هل يمكن الاستغناء عن حكومة الولاية والعودة إلي إدارة المحافظين؟

 


 

 

هذا السؤال، ليس من عندي، بل أصبح مدار حوارات ومناقشات في أروقة ومجالس الأكاديميين والباحثين والخبراء السودانيين بشأن تطوير منظومة الحكم المحلي ذات التأريخ و الإرث الإداري العريق منذ العام 1902 بعد ترسيم الحدود الجغرافية للبلاد..وتقسيم السودان إلي مديريات.. كل مديرية علي رأسها مدير...وتقسيم المديريات إلي مراكز ..كل مركز علي رأسه مفتش...وتقسيم المراكز إلي أقسام ..علي رأس كل قسم مأمور حتي بدأ من بعد 1951 استيعاب الضباط الاداريين.
: لقد مر علي تجربة الحكم المحلي في السودان تطبيق العديد من القوانين كان اشهرها أيام الحكم البريطاني علي السودان قانون مارشال.. 1951.وقانون الحكم الشعبي المحلي 1971 خلال فترة حكم جعفر نميري...ثم توالت القوانين ولكن ظل قانون مارشال 1951 هو الأفضل ، فقد كان عملا ناجحا ، بل أصبح نموذجا ممتازا يدرس في معاهد الإدارة علي مستوي العالم كتجربة سميت بالخدمة المدنية.
ورغم ما في قانون الحكم الشعبي المحلي لعام 1971 ,الذي وضعه الدكتور جعفر علي بخيت، من عيوب ، إلا أنه ظل يعمل به لفترة طويلة حتي بعد انتفاضة أبريل 1985 إلي أن جاءت( حكومة الانقاذ) وبعدها شهد الحكم المحلي في بنيته وهياكله واختصاصاته العديد من التغيرات بما جعل منظومة الحكم المحلي غير قادرة للقيام بدورها الخدمي وسط المواطنين وفقدت الأدارة المحلية هيبتها وتحولت إلي أداة سياسية تحت توجيهات السلطة السياسية.
وعلي ضؤ هذه الخلفية التاريخية للإدارة المحلية في السودان...يقترح بعض المشاركين في الحوار بإلغاء حكومة الولاية بزخمها وفسادها وقلة حيلتها والعودة إلي نظام الإدارة المحلية في الستينات من القرن الماضي بعودة وظيفة وصلاحية المحافظ علي رأس الإقليم بعد إعادة تقسيم السودان إلي اقاليم تراعي فيه تجانس الإقليم وقدرته علي استثمار موارده الطبيعية والبشرية..يعاونه مجلس إدارة الإقليم من مساعدي المحافظ يمثلون الوزارات المركزية والهيئات المماثلة والإدارة في المراكز والأقسام الخارجية ..وبذلك ينتهي زمان الفوضي والصرف البزخي وتلغي المجالس التشريعية والاكتفاء بالمجالس البلدية ذات الصلاحيات المحددة.
لقد أجريت العديد من الدراسات وعقدت الكثير من المؤتمرات والمنتديات بشأن تطوير الحكم المحلي في السودان، ورغم الاتجاه العام بمنح الأقاليم كامل الصلاحيات في إدارة شئونها المحلية، إلا أن هذا الهدف الوطني العادل النبيل لم يتحقق طيلة فترة تجاربنا مع منظومة الحكم المحلي إلا خلال فترة الحكم الاستعماري وما بعده بقليل من خلال وزارة الحكومة المحلية في الستينات من القرن الماضي..فكان لابد من إعادة النظر في التجربة برمتها...
وحتي لا يصبح الجدل مفتوحا...فقد أقترح البعض بأن تكون العودة إلي تجربة إدارة المحافظين للأقاليم ، محصورة ومحددة بفترة الحكم الانتقالي..فلا ولاة ولا حكومات اقليمية ولا وزراء ولا مجالس تشرعية إلا علي مستوي المركز.. ثم يتم بعدها تقييم التجربة ( القديمة /الجديدة) بمعايير إدارية خالصة..فإما القبول بالتجربة والمضي بها قدما، وإما فشل التجربة والعودة إلي نظام الحكم المحلي القائم والسعي إلي تطويره...
د.فراج الشيخ الفزاري
f.4u4f@hotmail.com

 

آراء