المغاربة في شنو ونحن في شنو..!!

 


 

كمال الهدي
14 December, 2022

 

تأمُلات
. في الوقت الذي يتوحد فيه المغاربة ويقفون صفاً واحداً من أجل تعظيم انجازهم الحالي في مونديال الدوحة لا نزال نحن (مسئولين وإعلام وجماهير) نهيم في أودية الأوهام ونهدر زمننا فيما لا طائل من ورائه.

. يا كافي البلاء لا بنتعلم من أخطائنا ولا بنمنح أنفسنا فسحة للإستفادة من الآخرين ولا (بنبغر) من نجاحاتهم.

. والغريب أننا نفرح لنجاح غيرنا، أي أننا بنفهم يعني شنو نجاح.

. جميل أن يحدثونك عن أن السودانيين شعب جميل يفرح لفرح غيره ويتألم لآلامهم.

. ده شيء طيب بالفعل شريطة أن يكون إحساساً حقيقياً ونابعاً من الدواخل، لا كنتيجة لحالات انفصام أو تشوهات نفسية كما يبدو لي.

. لا أقول ذلك فلسفة أو تنظيراً مني، لكنه إيمان بمثلنا " الزيت كان ما كفى أهل البيت يحرم على الجيران".

. يبدو لي غريباً أن يتألم شعب لآلام غيره قبل أن يتألم على حال وطنه الذي يمتلك كل شيء، لكنه لا شيء، ودون أن (يبغر) هذا الشعب من نجاحات الآخرين لكي يطبق ولو بعض هذه النجاحات على أرض الواقع حتى يفرح بوطنه المكلوم بأبنائه هؤلاء.

. تنتصر المغرب وتصل لمراحل غير مسبوقة في كأس العالم فنحمل أعلامها ونسعد معهم (حق مشروع لأي مشجع كرة عادي) وربما يستشيط بعضنا غضباً لو سمع رأياً سالباً في انتصارات المغرب حتى ولو لم يكن هذا الرأي ضد اللاعبين ومدربهم المبدع الركراكي.

. يفشل رونالدو في إدارة أيامه الأخيرة في ملاعب الكرة فنحزن له ( ده شيء أيضاً مشروع ومفهوم)، بس ما لا أفهمه هو أن يقترب بعضنا من سل سيوفهم دفاعاً عن تاريخ الدون.

. بإختصار نحن شعب بارع في خدمة قضايا غيرنا، لكننا نقف دائماً عاجزين عن خدمة قضايانا الذاتية.

. وإلا قولوا لي ما الذي تعلمناه من انتصارات المغرب التي سررنا لها وها نحن ما أن أُجريت قرعة دور المجموعات لأبطال أفريقيا بدأنا في التو واللحظة السخرية من بعضنا البعض وأصبح هم كل واحد من المعسكرين هو الكيفية التي سيخرج بها الغريم من المنافسة وبأي عدد من الفضائح.

. طبعاً المبرر جاهز " الكورة أصلها كده ودي مناكفاتها"، بس صدقوني ما يحدث عندنا فات حده بكثير جداً وصارت بالنسبة لي مثل حالة مرضية تستوجب العلاج، وربنا يجازي من كانوا سبباً في تفشي هذه الأمراض من زملاء المهنة.

. حتى المسئولين في هذا البلد يتصرفون كما المشجعين العاديين ولا يغلبون مصلحة الوطن اطلاقاً.

. وما خطوة اتحاد الكرة (الفاشل) واستغلاله لإحدى المواد واختيار خمسة لاعبين من كل واحد من ناديي القمة للمنتخب الوطني حتى لا يطالب أحدهما بتأجيل اللقاء المرتقب بين الناديين إلا أبلغ دليل على الفكر المتخلف وضعف الحس الوطني.

. سألني الصديق والأخ العزيز الفطن جنابو عادل مامون " ماذا لو رأى الجهاز الفني للمنتخب أنه بحاجة لعدد أكبر من الخمسة لاعبين من أحد الناديين الكبيرين أو كليهما، فهل سيرفضون"!

. طبعاً سؤال عادل كان استنكارياً فأجبته بأنهم قطعاً سيرفضون ولن يقوى أفراد الجهاز الفني على مجادلتهم، وسينفذون المطلوب منهم لأنهم يعلمون أن اختيارهم كجهاز فني لم يؤسس على المؤهلات أو الإمكانيات وإنما لأنهم جزء من الشلة.

