“جهر” تنطق جهلاً

 


 

 


كيف لا

ترتد بنا منظمة (صحفيون لحقوق الإنسان – جهر) إلى عصر الجهل والتجهيل باللغة العربية . فالزائر لصفحتها الرئيسية  لن يخرج منها إلاّ ووقر صدره من فرط الجفاء للغة وترك سلاستها إلى وعورتها . ولن يسلم  الزائر من انحراف بؤبؤ العين من فرط متابعة الكلمات واستجداء  التعابير لتبيّن أي شيء تريد الصفحة قوله ، ثم لن ينجو من الإصابة بشكّ مقيم ما زالت تلقيه في روعنا المنظمات التي تتحدث باسمنا وباسم حقوق الإنسان والتي أصبحت من أهمّ متلازماتها الوجه الصارخ لإدعاء النضال مع ركاكة في اللغة والأسلوب .
حتى أجهزة الموبايل ولكن الذكية منها فقط أصبحت تضع تصويباً ومقترحات للكلمات التي يريد استخدامها الكاتب ، بكافة اللغات وباتقان تام . وقد حرصت الشركات المصنّعة لهذه الأجهزة على توفير هذه الآلية للمستخدم من أجل راحته واتاحة خيارات عديدة يمكن أن تساهم بشكل من الأشكال في الارتقاء بأسلوبه في التعبير . وتبذل هذه الشركات الأجنبية مجهوداً كبيراً في تطبيقات اللغة العربية فتأتيك خيارات الكلمات مضبوطة بالشكل لتختار فقط ، ولكن (جهر) السودانية الموجهة للناطقين باللغة العربية ، تنطق بلغة أخرى لم تتنزل بعد في اللغات العالمية المعروفة .
وفي تعريفها لنفسها وهو الجزء الوحيد المكتوب بلغة مفهومة ، كتب القائمون على أمر الموقع على الانترنت: "جهر هى منظمة مُجتمع مدنى سودانيّة تضم صحفيين وصحفيات ونشطاء وناشطات فى الميديا ، تجمع بينهم وتوحّدهم هموم وإرادة الكفاح المُشترك فى تحدّى ومواجهة إنتهاكات حقوق الإنسان فى السودان ، وبخاصّة قضايا حريّة التعبير والصحافة والحق فى الحصول على المعلومات". ولكن بعد هذا التعريف المحكم تجاهل محررو الموقع بل تعمدوا تشويه الناقل الأساسي لما قاموا به وما يودون القيام به . هذه المنظمة السودانية والتي تتحدث باسم الصحفيين المقهورين والموقوفين عن الكتابة ، تتبع قهراً من نوع آخر بكتابتها شهادات الموقوفين بلغة لا يمكن أن تنتمي إلى اللغة العربية ولا إلى أي لغة أخرى . ولكن بعد كثير من الفحص والتمحيص تبين أنّ المادة تم الإدلاء بها إلى منظمة العفو الدولية والتي غالباً ما يكون قد تم تحريرها باللغة الإنجليزية ولكن كسل المناضلين من أجل حقوق الصحفيين واستعجالهم من أجل ردّ الحقوق صرفهم عن تجويد الخطاب ولغته ، فسوّلت لهم الثقة الزائدة بأنّ كل ما يقولونه ويكتبونه هو صحيح كوقائع بالضرورة وسليم نقلاً، بأن يأخذوا المادة كما هي ويلقونها في ترجمة قوقل لتظهر فسيخ "جهر" بعد أن كانت شربات موقع منظمة العفو الدولية .
بالنسبة لي كصحفية فحقي الأساسي الذي من المفترض أن أنادي به هو أن تكون الجهة التي تدافع عن حقوقي في ظلّ تغول السلطة والرقابة على الصحف ، جهة ذات مسئولية محددة ، بمعنى ألا تركز على عرض صور الموقوفين عن الكتابة ، وتكتب تحتها "أُجبر على الخروج من البلاد"،  والكل يعلم ما يتم بذله من إضفاء مسحة نضالية على مثل هذا الخروج الذي لم يعترضه عارض، جواً أو برّاً أو بحراً. وأن تتحلى هذه الجهة  بالمسئولية عن طريقتها في الكتابة وفي خطابها الموجه للناس سواء أكانو صحفيين أم غيرهم. لأنّه لا يستقيم عقلاً أن يولي صحفي يملك قلماً ، أمره لمنظمة لا تستطيع أن تفكّ الخط بينما تدعي أنّ جزءاً من جهودها هو لتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان ورفع مستوى الوعي لحالة حقوق الإنسان في السودان . 
(عن صحيفة الخرطوم)

moaney [moaney15@yahoo.com]

 

آراء