السودان انتاجتهم هل كانوا الاوئل في النشر , شعراء السودان لهم مكانة مهمة في تاريخ الأدب العربي، وقد كانوا من بين الرواد في مجال النشر. أحد الأمثلة على ذلك هو ديوان “شعراء السودان” لسعد ميخائيل، والذي يُعتبر أول مجموعة شعرية سودانية مطبوعة، صدرت في العشرينات من القرن العشرين. هذا الديوان يضم أشعارًا لأشهر شعراء البلاد مرتبين بحروف الهجاء مع ترجمات لحياة كل منهم، وقد ضمّ الكتاب 37 شاعرًا مع نبذة عن حياة كل شاعر وصورة له

من الشعراء السودانيين البارزين الذين أثروا في الشعر العربي نذكر التجاني يوسف بشير وعبد الله الطيب، محمد محمد علي، محمد الفيتوري، وأدريس جماع وسيف الدين الدسوقي , وهؤلاء الشعراء وغيرهم ساهموا في إثراء الأدب العربي بأعمالهم الشعرية التي تنوعت بين الشعر الفصيح والشعر العامي، وقد كان لهم دور كبير في تطوير الشعر السوداني وإبرازه على الساحة الأدبية العربية , أن الكتابة هي أداة قوية للتعبير عن الأمنيات والأحلام والدعوة للإصلاح ونشر القيم الأخلاقية وتعالوا نري بعض الطرق لاستخدام الكتابة كرئة للتعبير , التعبير عن الذات ويمكن استخدم الكتابة للتعبير عن مشاعرك وأفكارك بصدق وشفافية. القصص والروايات اكتب قصصًا تعكس الأمنيات وتصور عالمًا يتماشى مع القيم التي تؤمن بها الشعر والأدب و استخدم الشعر للتعبير عن الأحلام والثورة بطريقة فنية تلامس القلوب. المقالات والمدونات اكتب مقالات تناقش قضايا مجتمعية وتدعو للإصلاح وتحليل الواقع بنقد بنّاء
الخطابة والمناظرة و طور مهاراتك في الكتابة الخطابية لتكون أكثر تأثيرًا في الدعوة للقيم الأخلاقية. التواصل الاجتماعي , استخدم منصات التواصل لنشر الأفكار الإيجابية والتأثير في الرأي العام. من خلال هذه الوسائل، يمكن للكتابة أن تكون جسرًا يربط بين الأفراد والمجتمعات، وأن تكون صوتًا يدعو للتغيير والتحسين في العالم.
الكتابة بين المثقفين تعد وسيلة مهمة للطرح الفكري والتعاطي الواعي مع الواقع، وهي تساهم في تشكيل الوعي الجمعي وتحفيز النقاش حول قضايا مجتمعية مختلفة , المثقفون يستخدمون الكتابة لنشر الأفكار، وتحليل الأحداث، ودعوة الناس للتفكير النقدي والإصلاح.
في الوقت نفسه، يمكن للكتابة أن تكون وسيلة للانتشار والتأثير بين العامة، حيث تُستخدم لتبسيط المفاهيم المعقدة وجعلها أكثر قابلية للفهم والتقبل , و الكتابة الفعّالة تعتمد على تحديد الجَمهور المستهدف وتقديم المحتوى بطريقة تلامس اهتماماتهم ومعارفهم وبالتالي، الكتابة في أوساط المثقفين يمكن أن تكون درجة عليا في الطرح الفكري وأيضًا وسيلة للتواصل والانتشار بين العامة، وكلا الدورين مهم لتعزيز الحوار والتقدم الثقافي والاجتماعي وكذلك وسائل التواصل الاجتماعي أحدثت تغييرات كبيرة في طرق التواصل والكتابة، وهناك آراء متعددة حول تأثيرها على الكتابة الأدبية والأكاديمية. بعض الدراسات تشير إلى أن هذه المنصات قد أدت إلى تدهور استخدام اللغة العربية وتقليل احترام اللغة الأكاديمية الرسمية. ومع ذلك، هناك من يرى أن مواقع التواصل الاجتماعي قد فتحت آفاقًا جديدة للكتابة والإبداع، وأتاحت للكتاب الشباب فرصة للظهور والتعبير عن أنفسهم
المثقفون ينظرون إلى هذه التغيرات بنظرات مختلفة؛ فمنهم من يعتبر أن الكتابة عبر مواقع التواصل الاجتماعي قد أسهمت في تجديد الأساليب الأدبية وتشجيع الكتابة الإبداعية⁷، بينما يرى آخرون أن هناك تأثيرًا سلبيًا على اللغة والكتابة الأكاديمية⁴. وفي النهاية، يبقى الجدل قائمًا حول ما إذا كانت هذه التغيرات تمثل تطورًا طبيعيًا يتماشى مع تقدم التكنولوجيا أم أنها تشكل تحديًا للحفاظ على جودة اللغة والكتابة التقليدية.

zuhair.osman@aol.com
//////////////////////

 

آراء