هل تبعد إقالة علي الصادق وزارة الخارجية السودانية عن سيطرة الإسلاميين

 


 

 

الوزير المقال ‏علي الصادق من أبرز رجال نظام الرئيس السابق عمر البشير، ومن المقربين من الأمين العام للحركة الإسلامية علي كرتي المطلوب أميركيّا.

أثار جدلا كبيرا قبل إقالته
الخرطوم – يحاول قائد الجيش السوداني الفريق أول عبدالفتاح البرهان الإيحاء بالتنصل من سيطرة الإسلاميين، وذلك من خلال إقالة وزير الخارجية المكلّف علي الصادق وتعيين السفير حسين عوض بدلا منه، وسط شكوك في جدية الخطوة.

وتمت إقالة علي الصادق بعد جدل أُثير حول الدور السلبي الذي لعبه في تقويض الجهود التي بذلتها الهيئة الحكومية للتنمية في شرق أفريقيا (إيغاد) لوقف الصراع في السودان، ودخول الوزارة في مشاحنات مختلفة مع الأمم المتحدة وبعثتها السياسية في السودان.

ويشير قرار الإقالة (شكلا) إلى أن السودان شرع في تغيير تصوراته الخارجية، ويؤكد (مضمونا) أن الوزارة ستظل في قبضة الجناح الإسلامي الذي يمسك بالكثير من مفاتيحها، ويسخّر دبلوماسية البلاد في ما يخدم توجهات الإخوان وسعيهم للعودة إلى السلطة، لأن إقالة الوزير لا تعني إجراء تغيير هيكلي في سياسات وزارة الخارجية.

ويعد الوزير المقال ‏علي الصادق من أبرز رجال نظام الرئيس السابق عمر البشير، ومن المقربين من الأمين العام للحركة الإسلامية علي كرتي المطلوب أميركيّا.

مرتضى الغالي: إقالة علي الصادق ترجمة للفوضى التي يعانيها البرهان
مرتضى الغالي: إقالة علي الصادق ترجمة للفوضى التي يعانيها البرهان
وجاءت إقالته بعد توجيه البرهان انتقادات للظهور العلني لـ”كتيبة البراء” الإسلامية التي تقاتل بجانب الجيش، وإشارته إلى أن تصرفاتها جعلت العالم يدير ظهره للسودان.

ويمكن فهم الإقالة وقبلها الانتقادات على أنهما مؤشر على تنامي شعور قياديين في الجيش، وعلى رأسهم البرهان، بخطورة العبء الذي يقع على كاهلهم نتيجة عدم الاحتفاظ بهامش تحرر من حسابات الحركة الإسلامية، السياسية والعسكرية، وأن التناغم معها بدأ يضر بسمعة الجيش، وأبعد دولا كادت تدعمه أو تتعاطف معه في الحرب ضد قوات الدعم السريع، وأثار توجّس قوى إقليمية ودولية من الأجندة العامة التي ينتهجها.

وزادت الانتقادات الموجهة إلى الجيش واتهامه بتنفيذ تصورات الحركة الإسلامية مع اقترابه من إيران مؤخرا والحصول على دعم عسكري في شكل مُسيّرات، ولم تفلح تصريحات البرهان في تبديد المخاوف من التناغم مع فلول النظام السابق أو تطوير العلاقة مع طهران، لأن هناك قيادات أخرى أدلت بتصريحات تثمّن التناغم والتطوير.

ويقول مراقبون إن المشكلة لا تكمن في اسم وزير الخارجية والمناصب التي شغلها من قبل، بل في الأجندة التي يقوم بتنفيذها، والتي لا تصب في مصلحة السودان أو تتوافق مع أهداف القوى المدنية في وقف الحرب الضارية والترتيبات السياسية اللاحقة له، حيث تعزز ممارسات الجيش مكانة الحركة الإسلامية داخله.

ويضيف المراقبون أن التغيير الحقيقي يستلزم اختيار شخص قوي له رصيد كبير من الدبلوماسية الهادئة، وبديل علي الصادق يملك مؤهلات تساعده على تلافي العجز الذي ألمّ بوزارة الخارجية، أو تصويب الخلل السياسي الذي أصابها في الفترة الماضية، والمعلومات المتوافرة عن حسين عوض لا تشي بأنه سيكون أفضل حالا.

