(النظام , النظافة , اصحاح البيئة )

 


 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

نظرة شرعية جمالية صحية

دعاني بعض الفضلاء في الأسبوع الماضي للحديث عن النظافة و اصحاح البيئة في منطقة شرق النيل. تهيبت الأمر أبتداءاَ ثم أقتحمته بما فتح الله به علي بديهة فهالني سعة الموضوع وأهميته فرأيت أن أكتب هذه المقالة لعل الله أن ينفع  بها .

    يأمرنا الله سبحانه وتعالي بالتفكر في خلق الكون و ما فيه من جمال وعبر فيقول (.. ويتفكرون في خلق السموات  والأرض ربنا ماخلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار ) . ويقول سبحانه منوها لدقة الخلق ( .. وخلقنا من كل شئ موزون)  ويخبرنا سبحانه أن كل شئ مخلوق بقدر وحساب ونسبة معلومة ( ان كل شئ خلقناه بقدر) وان كل المجرات والكواكب تسيرفي مدار محدد  ( والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم والقمر قدرناه منازل حتي عاد كالعرجون القديم لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون ) .

وفي جمال خلق الأرض يقول سبحانه ( .. أنشأنا منها حدائق ذات بهجة ) مما يدل دلالة صريحة أن الجمال يبهج النفس ويشرحها .

        يقول نبينا الكريم محمد صلي الله عليه وسلم : ( ان الله جميل يحب الجمال) وعندما رأي رجلا هيئته رثة أمره أن يصلح حاله فقال ( ان الله يحب أن يري أثر نعمته علي عبده)

وقال للذي جاء ثائر الرأس واللحيه ( من كانت له جمة فليكرمها ) أي فليهذبها بالنظافة والتمشيط والدهن .

    اذا تفكرنا قليلا عن أمر النظافة الشخصية أو كما يعرف بالطهارة في المصطلح الشرعي لرأينا عجبا . فالانسان اذا نوي الاسلام كان أول ما يفعله هو أن يغتسل ويتطهر مؤذنا بخروجه من عالم الأدران والأرزان الي عالم الطهارة ( النظافه من الايمان) .

كذلك اذا أراد المسلم أن يعبد الله بعد حدث أكبر فعليه غسل أيضا يلج بعده وهو في حالة من النظافة والراحة والاطمئنان وأذكر هنا أن أحد الاخوه العرب ابان عهد الطلب  أخبرني أنه لا يستطيع أبدا أن يخرج للشارع وهو في حالة نجاسة رغم انه لم يكن يصلي و لم يكن ملتزما بالدين ! أنها نظافة مطلوبة بعد الخروج من مسفرات شهوة عارمة أو حيض أو نفاس وكلها حالات تتطلب ذلك .

 

 لو تفكرنا قليلا أيضا نجد أن عباداتنا كالصلاة مثلا تحتاج لتهيئة نفسية وجسدية تبدأ بالوضوء واسباغ الماء وهذا أخبرنا نبينا محمد ( صلي الله عليه وسلم) أن الانسان اذا فعله لم يبق من درنه شئ.

 

     النظافة الشخصية اهتم بها الاسلام فالاستحمام الشامل(الغسل) سنة مؤكدة 

     مرة واحدة علي الأقل  في الأسبوع يوم الجمعة. 

النبي ( صلي الله عليه وسلم) حببنا في النظافة حيث أمرنا أن نأتي المساجد بثياب نظيفة ( فليجعل أحدكم ثوبين لصلاته غير ثوبي عمله ).

وسن لنا لبس البياض أولا ملاءمته لطبيعة الطقس الحار في الجزيرة العربية لأنه عاكس للشمس ثم لأنه يظهر اتساخ الثوب فيحافظ المسلم علي نظافته..  كل ذلك دون تحريم لما عداه. حتي قضاء الحاجه وضح لنا نبينا ( صلي الله عليه وسلم) كيف نقضيها بالجلوس علي الضغط علي الرجل اليسري وهذا الوضع الأمثل حتي لا تتبقي فضلات في الجسم وهو ما اعترف به احد أشهر أطباء أمريكا دكتور(اوز ) اللذي أسمي هذه الجلسه بوضعية الحرف الانجليزي (S) 

      للأسف الاستلاب الحضاري جعلنا نأتي بما يسمي بالمقاعد الأفرنجية نجعلها في بيوتنا !

