يا حمدوك … جهاز الشرطة يحتاج لهيكلة فيزيائية ونفسية وثورية

 


 

 

الاجتماع الذي يبدو أنه قد تم الترتيب له على عجل والذي عقده رئيس الوزراء حمدوك أمس مع مسؤولي الأمن العسكريين بإستثناء الدعم السريع مع الزج بوزير شؤون مجلس الوزراء ووزير العدل لمناقشة الأسباب والمسببات لما يطلقون عليه تفلتات أمنية وإعادة تدويرها وتدوير نفس الحلول والخروج بذات النتائج السابقة هو تحصيل حاصل هذه ليست تفلتات يبدو أنها عمل منظم تقف خلفه عدة جهات تربطها مصالح مشتركة من صُنْع وضع ٍ داخلي هش ٍ كهذا يجب على الجهات المعنية الوصول إلى مطابخ هذه البؤر وليس انتظارها حتى تقدم وَجَباتها المسمومة تلك للمواطنين ، فحصر الضرورة في تزويد الشرطة بالأدوات اللازمة وغرف العمليات الحديثة والدوريات ومراكز الإتصالات للقيام بعملها لن يجدي أبداً وإن حدث فإلى حين ، ليست هذه هي مشكلة جهاز الشرطة يا حمدوك ، جهاز الشرطة يحتاج لإعادة هيكلة في إدارته فيزيائياً ونفسياً وثورياً والعائق الأكبر في ذلك الجهاز هو وزير الداخلية نفسه فرجل يحمل مسؤولية الهم الداخلي للبلد يجب أن يكون قدر المسؤولية بكل معنى الكلمة ، سواءً في حديثه وتصريحاته وحلوله أيضاً ، وكم رأينا السيد الوزير واستغربنا لما يطرح من حلول تصل لحد السذاجة وأكثرها إيلاماً عندما كان يخاطب قوات الشرطة نهاية يونيو الماضي في ساحة الحرية وهتف جنوده وضباطه ( ما دايرينك ما دايرنك ويوم ٣٠ ما جاينك ) وكانوا يسخرون منه ومن حلوله بزيادة المرتبات بقوله ( القروش جايه والخير جاييكم أصبروا أصبروا ) وعندما عجز عن مجاراة صياحهم خرج بقرار ٍ إرتجالي غير مهني وغير قانوني بل وغير أخلاقي في معاملته لهؤلاء الضباط والجنود مع أن الرجل حقوقي فقد قال لهم بالحرف الواحد ( الما عاجبو الشغل عليهو يسهل وعلينا يمهل والباب يفوت جمل ) وكأن الشرطة ليست لها قوانين إدارية تحكمها وتنظم عملها وأن الأمر يخضع لمزاج السيد الوزير وكبار الضباط ضد الجنود أو صغار الضباط بالتهديد والرفد من الخدمة أو النقل لمناطق العمليات والشدة ، إذا كانت هذه هي علاقة الوزير عزالدين الشيخ بجنوده وضباطه وتعامله معهم فماذا تنتظر من نتائج لعقلية تدير هذا الجهاز المهم جداً في الدولة بهذه الكيفية ؟
يا سيد رئيس الوزراء الإدارة الحالية للشرطة يجب أن تتم إقالتها كلها وإخضاعها للمسائلة والمحاسبة فيما يختص بهذا القصور والتساهل الأمني الذي عرّض حياة المواطنين للخطر ، جهاز الشرطة جهاز حساس وغير قابل لأنصاف الحلول أو تجزأتها أو مجرد تأخيرها.
كنت أعتقد أن من هاجر إلى الغرب عامة وبريطانيا على وجه الخصوص على الأقل يكون مثقفاً وواعياً بل وخبيراً في شؤون ٍ كثيرة لأن بريطانيا هي مركز الكون في النظم والتشريعات والقوانين الوضعية والإدارية والقضائية والتنفيذية والمجتمعية وكل ما من شأنه أن يدير أو يحكم دولة لذلك استبشر الكثير من المواطنين بحمدوك واعتقدوا أنه ربما يكون المنقذ للسودان بأفكار مستحدثة لما له من خبرة دولية تسبقه في مجاله الإقتصادي على الأقل ولكن اتضح أن الرجل لا يملك أدنى فكرة عن كيفية الإدارة أو إيجاد الحلول المنطقية ناهيك عن الإبداع في تلك الحلول ، فكما فعلت الإنقاذ في التعاطي مع المشكلات الآنية والمستعصية في الدولة سابقاً هاهو حمدوك ومجموعته يمارسون نفس الأساليب المجربة والغير مجدية.
الحل يا دولة رئيس الوزراء يكمن في مخاطبة جذور المشكلة في المجتمع ككل فأنت لا تحتاج لأدوات قمع وضرب وتقتيل وشحن سلبي لقوات الشرطة والقوات المشتركة ، هناك أطراف مهمة أخرى تساعد في الحلول بصورة موازية للحلول الأمنية منها المتخصصين في التنمية البشرية والاجتماعية والطب النفسي وأئمة المساجد واساتذة التربية الدينية والروحية ووزارة الشباب والرياضة وديوان الزكاة وغير ذلك من الأطراف لإيجاد حلول متكاملة يمكن أن تكون نواة حقيقية وتجربة رائدة مستقبلاً ، أما حلول التخويف هذه قد توقف العملية ريثما تهدأ العواصف ولكنها لا تعطي صكاً بنهايتها أبداً .

عبدالماجد موسى/ لندن
٢٠٢١/٩/٧

seysaban@yahoo.co.uk

 

آراء