لعنة المؤسسية تضرب حزب الأمة

 


 

 

زين العابدين صالح عبد الرحمن
أن غياب الإمام الصادق المهدي قد خلف فراغا كبيرا في حزب الأمة من الناحيتين الفكرية و التنظيمية، و في كيفية التعاطي مع القضايا المطروح في الساحة السياسية السودانية، بدأت المشكلة بعد ما قرر الحزب فك تجميد نشاطه في قوى الحرية و التغيير، كان سبب التجميد رؤية الإمام لهيكلة التحالف من خلال تراتبية تنظيمية تتيح له إدارة شأنه بالشكل الذي لا يثير خلافات بين القوى المنضوية للتحالف، و عندما تم فك التجميد كان بسبب المشاركة في حكومة حمدوك الثانية التي طلب الحزب أن تكون محاصصته قرابة الثلثين و قد كان. الخلاف في سبب التجميد و سبب فك التجميد أدى إلي خلافات داخل المنظومة الحزبية حيث أصبحت هناك رؤيتين دخل الحزب.. الرؤية الأولى - تبحث عن طرق سالكة لعملية التحول الديمقراطية يقودها الحزب دون أن يكون له طموح المشاركة في أجهزة السلطة.. الرؤية الثاني – كان طموحها المشاركة في السلطة باكبر عدد من عضوية الحزب. هذا التباين في الرؤى لابد أن يقود لخلاف تعجز مؤسسات الحزب في إحتوائه..
بعد وصول عبد الله حمدوك رئيس تحالف " تقدم" القاهرة التقت به قيادات من الصف الأول، كان محور النقاش يتعلق برؤيتهم و نقدهم لتحالف " تقدم" و سلم الوفد حمدوك مذكرة، بعد اللقاء صدر بيان من حزب الأمة بتاريخ 10 مارس 2024م يبين الهدف من اللقاء و بعض بنود المذكرة ( تحمل رؤية حزب الأمة لإصلاح " تقدم" و مستقبل الحزب في التحالف،او يبين يجابيات و سلبيات التحالف) ثم أعقب هذا البيان بيان أخر متكوب عليه " تصريح صحفي" ممهور بأسم رئيس الحزب برمة ناصر و بتاريخ 9 مارس 2024م هذا البيان معاكس في الاتجاه للبيان الأول كأن الذي كتبه يريد أن يؤكد هو البيان الأصل و الأول هو المزيف... لآن البيان يشيد بالتحالف و يؤكد أن الحزب يعمل من أجل إقاف الحرب و إصلاح التحالف و العمل من أجل تحقيق اجماع وطني.. الأمر الذي يؤكد أن الخلاف داخل الحزب سوف يعصف بمؤسسات الحزب و تصبح هناك العديد من مراكز القوى داخل الحزب تعمل في جزر منعزلة.
الغريب في الأمر صدر بيان ثالث؛ هذه المرة ليس منسوب إلي أحدى مؤسسات الحزب بل موقع تحت أسم " كوادر و قيادات الحزب" الأمر الذي يؤكد أن هناك صراعا داخل هذه المؤسسات جعل هذه المجموعة تصدر بيانا و تمهره ب " كوادر و قيادات الحزب" و من خلال البيان يتبين أن الصراع وصل مراحل بعيدة، و أن الموقعين للأسف ليس لديهم أي إلمام بالقضايا التنظيمية.. يقول البيان في بعض نصوصه الأتي:-
أولا: حزب الأمة القومي عضواً أساسياً في تنسيقية القوى الديمقراطية والمدنية (تقدم) من واقع عضويته الشرعية بتحالف قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي والذي قرر أعضائه بالإجماع المشاركة في تأسيس تنسيقية تقدم. ثانيا: قرار التواجد بتقدم هو قرار مستمد من شرعية تواجده بتحالف قوى الحرية والتغير والذي صادق عليه المكتب السياسي كأعلى سلطة تشريعية للحزب حالياً وسيظل ملتزماً به عبر ممثليه الحاليين مالم يرى المكتب السياسي غير ذلك. التركيز على المكتب السياسي يوضح ابعاد الصراع..
