جعفر بانقا معارضة غير موضوعية للفكرة الجمهورية (٢ – ٤)!!

 


 

 

ركن نقاش
*بين الشريعة والسنة:
تكليف النبي (صلى الله عليه وسلم)، فوق تكليف الصحابة وفق الاية القرانية "لا يكلف الله نفسا الا وسعها"، مقدرتها ووسع الصادق المصدوق اكبر من سعة الصحابة، ففي الصلاة مكلف بست صلوات، لا خمسة والسادسة قيام الليل، وفي الزكاة كانت زكاته على اية الزكاة الكبرى "ويسالونك ماذا ينفقون قل العفو"، والعفو كل ما زاد عن لحظته الحاضرة، وفي الصوم كان يصوم مع رمضان والايام البيض صيام المواصلة ثلاثة نهارات وليلتين..
*المرأة بين الرسالتين:
حق المرأة في الشريعة مقارنة بالرجل على النصف منه في الشهادة، وعلى النصف منه في الميراث (مع استثناءات)، وعلى الربع منه في الزواج، اما في الرسالة الثانية فالمرأة مساوية للرجل في الزواج؛ الرجل الواحد للمرأة الواحدة اذ ان القران يؤكد "ولن تستطيعوا ان تعدلوا بين النساء ولو حرصتم..."، وفي الشهادة بعد ان خرجت وتعلمت وبزت الرجال والقران ربط شهادة امراتين تساوي شهادة رجل واحد بضلال المرأة وفسره بالنسيان وحين تعلمت المرأة وتسنمت الشهادة السودانية لاعوام عديدة اثبتت ان ذاكرتها (استرجاعها) افضل من الرجل، وفي الميراث الذي كان يعتمد على الذكورة لحماية القبيلة بقوة الساعد والانفاق، وقد تغيرت المعادلة من قوة العضل الى قوة ورجاحة العقل انتقلت الفضيلة الى ان عقل المرأة مساو لعقل الرجل ان لم يتفوق عليه، اكتفي بهذا اذ ان الرسالة الثانية من الاسلام صالحة لانسانية القرن العشرين بله للحادي والعشرين..
بين التقليد والاصالة: من اكثر المواضيع التي اثارت لغطا وتشويشا وسوء فهم هي صلاة الاستاذ محمود محمد طه، وطالما هي كذلك فلا يمكننا ان نعتمد على منقولات ومرويات الاستاذ جعفر بانقا (التي نقلها الى قروب كوري الاستاذ ابواسماعيل) لعدة اسباب اولاها انه لم يلتقط مغزى صلاة الاصالة في مقابل صلاة التقليد، وثانيها انه لم يتذوق معنى ان االصلاة وسيلة وليست غاية ولم يفرق بين الوسائل المادية التي تنقلنا من مكان الى مكان لمحدودية الوسيلة وغائية المكان المادية، وثالثها عدم استطاعته التفرقة بين الصلاة كوسيلة تبلغنا غاية سرمدا لا بلوغ لها، "ولا يحيطون بشيئ من علمه الا بما شاء"، ذلك ان الوصول الى الله احاطة ممتنعة لان المطلق بداهة لايقيد سرمدا، ومن هنا كانت صلاة الاصالة صبغة لصاحبها يقيد ما يليه من علم المطلق بلا نهاية تبلغ..
*اربع مسائل مهمة:
اولاها ان الاسلام اسلامان، احدهما دون الايمان "قالت الاعراب امنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الايمان في قلوبكم"، وهذا هو الاسلام في مرتبة البداية وهو دون الايمان، والاخر اعلى من الايمان "يا ايها الذين امنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن الا وانتم مسلمون"، سماهم مؤمنين وانتدبهم الى الاسلام الأخير، فلما قالوا أينا يستطيع أن يتقي الله حق تقاته يا رسول الله؟، فنزل بهم الى ما يطيقون: "فاتقوا الله ما استطعتم واسمعوا واطيعوا وانفقوا خيرا لأنفسكم ومن يوق شح نفسه فاولئك هم المفلحون"..
وثانيها ان امة البعث الاول اسمهم المؤمنون بازاء امة اليهود وامة النصارى ولم ياخذوا اسم الاسلام الا من الاسلام الاول الذي هو بداية ودون الايمان..
وثالثها ان امة المسلمين على الاسلام الاخير لما تدخل الوجود كأمة وان دخل طلائعها من الانبياء والمرسلين، وينتظر ان يدخلوا الوجود كأمة في مقبل الايام..
ورابعها ان كل حرف في القران وكل كلمة وكل جملة لها معنى بعيد عند الله ومعنى قريب عند الناس، "الله نزل احسن الحديث كتابا متشابها مثاني"، ذا معنيين معنى قريب عند العبد ومعنى بعيد عند الرب..
