في سن العشرين في بلاد تقتل وفي بلاد تصبح نائب برلماني!!!

 


 

 

يبدأ هذه الأيام العام الدراسي الجامعي في فرنسا وبينما يستعد الطلاب للالتحاق بقاعات المحاضرات، على خلاف الطلاب يستعد السيد لويس بويارد الطالب بواحدة من أفضل كليات القانون بفرنسا أي كلية "آساس" الا يعود لقاعات المحاضرات الا كنائب برلماني!!! وبالفعل فقد تمت دعوته من قبل أحد أساتذة كلية القانون "آساس" لألقاء محاضرة في شهر نوفمبر المقبل عن تجربته مع المؤسسات.
هل تعلم أيها القارئ ان الطالب لويس بويارد هو شاب يبلغ من العمر 21 عاماَ ولكنه خاض الانتخابات البرلمانية في شهر يونيو الماضي في جنوب باريس في إقليم "فال دو مارن" في الدائرة الثالثة، ممثلاً لتحالف احزاب اليسار(الاتحاد الشعبي البيئي واللجتماعي الجديد Nupes ) ضد السيد لوران سان مارتن مرشح الحزب الحاكم أي (الى الامامLREM ) والذي غبر اسمه الى حزب النهضة وفاز عليه. وبذلك أصبح ثاني أصغر نائب برلماني في فرنسا. وقد قرر النائب البرلماني الشاب ان يجمد دراسته بكلية القانون طوال فترة ولايته البرلمانية. ومن التصريحات التي ادلى بها النائب البرلماني الشاب" كان يمكنني ولا سيما عبر شبكات التواصل الاجتماعي ان أصرح بأنني سأواصل الذهاب الى الجامعة ولكن من باب الصدق لن يكون عندي وقت للذهاب للجامعة واداء الامتحانات، ولذلك أفضل ان أزور المدارس-كنائب برلماني- لا يجاد حلول للأطفال ذوي الاعاقة الذين لا يستطيعون الذهاب الى المدرسة" وكذلك القيام بزيارات للجامعات ومقابلة الطلاب ومناقشة القضايا التي تهمهم مثل اصلاح المنح الدراسية. حاول زملائه واصدقائه اثنائه عن تجميد دراسته مستدلين بأن عضوة )حزب اليمين المتطرف(RN الشابة ماريون مارشال قد نجحت في التوفيق بين دراستها الجامعية وولايتها البرلمانية، وان الشاب لويس بويارد ليس اغبى منها.
اعتبرت زميلة لنائب البرلماني الشاب أثينا ميشيل انها تشارك صديقها الفكرة بانه "من غير المرغوب فيه التفكير في مهنة في السياسة لأنها تشجع الناس على النضال من أجل مقعد ومكان وليس من أجل المصلحة العامة. !!!لعلنا نتسأل كيف قدم تحالف الاحزاب اليسارية شاب عشريني في الانتخابات ضد مرشح الحزب الحاكم في حين ان الاحزاب اليسارية تعج بالالاف ممن هم فوق سن الاربعين والخمسين والستينولهم باع طويل في العمل السياسي، ولكنها الثقة في الشباب، نعم الثقة المتبادلة بين الشباب و"الشياب" فكل من الفئتين يدرك قدرات الاخر ويقدرها ايمانا بأنه يوجد في البحر ما لايوجد في النهر، وبالثقة بين مكونات المجتمع وتعاونها تبنى المجتمعات. اما في دول العالم الثالث فلا توحد الثقة لا بين الفئات العمرية المختلفة ولا بين الاحزاب او القبائل او غيرها، وانعدام الثقة في الاخر هو اول باب للشك ومن ثم الصراع.
من الملاحظات ايضا ان رؤساء حكومات ووزراء كثير من الدول الغربية وخاصة كندا والدول الاسكندنافية هم شباب وشابات لم تتجاوز اعمارهم سن الاربعين او حولها. وهي سنة الصادق المصدوق "ص" حين عين اسامة بن زيد ابن الثلاثة عشر عاما قائداً لجيش به ابوبكر وعمر!!! و جاء في الاثر " أوصيكم بالشبان خيراً؛ فإنهم أرق أفئدة ".
عادت بي الذاكرة الى الفلم السوداني "ستموت في العشرينYou will die at Twenty " ورغم انني لا اعلم الكثير عن الفلم سوى انه من اخراج أمجد أبو العلا، ولكني اجد العنوان جد معبر عن الواقع السوداني وكدليل على ذلك ان الشاب حنفي عبدالشكور الذي قتل دهساً بسيارة بحي الدوحة بأمدرمان في 3 يونيو 2019م بعد فض الاعتصام، وجه الاتهام للضابط بقوات الدعم السريع يوسف محي الدين وقد حكمت عليه المحكمة بالإعدام في 24 مايو 2021م وايدت محكمة الاستئناف القرار في 27 سبتمبر 2021م، وأصدرت له المحكمة العليا قرار ببراءة المتهم في 8 سبتمبر 2022م ، ويقال بأنه قد تم الافراج عن المتهم قبل طباعة القرار!!!
