مبادرة رمضان لعلاج تدعيات المؤتمر العام السابع لحزب الأمة القومي … بقلم: أبوهريرة زين العابدين

 


 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

واشنطن 22 أغسطس 2009م

AbuHuraira Z. Abdelhalim [abuza56@yahoo.com]

لقد تابعت الحوارات الدائرة في الصحف والشبكة العنكبوتية وبلا شك الكل ينطلق من حرص على الحزب والتقدم والحركة إلى الأمام، ولكن تختلف الوسائل فالبعض يرى أن النهج الإعلامي الضاغط يمكن أن يأتي بنتيجة والبعض الآخر يرى أن المؤسسة تقتضي الإنضباط وعدم النشر الخارجي، ووسط كل ذلك تحول الأمر لشيء آخر ويمكن تسميته بأي اسم إلا "الحوار". حيث تحول العام إلى شخصي والشخصي إلى عام وفي ظل الغضب وبإسم الإصلاح أو باسم المؤسسية والإنضباط في الجانب الآخر تسافر الموضوعية بعيداً ويحل محلها النصرة للذات الفانية أو للقريب أو الصديق الشلة أو الجماعة او الجناح ويكون الحزب بعيداً عن كل ذلك ولا مصلحة لا للحزب ولا للجماهير في تشتت الكوادر حيث تهاجم في بعضها وتضيع قضية الإصلاح التي يطرحها البعض أو قضية الإلتزام بالمؤسسية والجماعة التي يطرحها البعض الآخر. لقد فكرت كثيراً قبل الكتابة فمنذ فترة ابتعدت فقلت سوف أقرأ في الجيد من الفكر وأقرأ أفكار الآخرين وربما أتعلم شيء أو أجد الحكمة ولكن واجبنا ككوادر يحتم علينا أن نقول بوجهة نظر تفيد الحزب والجماعة بدلاً عن التشرزم والتشتت وحالة النهش في جسد بعضنا البعض وجسد الحزب والمتضرر في الخاتمة جماهيرنا التي تنتظرنا على حافة الأمل وليس تنظرنا أن نشيع لها جثة الحزب لمثواها الأخير على حافة المشاكل.

لا أريد أن أدخل في من قال ماذا أو ماذا قيل في من، والواضح أن هناك وجهتي نظر مختلفتين، الأولى تنطلق من أن المؤتمر غير شرعي وتستخدم كل الجهد الإعلامي من أجل توضيح ذلك وتكسير الجهة التي تقول بشرعية المؤتمر وقد أصاب الأمين العام كثير من النيران وسوف أشرح إذا كان هذا ذنبه، بالمقابل ترى الجهة التي تقول بالمؤسسية بأن هناك تآمر وبأن هذه الجهة تسعى لإختراق الحزب وتكسيره وهذا هو الخلاف بكل بساطة لا أدري لماذا كل هذه الحروف ويمكن أن يتم حوار هادي للتوفيق أو إقتراح حلول وبدون أن نشتم بعضنا أو نخون بعضنا ولا أشك في أن الجميع كوادر حزبية مرموقة ولا يوجد لدي أي شك في أنهم جميعاً يريدون الرفعة للحزب والتحرك للأمام ولكن تطرف كل جهة وإتخاذها مكاناً طرفاً ومكاناً قصياً في وجهة نظرها هذا ما جعل المسافة تبدو بعيدة وتحول الحوار إلى شيء آخر.

دعونا نحلل وجهتي النظر، وجهة النظر الأولي مع الشرعية التي اتى بها المؤتمر ومع الأمين العام لأنه منتخب ويرون في الآخرين إنهم مجرد "تيار مادبو" أو يدفعهم السيد مبارك الفاضل المهدي وربما للمؤتمر الوطني دور في تفتيت الحزب وتسمع هذا الكلام من البعض. وحدث إختلاف حتى على مستوى القيادة، وقرأنا إتهام بأن البعض الحزبي يريد أن يجعل من الحزب أمبراطورية أسرية وبالمقابل سمعنا كلام بأن فلان كان أخو مسلم، فالحوار وسط الكوادر ترديد وصدى لحوار الكبار، وسوف أحاول تفكيك المنطق ما استطعت إلى ذلك سبيلا.