لا ننسي هنا أن الرسول الكريم ( صلي الله عليه وسلم) ندب وسن لنا استعمال الماء في الاستنجاء كما أخبرتنا السيده عائشه رضي الله عنها الأمر الذي يمنع حدوث سرطان المستقيم. النظافة الشخصية أيضا تظهر في غسل اليدين قبل الأكل وبعده كما درسنا في المدارس الابتدائية .

الآن تحاول الأمم المتحدة أن تطلق برنامجاَ أسمته ( غسل اليدين) ليس له أي لون أو طعم أو رائحهة لأنه منفصل تماما عن واقع الدين وتعاليم الشريعة .

 دائما ما يتسائل المسلمون خاصة الجدد منهم عن التفاصيل الصغيرة والدقيقة في سنة الرسول صلي الله عليه وسلم فيسأل أحدهم عن تقليم الرسول(ص) لأظافره فوجدنا أن السنه تحدثت عن ذلك حيث يقلم المسلم أظافره كل أسبوع في يوم الجمعة .

اما عن نظافة الجسد فبعد ما أوضحنا من أنواع الغسل والطهارة في المناسبات المتعددة نجد أن الرسول (ص) سن لنا ازالة شعر الجسدغير المرغوب فيه بما أسماه سنن الفطرة ومنها الاستحداد وهو ازالة شعر العانة والأبطين . هنا نقطه للبحث يا ليت المتخصصيين  يبحثون فيها ان المصطفي صلي الله عليه وسلم  قال ( نتف الابط) ولعل في هذا الاسلوب حل لمشكلة الرائحة الكريهة التي تنبعث من هذا المكان الأمر اللذي ادي لرواج سلع المزيلات !

 

 

 

 كثير من الأحيان يصاب الانسان بحالة من الغثيان لما يشم من روائح

كريهة منبعثة من أفواه بعض الناس اللذين غفلوا عن سنة عظيمة من سنن النبي  وهي

سنة السواك الذي قال عنها نبينا أنه ( مرضاة للرب مطهرة للفم) .

كراهية نبينا للروائح الكريهة ومحبته للعطور معروفة ومشهورة فأمر أتباعه بعدم أكل الثوم

والحضور للمسجد بلفظ مقرع شديد ( لا يقربن مسجدنا) . يقاس علي الثوم في رائحته الكريهة السجاير التمباك وما كان في حكمهما.

فيما يتعلق بنظافة الدور سن لنا رسولنا الكريم نظافة هذه الدور قال رسول الله (ص) ( نظفوا افنيتكم ولا تتشبهوا باليهود ).

لا يخفي علي كل مسلم اهمية النظافة وطهارة المكان في اداء الصلوات وهي عبادة عظيمة من أجلها يحافظ المسلمون علي طهارة بيوتهم فيجعل بعضهم أحذية خاصة لدخول الحمامات حتي لا تنتقل النجاسات لبقية أنحاء البيت.

بل هناك وعيد لمن لا يتنزه عن البول حيث قال صلي الله عليه وسلم..

( انهما ليبعذبان ومايعذبان في كبير فأما أحدهما كان يمشي بالنميمة وأما الآخر فكان لا يتنزه عن البول ) .

نقرأ منذ أن كنا صغاراَ سورة المسد وقصة أم جميل حمالة الحطب التي كانت تضع الأشواك في طريق الرسول (ص) . هنا نقول ان هذه الأشواك التي كانت تضعها كانت تؤذي النبي (ص) وبقية الناس أيضا..

