وثبة فولكر

 


 

 

الصباح الجديد -
مبادرة البعثة الدولية (يونتامس) والتي دشنها المبعوث الأممي في السودان فولكر في مؤتمر صحفي أول أمس جاءت في جو ملتهب ومحتقن ،تواصل فيه السلطة الانقلابية العمل وفقاً لعقليتها الأمنية متخذة من القمع الفظ والعار وسيلة في محاولة يائسة منها لضرب المد الثوري الرافض للانقلاب منذ اعلانه في 25 اكتوبر الماضي ، في الوقت الذي تصر فيه المقاومة على إكمال المشوار لاسقاط الانقلاب محتسبة شهداء وجرحى مدوا المشاعل لرفاقهم فأضحوا الوقود التي تحرك مواكبهم الحاشدة وهم يهتفون (شهداءنا ما ماتوا عايشين مع الثوار).
وبالرغم من أن فولكر قال إن كل ما يعتزم تنفيذه هو مشاورات من شأنها التيسيير لحوار سوداني سوداني ، لكن يتضح منذ الوهلة الأولى أن مبادرته وجدت تأييدا واسعاً من عواصم صناعة القرار الدولي وفي مقدمتها واشنطون ومن ثم الرياض ودبي وقاهرة المعز و الاتحاد الأوروبي ، وهذا يعني أن هناك اتفاقاً أو رؤية مشتركة بين هذه الدول لحل الأزمة السودانية تستند على مصالحها .. ولا يحتاج الأمر لسبر أغوار لا كتشاف تفاصيل المبادرة بل (واضح جداً) أن هدف الحوار هو مناقشة تداعيات قرارات 25 اكتوبر الانقلابية وليس (ركلها) في مذبلة التأريخ ، وهذا يستشف من مواقف المجتمع الدولي الرمادية إزاء الانقلاب منذ اعلانه.
في المقابل هرعت كثير من القوى السياسية باتجاه المبادرة ووجدت فيها فرصة للتخلص من الحرج الذي ظل يلازمها حال موافقتها على شراكة جديدة مع العسكر ، خاصة وأن (الشارع) لا يجامل ولا يسمح بالتلاعب بلاءاته الثلاث ، أما المكون العسكري فوجد ضآلته ليوجه مجلسه السيادي وحاضنته مجموعة الميثاق وكل من لف لفه لتأييد مبادرة فولكر وذلك لملأ منضدة الحوار وتحويله لحوار وثبة جديد يغيب عنه فقط المخلوع عمر البشير.
قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي قالت كلمتها ورفضت وكذلك لجان المقاومة ليواصلا النضال السلمي وصولاً لاسقاط الانقلاب وتسليم السلطة للمدنيين ، وهنا سيجد فولكر نفسه في مطب حقيقي ولن يفيده التبرير بأنه سيكتفي بدور الوسيط أو المسهل ، لأن اطراف رئيسية لن تشارك في المبادرة ، وإن تم الضغط عليها ومحاصرتها دولياً فهي قادرة على الدفاع عن نفسها، ولو طالبت فقط بتهيئة المناخ للحوار بالتأكيد على حق التعبير والاحتجاج السلمي وتم رفع (الحاويات) من الكباري، لزحف الثوار كالجراد المنتشر نحو القصر خاصة وأن هكذا مباراة ستكون وفقاً لمراقبة دولية ويومها ستنقلب المعادلة.
من المؤكد أن الدول الكبرى تنظر لمصالحها ولكن شعوبها دائماً تقف مع القيم ومعاني الحرية والانعتاق ولا اظن أن أمريكا صاحبة (العظم) في هذه المبادرة تريد لحوار الوثبة مقطوع الطاري أن يعود.
الجريدة
حرية، سلام، وعدالة
///////////////////////

 

آراء