وذكرت مواقع محلية سودانية أن الوزير المُعين لم يتسلم منصبه كسفير في لندن التي لم تقم بالرد على الطلب المقدم لتعيينه ثلاثة أشهر، وهذا وفق التقاليد الدبلوماسية يُعتبر نوعا من الاعتراض الرسمي عليه، ما يستوجب تقديم مرشح آخر للمنصب.

AA

ونشرت صحف أوغندية أن الوزير الجديد حسين عوض مسجل ضده بلاغ في كمبالا بسبب قيامه بصفع سائقه الخاص، وأنه أحدث إصابة في عينه اليسرى.

والوزير الجديد تم تعيينه وكيلا لوزير الخارجية في ديسمبر الماضي، وشغل من قبل منصب سفير السودان لدى باكستان وزامبيا ورواندا وأوغندا، وشغل موقع مندوب السودان لدى السوق المشتركة لدول شرق وجنوب أفريقيا (كوميسا)، وعمل وزيرا مفوضا في السفارة السودانية بدولة الكويت.

وقال المحلل السياسي السوداني مرتضى الغالي إن “قرار إقالة علي الصادق ترجمة لحالة الفوضى التي يعانيها الجنرال البرهان ومجموعته الحاكمة، حيث جاء بآخر لديه مشكلات وأزمات كبيرة مع العالم الخارجي، في مقدمته دول في الاتحاد الأفريقي، ما يبرهن على أن إدارة هذه الوزارة ليست لها علاقة بالدبلوماسية أو الخبرة، وأصبحت أسيرة لحسابات مجموعات تتناحر للسيطرة على السلطة وسط انقسامات واسعة داخل الجيش، والحركة الإسلامية أيضا”.

المشكلة لا تكمن في اسم وزير الخارجية والمناصب التي شغلها من قبل، بل في الأجندة التي يقوم بتنفيذها، والتي لا تصب في مصلحة السودان

وأوضح في تصريح لـ”العرب” أن “قائد الجيش يحاول دحض الأقاويل التي تشير إلى أن قراره ينبع من توجهات الحركة الإسلامية، وهو ما دفعه نحو انتقاد ‘كتيبة البراء’ والتنصل منها، ثم إقالة وزير الخارجية الذي اعتاد إصدار بيانات واتخاذ مواقف من دون الرجوع إلى الجيش، ووظف وزارة الخارجية في الدفاع عن مصالح الإسلاميين أولا، وأفشل مساعي سياسية كان يمكن أن تقود إلى وقف الحرب”.

وأشار الغالي إلى أن البرهان أقال الصادق في وقت تتصاعد فيه الخلافات بينه وبين نائبه شمس الدين كباشي، ولا يوجد توافق على العودة إلى طاولة المفاوضات، في ظل مطالبات بتأجيلها إلى مايو المقبل بدلا من أبريل الجاري، ولا توجد ملامح تدعم تحقيق ما يسمى بـ”النصر العسكري”، ويمكن وصف إقالة علي الصادق وتعيين حسين عوض بأنهما “أكثر جهلاً” وسيزيدان العراقيل أمام جهود الوصول إلى تسوية سياسية.

وأصدر وزير شؤون مجلس الوزراء المكلّف بمهام مجلس الوزراء عثمان حسين قرارا يقضي بإعفاء والي كل من القضارف محمد عبدالرحمن محجوب، وكسلا محمد موسى بعد تصاعد خلافات الأخير مع رئيس المجلس الأعلى لنظارات البجا والعموديات المستقلة سيد محمد الأمين ترك، والذي أعلن الثلاثاء رفضه تنفيذ أي قرار للوالي في مناطقه وإيقاف أي تعاون مع حكومة الولاية داعيا الحكومة المركزية إلى إقالته فورا.

وتحاول قرارات الإحلال والتجديد من قبل البرهان ومجلس الوزراء في بعض الوظائف العليا الإيحاء بوجود هياكل إدارية للمحاسبة والتغيير، وأن ظروف الحرب لا تمنع القيام بهذه المهام، أملا في كسب شعبية من خلال تأكيد أن دولاب الدولة يعمل بصورة منتظمة، وقادر على التكيف مع المستجدات وحريص على تجاوزها.

 

آراء