ضخ البترول الجنوبي و تاثر الوضع الاقتصادي

 


 

 

 

طبعا من البديهيات الاقتصادية ان سعر صرف العملة يتاثر بالانتاج و بمعني اخر العائد من الصادر ،، بلدنا لديها إمكانيات مهولة من الاحتياطات و هذه قيمة كبيرة جدا لكن بالطبع تدخلات العلاقات الدولية والسياسة و الدبلوماسية تكون في حد ذاتها مؤشرات إضافية لتحديد سعر الصرف كما بدأت تدخل أشياء اخري ليست ذات قيمة عينية او ملموسة كسلاح النشر الالكتروني او الإشاعات سألبها و موجبها ، لكن الأساس ان يكون الصادر كبيرا لتستقر العملة المحلية و الان نسمع عن سياسات جديدة او قل تعالي بعض الدول علي الدولار كما جاء في إشاعة ان قطر ستبيع الغاز بالعملة التركية طبعا من حقها و هذا الامر سيرفع من العملة التركية لان الشركات ستضطر الي تغيير الدولار و اليورو لشراء العملة التركية للدفع للقطريين ان صحت الرواية وقد سمعنا بعد ذلك ان الصين ستنحي نفس المنحي ، ( سمعنا في الأيام الماضية احد الشيوخ المحليين اظنه في منتدي او في احدي الصحف يوجه الناس بالتعامل مع العملة التركية بدلا من الدولار - طبعا هو ربما يقصد نكاية في امريكا لكن هو امر الان يدرس عالميا و ربما يكون له اثر في قلب الموازين العالمية ) بالطبع الامر اذا نجح بالنسبة لقطر و الصين فان ذلك سيزيد رقعة التمرد علي الدولار عالميا و خاصة في سوق النفط و نعلم ان ايران من الدول الكبري في هذا المجال فالامر سيفتح شهيتها ،،

بالنسبة للعملة السودانية بالطبع سينخفض الدولار امام الجنيه في الأيام المقبلة و لما لم يكن هناك انتاج او قل تصدير بخلاف عائدات العبور هذه و بعض المنتوج المحلي القليل ، فان العملية الإنتاجية لن تراوح مكانها لان العبء الصرفي او قل الصرف الحكومي بالذات ثقيل جدا علي الدولة و لن تستطيع الدولة في المدي القريب الاستفادة من هذا الضخ الا اذا قامت بعدة إجراءات .

الوضع الان يمكنني تسميته " الوضع الخيالي " :-

الذي يُبين صعوبة تسيير الامور في ظل موارد قليلة او قل معدومة بالنسبة للدولة و بالنسبة للمواطن الا الحياة تسير لكن بصعوبة و بطريقة " رزق اليوم باليوم " و " وضع اليد في القلب " ، بالنسبة للمواطن فان دخله مقارنة بمايصرفه للمعيشة لا يمكن ان يتخيله شخص غير سوداني لذلك أسميته " الوضع الخيالي " .

