حريصون على الصلاة ويؤدونها بعد فوات الوقت

 


 

 

يتشددون على أداء الصلاة و لكنهم يؤدونها دائما بعد فوات الوقت، هكذا علمتنا النخبة السياسية السودانية، أنها تقف موقف المتفرج من الأحداث الجارية و عنف الدولة، دون تقديم أي مشروعات سياسية تحدث بها أختراقا للأزمة، و عندما يقدم البعض على عمل لحل الأزمة، يبدأ البعض عملية جلدهم، ثمانية شهور منذ وقوع انقلاب البرهان و مجموعته على الديمقراطية، و الكل يقف متفرجا على المسيرات التي يخرجها شباب المقاومة الذين تحصد بعضهم رصاصات الغدر، و رغم ذلك تحدوا سلطة الانقلاب بصدورهم المفتوحة، بينما وقفت الأحزاب السياسية تندب حظها، دون كسر حالة الجمود السياسي و محاولة تغيير المعادلة السياسية لصالح هؤلاء الشباب، و تخفف عنهم وطأة حمل ثقل الأمانة.
و عندما يخرج البعض لكسر هذا الحاجز النفسي، و يفتح نفاجات عديدة لكي تكون ممرا لرياح التغيير، ليس فقط البذات العسكرية، و أيضا تغييرا في العقلية و تغييرا حتى في الموضوعات المطروحة في الشارع السياسي. يبدأ البعض نقده و تبريره، أنما اقدموا عليه هؤلاء كان خطأ، و يجب أن لا يقدموا على مثل هذه الخطوة، رغم أن الذين وقفوا موقف النقاد هما جزء من هذه التنظيمات، و التي أقدمت على خطوة تهدف منها أختراقا في جدار الأزمة. حيث وجه القيادي بتجمع المهنيين محمد ناجي الأصم -عبر حسابه بموقع تويتر- انتقادات لقوى الحرية و التغيير، ورأى في لقاء العسكريين سوء تقدير وتكرارا للأخطاء، حيث يستمر العسكر في عمليات القمع وقتل المتظاهرين في الشوارع. كما انتقد وزير التجارة السابق مدني عباس اجتماع الحرية والتغيير مع المكون العسكري، قائلا إن رؤية الشارع التي عبّر عنها هي الصحيحة لا تفاوض و لا شراكة، واستسهلوا العبث بطموحات الشعب السوداني في التحول الديمقراطي. اليس هؤلاء جزءا من هذا المكون...! لماذا لم يتقدما بمبادرتيهما قبل اتخاذ هذه الخطوة. اليس كانا جزءا من الاجتماع الذي اتخذت فيه هذه الخطوة، و اتخذ القرار بالاغلبية، و يجب على الأقلية أن تنصاع للقرار ديمقراطيا، بل تدافع عنه. و من الذي جاء بالمساومة مع العسكر و الوثيقة الدستورية المعيبة اليس كانا رودها.
أن خطوة الحرية و التغيير للتفاوض بصورة مباشرة و طرح مطالبها بقوة هي خطوة في الاتجاه الصحيح، لأنها محاولة لطرح أسئلة جديدة تكسر حالة الجمود السياسي، و تحرك الساحة السياسية. و بالفعل منذ يوم اللقاء و المؤتمر الصحفي الذي عقدته قوى الحرية و التغيير قد ضجت المجالس بالحوارات و النقاشات بين مؤيد و معترض و متحفظ، و أن الكل يحاول أن يستوعب الخطوة، و البعض الأخر يحاول يرميها بحجر. و لكنها حركت الساكن و حركت العقول التي أصابها الضعف و الوهن. هل كانت القيادات السياسية المطالبة من قبل المجتمع أن تحدث تغييرا لهذا الواقع القاتم أن تقف متفرجة عليه، أم تسعى للبحث عن الحلول بأقل التكاليف، رغم أن الشارع لم يبخل بدفع الغالي النفيس. لكن إذا كانت هناك فرص مؤاتية للحل الذي يوقف نزيف الدم في أرجاء السودان لماذا الممانعة؟
أن اللقاء كان الهدف منه كسر الحاجز النفسي الذي تسببت فيه الاءات الثلاث، و أن يقدم الكل على طرح الرؤى التي تقود لتشييد أعمدة الدولة المدنية الديمقراطية، بحضور دولى يكون شاهدا على الاتفاق، و كانت القوى السياسية و المعترضين أن يقدموا البديل أو ينتظروا نتائج الخطوة، و لكن عبارات التخوين و رميها بالخطأ يؤكد أن الساحة السياسية يقل فيها الرشد. و على قوى الحرية و التغيير يجب أن لا تتراجع عن مسارها بل تقدم علية بقوة و بمشروع واضح و مفصل يصل للكل، لكي يكون هو أداة المحاسبة. و من قال هذه الخطوة تراجع عن خيارات الشارع أو خيانة للشهداء، بل هي تعزز شعارات الشارع، و محاولة أن يجد كل الشعب السوداني مطالب الشهداء تجد طريق نزولها على الأرض، و الذين يبالغون في إرسال الرسائل السالبة و التخوينية هؤلاء مثل الحريصون على أداء الصلاة و لكنهم يأدونها بعد فوات الوقت. و يقول المثل الصيني أن مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة. نسأل الله حسن البصيرة.

zainsalih@hotmail.com

 

آراء