كيفَ آمَنُكَ وهذا أثرُ فأسِكَ ، قالَتِ الأفعى

 


 

 

يُحكى انّ ناسكاً في صومعةٍ لهُ صادَقَ أفعى ظلت تأتيه بالطعام الى ان قرر ان يقتلها غيلةً ولكنه اخطأها ووقع فأسَهُ على مدخلِ جُحرِها. ندم بعد فتره واراد استعادتها فذهبَ وعرض عليها الامان فقالت قولتها التي سارت مثلاً " كيف آمنك وهذا اثرُ فأسك على مدخل منزلي ".
أتت نصيحتي دائمًا لبعض الزملاء في الخدمه بضرورة التأكد من أنّ قوة الشرطه هي القوه الوحيده على المسرح عند القيام بأية مهام على الأرض وكتبتُ أيضا في نفس المعنى.
تغطيات الشرطه تتضمّن الكثير من الفنّيات التي رُبّما تصل درجة الكمال إذا صاحبها خيالٌ متوقّد لا يغفل صغيرةً ولا كبيره إلّا وأتى عليها.
تحدّثنا أيضاً عن تداخُل القوات على الأرض ، الذي هو بجانب فقدان هذه القوات للتدريب المتخصّص في التعامل مع المدنيين واختلاف السلاح المستعمل واختلاف الروح التي اجتهد من وضعوا المناهج ومن درّبوا أفرادها لخلق الشرطي داخل الأنفُس والأرواح المُراد إعدادَها ، يؤدّي الى ضياع معالم الحدَث عند وقوعِهِ فيضيع الدم ويتعقّد التحقيق وتتفرّق معالم البينات بين القبائل .
وبما انّ القوات التي زَجّ بها ولاةُ أمرنا الإنتقاليون إلى داخلِ شؤوننا هي قوات فوقَ المساءله والمحاسبه بل ومن الواضح جداً ان كلّ من تسنّمَ وظيفةٍ ذاتَ صِلَه (يقتلُهُ) الخوف من مُجرّد الإشاره الى أيّةِ خروقات او مُطالبه بإجراء تحقيق في مواجهةِ هذه القوات ؛ وعند تنامي الاحتجاجات يبدؤون إجراءاتٍ خجوله يتكفّلُ بِسَوقِها إلى حتفها عُنصُر الزمَن الذي يُراهنونَ عليهِ جميعاً " الشهيد بهاء الدين مثالاً ".
لفتت نظري دعوه لتشكيل قواتٍ مشتركه للقضاء على ظاهرة التفلتات الأمنيه التي هيَ بعضُ صنيعِهِم اولاً لسياساتهم الخرقاء وثانيًا بِغَلّهِم يدِ الشرطه ومنعها من اداءِ واجِبِها وثالثاً لتتبيع وزارة الداخليه للمكوّن العسكري ورابعاً لعدم تطهير وزارة الداخليه من منسوبي العهد البائد وخامساً بالإصرارِ على عدم إعادةِ مفصولي الشرطه للخدمه.
ولمّا كانت الفتره الإنتقاليه عباره عن مؤامراتٍ تأخُذُ بتلابيبِ بعضها من أحزابٍ تآمَرَت وما زالت شهيتها مفتوحه وعسكرٍ لم يتّقوا الله في شعبهم ولا وطنهم وسلطةٌ تنفيذيه اكتفت بدور المتفرج البارد الذي لا يعنيه شأن اللاعبين إلى سيادي تفرّغ كل من فيه لشؤون نفسه فإننا نتساءل هل هنالك مؤامرةْ اخرى وراء هذه الخلطه الغريبه؟ وكيفَ نأمَنُ مثل هذه القوات وآثارُ فأسِها ما زالت ماثلةً في واقعِنا من قتلى ومفقودين في النيل او في المقابر المجهوله او في المشارح.
