متى توقفت أمريكا عن دعم الجنوب بالسلاح والعتاد !؟

 


 

أدم خاطر
12 January, 2012

 


ظلت العلاقات الأمريكية بجنوب السودان فى تطور وتقارب وتفاهم أملته المصالح العليا لواشنطون فى المنطقة ، وأرتقت بطريقة نوعية على مدى أيام الحرب مع الجنوب  منذ أن احتضنت أمريكا لزعيم التمرد قرنق باكرا ورعته أيام فترة دراسته بجامعة أيوا !. فأى دعم ومساعدة وامداد للجنوب فهو بالفهم الأمريكى دعم للسلام فى السودان بالأمس واليوم هو دعم للسلام العالمى ، وأمريكا ظلت تخادعنا بأنها الراعى للسلام فى السودان ، والكل يذكر رسلها ومبعوثيها الكثر الذين أوردوا بلادنا مهالك اتفاقية السلام (الشامل) التى ما أن انتهت بفصل الجنوب الا وبدأت الالتفافات على ولايتى جنوب كردفان والنيل الأزرق على نحو ما شهدنا من غدر ومن قبلهما دارفور !. وقد كانت أمريكا على عهد رئيسها السابق بوش تقول بانها على استعداد لرفع العقوبات الاقتصادية والعسكرية وغيرها بصفة أحادية عن جنوب السودان حتى يوم أن كان الجنوب جزءً من السودان الواحد ، فصداقتها ومحاباتها للجنوب معلنة لا التباس فيها الا على من تخدعهم المناورات الأمريكية بالتفاوض مع حكومة السودان ، ذلك الحوار الممتد لسنوات بأهداف وتكتيكات أمريكية تصيب غاياتها بدقة دون أن يحقق السودان أى نوع من التقارب أو التفهم الا الوعود الجوفاء التى ظلت تقطعها واشنطون فى كل جولة مع مبعوثيها !. وقد أعلن من أيام أن  دولة جنوب السودان رحبت برفع الرئيس الأميركي باراك أوباما  القيود على مبيعات المعدات الدفاعية لجنوب السودان في خطوة أخرى لتطبيع العلاقات الأميركية مع أحدث دولة أفريقية، مؤكدة حق الدولة الجديدة بامتلاك السلاح لمواجهة ما سمته بخطر النظام السوداني عليها (يا للطرفة والعجب معا أن تضحى الدولة التى منحت الجنوب استقلالها مصدر خطر !!). وعلى الفور سارع زعيم الأغلبية في برلمان  الجنوب القيادي في الحركة الشعبية أتيم قرنق، بقوله أن الحكومة يمكن أن تدرس مقترحات بشأن إنشاء قواعد أميركية إذا طلبت واشنطون ذلك أسوة بالقواعد الموجودة في دول الخليج العربي (والشاهد أن أمريكا لا تستأذن الجنوب فى مثل هذه القواعد ان كان حال الخليج قد مكنها فى اقامتها فما بال الجنوب وقيادته التى كلها من صنع أمريكا !) .

ويضيف قرنق لـ«الشرق الأوسط» إن قرار الإدارة الأميركية يعتبر (قانونيا ) باعتبار أن جنوب السودان كان يخضع للمقاطعة لأنه كان جزءا من الدولة السودانية قبل الاستقلال في يوليو  الماضي. و«الآن من حقنا أن ترفع عنا العقوبات الاقتصادية أو الدفاعية بما فيها حق شراء الأسلحة من الولايات المتحدة وامتلاك أحدث التقنيات منها»، مشيرا إلى أن أوباما يسعى من خلال الكونغرس لرفع اسم دولة الجنوب من جميع العقوبات المفروضة على السودان لأن الدولة الجديدة استقلت بشكل كامل ولا تربطها علاقات مع دولة الشمال سوى الحدود السياسية!. ويضيف : نحن نريد رفع الحظر عن السلاح.. وأن تشاركنا الولايات المتحدة في الاستثمار واستخراج النفط والتعامل التجاري والثقافي والتقني والسياسي والدبلوماسي».  لكنه استدرك قائلا «حديثي لا يعني أننا سنوافق فورا، إذ لا بد من إخضاع مثل هذا الطلب لدراسة شاملة تضع في الاعتبار ماذا سنستفيد من نشر القاعدة في بلادنا وأثر ذلك على جيراننا وإجراء نقاش مع دول الجوار إلى جانب الدراسات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية» ! . و برغم أن هذا  الاجراء حتى الأن يعتبر شكلياً وتقليدياً بحسبان أن البنتاغون لا يسمح بتصدير السلاح الأمريكي الى أي بلد  من الناحية ( النظرية) حتى يتأكد من عدم وصول ذلك السلاح الى أيدي مليشيات ومجموعات ارهابية حسب التصنيف الأمريكي ، لذلك تم ربط عملية تصدير السلاح بأمن الولايات الأمريكية، ولكن الواقع يكذب  هذا الادعاء الأمريكى كعادتهم  !. والكل يعلم حالة الفلتان الأمنى وانشار السلاح فى الجنوب فى أيدى المليشيات الداخلية المعارضة للحركة الشعبيةوما تعيشه القبائل هناك من اضطرابات وتناحر   ، الى جانب ترامى الحدود وانفتاحها على تجارة السلاح وما أحدثته من فوضى وخلافه ، وما تقوم به الدولة الوليدة من رعاية جهرية للمجموعات السودانية المتمردة لكل من دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق، وما توفره لهم من ملاذ واعلام وحماية كى يدشنو الحرب الأمريكية الجديدة بتحالفهم الذى اقاموه من الجنوب  !. 