. ده واقع مؤسف حد الأسف ويمنحك الانطباع بأن متابعتنا لمناسبات مثل نهائيات كأس العالم سواءً عبر التلفاز أو بالسفر لقطر مجرد خسارة كهرباء وقروش وتكاليف.

. أمس الأول أنزلت فيديو يتحدث عن استفادة المغرب ومنتخبها من أكاديمية لكرة القدم أُسست هناك بمبالغ كبيرة فدار نقاش ثر بين أصدقاء صفحتي بالفيس بوك.

. كنت قد كتبت أعلى الفيديو الذي أرسله لي العزيز دكتور كسلا (حفظاً للحقوق) كتبت أعلاه " أصحوا يا قوم وما أظن تصحوا"، وقد رأى بعض الأصدقاء أن مسئولينا بلا ضمائر ومن الصعب أن يصحوا، فيما كان رأي فئة أخرى أن بلداً يستغرق فيه بناء مدينة رياضية أكثر من ثلاثين عاماً من الصعب أن تنفذ فيه مثل هذه الأفكار البناءة.

. وكان للبعض رأي مختلف هو أنه حتى لو تأسست أكاديمية محترمة عندنا فسوف يختارون لها اللاعبين (بالواسطة).

. وأجد نفسي على اتفاق تام مع أصحاب الرأي الأخير، فكل شيء عندنا يمضي بهذا الشكل.

. بلد حتى الصحفي والمذيع وغيرهم يجدون أنفسهم في هكذا مواقع بالواسطة وعبر محاباة رؤساء التحرير والمديرين من الطبيعي جداً ألا يتم فيها اختيار اللاعبين وفقاً لمعايير صارمة ومحترمة.

. وهذا الجانب يعيدني للحديث عن شباب الهلال الذين كتبت عنهم مقالين لو تذكرون من واقع مشاركة ابني أشرف في تمرين معهم خلال إجازة قصيرة له في البلد.

. بالطبع لم أكتب المقالين وأنشرهما للعامة كمحاولة لإيجاد شاغر لابني في شباب الهلال كما فهمت قلة قليلة من أصحاب الأفق الضيق، لكنني أردت التنبيه لأمور محددة لعلها تفيد المسئولين في نادي الهلال.

. ما أعادني لهذا الموضوع اليوم هو خبر (افترضوا انه حصري ومهم) طالعته قبل ايام.

. يقول الخبر أن خبير أكاديميات اسباني زار الهلال وأوضح للقائمين على أمر النادي أن فريق الشباب ليس فيه أكثر من ثلاثة لاعبين فقط يُرجى منهم.

. وقد ضحكت من أعماقي للخبر لانه إن صح فقد أضاع مجلس الهلال أمواله في الفارغة فهذه الحقيقة توصل لها صغيري أشرف وقد كتبت وقتها أنه سخر مني وقال لي " إنت يا أبوي مكبر الموضوع ساي.. الهلال وشنو، فالشباب الإتمرنت معاهم ديل ما فيهم غير لاعب واحد (ظهير يسار) عنده موهبة غير كده مافي".

. طيب بالله عليكم حقيقة وصل ليها شافع لا يزال في طور التعلم كانت محتاجة لخبير اكاديميات!

. حدثتكم في ذلك المقال أيضاً عن العشوائية والفوضى والصورة القاتمة التي نقلها لي ابني الذي أثق في فهمه للأشياء منوهاً لضرورة الاهتمام بهذا القطاع الهام.

. وأشرت في ذات المقال لتجربة رئيس الهلال الأسبق طه علي البشير ودكتور كسلا وكابتن جميل وكيف أنهم اهتموا بالنشء، لكن الواضح ان المعنيين لا يقرأون ولا يتابعون ولهذا ربما أنفقوا أموالاً في زيارة الخبير.

. ما تقدم يؤكد على أنه من الصعب جداً أن نستنسخ تجربة المغاربة مع الاكاديميات أو نعمل للمستقبل.

. حتي الجمهور نفسه لا يساعد في تفكير خلاق وبناء ورؤى مستقبلية كهذه.

. فأبعد أحلام جمهورنا أن يأتيه ثري بمحترفين يتباهى بهم أمام جمهور النادي المنافس وتنتعش بهم مانشيتات الصحف حتى وإن لم يحققوا شيئاً.

. مثل هذه التجارب تتطلب منا ثورة شاملة وأن نبدأ بتغيير أنفسنا.

kamalalhidai@hotmail.com
//////////////////////////

 

آراء