غياب الحل في النزاع الأوكراني الروسي

 


 

حامد بشري
16 January, 2023

 

الحفاوة والترحاب التي قُوبل به زلينسكي رئيس دولة أوكرانيا عند مخاطبته لأعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي في يوم الأربعاء (21 ديسمبر/كانون الأول 2022) لم يجده حتي داخل موطنه أوكرانيا ، حيث يختبئ في مكان ما وتحرسه قوات خاصة . أما أذا أستمعنا الي خطابه الموجه الي الكونقرس فبكل المقاييس يمكن أن نعتبره خطاب تعبوي يصب في خانة أستمرار الحرب بين قوات الناتو ودولة روسيا وفيه يستجدي بدون أستحياء أمريكا والتي من خلفها حلف الناتو لكي تصب مزيداً من الزيت علي النار المشتعلة أصلاً ويطالب بالمزيد من ضخ العتاد والمال والجنود لأستمرارية الحرب التي فاق عدد ضحاياها 100 الف ضابط وجندي أوكرايني وأكثر من 20 الف مدني علي حسب ما ورد في تصريح لرئيسة المفوضية الأوربية أورسولا فون دير ، هذا بخلاف ضحايا الجيش الروسي . العدد الكلي للضحايا في أقل من عام فاق ضحايا الجنود السوفيت في أفغانستان التي أستمرت الحرب فيها قرابة العشرة أعوام وهذا العدد الكبير في ضحايا الحرب التي ما زالت مستمرة يعود بالدرجة الأولي لدخول مجموعة حلف الناتو بالأضافة الي الأسلحة الفتاكة والآليات الحديثة التي تفوق عما كانت عليه في نهاية القرن الماضي . زلينسكي في مخاطبته للكونقرس أستجدي المال والرجال وأسلحة متطورة لكي تمكنه من هزيمة الجيش الروسي حيث ذكر يجب أن نحظي بالدعم حتي أن ننجح وأن المساعدة المالية مهمة جداً ونشكركم علي ذلك . وذهب خطوة أبعد في طلبه للمال الذي يذهب جله للمرتزقة وللأولغارشيه الأوكرانية عندما فتح آذان أعضاء الكونقرس بأن هذا الدعم والمساعدة ليست صدقة وأنما يصب في خانة الأستثمار وهي الكلمة السحرية التي تجذب رأس المال وخاصة الغربي حيث حاول تغليفه بأنه أستثمار في الأمن العالمي ولأرساء الديمقراطية في العالم !!!! تناسي عمداً ما فعله السادة الأمريكان بدعوي الديمقراطية في العراق وأفغانستان ويوغسلافيا والسودان وليببا والقائمة تضم أكثر من خمسين دولة حاولوا تغيير نظام حكمها في القرن الماضي بقوة السلاح إضافة الي غض الطرف في خطابه أمام الكونقرس عما يفعله الأرهابي الأكبر في فلسطين المحتله التي يحمل جواز سفرها زلينسكي . ورد في حديث زلينسكي في الكونقرس أن أوكرانيا أقترحت السلام وأن هنالك بعض الأشياء التي يجب أن نُضمنها في أتفاقية السلام . أقترح علي أمريكا (وليس أوكراينا) أن تحدد العقوبات ضد روسيا وعلينا أن نجعل هؤلاء المجرمين الضمير راجع الي الروس أن يتحملوا مسؤوليتهم وأن يعاقب هؤلاء الأرهابيين علي هذا العدوان ، وعليهم أن يدفعوا الضرر!!!!. أليس في هذا تصعيد مباشر للحرب حتي تتسع رقعتها وتقضي علي الأخضر واليابس . الغريب أن هذا الحديث وجد تصفيقاً حاراً . أتت دعوة زلينسكي الي أمريكا قبل الأقرار بتقديم مساعدات عسكرية و أقتصادية طارئة جديدة بقيمة 44.9 ملياردولار، تضاف إلى نحو 50 مليار دولار أُرسلت بالفعل إلى أوكرانيا هذا العام.