*الصلاة بين الصلة والمعراج:
كان النبي (عليه افضل الصلاة واتم التسليم) على صلاة ابائه؛ الصلاة الابراهيمية، ومنها التحنث في غار حراء، وحينما جاءه جبريل اسرى به من المسجد الحرام الى المسجد الأقصى، وعرج به الى السماء وتوقف جبريل عند سدرة المنتهى وكان شافعا للنبي فاصبح النبي (بتوقف جبريل من السير معه) وترا، فزج بالنبي - كما قال - في انوار الذات، فشاهد من ايات ربه الكبرى ما جعله موقنا بالله (وهذه هي صلاة الصلة: الصلاة صلة بين العبد وربه، ولم يكن جبريل حاضرا لها)، وحينما نزل من مقام (مازاغ البصر وماطغى)، "يا اهل يثرب لا مقام لكم فارجعوا"، جاءه جبريل مصححا ما كان عليه من الصلاة الابراهيمية، وجاءه بالصلاة المعراج؛ "الصلاة معراج العبد الى ربه"، فعلمه اوقاتها وحركاتها، وامرنا النبي (صلى الله عليه وسلم)، ان نصلي: "صلوا كما رأيتموني اصلي"، و" خذوا مناسككم عني"..
*رؤيتنا لصلاته بالبصر والبصيرة:
حينما قال الصادق المصدوق: "صلوا كما رايتموني اصلي"، ورؤية البصر تمكنا من اتقان حركاته، واصغائه وتادبه مع ربه، ورؤية البصيرة تمكنا من رؤية انه لم يكن مقلدا لرجل قبله، فقد كان اصيلا في صلاته، ورؤيتنا المزدوجة له تجعلنا ننتظر ان يفضي بنا تقليدنا له ان نبلغ عن طريقه مقام اصالتنا (يقيننا بالله)، يقول الكريم المتعال في محكم تنزيله: " لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا، ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن ليبلوكم في ما اتاكم فاستبقوا الخيرات الى الله مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون"، الخطاب للجمع ولكنه خطاب فرديات ايضا بدليل قوله تعالى: "ان ابراهيم كان أمة..."، ودليل الاية في قوله: " فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون" حيث يبلغ المجود لصلاته عتبة الصلة بواسطة جبريلنا؛ محمدنا (عليه كامل المحبة والتقدير)، فيقول للمجود: "ها انت وربك"، فيخرج من بين العبد المجود لصلاته وربه لكمال تبليغه، فيكون العبد المجود صاحب يقين بربه؛ صاحب صلة بربه، وصاحب معراج، اذ ان معرفة الله سرمدا لا تبلغ ومن هنا جاء القول الصلاة لا تسقط عن عاقل، لانها وسيلة الزيادة مدى الدهر سرمدا..
*مثلان فارقان:
ضرب القران مثلين فارقين لمجموعتين مع سيدي رسول الله، احداهما مثلها في التوراة والثانية في الانجيل، "محمد رسول الله والذين معه اشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة"، اشداء على الكفار: اشارة الى جهادهم بالسيف، سيماهم في وجوههم من اثر السجود (الثفنة): اشارة الى تجويدهم العبادة..
"ومثلهم في الانجيل كزرع اخرج شطأه فازره، فاستغلظ، فاستوى على سوقه، يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار، وعد الله الذين امنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة واجرا عظيما"، الشطء هو الفسيلة، هو (الأسقة في النخلة)، المؤازرة: الاكتمال، فاستغلظ فاستوى على سوقه: اشارة الى سقوط التقليد في حقهم وحصولهم على شرائعهم الفردية، يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار: اشارة الى رفع الاكراه بالسيف من على الكفار وتقديم النموذج المقنع بلسان الحال لهم لا باجبارهم على الاتباع، المثل في التوراة: اشارة الى الرسالة الاولى من الاسلام، والمثل في الانجيل: اشارة الى الرسالة الثانية من الاسلام..
*(نتابع الردود على الاستاذ جعفر بانقا والناقل عنه الاستاذ عبدالغفار اسماعيل غانم)..
eisay1947@gmail.com

 

آراء