هل يعقل ان العسكر والساسة السودانيين "حاقدون" على الشباب ويسعون لتهميشهم واهانتهم زاذلالهم لمجرد انهم شباب يعبرون باساليبهم الخاصة واحيانا في صمت عن تمؤدهم السلمي ورفضهم للانظمة الحاكمة الجائرة بإطلاق شعورهم او ارتداء أزياء توحي بالعصيان لكل ما هو قديم بائس!!!
أدت النهضة العلمية والثورة التكنلوجية وخاصة في مجال الانترنت على مستوى العالم لشيء من العولمة لفكرة الوحدة. ورفض الانشطارية "الامبيبية" ولعل شعار شباب السودان الثائر "يا عسكري ومغرور كل البلد دارفور" هو من بين الشعارات التي كرهها العسكر وتجار الحروب حتى من ابناء دارفور انفسهم.
اذن محاربة الشباب بعدم اعطائهم فرص للعمل وتركهم في البطالة والعطالة وتسهيل المخدرات وكل الوسائل لافسادهم هو برنامج ممنهج لابعاد الشباب عن اي نشاط ايجابي. واذا اصرار الشباب يتم اللجؤ الى سجن الشباب وتعذيبهم وقتلهم بالرصاص الحي او الدهس بالمدرعات العسكرية او غيرها.
يبقى ان هذا الشباب يواجه عدة معارك عبثية ويكفي ان نشير لقول احد المؤثرين على الشباب والذي قادهم ويقودهم الى التهلكة مقابل مصالح شخصية له ولجماعته. وهو ما فعله بأرسال الشباب الى المحرقة في الصومال وليبيا وسوريا وحرضهم على قتل كل الغربيين وخاصة الامريكان!!! أي د. الجزولي الذي لا يفهم الا في اثارة العصبيات والحروب يقول (هنالك مواجهة قادمة حتمية الوقوع بين مشروعين فليحدد كل انسان موقفه..(
وكذلك من المعارك العبثية يريد الساسة الفاسدون وتجار الحروب ان يقسموا الشباب الى اولاد بحر و اولاد غرب بتعمد تهويل الاختلاف في اللهجة وبعض الملامح الاثنية واستدعاء تظلمات تاريخية والاتكاءة على فكرة التهميش والهامش!!! بعد ان نجحوا في قسمة السودان الى دولتين شمالية وجنوبية. وهو نفس الفكر العقيم الذي يثير الخلافات ويؤججها في شرق السودان بين بعض القبائل.
الكثير يذهبون الى ان شخصية المواطن السوداني تحمل داخلها بذور الخلاف. مما يؤدي لفشل اي عمل جماعي وهو ماانتج فشل المشروع الوطني منذ الاستقلال. كما ادي لاستمرارية الحكم العسكري الاستبدادي لانه يقهر كل من يخالفه ويؤدي لاسكات كل الاصوات ويمنع تعدد الاراء مما يعني نوع من الوحدة الظاهرية الهشة. والتي تتهشم بمجرد سقوط الحكم العسكري بواسطة انتفاضة او ثورة او غيرها.
يبقى ان فقر الفكر يؤدي لمحارية التوحد في كيانات كبيرة تبدأ بالوطن ثم كونفدرالية او فيدرالية او اتحاد دول او تحالفات دولية. وعلى العكس تمام يبحث عن الحماية داخل مكونات صغيرة حزبية او اثنية وقبلية وجهوية.
هل نكتفي بإفراغ السودان من الشباب عبر الهجرة الشرعية واللاشرعية. او ايداعهم السجون- توباك والننة- اوإختطافهم الى اماكن مجهولة-الشاعر اباذر-او قتلهم-محمد مجدب- ورميهم في المشارح-عكر- ام نقول ان الشباب هم الامل وهم المستقبل ولا يجب محاربتهم بل تسهيل كل امورهم من دراسة وعمل ودورات تدريبية وغيرها.
واخيرا يأتي ندائي للشباب. ابتعدوا عن هؤلاء الشياب "العجائز" عاجزي الفكر والراي سوى عن التأمر للوصول لكرسي السلطة . وانتصروا لاحلامكم وأحلام الشهداء.
أنشد الشاعر الشاب معد شيخون على لسان شهيد الثورة
"اذكروني إن تحقق انتصار
أذكروني إن بدأتم في العمار
اذكروني أن غرستم شتلة يوم يؤتى غرسكم حلو كالثمار".

wadrawda@hotmail.fr

 

آراء