الأمر يصبح أكثر تعقيداً بتصريح وزير الدفاع الأوكرايني أوليكسي ريزنيكوف، في مقابلة مع قناة "1ج + 1" التليفزيونية بأن " الجنود الأوكرانيين ينفذون مهمة حلف "الناتو"، ويشاركون في الصراع ضد روسيا . وقال ريزنيكوف: "نحن ننفذ مهمة حلف الناتو اليوم.. إنهم لا يريقون دماءهم بل نحن نسكب دماءنا ولذا فهم مطالبون بتزويدنا بالسلاح". وأشارت موسكو مراراً وتكرارا إلى حقيقة أن "الناتو" يطلق العنان للأزمة في أوكرانيا.. وفي وقت سابق، أشار السكرتير الصحفي للرئيس الروسي دميتري بيسكوف، إلى أن الحلف يفضل القتال حتى آخر أوكرايني. وهذا ما صرح به أيضاً بوريس جونسون رئيس وزراء بريطانيا السابق " سأفعل كل ما في وسعي لتدمير آلة بوتين الحربية وسنحارب حتي آخر جندي أوكرايني "
وفي تصريح للسيناتور الامريكي السابق ريتشارد بلاك حول الأزمة في أوكرانيا علي التيوتر قال ليس لاوكرانيا دور كبير تلعبه ، أعتقد أنهم ببساطة مجرد وقود للمدافع مستذكراً تصرفاً لرئيس وزراء بريطانيا السابق بوريس جونسون خلال الأشهر الأولي من بدء العملية العسكرية الروسية الخاصة والحديث لا زال لبلاك ولا أعتقد أن الولايات المتحدة والمملكة المتحدة لديهما أي أهتمام باوكرانيا نفسها . ما يحدث هو ببساطة مجرد شيئ لحشد العالم حول هدفهم وهو في النهاية تقويض روسيا والسيطرة عليها . أعتقد أن هذه هي الرغبة والهدف ومن المهم أدراك أن الأوكرانيين مجرد دمي في هذه المرحلة . ويواصل السيناتور بلاك في حديثه (أرادت الحكومة الأوكرانية تحقيق السلام في شهر أبريل بعد فترة وجيزة من بدء الحرب وقبل أن يكون هنالك عدد كبير من الضحايا والأضرار الجسيمة لقد قدموا مقترحات سلام لروسيا، وروسيا أعجبت بتلك المقترحات كانوا يضعون اللمسات الأخيرة للأتفاقية وكان الرئيس بوتين مستعداً للسلام وبشكل غير متوقع سافر بوريس جونسون الي "كييف" وأمرهم بالتوقف عن ذلك وبمتابعة القتال . لذلك لا أعتقد أن لاوكرنيا دوراً كبيرا لتلعبه . أنهم ببساطة مجرد وقود للمدافع والحرب مستمرة ليس بتوجية من أوكرانيا بل من الناتو). وتسآل السيناتور الأمريكي السابق عما سيحدث بعد أنهيار الجيش الأوكرايني ؟ وفي رأي أنه في حالة الأنهيار سيتحول الجيش الأوكرايني الي فرق أرهابية تنتشر في غرب أوربا وقد تصل أمريكا وتزعزع أستقرار العالم الغربي . وحالياً قبل أنهيار الجيش الأوكرايني بدأت وسائل الأعلام تنشر بعض الفديوهات التي تتحدث عن ظهور فرق عسكرية أمريكية والمضحك المبكي تحت أسم "موزارت" تتكون من أطباء وممرضين تتولي تسويق الأعضاء البشرية للمصابين والجرحي وتصديرها الي خارج أوكرانيا .
في المؤتمر الصحفي الذي جمع الرئيسين بايدن وزلينسكي تعهد بايدن بتقديم الدعم لاوكراينا وقال بايدن مخاطبا زيلينسكي: " لم نفعل هذا لوحدنا جمعنا حلفائنا وشركاء من حول العالم لنقف بقوة مع أوكرانيا . أتوقع أن يوافق الكونقرس لدعم أوكرانيا ب 45 مليار دولار . اليوم نعلن دعم آخر لاوكراينا 1,85 مليار دولار ونعمل علي محاسبة روسيا في جرائم الحرب التي ترتكبها . هذا الحديث من رئيس دولة تمتلك أسلحة نووية فبدلاً من نزع فتيل الأزمة يستمر في حشد حلفاء أكثر من 50 دولة بعضمة لسانه لدعم أوكراينا بدبابات وصواريخ وأنظمة دفاع جوي (باتريوت) مما يهدد بحرب كونية علي الرغم بأن روسيا لم تشكل تهديداً لأمريكا وأن أوكراينا لم تكن عضواً في حلف الناتو.