التحول من " الوضع الخيالي " الي " الوضع الصعب " :-

الوضع الصعب قد مر علينا قبل سنتين و هو ما كنّا عليه عندما كان الدولار يعادل عشرون جنيها ، و حتي نتحول من الوضع "الخيالي " الي الوضع " الصعب " لا بد من اتخاذ إجراءات لكنها صعبة جدا في ظل حكومة دكتاتورية و لتطبيقها يلزم ذلك تنازلات مرة و ربما تغير من شهوة و حب السلطة و هذه الإجراءات :-
■ لا بد ان تكون الهيمنة و الرقابة للتدفق النقدي للدولة من مسئولية وزارة المالية و أن يكون توزيع التمويل وفق خطط ثابتة لا تتغير مهما كانت الظروف و أن تمنع المؤسسات التابعة للدولة " خاصة الامن و الجيش و القضاء و الشرطة و رئاسة الجمهورية "من التعامل بفائض المال العام لديها لأي جهة و قد رأينا قيام مشاريع ضخمة بالعملة الصعبة بتمويل من جهات هي في الأساس تستمد تمويلها من المالية ، كما يحدث مثل نادي الأمن و مباني الجيش وسط الخرطوم و عمارات الشرطة و الهيئة القضائية و القصر الجمهوري ، فكان بالإمكان ان تذهب هذه المصروفات لتأهيل السكك الحديدية او مشروع كمشروع الجزيرة .
■ العمل علي دعم القطاع الإنتاجي من زراعة و صناعة و سياحة .
■ تغيير ثقافة تمكين السلطان و الصرف البذخي عليه في الأمن و المراسم و الحركة و الضيافة و لا يحدث ذلك إلا إذا قامت الحكومة باعلان حالة الطواريء في دوائرها-
# وقف الاحتفالات ،،
# وقف المهرجانات ،،
# وقف الصرف علي كل شيئ لا يفيد او ثانوي ..
# البناءات الشاهقة و الأندية الوثيرة و السيارات الفارهة التي تقدم للجهات الأمنية و العسكرية و العدلية ،، يجب ان توجه تكاليفها نحو الانتاج والزراعة ،،.
# وقف ما تسمي بالمشاريع و قد رصدت اكثر من ٣٠٠ مشروع خارج هيمنة المالية تصرف لها مبالغ دون رقيب او حسيب و اخرها الان مشروع ذراع خروف و الذي في ظاهره ذبح خراف للفقراء الا ان ما يتبعه من صرف و لجان و اعلام و حركة قيادات بسياراتهم و احتفالاتهم و مخصصاتهم لا يمكن حصره و هناك طبعا مشاريع كثيرة .
■ خفض الضرائب و الجمارك و الرسوم علي مدخلات الانتاج الزراعي ،، طبعا سيتحدث شخص و يقول لي من أين للحكومة اذن لدفع المرتبات فأقول ربما يمكن زيادة ضرائب الكماليات بنسبة 500 في المائة مثل السجائر و صالات الافراح و المغنين و المغنيات و المستوردات الآخري من زينة السيارات و مواد اللافتات الاعلانية و أشياء اخري لا يسع المجال لذكرها .
■ تشجيع المنتجين و التصدير ، و كلنا نري كيف يتم التعامل مع صاحب شحنة الخضار او العلف او الفحم في مداخل المدن من ذجر و تاخير و رسوم و سوء معاملات بعكس سيارات الفنانين و الساوندسيستم التي ترفع لها القبعات و يرقص لها و تقدم لها التحية ،
■ أعلان حكومة رشيقة .. في وزرائها و دستورييها .
■ استلام جمارك السيارات بالمعادل بالدولار (الي حين تحسن الوضع الإيرادي للدولار) ...
■ إيقاف كافة المستوردات غير المهمة في وجود بدائل محلية ( في حال عدم العمل بزيادة الضرائب و الجمارك عليها ) .
■ دعم البحوث في المجال الزراعي و الحيوانى .
■ تهيئة البيئة الصحية و السياحية للمدن للجذب السياحي .( النظافة .. النظام .. إظهار المعالم الأثرية والتاريخية .. فك ارتهان النيل من الابنية و اللافتات و تركه حرا .. تحسين الطرق .. تحسين او اقامة اماكن لخدمات السواح في الطرق و مناطق الزيارات . إشراك كليات الفنون الجميلة وخريجوها في إعادة تنظيم و تجميل مداخل المدن . وضع قانون ينظم اللافتات و مواقعها و أشكالها و أنواعها و احجامها و المسافات بينها و صيانتها و ترميمها و مخلفاتها و موادها . الاهتمام بدور العبادة) .

التحول من الوضع " الصعب " الي وضع "الاستقرار" :-

وضع الاستقرار هو الوضع الذي تكون فيه الدولة آمنة و مهيأة و جاذبة للاستثمارات الخارجية لتنطلق نحو التنمية و النهضة مع بعض التغييرات و التحولات في اُسلوب المعيشة بالنسبة للمواطن تصاحبه صعوبات و تغييرات في الثقافة و العادات و التقاليد و السلوكيات و للخروج من الوضع الصعب الي (وضع الاستقرار) هناك إجراءات لا بد من القيام بها اضافة الي الإجراءات السابقة :-
■ حرية التعبير ، كل يدلو بدلوه فتتعدد الاّراء و تظهر الحلول .
■ لابد من الخيار الديمقراطي و لم الشمل و التسامح وذلك سيوفر كثير من الموارد .و سيجلب المفكرين و العلماء و الباحثين .

التحول من وضع " الاستقرار" الي مرحلة " الوضع المثالي " :-

الوضع المثالي هو المرحلة التي يكون فيها الاستقرار أخذ محله تماما و دخلت الاستثمارات الخارجية و تحولت البلاد من الركود و التعطل الي العمل و الحركة وبدات الإيرادات تزداد و حتي يتحقق الوضع المثالي هناك أمور لا بد من توفرها اضافة الي أعلاه :-
■ العدل .
■ تحسين الادارة .

التحول من الوضع " المثالي " الي وضع " التعايش مع البحبحة " :-

عندما تستقر الدولة و يشعر المواطن بالامن و الرخاء و الرفاهية ، لا بد ان يتحول من مستهلك الي منتج لكي لا تدخل أمراض و المشاكل التي تصحب التحولات و هي ما يمكن تلخيصه في كيفية "التعولم " او تدابير الانتقال من الفقر الي الغني ، و حتي نتمكن من العبور من مرحلة الوضع المثالي الي ( التعايش مع البحبحة) لا بد من :-
■ ((( اعادة صياغة ثقافة الأمة )))


صلاح حمزة /باحث
salahhamza@gmail.com
//////////////////

 

آراء