أن خروج مجموعة من الأطر المؤسسية لكي تبين موقفها، يؤكد واحد من أثنين إما هؤلاء لا يحترمون المؤسسية، و يريدون محاولة كسب تأييد خارجي لصراع داخل الحزب.. أو أن الحزب لا يتيح لعضويته فرص إبداء الرأي، و بالتالي أدى لخروج هؤلاء على لوائح الحزب الداخلية.. و في كلا الحالتين أن صدور بيان بأسم " كوادر و قيادات الحزب" يبين أن الصراع ليس في قاعدة الحزب أنما ضرب المراكز العليا للقيادة.. هذه المسألة كانت ملاحظة بعد رحيل الإمام، من الذي يخلف الإمام في القيادة.. هل تغيب قيادة الكارزمة لمصلحة المؤسسية أم أن الكارزمة مسألة ضرورية للحزب لجذب الأنصار؟
في نص أخر يقول البيان - ثالثا: لن تنجح محاولات الفلول عبر وكلائهم في إختطاف حزب الأمة القومي وجرِّه إلي مستنقعهم الساعي لإجهاض ثورة ديسمبر والتحالف مع بقايا فلول المؤتمر الوطني لقطع الطريق أمام الثورة والتحول الديمقراطي... و يصبح السؤال لهؤلاء من هم وكلاء الفلول عناصر قيادية دخل حزب الأمة أم خارج الحزب؟ في كلا الحالتين تبين عمق الصراع داخل الحزب.. و خروج هؤلاء بالصراع لخارج أسوار الحزب و الاستنجاد بثورة ديسمبر معنى ذلك فقدوا السيطرة التي تمكنهم من حسم الصراع داخل المؤسسية.. كنت قد كتبت من قبل عدد من المقالات أكدت في بعضها أن الصراع العنيف، و الضرب تحت الحزام دائر بصورة مركزة داخل " بيت الإمام " و يحاول البعض أن يصوره خلاف مؤسسات، هو صراع زعامة من يخلف الإمام.
في محطة أخرى في البيان.. يتبين من تناصر هذه المجموعة.. يقول البيان.. رابعا: يجب أن لا يتم إستغلال بعض الأخطاء التي شابت تأسيس تنسيقية تقدم كزريعة للخروج منها بيد أن مساعي إصلاح تقدم ومعالجة كل قضاياها تتم بموافقة جميع أعضائها وعبر الطرق المتفق عليها سيما المؤتمر التأسيسي الذي تجري الإستعدادات حالياً لإنعقاده..خامسا: القرارات التي تصدر من الأجسام المساعدة لرئيس الحزب كمجلس التنسيق لا تصبح قرارات نهائية ونافذة بنص الدستور إلا بعد عرضها للمكتب السياسي كأعلى جسم تشريعي لمناقشتها ثم رفضها أو إعتمادها... معلوم أن المكتب السياسي هي المجموعة التي يقودها الواثق البرير و بالتالي الإشارة إلي الأجسام المساعدة للرئيس هي تشمل الفريق صديق اسماعيل و مريم الصادق و هنا يكون مكمن الصراع.. و تتبين تماما مراكزه الأساسية في خلاف السلطة على الحزب داخل بيت الإمام.. القضية الأخرى هل المكتب السياسي أعلى سلطة تشريعية أم المؤتمر العام.. و إذا كان المكتب السياسي ينفذ و يشرع ما هو الغرض من المؤتمر العام للحزب.
من خلال البيانات الصادرة و اللغة المستخدمة و الإشارات، و حتى الخروج من المؤسسية في إصدار بيانات تؤيد الأمين العام لحزب الأمة، خاصة أن البيان الذي صدر يوم 9 مارس و كان ممهورا بأسم رئيس الحزب برمة ناصر قد كتب اعلاه في الاصل صدر من " الواثق البرير" مما يؤكد أن الواثق البرير و من يناصرونه يقفون ضد نائبة و مساعدي رئيس الحزب المكلف، و هذا الصراع لا يخرج من بيت الإمام في السيطرة على قيادة الحزب.. السؤلان من الذي يملأ الفراغ الذي خلفه الإمام؟ و هل الواثق يملك قدرات الإمام التي تؤهله أن يصبح كارزمة أم مريم الصادق هي الأجدر؟ نسأل الله حسن البصيرة.

zainsalih@hotmail.com
///////////////////////

 

آراء