لسان حال فاقد الشيء …. بقلم: الطاهر ساتي

 


 

 

*المعايير الدولية.. هكذا يصفون أصول الأشياء في بلاد العالم التي تقدّس أنظمتها وشعوبها ( أصل الشيء).. للأسف نحن في العالم الثالث - والأخير - أنظمة وشعوباً، لا نقدّس، بل لا نحترم، وربما لا نعرف أصول الأشياء، ولذلك كل شيء في حياتنا يستمد وجوده من ( الزيف والتزييف ).. نعم، كل شيء أفروعربي يخالف أصله، ولهذا تقبع تفاصيل حياتنا في قاع (الزيف أوالتزييف )، ولا تحلّق في فضاء الصدق والنزاهة كما حياة تلك الشعوب التي تحرص على ( أصل الشيء)

 

* المهم.. بعد طول غياب، أي بعد أن كدنا ننساه، ولج إلى عوالم الناس في بلدي مصطلح ( المعايير الدولية).. جاء به مركز كارتر الذي يراقب انتخابات مفوضية الانتخابات، حيث وصف تلك الانتخابات بأنها ( دون المعايير الدولية ).. أي، بالبلدي كده: ما بتشبه انتخابات ناس كارتر، وغيرهم من الشعوب التي تقدّس أصل الشيء، وليس زيفه أو تزييفه.. ورغم أنها - الانتخابات - دون المعايير الدولية، إلا أن المجتمع الدولي سوف يعترف بها، أو هكذا قال مركز كارتر.. وبالمناسبة، كل بيان يصدر عن مركز كارتر في الشأن الانتخابي يتحدث بلسان حال المجتمع الدولي ( اسم الدلع لأمريكا)

 

*على كل حال، انتخابات مفوضية الانتخابات - كما قال مركز كارتر أول البارحة - جاءت دون المعايير الدولية، بمعنى ( ملكلكة وملتَّقة ).. وهكذا تقريباً كل شيء في حياتنا العامة، وليست انتخاباتنا فقط.. والنماذج كثيرة، ولو تفرغ مركز كارتر لمراقبة كل تفاصيل حياتنا العامة، لأصدر بياناً بعد أسبوع فقط لا غير، يقول معناه : انتخابات شنو، يا خي حياتكم كلها دون المعايير العالمية.. طائراتنا التي حظرها الاتحاد الأوروبي، طرقنا التي تهترئ قبل استخدامها، مشافينا التي يخرج منها مرافق المريض بداء المرحوم الذي كان مريضاً، مدارسنا التي ثراها مقاعد تلاميذها، و...و... هكذا معايير الأشياء في دول أنظمتها تتقن إنتاج الحرب والفقر والقفر والاهمال والفساد.. وما الانتخابات إلا..( جزء من الكل )

 

*ولذلك لم يدهشني رد أبوبكر وزيري، الناطق الرسمي باسم المفوضية، على مركز كارتر.. حيث سمعته يملأ الأثير الإذاعي بحديث فحواه: نحن نختلف عن الدول الغربية، ولا يمكن تطبيق المعايير الدولية على انتخاباتنا.. هكذا عقب وزيري على مركز كارتر، ولم يسترسل بحيث يوضح ماذا يعني مركز كارتر بالمعايير الدولية، وما الذي يعيق تطبيق تلك المعايير..؟.. وزيري لم يسترسل في الشرح والتوضيح، ربما لمعرفته بأن اختيار سيادته ناطقاً رسمياً باسم مفوضية الانتخابات جاء في إطار تجاوز المعايير الدولية.. نعم، أن يكون أبوبكر وزيري ناطقاً بأسم المفوضية يعد بمثابة تدمير معيار من المعايير الدولية المطلوبة في تشكيل هيكل المفوضية.. صحف عربية بجنوب الوادي، ثم مواقع إلكترونية في هذا السودان، كشفت ثم كتبت قبل نصف عام فقط لا غير أن وزيري يجلب مقالات الآخرين ثم يدبجها تحت اسمه بإحدى صحف الخرطوم، دون الإشارة لمصدر المقال واسم كاتبه، وإلى يومنا هذا لم ينف وزيرى الحدث ولا الأحاديث، ولن ينفي، حيث كل حرف جاء به من صحف الآخرين إلى صحفنا موثق في (صحفنا وصحف الآخرين ) .. إن كان هذا هو المعيار الذي تم به اختيار الناطق الرسمي باسم المفوضية، فكيف ولماذا لا يعاتب مركز كارتر المفوضية على عدم تطبيق المعايير الدولية في الإنتخابات..؟

 

 

آراء