في الهويات الاعلامية للانحطاط الداهم

 


 

وجدي كامل
7 December, 2022

 

اصبح للتدهور، او فالنقل الانحطاط الاعلامي اوجها عديدة في وسائلنا الاعلامية من قنوات تلفزيونية وصحافة الكترونية لا تقتصر على تشوهات المحتوى الاعلامي المرئي والمسموع والمكتوب فقط، او تتمظهر في سوء استخدام اللغة العربية فحسب بل التهرب من مستحقات استعمالاتها . ولفت نظري في الفترة الاخيرة ظهور كتاب اعمدة صحفية لم نسمع عنهم ولم نرهم من قبل وهم يكتبون باللغة العامية المروية او المحكية وكأن الكاتب منهم في مهمة ايناس اعتيادية لصديق مقرب. وقد يقول قائل ان تلك الظاهرة لها من الفوائد في التبسيط وجعل المادة المكتوبة متاحة الفهم لاوسع نطاق من الراى العام المحلي. ولكن وفي واقع الامر فان ذلك يعد خرقًا بائنا في اعراف الكتابة الصحفية وتقاليدها التي رسخت
صحيح ان هنالك لغة ثالثة لا جدل او جدال في ان الصحافة المكتوبة نفسها من اسس لها ولكن ان تكتب كما تتحدث في الشارع او المواصلات فهذا لا يميزك ككاتب صحفي ويجعلك شخصا عاديا خدمته الصدف والعلاقات العامة ان يحتل مساحة في منبر صحفي شديد الحساسية لنشر ترهاته على الملا ورمى نفاياته على الجميع. اعلام الانتقال او الاعلام الانتقالي في مطلوباته الفنية والتحريرية يعني كذلك مكافحة المفاهيم المهنية المغلوطة الكثيفة وما ساد منها بتاثير الخطاب الاعلامي لسلطة الانقاذ واستبداله بخطاب مهني جديد يتخلص ومن ناحية مبدئية من المفاهيم الخاطئة والاشخاص الدين اسسوا لثقافة الخطا الذي صار وللاسف مثالا ومعيارا للصحة والتأصيل في رد الاشياء الى مظانها وتعريفها. الكتابة بلغة عامية مروية تدخل ايضا في اشكالية الوجود المتعدد للعاميات لدينا بالسودان والتنوع الضخم الذي يلفها ويستبطن هياكلها. فليست لدينا عامية احادية واحدة بمعنى ان الكتابة على اعتقاد ان العامية التي نستخدمها في الوسط هى كل العاميات او هى الانموذج. تلك استخدامات تستدرج تعاليًا وتصنع احتكارا لبقية العاميات التي لها حق الوجود والتعبير عن ثقافاتها بما فيها عربي جوبا الذي لم ولن يشمله الانفصال او استقلال الجنوب بما حمل من رسايل. لقد قامت تقاليد واعراف الصحافة على ان تكتب بلغة فصيحة اولى او ثانية او ثالثة وليس إتباع سلطة اللغة العامية المحكية. ان في حدوث ذلك ضرب من الانحطاط الاعلامي ما يستدعي وضع سياسات تحريرية صارمة من قبل رؤساء تحرير الصحف دون اللجوء لقوانين عقابية يسنها سيئ الذكر المجلس القومي للصحافة والمطبوعات بل تنبع من الضمير والوعى المهني للمؤسسات الاعلامية واهمية وجود محررين لغويين ومصححين اكفاء بداخلها كما كان سائدا طيلة تاريخ العمل الصحفي المؤسسي. اما الاستثناء الاعلامي في استخدام العاميات المحكية فهو اقرب الى الاذاعات والتلفزيونات ذات الاهداف التوعوية والتعليمية المتخصصة والرامية الى زيادة الوعي وتبصير الراى العام البيئي او الزراعي او الرعوي او الامني وكل ما يخدم استراتيجيات وخطط التطور العام واضعا في البال غلبة ظاهرة الامية التعليمية بين الجمهور المستهدف بالعامية المناطقية المحكية اولتي تختلف من منطقة ومن بيئة الى اخرى. ما تعرف بانها صحفا قومية او اعلاما قوميا يستهدف الجميع وبما فيهم غير السودانيين المقيمين وغير المقيمين ممن يجيدون القراءة والكتابة بالفصحى ويبحثون عن الخبر والخدمة الاعلامية في الصحف ووسائل الاعلام السودانية وما يستحقون كذلك من خدمات اعلامية بلغات اخرى كالانجليزية والفرنسية وغيرها والتي نضبت خدماتها في الاونة الاخيرة لاسباب وظروف عديدة. المهنية والتحرير واللغة ومنها لغةالصحافة المكتوبة في خطر بهذا البلد بسبب (تسعة طويلة) المفاهيم وتعديها المستمر على الاعراف والقيم المهنية الحميدة الراسخة غير المحمية بوعى وعمل الادارات الاعلامية المتعاقبة فيما يتصل بغياب الخطط واللوائح والسياسات الاعلامية المنتجة والداعمة للتطور .

wagdik@yahoo.com
/////////////////////////

 

آراء