مسرحية ايقاف نفط الجنوب !؟

 


 

أدم خاطر
24 January, 2012

 



هكذا دأبت الحركة الشعبية على اتخاذ مواقف تكتيكية غير مدروسة ولا مستبصرة بالعواقب التى يمكن أن ترتد عليها ، على نحو ما كانت تفعل أيام الشراكة الملغومة (المشاكسة ) !. نعم لقد أخطأت حكومة السودان بما أبدته من حسن نية لم تكن فى مكانها وتقديرات أخوية كانت جانحة بالابقاء على قضايا خلافية كهذى لم تحسمها قبل الانفصال مما جعل الكروت بيد الطرف الجنوبى الذى يخضع لابتزاز دول أجنبية وجهات خارجية معروفة لها مصلحة فى اذكاء نيران الخلاف والافادة منه !. وهاهى دولة الجنوب تعلن عبر المنابر الاعلامية عزمها لايقاف ضخ النفط من طرف واحد ، دون اعتداد بالاتفاقيات المبرمة ومصالح الأطراف الأخرى !. وبالمقابل سارعت حكومة السودان للتقليل من خطوة ايقاف انتاج البترول في غضون أسبوعين!. وأكدت وزارة الخارجية أخذ حق السودان عيناً من نفط الجنوب المصدر عبر أراضيه، وقالت إنّ من حق دولة جنوب السودان أن تفعل ما تشاء بنفطها وتصديره عبر السودان أو خلافه، وأن الموقف المبدئي للسودان كان ولا يزال هو التعاون حول النفط والقضايا الأخرى بما فيه مصلحة البلدين والشعبين، وأضافت: حال صدقت نية حكومة الجنوب بايقاف تصدير النفط عبر السودان فإن ذلك يكون فيه ضررٌ للطرفين معاً، ولكن ضرر دولة جنوب السودان سيكون الأكثر ، وقالت الخارجية إن السودان ظل معتمداً بالكامل على انتاجية نفطه، ولم يأخذ من نفط دولة الجنوب (برميلاً واحداً)، كما لم يأخذ أي مقابل لتصدير نفطها عبر الأراضي السودانية وهو يؤكد أنه قادر على إدارة اقتصاده حتى ولو أوقفت دولة الجنوب تصدير نفطها، وأضافت أن الحكومة اضطرت أن تأخذ حقها وحق شعبها عيناً من النفط الجنوبي بعد ما بدا لها أن دولة الجنوب غير جادة في التفاوض والوصول لحل متفق عليه !.  وهذا طبيعيا أن توالى  الحكومة حال لم يتوصل الطرفان إلى اتفاق أخذ حقها عيناً من نفط الجنوب ما دام النفط  يمر عبر أراضيها وتستخدم منشآتها وبنيتها التحتية في التصدير! وان كان وزير حكومة الجنوب هو من يعلن منح السودان رسوم عبور  دولار واحد للبرميل مقابل 36 فما الفائدة من التفاوض أصلا !. وان كان للجنوب خيارات يمكن أن يرتكز عليها فى تمرير نفط وتصديره عبر دول أخرى فما الحاجة للانتظار واستجداء الشمال أو تركه يسرق بترولهم كما يقول مهرجهم (باقان)! .
ستظل حكومة جنوب السودان تعلن وتعبر عن استعدادها لوقف انتاج النفط تدريجيّاً خلال أسبوعين، مقابل اجراءات السودان مصادرة بعض نفط الجنوب للتعويض عن رسوم لم تُسدّد وأخرى لم يتفق عليها بعد!.  لقد صدر قرار حكومة الجنوب بوقف جميع عمليات انتاج النفط في كل المواقع ، من قبل سلفا كير ميارديت ، ووجهت الحكومة استيفن ديو وزير البترول والتعدين، باتخاذ الإجراءات وأبلغت بالفعل شركات النفط حول قرار ايقاف العمليات النفطية في البلاد !. هذا ما قاله  برنابا ماريال بنجامين المتحدث باسم حكومة جنوب السودان لـ (رويترز) أمس الأول ، أن وزارته  ستبدأ عملية فنية تفضي إلى قرار يؤدي الى إغلاق كامل، فى الأيام القادمة، مضيفا: أخذنا هذا القرار لأن جنوب السودان لا يستفيد من النفط ،وتأخذه جمهورية السودان عنوة.. والنفط الذي يتدفق في خط الانابيب يتعرض للنهب ، وتابع : لماذا تنتج جمهورية جنوب السودان النفط لصالح جمهورية السودان .والرد عليه لماذ يعبر النفط دون رسوم مجزية ولا يربط بجميع القضايا العالقة !.الكل يدرك أن حكومة جنوب السودان ليسغارقة فى المشاكل الداخلية ، ومستنزفة من قبل الحلو وعقار ومليشيات دارفور التى ضلت الطريق الى السلام ومطلوباته !.
