‎قراءة متواضعة لما قد يجري

 


 

 

٩ مايو ٢٠٢٣
‎برغم أن السودان يقبع في ذيل أولويات وإهتمامات الأجندة ‎السياسية للولايات المتحدة، فإنني اعتقد، أن استراتيجية الولايات المتحدة تجاه الأزمة والحرب في السودان، ستقوم علي تمرير أجندتها التي ستضمن تحقيق أهدافها ومصالحها في السودان.
‎لا يختلف إثنان، أن من البديهي، أن ايقاف الحرب و بشكل فوري، ودائم وشامل، يأتي في المقام الأول، وهو ما يهتم يه السودانيون كأولوية، وذلك لمنع الوطن من الانزلاق الي هاوية سحيقة، بنفس اهتمامهم علي المحافظة علي كيان الدولة، وقواتها المسلحة، رمز عزتها وكرامتها، وانهاء التمرد، بما يحقق حفظ أمن واستقرار البلاد، ويحفظ حرمة أرواح الشعب السوداني ويحقن دماء أبناءه وبناته، ويوقف عجلة النزوح الداخلي والهجرة القسرية الي دول الجوار، كما لن يتخلي السودانيون عن عزمهم علي استعادة مسار التحول المدني، وتلك غاية وهدف يشترك فيه السواد الأعظم من الشعب السودان.
‎أما في شأن المفاوضات الجارية الأمر بين طرفي الحرب، فلربما، يعمد الوسطاء الأمريكيون والسعوديون للعمل علي تقديم مسودة إتفاق تقوم علي ثلاثة محاور رئيسية:
‎١- المحور الأول: وقف فوري وشامل ودائم لاطلاق النار في كل السودان.
‎٢- المحور الثاني: تأمين إنسياب ومرور العون الإنساني دون إعاقة أو تأخير،
‎٣- المحور الثالث: إنشاء حكومة بقيادة مدنية، والعمل علي الإسهام في دعمها بما يوفر إستتباب الأمن والإستقرار في السودان.
‎ونعتقد بأن المفاوضات التي تقوم علي المبادرة الأمريكية-السعودية التي تحتضنها السعودية الأن ستمثل فرصة للطرفين لالتقاط القفاز والموافقة علي ما تطرحه من مسودة اتفاق، وذلك للأتي:
‎واقع الوضع علي الأرض، يحتم علي الطرفين الموافقة علي المسودة (أو المسودات) التي سيطرحها المسهلون، حيث أن عدم الموافقة من أي طرف عليها يعني أن هذا الطرف يعيق التوصل لحل سلمي للحرب وانشاء حكومة بقيادة مدنية، وبالتالي، سيقع تحت طائلة الأمر التنفيذي الذي وقعه الرئيس بايدن، وسيفرض الكونغرس بموجبه عقوبات علي المسؤوليين السودانيين من العسكريين والمدنيين بسبب زعزعة الأمن والإستقرار وإعاقة التوصل لوقف للحرب، وعرقلة تكوين حكومة بقيادة مدنية في السودان، وعندها سيكون قرار الكونغرس جاهزاً لتوقيع الرئيس عليه ليصبح فانوناً نافذاً. إذن فإن من مصلحة الطرفين، الموافقة علي مسودة الإتفاق. ولهذا، لا أظن أن هذه المفاوضات ستأخذ وقت طويل.
‎الدعم السريع سيكون أمام امتحان، فقد ظل يرفع شعار دعم الحكومة المدنية والتحول الديموقراطي، وها هي الفرصة أمامه لإثبات ذلك.
‎القوات المسلحة، بالتصريحات المنسوبة للممثل الشخصي، لرئيس مجلس السيادة للدول العربية والأفريقية، ربما عليها الاختيار بين أمرين: إما رفض المسودة التي سيتقدم بها المسهلون، والتي ستقوم علي الاتفاق علي تشكيل حكومة بقيادة مدنية، وبالتالي يكون بذلك الموقف قد وقف الجيش ضد مطالب الشعب السوداني، بإختياره الاصطفاف الي جانب التعنت، أو عليه أن يختار الموافقة علي التوقيع علي مسودة المحور الثالث، ويتيح بذلك فرصة واسعة لاستتباب الأمن واعادة الاستقرار للسودان، بإتاحة الفرصة أمام تكوين تلك الحكومة.
‎تكوين الحكومة المدنية في حال الاتفاق عليه، لن يترك علي عواهنه، ولكنه سيشتمل علي التزامات عدة واجراءات متشعبة لكلا الطرفين، من أهمها؛ خضوع الدعم السريع لعملية نزع سلاح الدعم السريع والدمج واعادة التسريح المعقدة والطويلة والتي تستند الي معايير مفوضية الأمم المتحدة لنزع السلاح والدمج واعادة التسريح، وهذا الأمر لن يكون حصراً علي الدعم السريع بل سينطبق علي جميع الحركات المسلحة.
‎ستكون الولايات المتحدة، علي أهبة الإستعداد لاتخاذ قرار فوري لاستئناف الدعم التنموي الذي تم تعليقه في أعقاب انقلاب ٢٥ أكتوبر ٢٠٢١، وسيحذو الشركاء، ومجموعة الترويكا، ومجموعة الرباعية، والشركاء الإقليميين والدوليين حذو الولايات المتحدة.
‎ولربما، تدعو الولايات المتحدة وترعي مؤتمر دولي لدعم التنمية في السودان كدولة خارجة من النزاعات، وخطة شبيهة بمشروع مارشال "وهو المشروع الاقتصادي لإعادة تعمير أوروبا بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، الذي وضعه الجنرال جورج مارشال، رئيس هيئة أركان الجيش الأمريكي آنذاك.

 

آراء