وفي تصريح لوزيرة الخارجية الأمريكية السابقة، كوندوليزا رايس، وأيدها وزير الدفاع الأمريكي السابق، روبرت جيتس، إن موسكو عازمة على الحفاظ على السيطرة على الأراضي التي صوتت لتصبح جزءاً من روسيا وسط العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا، لافتين إلى أن الهزيمة ليست خيارا أمام الرئيس الروسي .
وقال الوزيران السابقان في مقال مشترك لصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية: "بالنسبة إلى بوتين الهزيمة ليست خياراً. لا يمكنه التنازل لأوكرانيا عن المقاطعات الشرقية الأربع التي أعلنها جزءاً من روسيا" وفقا لسبوتنيك. وأضافا: "إذا لم يتمكن من النجاح عسكرياً هذا العام، فيجب عليه الأحتفاظ بالسيطرة على المواقع شرقي وجنوبي أوكرانيا التي توفر نقاط انطلاق مستقبلية لتجدد الهجمات للسيطرة على بقية ساحل البحر الأسود الأوكرايني، والسيطرة على منطقة دونباس بأكملها ".
ووفقا لرايس وجيتس، فإن معظم القدرة الصناعية والثروة المعدنية لأوكرانيا تحت السيطرة الروسية، في حين عانت البنية التحتية والاقتصاد الأوكرانيين بشكل كبير. وقالت رايس وجيتس إنها "تعلق الآمال على بوتين للتحلي بالصبر لتحقيق أهدافه".
وفي خطاب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بمناسبة العام الجديد للروس، ذكر أن الغرب يستخدم شعب أوكرانيا لتقسيم روسيا وإضعافها، لكن موسكو لن تسمح بذلك أبداً. وأن الغرب يشجع النازيين الجدد الذين أستمروا في الأعمال الحربية والارهابية بحق السكان الآمنين في الجمهوريات الشعبية في دنباس ، وكانوا يكذبون في حديثهم عن السلام ويواصلون الأستعداد للعدوان واليوم يعترفون بذلك ويستخدمون أوكرانيا وشعبها بجلافة بغرض أضعاف روسيا وتشظيها ونحن لم ولن نسمح بذلك أبداً . أن القوات الروسية تدافع من أجل الأرض الأم ومن أجل الحرية والعدالة وصيانة ضمانات روسيا وأمنها . منذ 2014 بعد أحداث القرم روسيا تعيش في ظروف العقوبات لكن في هذا العام أعلنت حرب عقوبات حقيقية وأن نضالنا هذا لصون مصالحنا وأقتصادنا ويخدم البلدان الأخري في صنع نظام عالمي متعدد الاطراف .
وتجري روسيا عملية عسكرية خاصة في أوكرانيا منذ 24 فبراير 2022، وصفها بوتين بأنها مهمة حماية الأشخاص الذين تعرضوا للأضطهاد والإبادة الجماعية من قبل نظام كييف لمدة ثماني سنوات، ووفقا للرئيس، الهدف النهائي للعملية هو تحرير دونباس وخلق الظروف التي تضمن أمن روسيا نفسها.
أمام هذا الوضع العالمي المعقد وغياب حكماء يديرون دفته ووجود أسلحة نووية يصعب التكهن بما ستؤول اليه حال البشرية .

حامد بشري
15 يناير2023

hamedbushra6@gmail.com
////////////////////////////

 

آراء