إذا علمنا ان سنتان ونصف قد مضتا من عمر الإنتقاليه كان نصفهُما او اقل كافياً لإجراء التغيير المنشود لخلق شرطةٍ مهنيه على درجةٍ عاليه من الكفاءه كل ذلك بيد أبنائها وبناتها ونُقِرُّ بأنّنا فشلنا في رفع الأصابع المتحجّره عن آذانٍ لم يَهُمّها إلّا ان تُرينا ما ترى.
نقول ارفعوا ايديكم عن الشرطه فمهما تعثّرت فإنها عائده حتماً الى حضن الوطن. ليس هنالك مجال لأيّ محاصصات فيما يخصها او يخص انشاء جهاز الامن الداخلي.
ليس هنالك مجالٌ للدعم السريع ولا للحركات المسلحه ولا لاحزاب الهبوط الناعم في اي محاصصات تخص هذه الاجهزه ولو ادّى ذلك لتمرُّدِنا وحمل السلاح بأيدينا الخبيره ذات الباع الطويل في الإخلاص للوطن ونحنُ نؤكد بأننا خبّازو هذا المجال ولدينا ضباطنا الأمناء على هذه الاجهزه وعلى توظيفها حتى تأتي سنداً وعضداً للدوله عبر ثورة ديسمبر المجيده.
كيف ستتعامل هذه القوات مع الشارع وهل الأمر مَعنِي باقتراب الثلاثين من يونيه وهل هو إجراءٌ لمزيدٍ من تكميم الافواه والإهانه والتخويف والمواجهات المُرّه وسقوط الضحايا ؟ لماذا لم توكل قيادة هذه القوات للشرطه وقياداتها ؟ وكيف لقوات في دائرةِ الاتهام بفضِّ الاعتصام وارتكاب مخالفات لا حصر لها ان تُعطى مثل هذه السلطه ويتم تقنين تعاملها في هذه الجزئيه قبل ظهور نتيجة التحقيق وماذا سيكون تسليحها وهي تتعامل مع مدنيين وهل هنالك المزيد من القوات التي دخلت العاصمه مؤخّراً ستشارك؟
اذا كان ضابط الشرطه يحتاج الى سنتين من التأهيل والتدريب يوضع بعدها لمدة سنتين تحت الاختبار في ممارسه فعليه لمهام الشرطه ومنعرجاتها الخطيره فكيف لقواتٍ مارست القتل والحرق والتعدي والإغتصاب كخياراتٍ وحيده ان تضطلع بمثل هذه التفلُّتات ، نفس التفلُّتات التي تسبّبَ فيها نفس الزول والطاقم المصاحب.
وهُنا يَرِدُ سؤالٌ هامٌّ وهو ماذا يُريدُ البرهان وصحبَهُ وحمدوك وسياديونا وأحزاب الهبوط وكل السائرون في ركبهم أن يفعلوا بهذا الوطن وبأبنائه أكثر مما فعلوا.
انني أرى ان الثلاثين من يونيه كموعدٍ لتحرك الشارع هو تاريخٌ بعيد. وادعو كل من قلبه على الوطن ان نتّحد جميعاً فنحن امام عصابةٍ لم ولن يهُمُها قول التاريخ فيها ؛ بدأت بالتفاوض ثم الوثيقه ثم الى إنفراد الحاضنه ثم الى خرق الوثيقه ويمضي المخطط قطعاً الى نهاياتٍ ستكونُ مؤسفةٍ ومأساويه.
لا أحدٌ يَهُمُّهُ سوى نفسه وحزبه وكيانه وعمالته للخارج ولا أحد يتعلّم من دروسِ التاريخ.
فلنصطحب معنا أكفاننا فإمّا ان يكون الوطن ونكون وإما ان نذهب في رحلةِ اللاعوده حتّى يعيش اهلُنا ذوو الجِباهِ الشُم في العزّةِ والكرامه الّتان خرجنا من أجلِهِما.

 

melsayigh@gmail.com

 

آراء