فقادة الجنوب من المتأمركين وعلى رأسهم أمثال أتيم قرنق ممن رفعه عرش السلام واكرامياته ابان وجوده بالبرلمان بالخرطوم ، يقولون بإن دولتهم تسعى للتحوط من خطر النظام السوداني في الشمال بامتلاك أسلحة حديثة تصد الهجوم الذي تكرر على الحدود، نافيا ما هو واضح كالشمس فى كبد السماء ، وما يناقض حديثه بانهم  «لسنا أصحاب دعوة للاعتداء على الشمال لأن علاقاتنا مع شعبه جيدة للغاية (وكأنه لا يرى ما فعله الحلو وعقار على حدودنا التى رسمها الانفصال بدعم ومباركة دولته ).. فهو يهرف بقوله أن نظام البشير أصبح خطرا يهدد دولتنا وعلينا التحوط». وحسب قرنق فإن البشير هدد في خطبه الأخيرة أكثر من مرة بأنه يمكن أن يغزو الجنوب ويصل إلى جوبا، وأضاف «لقد نفذ ذلك بقصف جوي مكثف في غرب بحر الغزال وأعالي النيل والوحدة وقتل العديد من المواطنين الأبرياء.. وعلينا أن نواجه ذلك في المستقبل لحماية سيادتنا الوطنية وشعبنا»، مشيرا إلى أن دولة الجنوب تحتاج إلى طائرات هليكوبتر وطائرات حديثة لنقل الجنود بسرعة. وقال «لدينا حدود مشتركة مع ست دول ونحتاج إلى سرعة التحرك لجنودنا والشرطة لتلك الحدود!»، معتبرا أن «توفير الأمن يساعد في تحقيق التنمية !» هكذا تقرأ عقلية هؤلاء الساسة بالجنوب كونها ممعنة فى العداء ونشر الحرب والكراهية وتنفيذ مخططات الأمريكان !. الادارة الأمريكية معنية بسباق التسلح فى المنطقة أكثر من اهتمامها بالاعمار والبناء ودعم فرص السلام والاستقرار فى السودان ، لذلك سارعت باعلان رغبتها فى رفع قدرات الجنوب العسكرية بما يخدم مصالحها واستراتيجيتها فى الاقليم بغية المزيد من التمزيق والتفتيت !. فالذى يتصور أن أمريكا تستهدف جيش الرب أو بقايا القاعدة من هذه السياسة يكون قد أخطأ التقدير ، لأن السودان على رأس أجندتها فى العداء والاستهداف بشواهد حملات الهيمنة التى لم ولن تتوقف عند الجنائية واعتزال التعاطى المباشر مع رئيس البلاد بهذه الحجة الواهية !. فأمريكا التى يئست من تأثير الحركة الشعبية فى تغيير الواقع الداخلى بالسودان بالانفصال فيما عرف لديهم (بالسودان الجديد) ، وهى محبطة من نتائج فعلتها فى جنوب كردفان والنيل الأزرق واسقاطاتها على الحركة الشعبية والجيش الشعبى ، لذلك ستظل تدعم الجنوب عسكريا وتقيم القواعد على أراضيه بمشاركة اسرائيل التى لم تعد قيادة الجنوب تتحرج فى الافصاح عن علاقتها بها كما تفعل فى السابق !. علينا أن نقابل هذه التوجهات الأمريكية والتى تقابلها رغبة جنوبية ، أن نواجهها بصرامة وبادوات مماثلة بكل ما تستحقه من الأفعال لا الأقوال !. وشعبنا يرى توجهات مرسومة ومسنودة من برلمان الجنوب لاغرار كل وجهة حانقة تمكن اليهود والصهاينة وحلفائهم الأمريكان وأربابهم داخل الجنوب من التواجد بالمنطقة ، ومن ثم بسط سياسات الهيمنة والاستعمار الجديد ، فهنيئا لقادة الجنوب بهذا الزواج الكاثوليكى عسكريا ، كى تبقى الحركة الشعبية لاعبا رئيسا فى حرب أمريكا المقبلة ، وهنيئا لها الاستقواء بقوة أثبتت شواهد التاريخ وعبره أنها لن تصمد ، وهى شريك غير نزيه وهذا ما كان عليه الحال فى الصومال وافغانستان والعراق ، فليدعموهم بما شاءوا وليغدقوا عليهم المال والسلاح ، فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون ، صدق الله العظيم !. 

adam abakar [adamo56@hotmail.com]

 

آراء