عام من الحرب: أداء تقدم: النخبوي الأعور (1)

 


 

جبير بولاد
6 April, 2024

 

جبير بولاد

.. عام من الخراب و الدمار و التقتيل و التشريد و الإنتهاكات و الاصطفافات الحمقاء.. عام علي سقوط مركزية الدولة السودانية و ما زال الطريق مدلهم و أشطر عرّاف لا يستطيع التكهن بنهاية للحرب، ناهيك عن معرفة كيفية الطريقة، و يظل طرفا الحرب في مكانهما العسير من معرفتهما القاصرة فقط علي الاقتتال و لكن لا مشروع يملكانه سوي المُضي قدما في حرب الانهاك و الاستنزاف ، و النتيجة وطن يتمزق جسده و الضحية إنسانه ، الذي كان كل ذنبه انه توّحد في ثورة عظيمة لها احلامها المشروعة و النبيلة، الإنسان السوداني ضحية الأنظمة التي جربّت معه كل سُبل البطش و التنكيل و الإذلال و الاهانة لسوقه الي قبول سلطتهم الواقعة بواسطة القوة و الجبروت.
..عام علي الحرب، و ما يزال جوقة من النخبويين ذوي العين الواحدة، تراهن في بلادة حس علي أستمرار هذه الحرب المتخلفة في ادواتها و سلوكها و منطلقاتها، نخبة تحلم في غير واقعية علي إنتصار طرف يمثل تطلعاتها في مؤسسات الدولة التي فشلت منذ استقلالها من المستعمر في إدارة هذه التركة بحكمة و إقتدار، بل نظرت الي التنوع كلعنة أو في منحي آخر بمهدد لأصحاب الإمتياز فيها، ففشلوا في الفكر و فشلوا في الممارسة.
.. عام علي الحرب و لم يتعلم(الاعوريون) اي درس مُستفاد غير المُضي قُدما في تيهم و ضلالهم، يتكلمون و يكتبون و يهرجلون أكثر من ذباب الخريف في مكبات النفايات ..الوطن الذي أحالوه الي مكب لنفايات تجاريبهم العاطلة عن اي قيم نبيلة، ما أن يسرج أحدهم صهوة درجته الاكاديمية إلا و يداهمه الأحساس بتفوق كذوب و يجعله يحلم بمكانة له علي دكة الوطن المكلوم، لا يهمه/ يهمهم ، سوي أمر واحد هو أن يكتب التاريخ أنه كان في يوما ما (أعوري) علي أحد أسرجة هذا المكب و الانتفاع بمتعة السرج(الكرسي) اللحظية، المرحلية،العابرة، أنه إمتياز، هو في نهاية المطاف حجز لموقع في التاريخ لعديمي الضمير و الوطنية و الأنسانية .
.. الشعب و قواه الحية، تدرك الطريق تماما، و تقدم التضحيات بأستمرار و لكن حصادها كان دوما هولاء الحفنة التي وسّمت تاريخ الوطن و عمر الدولة بقصعة قرعاء و أحلام قصية .
.. قف حيث أنت و أعوي عواءك و لكن لا تنسي أن الأمس ليس كما اليوم و لا اليوم سيكون مثل الغد .
.. غربالنا، غربال التاريخ سوف يمضي في عمله و سيتساقط كل (الأعوريون) الذي يظنون أن التاريخ السوداني سيقف عند محطة واحدة.
.. الأن الصراع يفرز كيمانه ما بين تركة مسمومة تتقاتل علي جسدنا( جسد الوطن) و بين فتية آمنوا بهذا الجسد و إنسانه و قالوا لا للحرب و وقفوا بحزم يدفعون ثمن هذا الموقف من تجريح يومي و تخوين و آخرها مُمالة لجيش حمل كل ذرات الفساد و الفناء بداخله مع مولود له حمل ملامح كل التشوهات و ان وجد الإعتراف و الشرعية من ذات الجيش الذي يقاتله، لن نراهن علي الرحم و لا علي المولود و لكننا نراهن علي الأنسان(الوطن) الباقي و الذي بقي علي مر التاريخ رغم كل محاولات القتل و البيع و التشظي .
.. الطريق الي التحول المدني الديمقراطي طريق وعر و صعب و لكن ستحمله القوي التي آمنت به، كما حمل المسيح صليبه في درب الآلام مغروز الشوك علي رأسه، فمات من صلبوه و نسيهم التاريخ و بقي المسيح و نوره علي جبين التاريخ يضيء روح الوجود و يذكر البشرية في أحلك اطوارها بأن النور لن يخمد أبدا و ان اعترته سحائب الظلمات و الظلامات .
..نواصل

jebeerb@yahoo.com

 

آراء