لم تكن جوبا تدرك أن الأمر سيكون له ردود فعل خارج سلطتها الوليدة ، حيث صرح  لوه شباو فوانغ السفير الصيني بالخرطوم: بأن القرار لم  يصلهم ولم يخطرهم به أحد. وأضاف لـ (الرأي العام): إذا حدث مثل هذا الأمر فإنه قرار احادي لم تتم مشاورة الشركات فيه، ووصفه بالقرار الصعب إذا تم تنفيذه، وأشار إلى الأضرار التي قد تعود على جميع الأطراف خاصة حكومة الجنوب، إلا أنه نوه إلى استحالة الأمر نسبة لوجود اتفاقيات تلزم جميع الأطراف بمواصلة الانتاج، وقال إن مثل هذه القرارات تتم بالتشاور مع جميع الأطراف!. من جانبه  قال اسحق بشير وزير الدولة بالنفط، إنه لا يوجد إخطار من حكومة الجنوب حتى الآن، وأضاف: ليست لديّ فكرة عن القرار حتى الآن ( مساء أمس الأول)، إلا أنه أشار إلى الأضرار التي قد تنجم على جميع الأطراف من الشركات المنتجة وحكومة الجنوب، مضيفا بأن هذا القرار مفاجئ في ظل المفاوضات الجارية بين الجانبين بأديس أبابا، و أنه استباق لما ستسفر عنه ، ونبه إلى استحالة تطبيق وتنفيذ القرار لوجود اتفاقيات مشتركة مع الشركات، كما أن اتفاقية (نيفاشا) أمّنت في حالة الانفصال على عدم اتخاذ أي طرف قراراً احادياً يتضرر منه شركاء صناعة النفط في السودان (قبل الانفصال)، وقال إن هذه الخطوة مخالفة لاتفاقيات قسمة الانتاج الموقعة مع الشركات، باعتبار أن هذا الإجراء احادي يتضرر منه بعض الشركاء، ونبه إلى أن المتضرر الأكبر من هذه الخطوة حال تنفيذها حكومة الجنوب نفسها لاعتمادها على النفط في ميزانيتها(حصريا) ، وقال: كان على الجنوب الاستفادة من البنيات التحتية الموجودة في الشمال دون البحث عن وسائل جديدة للتصدير !. بقى أن نقول لا توجد آلية تملكها حكومة الجنوب لتطبيق هذا القرار على أرض الواقع لجملة أسباب ، وليس من مصلحتها فعل ذلك ، ولا يمكنها الافادة من المزايدة على شركائها سياسيا كما كانت تفعل بالأمس ،لأنها لا تملك أى مورد آخر كما هو الحال فى الشمال ، فهى تريد ارضاء حلفائها الأجانب ممن يقفون خلف الخطوة و الا فهى مسرحية بئيسة الاخراج !.نحن امام جار لا يقدر مصالحة ولا يرعى جواره ولا يعتد بما قدمه السودان حتى بلغت الحركة الشعبية ما بلغت فى الجنوب !. وحكومة الجنوب تتمادى فى تعظيم ذاتها وهى تدرك أنها لا تقوى على مقاتلة الشمال ولا تملك أدوات الصراع ، فهى تكابر لأجل حرب كلية بالوكالة أو جزئية كما فعلت فى جنوب كردفان والنيل الأزرق واحتضانها لفلول بقايا التمرد من دارفور ، وتتوسع فى جلب الوجود الأجنبى الضار بالمصالح لنا والتقارب والتحالف مع اسرائيل !. ليس من أولويات حكومة الجنوب الحالية الشمال ولا القضايا التى خلفها الانفصال وملفاتها الشائكة ، لذلك ستتخبط فى الرد والتوجه الجدى نحو التفاوض وحسمها !. لكن المفاجىء أن بيان طاقم الحكومة من نيروبى لا يشفى غليلا ولا يرقى للخطوة الجنوبية بالعبارات المتناثرة والمواقف الفطيرة التى حملها !. نحن بحاجة للغة صارمة ومواقف متشددة ليس عقوبة لشعب الجنوب ، ولكن رسالتنا ينبغى أن تصل الأطراف الخارجية خلف الشعبية وهى تريد أن تحمل البشير حملا الى جوبا ويا لها من زيارة ستكون فى غير مكانها وزمانها ان حدثت الآن !؟. والوجهة الحقيقة لهم تريد فك الاختناق عن تمرد الحلو عقار ومدهم بالغذاء والعتاد عبر الممرات الآمنة لما يقال عن عمل انسانى (تقوم به أمريكا!) للمتضررين شواهده فى دارفور تحتاج الى عقود لمحوها !؟ . فحكومة الجنوب هى من تقدر مصالح شعبها لا السودان ، وتدرك معنى وخطورة ما تدعيه ، ولسنا بحاجة للغة التى تقول بها سناء حمد فى مخاطبة العواطف والاهتمام بشعب الجنوب الذى صوت بنسبة .98.7% للانفصال ، وحكومته تريد تصدير نفطها دون مقابل يا للطرفة !. أى مبتدىء فى علم الاقتصاد يدرك عدم واقعية ما يقول به المسئولون فى الجنوب بوقف ضخ نفطهم عبر الشمال ، فقدرهم اقتصاديا أن يمر النفط عبر الشمال وأى وجهة أخرى أو بدائل ستجلعه باهظ الكلفة ودون جدوى اقتصادية وتبعاته مرهقة وغير مأمونة العواقب ، لكنا ندعوهم ليجربوا ذلك ، وواجبنا الآن أن ندعمهم لتجسيد هذه الخطوة لنرى ميدانيا من سيتضرر !!!. لندع الأيام تكشف سطحية وغباء هؤلاء وسوء تقديرهم  بعيدا عن أى ابتزاز أو مزايدة !!.
adam abakar [adamo56@hotmail.com]

 

آراء