وامصيبتاه !!! وقع ما كنا نتوقعه ونخشاه !

 


 

 

وما توقعناه هو اختلاف اللصين، وثمة معركة صفرية كل طرف يسعي فيها لسحق الآخر للانفراد بالأمر، كما حدث منذ الدولة الأمويه والعباسية، حيث ينقلب الأخ علي أخيه والإبن علي أبيه، والغدر والضرب تحت الحزام هو سنة الحياة. وتلك هي الروح والأخلاق والثقافه التي تربي عليها الطرفان خلال العهد الإسلاموي الكيزاني الآفل.

كانت الحركة الوطنيه تسعي رويدا رويدا لترسيخ المبادئ الجديدة التي أتت بها ثورة ديسمبر : العدالة والشفافية والحوار السلمي واحترام الآخر والوطنية المرهفة والتركيز علي قضايا الوطن من رتق الفتوق وتوطيد البني التحتية اللازمة لبناء مجتمع ديمقراطي متحضر له استراتيجية واضحه: التحول الاجتماعي والتقدم الاقتصادي.
ولكن يبدو أن الأطراف المعنية بصراع اليوم الدامي بعيدة عن هذه المفاهيم البسيطة والراقية، ومسكونة بحب السلطة والاستماتة في سبيلها irrespectiveً . بيد أن مكر التاريخ وضعنا أمام معادلة لا مفر منها، وهي أن نختار بين مؤسسة قومية عمرها أكثر من قرن، ولجنودها تاريخ ناصع في حرب المكسيك ١٨٦٣ وفي الحرب العالمية الثانية، وفي غيرها من السوح المحلية والإقليمبة، وهي الجيش السوداني، أيا كانت قيادته الحالية، وبين مليشيا مناطقية تقودها أسرة عصبجية قروية حدودية، جاءت للخرطوم قبل خمس سنوات كطلب الدكتاتور البشير من أجل حمايته الشخصية. وبالضرورة ليست لهذه المليشيا عقيدة عسكرية معروفه غير القتل والعدوان والشراسة الباشبوزوكية شأنهم شأن عصابات فاغنر الروسية (التي تحالفت معها فيما بعد لنهب الثروات المعدنية وتهريبها). وسيرة هذه المليشا في الخمس سنوات المنصرمة مشحونة بالتفلت والانقلاب علي القريب والبعيد والغدر بمن استأمنها، بدءا ببني عمهم موسي هلال وأسرته الذين باعوهم لنظام البشير وبطشوا بهم، ثم انقلبت علي رب نعمتها البشير نفسه واودعوه سجن كوبر، وتظاهروا بتأييدهم لثورة الشعب، فوثق فيهم الثوار naively وأشركوهم في أجهزة السلطة الديسمبرية الجديدة، ولكنهم سرعان ما تآمروا مع الفلول وأعداء الثورة وقتلوا الشباب وسبوا الحرائر الخرطوميات المعتصمين أمام مباني رئاسة القوات المسلحة في رمضان ٢٠١٩، وآخر التقلبات هي التراجيديا الراهنة حينما أرادت هذه المليشيا أن تقضي علي جيش السودان برمته لكي تستفرد بالأمر. ولقد مهدت لهذا التحول العسكري السياسي بالسعي لإيجاد أرضية شعبية من الادارات الاهليه والطرق الصوفيه، ثم العديد من الصحفيين والمثقفاتية الذين تم شراؤهم بالاموال الطائلة المتوفرة لدي حميدتي وأسرته من التعدين والتهريب والأنشطة العسكرية لدي بعض الدول الإقليمية، وهو سعي للسلطة يذكرك بمنهج ادولف هتلر والدوتشي موسليني في الثلاثينات حينما وصل النازيون في المانيا والفاشيون في ايطاليا للسلطة عن طريق زحف مافيوزي من هذا القبيل.
وعندما تكون المفاضلة بين جيش يمثل أمة بحالها ومليشيا rag tag كهذه الجنجويدية التي تخطط لحكم السودان، مهما تلمظت بشعارات الثورة التبي لقنها لها سماسرة السياسة المعروفون، فإن العقل والمنطق يقف مع جيش الأمة. وهم كما قال نكسون عن دكتور كسنجر عندما (قطع) فيه احدهم قائلا لرتشارد نكسون He is a sonofabitch. فرد نكسون (But he is our sonofabitch) اي اننا ضد الجيش بصورته الكيزانيه الراهنه، ولكنا امام خيار وجودي لا مفر فيه من الوقوف معه في المعركة الراهنه، ثم بعد ذلك سنتعامل معه كما يملي الشارع. هذا وقد أزحنا ثلاثة جيوش من قبل بثورات سلمية لا تحمل الا فروع النيم.

وما يشيعه بعض هتيفة حميدتي بأن هذا انقلاب كيزاني هراء وسذاجة منقطعة النظير. فإن آخر ما يفكر فيه الاخوان المسلمون هو انقلاب عسكري، فقد جربوه عدة مرات وفشل، وهم يدركون انهم مكروهون لدي شعب السودان، وانهم عجزوا عن ادارة السودان بعد ثلاثين سنة من التجريب والتخريب، وان السودان بلد متعدد الاديان والاثنيات ، ولن ينجح فيه الا النظام الديمقراطي التعددي والحكم الفدرالي الناجع.
عموما، كما قال الشاعر (وما الحرب الا ما علمتم وذقتم….وما هو عنها بالحديث المرجم….ان تبعثوها تبعثوها ذميمة….فتضري اذا ضريتموها وتضرم ).
نحن ضد الحرب وثورتنا سلمية، ولكن احيانا يصدق ما قاله ابو تمام قبل الف عام: (السيف اصدق انباءا من الكتب…في حده الحد بين الجد واللعب).
وعلي كل حال، اتمني ان تنتهي هذه المقتلة فورا، وان يتم تحجيم كل الجماعات الحاملة للسلاح غير القوات النظاميه، وان يتم الغاء اتفاقية جوبا. وان نعود لمنصة التأسيس مرة اخري باستثناء المؤتمر الوطني وتفريعاته والعصابات الحاملة للسلاح.
حريه سلام وعدالة.
////////////////////////

 

آراء