جائزة كتارة: الرواية قطرية والابداع سوداني

 


 

 

فازت رواية الكاتب السوداني،عبدالقادر مضوي،وعنوانها:( بحر وحنين ) بجائزة كتارا للرواية العربية في دورتها الثامنة (2022),حيث جري تدشينها ،والتوقيع عليها أمام الجمهور،خلال فعاليات الدورة التاسعة التي أقيمت بالحي الثقافي في أكتوبر الماضي وسط جمهور غفير من الكتاب والأدباء والروائيين والمثقفين العرب.
تم طباعة الرواية علي نفقة المؤسسة الثقافية في
(دار كتارا للنشر)،في طباعة أنيقة تزينها لوحة تشكيلية رائعة للفنانةالمعروفة ميادة حسن عبدالقوي.
وهي "رواية تاريخية خيالية حافلة بالأحداث التي تسافر عبر الأزمنة القديمة لتحكي سيرة غواص قطري طموح"..كما جاء في مقدمة الرواية .
المؤلف ،عبدالقادر مضوي،هو كاتب صحفي وروائي سوداني مقيم بدولة قطر لفترة طويلة ومن العاملين في مجلة [ الشرطة معك] التي تصدرها إدارة العلاقات العامة بوزارة الداخلية القطرية وله اسهامات متعددة بالكتابة في الصحف والمجلات القطرية والعربية كما له أعمال روائية جاهزة للنشر.
وبفوز روايته [ بحر وحنين] بجائزة كتارا للرواية العربية، يلحق الروائي مضوي،بركب المبدعين السودانيين الذين سبقوه بالفوز في دورات الجائزة السابقة، نذكر منهم، الروائي /أمير تاج السر، عن روايته [366...366],في الدورة الأولي للجائزة عام 2015,والروائي /علي الرفاعي، عن روايته [ جينات عائلة ميرو] في الدورة الثانية للجائزة.
وهكذا كان للمبدعين السودانيين حضورا أنيقا في منصات التتويج خارج بلدهم.
: إستطاعت رواية [بحر وحنين ] , أن تسلط الضؤ علي حقبة تاريخية هامة من تأريخ منطقة الخليج العربي عامة،ودولة قطر علي وجه الخصوص،حيث تدور معظم أحداث الرواية ،متنقلة ما بين الأمكنة وما بين البر والبحر بحثا عن اللؤلؤ وتسويقه ،لفترة ما قبل النفط،وتباشير إكتشافه وما أحدثه من نقله إقتصادية واجتماعية بالمنطقة وعلي السكان بما فيهم أبطال الرواية.
كما إستطاع المؤلف، وباعتباره ممن عاش وتعايش مع المجتمع الخليجي لفترة طويلة، أن يحكي في سرد روائي متناسق قصة الغوص، بحثا عن اللؤلؤ، بكل تفاصيلها الحيويةوأخبارها وأسرارها ومخاطرها وأفراحها وأتراحها..وكيف كان يعيش أهل الخليج في ذلك الزمان الأغبر وانتظارهم الممل بالأيام والشهور وقلوبهم معلقة بعودة الترحال والرجال..كأن صبرهم طويلا ..وبأسهم شديدا وايمانهم بالله قويا..حتي من الله عليهم بجوده وكرمه وجاءهم النعيم في النفط الذي أحال حياتهم إلي الرضا والعيش الرغد دون أن يغير من ثوابتهم وعاداتهم وتقاليدهم الموروثة في حب الخير ونجدة المظلوم مما كان له أعظم الأثر في تربية الجيل اللاحق من الأبناء،جيل المستقبل، الذي يضطلع حاليا بمعظم مسؤوليات القيادة في وطنهم الحديث.
ما يلفت النظر ، في هذه الرواية، أن المؤلف قد كتبها بلغة عربية ذات خصوصية ودلالات تجمع ما بين الفصحي المتيسرة،والدارجة الخليجية المتداولة ،في تناقم وتبادل للأدوار في الموافق والحوار دون أن يفقد القارئ العربي شهيته في القراءة والمتابعة والاستمتاع.كم إمتازت ،الرواية،بحشد كبير من المعلومات في مهنة الغوص وتجارته، وباسراره وأدواته ولغته الخاصة وتقاليده والمحافظة عليها جيلا بعد جيل..وكيف يعيش هؤلاء الناس ساعات الخطر في وسط البحر وساعات العسر الرهيبة مع هبوب الرياح وهياج البحر وهطول الأمطار الغزيرة وفقدان الأحبة و(دفنهم) بين الأمواج ليلتهمهم حوت البحر ..وكيف كانوا يعيشون علي تلك المخاطر أياما وشهورا بالصبر والتوكل علي الله حتي يأتهم الفرج ويفكرون في العودة للأهل والأحباب سالمين غانمين ،حيث تنتظرهم أهازيج الفرح والسرور علي ساحل البحر مع جموع المستقبلين،في مشهد رائع تعجز الكاميرا أن تصوره..بما فيه أيضا من حزن وبكاء حزنا علي الذين فقدوهم في رحلة الغوص الطويلة..وقد أجاد المؤلف في وصف هذه المشاهد بدرجة راىىعة
امتازت الرواية ،أيضا،بمراعاة القيم والتقاليد والروابط الأسرية المتداخلة في المجتمع الخليجي ،وكما قال المؤلف ،في تصريحاته الصحفبة ، أنه لم سطرا واحدا ، في الرواية تخجل من قراءته أسرته او طفلته الصغيرة.كما أنه لم يبالغ في سرد الأحداث التاريخية بالمنطقة ولم يشطح في تمجيد الأفراد والمواقف وما كتبت الا ما قد حدث ووقع بالفعل..وقد حكي وروي تأريخ الغوص في قطر من منظور روائي أدبي ثقافي ومعلوماتي محايد، دون الدخول في لجة التوثيق التراثي العلمي الأكاديمي للحوادث بالمنطقة.
رواية [بحر وحنين] للروائي السوداني، عبدالقادر مضوي]، التي فازت بجائزة كتارا للرواية العربية، هي في حقيفتها،انجاز سوداني وروائي رائع،يفتخر به كل سوداني مهتم بهذا النوع من الابداع،وحكي سوداني عن رواية تاريخية عن الغوص في قطر ،مما يشكل رسالة حب ووفاء لدولة قطر وشعبها العربي الأصيل الذي يحب ويحترم بخصوصية متميزة الشعب السوداني عامة وللمقيمين بارض قطر خاصة.. فتحتي هذه الرواية لتزيد وترسخ في دعائم تلك العلاقات بين البلدين.
د.فراج الشيخ الفراري
f.4u4f@hotmail.com
//////////////////////

 

آراء