صحيح أنها استحقت النار بسبب كفرها ولكن كانت الخصلة المؤدية الي ذلك هي أذية الناس وأولهم النبي (ص) في طرقاتهم ويمكن قياس هذا الأذي بأوساخ الناس اليوم وتركها ورميها في طرق الناس فتؤذيهم ويؤدي الهواء  لتطايرها وانبعاث الروائح الكريهه منها ويتوالد الذباب و     

الباعوض الذي ينقل الأمراض وهو أمر سيصيب الجميع بما فيهم الشخص الذي رمي هذه الاوساخ!.

عندما تحدث النبي (ص) عن شعب الايمان ذكر منها اماطة الاذي عن الطريق وبداهة ان الاوساخ والاشواك من أكبر الاذي .

من معجزاته (ص) نهى أمته عن الشرب من منطقة ( الثلمة)

في الكوب والثلمة بمعني الشق أو المكان الحاد فعلمنا الآن في عصر العلم وبعد اختراع المكبرات وجود أعداد هائله من المكروبات التي تتواجد في هذا المكان ويستنبط من هذا أهمية جعل غرف العمليات وعنابر العنايه الفائقه لاتحتوي علي زوايا حادة او قائمة حتي لا تتكون مستعمرات البكتريا هذه.

             أندهش عندما أجد غرف عمليات بها بلاط أو سيراميك أو حتي رخام

لأن الفواصل الموجودة بينها(العرانيس) تصبح( ثلمات) تجمع البكتريا حتي تصبح

مقاومه للمنظفات والمعقمات وتصبح تلك الغرف شراكا لقتل الناس وهم في اضعف حالاتهم.

الآن هنالك مادة حديثة تجعل السطح منبسطا تماما دون وجود زوايا حادة أو فواصل تسمي الايبوكسي ويمكن أيضا اضافة مادة تساعد علي قتل أي بكتريا تسقط عليها حتي نحافظ علي حياة الانسان.

        اللوثة التي أصابت العالم الان بما يسمي الحفاظ علي البيئة نجد شواهد في النصوص تهتم بهذا الأمر فيشير الله سبحانه وتعالي الي ان الكون خلق  في حالة متناهية الضبط فيما يختص  بتوازن النسب ( و خلقنا من كل شئ موزون) ( ومن كل شئ خلقنا زوجين لعلكم تذكرون)

فيجب عدم العبث بالتوازن البيئي والأحيائي كما يحب العالم الجليل و الكاتب الساخر د محمد عبدالله الريح( حساس محمد حساس) أن يذكردائما

 

            يتحدث المحللون بأن الحروب القادمة ستكون حروب المياه وفي هذا الامرنجد أن

ديننا و نبينا محمد(ص) يدعونا لعدم الاسراف فيه حتي وان كنا في نهر جاري وأمرنا بتغطية الأواني حتي لا تتلوث. كذلك نهى الرسول(صلي الله عليه وسلم) عن قضاء

الحاجه في موارد المياه. أيضا نهى الرسول (ص) عن قطع الأشجار وقتل الحيوانات من دون حوجة وسيدنا أبو بكر نهى جيش أسامه عند خروجه غازيا عن هذه الأشياء.

نجد أن الرسول (صلي الله عليه وسلم) ومن أجل المحافظة علي صحة الانسان هذا الكائن

والمخلوق المقيّم والمكرم سن لنا أن نقوم بنفض الملابس والأحذية قبل ارتدائها مخافة أن يكون فيها شئ يؤذيه ، كذلك نفض السرير قبل الرقود عليه .

      لا ننسي هنا أدعية اليوم والليلة التي يقولها المسلم صباحا ومساء (ادعية اليوم والليلة)

فهي تحتوي علي ادعية الحفظ من الهوام والحشرات المؤذية (  أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق ) وبهذا الأمر يرجعنا الرسول الكريم الي مسبب الأسباب وأهمية الارتباط به والايمان به.

        م . محمد محجوب عبد الرحيم

mmahgoub4120@gmail

 

آراء