سنسدد فواتير البرجوازية الأوربية المرفهة.. رغم فقرنا

 


 

 

في العلاقات الدولية هنالك مصطلح يختصر في معناه و مبناه الحركي الكثير من المآسي وأقسى ما أختزنته ذاكرة التاريخ في استغلال الإنسان لأخيه الإنسان، ذلكم المصطلح هو (التكالب على أفريقيا Scramble for Africa). كان ذلك بُعيد تفجر الثورة الصناعية، حيث أخذت القوى الكبرى في أوربا تتدافع وبتكالب نهم على استعمار أفريقيا في أكبر موجة للتوجه الامبريالي الذي وسم تلك الحقبة فيما صار يُعرف بالكولونيالية Colonialism...
منذ ذلك الوقت أخذت الطبقة البرجوازية الناشئة حينها في أوروبا الإستفادة من تدفق خيرات المستعمرات من الموارد الطبيعية خاصة موارد الطاقة والمواد الأولية في مدخلات الصناعة ليس فقط من أفريقيا، بل من عموم العالم الذي وقع في أسر الاستعمار في آسيا وأمريكا اللاتينية، فقد شيدت الطبقة البرجوزاية في أوربا كل رفاهها على ذلك النسق من استغلال شعوب الأرض، ولم يواتِها وعي حقيقي بضرورة الكف عن ذلك التوجه، بل نحتْ بإتجاه أخذ أشكالاً متعددة من الاستغلال تبدو أكثر نعومة وحضارية في ظل سيادة موجة العولمة، غير أنها تقوم في جوهرها على ذات النهج.
الآن وبعد أن أغلقت أنامل فلاديمير بوتن الغليظة "بلوف" الطاقة بتحدي وصلف غير معهود عن أوربا كمظهر من تداعيات الحرب على أوكرانيا، وبعد أن أخذ التضخم يستنزف مدخرات و يقضم رواتب أبناء الطبقة البرجوزاية التي ركبها الذعر والفزع بإتجاه احتمال أن تودع حياة الرفاهية والدعة. وحيث أن تلك الطبقة المرفهة لن تساوم على رفاهها "المكتسب" عبر تلك الحقب المظلمة، و حيث أنها القوة التي تتحكم في مصير الحكومات عبر صناديق الاقتراع، فسوف تُجبر الاعبين السياسيين أن يعودوا لذات الإرث الاستعماري، ليتم التكالب مجددا على ذات الدول التي كانت مستعمرة لتسدد فواتير رفاهها عبر أدوات أكثر نعومة من تلك التي تكالبت بها على الأمم المستضعفة لتستمر ذات اللعبة بأساليب جديدة. في حقبة ما بعد الامبريالية والكولونالية.
د. محمد عبد الحميد

 

آراء