رحمة الله على صديقنا الدكتور معتصم عباس قدور

 


 

 

بعد الغياب وطول سنين زمن شقي
كان الأمل في يوم من الأيام نلتقي
نجمع الصحاب وديارنا تفرح تنتشي
لكن حل الغياب الأبدي الطويل
ورحل الصديق ذو الخلق النبيل
رحل المعتصم أبو الكرم الأصيل
ترك الفراغ وحزنا علي الكل تقيل
ترك الديار ترك الدموع أنهارا تسيل
حليل ليالي الأنس وجلسات المقيل
معاه في بربر وذكريات الزمن الجميل
رحمة الله على الفقير المعتصم عباس
لا في القهوة أو الإنداية كان جلاس
فقط كان وقورا جميلاً وبالشعر وناس
كم صار حزني اليوم على رحيل صديقي العزيز الذي كم كنت من وقت وآخر اتذكره وكم كنت اتنطر أن التقي به يوما بعد طول غياب. قبل الخرطوم ونحن في بربر العريقة سنوات عديدة وأيام جميلة كانت تجمعنا فى القدواب وأخرى فى حي الحبَّالة ببربر تحت إكرام موائد كانت جداً عامرة بكل طيب ولذيذ من أيدي والدتي زينب الطاهر الربيع ووالدته خديجة بت ودالفراش رحمة الله عليهن،تجمعنا وأبناء أعمامه من آل قدور الذين بكل رقي وأريحية صداقة ومحبة حقيقية كانوا يشاركوننا تلك اللقاءات المباركة ، عفيفة وبريئة كانت تحفها عناية الرحمن من الإنزلاق في أوحال ما لا يحبه الله . كلهم كانوا نعم الأحباب ، نفر بالفطرة والسماحة متعهم الله بخلق عظيم وتهذيب ورقي فى التعامل مع الأخرين . كان معتصم من ضمن صحبة رحلتنا المدرسية الفنية إلى جبل مرة وكانت لنا منها بعد العودة حقائب من تاريخ وجغرافية الوطن محملة بدفاتر ذكريات جميلة لا تنسى فى الرهد والأبيض والدلنج ونيالا وكاس ونرتتي وجبل مرة نفسه وروائعه وكرم اهله، وفى الخرطوم عائدين احتفل بقدومنا كل من الاخ مجذوب وأساتذة كلية الفنون شبرين ورباح فأكرمونا جميعا. كان معتصم من الأذكياء والأول دائما على دفعته، وتخرج في جامعة الخرطوم من كلية الزراعة ومن بعدها إبتعث الى المملكة المتحدة حيث حصل على شهادة الدكتوراه . عاد إلي الوطن عاملا مخلصا حتى إنتدابه إلى المملكة العربية السعودية. فيها عمل عدة سنوات بالأحساء ، ثم عاد ، ولكن بعد الشقة والإغتراب حالتا بين إلتقائه وآخرين محترمين كثر نشتاق إليهم. عاش صوفيا حزينا زاهدا مباهج الدنيا والمجتمع بعد فقده زوجته في شبابها فلم يتزوج بعدها ، ظل هكذا رهين حب معتق، ناره لا تمت. وبعد كل ذلك الحزن المستمر فقد ابنته الكبرى في ريعان شبابها بعد ولادتها بأيام لطفلتها الأولى من وعكة الربو لعدم توفر سرير عناية مركزة بالخرطوم لإنقاذها. هكذا تراكمت الأحزان كالجبال على رهيف القلب المعتصم. ولد رقيقا وعاش رقيقا ورحل رقيقا وسريعا هكذا لأن قلبه الرهيف كان متعلقا بحب من رحلوا ويتوق إلى لقياهم. على بركة الله كان قد جمعنا الله قديما يا المعتصم وأبناء عمومتك الكرام وعلى بركة الله ارجو من الله أن يبارك لنا في اعمارنا وأعمار من بقي منهم وأن نلقاك وهو راض عنا وعنك فى فردوس هو نعم دار النعيم. رحمة الله عليك يا طيبا كنت طيلة عمرك فطب مع الطيبين ومع الخيرين والشهداء والصديقين وعباد الله المخلصين . رحمة الله عليك أخي ، والله إنا علي فراقك لمحزونون. العزاء الحار لأشقائك الاستاذ كامل وهاشم ولأبنائك البررة وللإخوة الأحباب أبناء عمك يس والنور عبدالقادر

عزيزي القاريء حفظك الله. من مصادفات الحياة الدنيا قد يحدث أن تذكرك خاطرة من حاستك السادسة "telepathy" أو مناسبة ما بشخص كان محترما أو صديق له في قلبك وذاكرتك مساحة تحتويه، وإن طال زمن الفراق يعاودك الحنين الي لقاء به فتلتقي به فجأة خلال دقائق ومن غير ميعاد أو تسمع عنه أو تصلك منه رسالة. قبل أيام تذكرت المعتصم وأنا أكتب عن رحيل الأديب جعفر السوري فبعثت الأسبوع الماضي إلي شقيقي مولانا الطاهر حيث يقيم الان ببربر نسخة من مقال الأديب عمر جعفر السوري عن رحلات الشاعر ودالفراش حاملاً البريد حتى تسني، وطلبت منه أن يتأكد إن كان صديقنا وزميل الدراسة الدكتور معتصم حفيد ود الفراش قد يوجد ببربر ضمن من نزحوا نتيجة غزو الخرطوم الجائر ليسلمه تلك النسخة التوثيقية مع تحياتي له. عاد لي بعد عدة أيام برسالة تليغراية التعبير " سألت عن معتصم فبلغت أنه قد توفي منذ أكثر من سنة وابن عمه يس عالقا ً في السعودية " رحمة الله عليه ! فصدمت وجدا حزنت

هكذا نعيش حياتنا أياما جدًا معدودة وشتاتا مريرا على أرض دنياها غريبة وأهوالها عجيبة وعوالمها ليست لنا وأناسها ليسوا إخوانا أو أصحابا لنا، نظنهم أصدقاء فنكتشف أنهم مخربون ويسيؤن. يا رب لطفك وستر جميل تكسونا به ثوب عفاف وطهر ونقاء وأمان ورحمة منك يا رب وحسن خاتمة تنقلنا إليك نظيفين من أي دنس وأنت راض عنا.
عبدالمنعم

aa76@me.com

 

آراء