الموضوع يمكن حله بالحوار وبمزيد من الحوار فلا أرى أي حل آخر وسوف أحاول طرح الحلول الممكنة، فالإنشقاق أو تكوين حزب ليس حل، والشتائم والإتهامات على الصحف والمواقع الانترنتية ليست حل وسوف لن تستفيد جماهيرنا البتة من هذا الصراع، بل إعداؤنا سوف يضحكون ملء شدوقهم مما يحدث لنا وما يحدث بيننا، وسوف يقولون دعوهم سوف تذهب ريحهم والإنتخابات على الأبواب، والريح السوداء هذه سوف تكون دليل شؤم علينا، فإذا فشلنا في إدارة حوار عقلاني بعيداً عن الشتائم والإنتصار للأنا وسمونا فوق الجراح، فكل واحد يعتقد أنه أصيب بطعنة نجلاء والجراح كبيرة، سوف يسجل التاريخ هذه الفترة بأنها أسوأ فترات الإنحطاط الحزبي وخاصة لو فشلنا في الإنتخابات وفي لملمة الوطن ونزيف دارفور.  أيضاً لدي ملاحظة على لغة الخطاب فهي لغة غريبة وعجيبة ويبدو أن الغضب هو الذي يسير الأحباب لذلك جاءت اللغة مجافية للروح المعهودة واستخدمت فيها أدوات كثيرة كل جهة من أجل نصرة جهتها ومحاولة تحطيم الجهة الأخرى معنوياً وسياسياً.

الهجوم على الأمين العام، لا أدرى ما ذنبه، هل قام بإنقلاب وفرض نفسه علينا لنرشحه للأمانة العامة، لا، فالرجل ترشح وبصرف النظر عن ماضيه، وحصل على أصوات كثيرة وحتى لو لم تتم الزيادة في اللجنة المركزية فقد ثبت أقدامه بحصوله على هذا العدد مقارنة بالمرشحين الآخرين، هل نفرض الوصاية على جماهيرنا لأنها منحته هذا العدد ونقول سوف نسقطه بشتمه، أم نسعى عبر الوسائل الديمقراطية لتوضيح الأمور لجماهيرنا بشكل عقلاني ، هل هذا يجعلنا نشتمه بالليل والنهار، فلا ذنب له، الذنب على من أعطوه اصواتهم فهم عدد كبير ويمثلون مجموعة كبيرة وحتى لو لم يفز بالمنصب وهذا ليس تبرير ولكن منطق الأشياء، فالمشكلة في أنه كيف ينتهي المقام بحزب الأمة وبكل كوادره ويكون هذا هو مستوى المرشحين مقارنة بآخرين كثر من الذين لاذوا بالصمت أو ببيوتهم أو بالمنفى الإختياري والإجباري، هذا هو الموضوع الذي يحتاج لدارسة، كنت أتوقع أن ينبري الكادر ليحلل الظواهر الكامنة في الأشياء أو دراسة ما وراء الظواهر، لا قشور الظواهر وتجلياتها وشكلانيتها أو تمفصلها في أن يكون الأمين العام لحزب الأمة مثلما حدث، أعتقد الموضوع أعمق من ذلك بكثير. لذلك لم أتحدث عن الأمين العام لا بخير ولا بشر فهو لا ذنب له وفقاً لتحليلي ولينصب جام غضبنا على جماهيرنا وعلى قياداتها وكوادرها التي سمحت بذلك وكلنا مسؤولون لأننا لم نقم بدورنا في الوعي وتركنا الحزب تسود فيه ظواهر سالبة كثيرة وتغيير هذه الظواهر لا يتم بالشتم والثأر، المثقف لا يدعو للثأر أو الشللية أو الأجنحة وإنما بالوعي ونشره وتحليل الظواره بشكل علمي ودراسة البنية المجتمعية والتنظيمة والإجتماعية التي أفرزت كل ذلك ومحاولة إيجاد حلول نظرياً أولاً وبعد ذلك صبها في شكل برنامج عمل ينير الطريق للأجيال القادمة أما صراع مع وضد فسوف لن يفيدنا والعاقل لا يدخل في صراع الثأر والشلة والجناح والإنتصار لهذا الصديق أو الحبيب ضد الآخر الحزبي ولكن لأن هناك وجهات نظر مختلفة أصبح العدو الحزبي في راهن اللحظة وسوف يتحول لصديق في لحظات أخرى.

