جيوبوليتيكا القرن العشرين: النظرية النسبية وفيزياء الكم (٢-٦)

 


 

 

بدأ القرن العشرين تطوره المذهل في الربع الاول من القرن اجتماعياً بوصول صراع المستعمرين وتنافسهم في مرحلتها المباشرة الى الحرب العالمية الاولى. رياضياً وفيزيائيا بنظريات اينشتين في ١٩٠٥ و اكمالها بالنظرية النسبية العامة ١٩١٧، و طرح اطروحات الفيزياء الكمية.

لوقت طويل حتى نيوتن اعتبر أنَّ المسافة والكتلة والسرعة والتسارع والمكان والزمان مقاييس ثابتة لها معايير مطلقة، لا تتغير بتغير الزمان أو المكان. مع «أينشتاين» تغير هذا المفهوم للابد، لقد زعزعت «النسبية» الثقة بالحتمية والسببية، وبصرامة القانون الطبيعي، وجرّدت العلم من أهم خاصيتين لـه: اليقين والإطلاق، وأحلَّت محلهما التقريب والنسبية والاحتمال. كان هذا تغييراً فكرياً في غاية الاهمية واعتبرت النظرية برادايم جديد. وسوف يفتح الطريق لمزيد من عدم اليقين في فيزياء الكم.

اذا كانت الفيزياء الكلاسيكية تدرس الاجسام الكبيرة، فان فيزياء اينشتاين والكمية بدأت بدراسة الاجسام التحت ذرية. وكان الفيزيائي (راذرافورد) طرح ان كل مكونات الكون عبارة عن اجسام تحت ذرية تتكون من نواة بها بروتون موجب الشحنة ونيوترون وتدور حولها الكترونات سلببة الشحنة. ومن مضاعفات هذه المكونات تتشكل المواد الموجودة في كل الكون.

تقوم النسبية الخاصة على خمسة قوانين أساسية: ثبات سرعة الضوء (٣٠٠ الف كيلومتر في الثانية، مهما كان مصدره وان الضوء يتكون من حزم صغيرة جدًا من الطاقة تُسمّى الفوتونات، وان هذه الفوتونات تمتلك خاصيتين: خاصية الجُسيم (اي لها كتلة) وخاصية الموجة.)، قانون الطاقة والكتلة، (اي الطاقة = الكتلة x في مربع سرعة الضوء) وهو القانون الذي بُنيت عليه معادلة القنبلة الذرية. وقانون انكماش الطول، وزيادة الكتلة بتزايد السرعة، والقانون الخامس يتعلق بالزمان: يتباطأ الزمن بحسب السرعة. وإذا زادت السرعة حتى وصلت سرعة الضوء فإن الكتلة ستكون حينئذ لا نهائية، ويصبح زمنها صفراً، وطولها أيضاً صفراً. أوضح آينشتاين أن الزمان والمكان مرتبطان ويؤثران في بعضهما، فيما يُعرف الآن بمصطلح الزمكان، وأن كليهما مفهومان نسبيان متعلقان بسرعة الضوء.

كان نيوتن قد تمكن من تحديد قيمة الجاذبية بين جسمين على أنها قوة تجاذب، بغض النظر عن مدى كتلتهما أو المسافة التي تفصلهما. أما آينشتاين فقدم نظرية النسبية العامة والتي تتعلق بالجاذبية. وتقوم على ان موضع جسم ما له اربعة ابعاد (الطول والعرض والارتفاع والزمان) وأن المكان والزمان متشابكان. أدى هذا إلى نظريته القائلة بأن الأجسام الضخمة في الفضاء يمكن أن تشوه نسيج الزمكان وهي مصدر الجاذبية (تم اثبات هذه النظرية بالتجارب بعد مائة عام من نشرها).

كان نيوتن قد حدد الضوء بانها جسيمات ذات كتلة، بعدها عرفها ماكسويل في القرن الثامن عشر انها مزدوجة وتتصرف كجسم او موجة حسب الظروف، النظرية التي نال اينشتين عنها جائزة نوبل اعطت تفسيرا لظاهرة التأثير الكهروضوئي وهي تفسر انبعاثات الإلكترونات من سطح المعدن عندما يُسلّط عليه الضوء . وجاءت نظرية آينشتاين عن أن الضوء حزمٌ او كمات منفصلة من الطاقة تُسمىّ الفوتونات وهي عبارة عن جسيمات وموجات في نفس الوقت وسمّاها الإلكترونات الضوئية (Photoelectrons). وان الالكترونات تحتاج لقدر معين من الطاقة (التردد الحرج) لتتحرر وتعطي الضوء. شكّل هذا النموذج أساسًا لكيفية عمل الخلايا الشمسية- فالضوء يدفع الذرات لإطلاق الإلكترونات التي تولّد تيارًا ينتج عنه توليد الكهرباء، كما يستعمل في التحليل الكيميائي وفي التلسكوبات واجهزة الرؤية الليلية وغيرها.

اكتشفت «الظاهرة الكمومية» في عام 1900 على يد العالم الفيزيائي الألماني ماكس بلانك. واضافت نظريات اينشتين اليها وعبر السنوات ومساهمة علماء عديدون تطورت لتصبح فيزياء القرن الحادي والعشرين. فيزياء او ميكانيكا الكم فرع مختص بالجسيمات متناهية الصغر مثل الإلكترونات وفوتونات الضوء وينتج عنه استنتاجات يمكن وصفها بالغرابة المطلقة فيما يتعلق بالعالم المادي. يمكن عزو هذه الغرابة إلى أن العديد من معادلات الميكانيكا التقليدية التي تصف حركة وسرعة الأجسام تفشل على مستوى الذرات والإلكترونات. في عالم الميكانيكا التقليدية تتواجد الأشياء في مكان محدد في وقت محدد، أما في عالم ميكانيكا الكم، هناك فضاء من الاحتمالات لمكان تواجد شئ ما في وقت ما؛ إذ هناك احتمالية أن يتواجد الشيء عند نقطة «أ»، واحتمالية أخرى أن يتواجد عند نقطة «ب»، وهكذا. سوف نتناول الفيزياء الكمية لاحقا بتفصيل.

حاشية: اتاحت الويكيبيديا واليوتيوب والانترنت عموما مكتبات مقرؤة ومسموعة ضخمة تتطرق لكل الافكار الاجتماعية والتطورات العلمية، تتراوح مستوياتها من البسيط الذي يطرح المفاهيم العامة والاطارات الى التفاصيل المتخصصة بكل نظام علمي.
///////////////////////////

 

آراء