إذن المشكلة ببساطة المؤتمر العام وإفرازاته والخلاف على الشرعية التي أفرزها المؤتمر، ما هي الحلول الممكنة وأقول الممكنة والعملية وما طرح من جميع وجهات النظر؟

الحل الأول: الغاء نتيجة المؤتمر العام وقيام مؤتمر جديد؟ هذا صعب والموضوع يحتاح إلى حوالي ثلاثة مليارات وقيام مؤتمرات قاعدية ومؤتمرات المغتربين وارسال مساهمات والكل يعلم أن الجميع مرهق وسوف لن نستطيع القيام بذلك في فترة قصيرة والخلاف لم يكن على المؤتمر كله ولا على انتخاب رئيس الحزب ولا على البرنامج المجاز، الخلاف على اللجنة المركزية وما افرزته من أجهزة ومكتب سياسي، إذن بالمنطق لماذا الدعوة لقيام مؤتمر جديد وهل الجهة الداعية تستطيع أن تقوم بكل ذلك وتوفير المبلغ المطلوب لقيام المؤتمر، إذن هذا أمر صعب حسب تقديري إلا إذا إستطاعت الجهة المعترضة توفير المبلغ المطلوب عندها يمكن تعبئة الجميع وتعبئة الكوادر في التفكير في قيام مؤتمر جديد، أما اطلاق الكلام من أجل المناورة فهذا موضوع غير عملي ولا يمكن أن يتم كما أوضحت والمشكلة ليست في كل المؤتمر ولكن في جزء منه ويجب أن يتم علاج ذلك الجزء فقط إذا كنا نريد الكلام الموضوعي.

الحل الثاني: إجتماع اللجنة المركزية وهناك مشكلة أخرى باي عدد، هل بالعدد الأصلي أم بالعدد الأصلي مع الزيادة التي جلبت المشكلة كلها، اقترح أن تتم الدعوة العاجلة لإجتماع اللجنة المركزية في عيد الفطر المبارك بكل عددها القديم والجديد وبعد ذلك يتم التداول ونترك لهم الموضوع فإذا قالوا بأنهم لا يريدون اعتماد الزيادة ولتواصل اللجنة المركزية بعددها الأصلي وإذا وافقوا على الزيادة وبالتشاور وبالأغلبية يمكن وتتخذ قرار في تثبيت شرعية الأمين العام والمكتب السياسي أو الغاء كل ذلك وتشكيل أجهزة جديدة.

لذلك أقترح أن نترك الجدل ونركز على الحلول وبدون أن نهاجم أي فرد قيادي أو غير قيادي كادر أو غير كادر ونركز على النقد الذي يستصحب حلول معقولة يمكن تنفيذها وادعو الجميع لوقف التراشق وأن نتذكر بأن ما يجمعنا أكبر مما يفرقنا ولا أشك في أن نية الجميع هي إصلاح الحزب والتغيير الإيجابي. أسألكم بما يجمعنا من وطن ومن نضال وما يجمعنا من مباديء وقيم وتراث وتاريخ ضحى أجدادنا بدمائهم من أجل أن نكون أن توقفوا هذه التراشقات وأن ننصرف لتنفيذ الحلول الممكنة الإيجابية حسب الإقتراح أعلاه أو أي إقتراحات أخرى معقولة وكلنا صائمين وهذا شهر العفو والسمو الروحي فإدعوكم أن تستلهموا روح الشهر الكريم وأن تكونوا كرماء كما الشهر وألا يبخل أحدكم بالعفو عن الآخر فتعافوا واصلحوا فالصلح خير وهذا الكلام موجه للجميع في الداخل والخارج قيادات وكوادر ولنجعلها مبادرة رمضانية مباركة لعلاج تداعيات المؤتمر العام السابع.

بقلم: أبوهريرة زين العابدين عبد الحليم

 

 

آراء