ورحل شلنكح “ابو نفاش” بحري وفارس طرفتها
وجدي كامل
13 November, 2024
13 November, 2024
لو ظل سكان بحري القديمة يقيمون في منطقتهم واحيائهم حتى الآن لشهدت المدينة اليوم التشييع الأضخم في تاريخها باحدى مقبرتي حلة حمد او حلة خوجلي.
بالامس، وفي اجواء هذه الحرب الفادحة، الحارقة، المستعرة غيب الموت ونعى الناعي عزالدين محجوب على كرار، الشهير بشلنكح"ابو نفاش" بحري وفارس طرفتها الذي لا يشق له غبار .
ولد عزالدين الذي عرف بالاوساط الفنية والرياضية والاجتماعية بمدينة الخرطوم بحري، عام ١٩٤١م. وتلقى تعليمه الأولى بمدرسة امين ثم الوسطى بالمدرسة النصفية التي كانت تقع بمكان غير بعيد من سينما الوطنية بحري وموقع معهد النور (القديم).
لعب كرة القدم بفريق الوادي بحيه، حى الدناقلة شمال والذي زامل فيه لاعبين بارزين امثال سيد قديم، وكمال محمد علي، وحسن إبراهيم حاج، وحمود بابكر. ولكن شهرة شلنكح انطلقت بانضمامه ومنذ العام ١٩٦٤م ضمن فرقة بلبل بحرى الصداح حينها، ومغني لياليها الملاح المرحوم ايوب فارس عندما تميز عزالدين، ومن ضمن اعضائها باجادة العزف على الايقاع، ملتحقا ومشاركا ايضا ايامها مع الفنانين عبد العظيم حركة، وحسن وردي.
. اطلق عليه لقب شلنكح تأسيا باسم لاعب من شمبات كان يلعب في خانة الجناح الايسر اسمه عبد العزيز الامين وبحيث ظل ارتباطه حارا وعميقا بناديه، نادي الاتحاد منذ عام ١٩٥٨م.
بوفاة ملك، بل وزعيم الظرفاء البحراوي تنطوي حقبة خصبة من التاريخ الاجتماعي للمدينة تصدر فيه عزالدين، وعلى مر نصف قرن، او يزيد مشهد امهر صناع الطرفة الاجتماعية النقدية الساخرة الذكية. فقد كان شلنكح شخصا لماحا وقادرا رغم جسده النحيل وهدوئه العظيم من تحريك امواج الحياة الاجتماعية بانحاء وسط بحري بقفشاته وتعليقاته التي تناقلتها الاجيال جيلا بعد جيل. كما ظل يشكل، وطيلة حياته التي مرت كالنسيم نقطة تلاقي والتقاء بينهم وهم يبحثون ويتابعون ما يقول ويصدر عنه وهم يحيطون بموقع جلسته في مناسباتهم المتنوعة والتي نادرا ما لا يغيب عنها.
عزالدين لم يكن منتجا فقط للنكتة السطحية العابرة ولكن للنكتة العميقة، الساخرة، البليغة، التي تسكن الذهن والوجدان بدون استئذان، وتحرض متلقيها على مقاومة عاتيات الرياح، والمصائب والاكتشاف والفهم للاشياء وطبائعها. حتى في ايام الحرب ظل مصدرا للمقاومة وإلهام محيطه الكبير بالصبر والتحلي بالشجاعة بما خرج منه من مواقف بالغة الطرافة.
آخر تعليقاته الساخرة كانت مع احد مجندي الدعم السريع ممن اجتاحوا الحى واستوطنوا به منذ بداية الحرب حتى اللحظة، وكان شلنكح مقيما بمنزلهم رافضا الخروج.. فعندما راى الدعامي شلنكح خارجا من بيته ذات مرة صاح في وجهه: يا زول ماشي زين؟ رد شلنكح بكل هدوء: ماشي اركب المواصلات.
اليوم ورغم العزاء الساخن، المفتوح باغلب مدن السودان وعواء هذه الحرب المستم، المتصاعد، تدخل احياء بحري القديمة بيت عزائها الخاص، وتغرق في دموعها ضفة النيل المواجهة، وميدان فريق الاتحاد، وبيوت الدناقلة شمال، وخور نصر الدين، ومدرسة الاميرية وقبتى خوجلي وحمد، وذكريات نوادي الكفاح، والثريا، والتذكار بما ابقاه بها، وعطرها عزالدين من سماحة، وخلق، وظرف وتواصل.
اليوم تدخل الحرب لحم بحري الحى وينفجر نافوخها برحيل احد اساطين الحب و زمن الفكاهة الجميل.
وداعا ايها الفارس والمحب الكبير للناس والمكان والزمان الذي كأنما بات يقترب من ان يصبح مجرد ذكرى مفعمة بالشخصيات النادرة، والاحداث العظيمة لماضٍ ولى، وراح.
wagdik@yahoo.com
بالامس، وفي اجواء هذه الحرب الفادحة، الحارقة، المستعرة غيب الموت ونعى الناعي عزالدين محجوب على كرار، الشهير بشلنكح"ابو نفاش" بحري وفارس طرفتها الذي لا يشق له غبار .
ولد عزالدين الذي عرف بالاوساط الفنية والرياضية والاجتماعية بمدينة الخرطوم بحري، عام ١٩٤١م. وتلقى تعليمه الأولى بمدرسة امين ثم الوسطى بالمدرسة النصفية التي كانت تقع بمكان غير بعيد من سينما الوطنية بحري وموقع معهد النور (القديم).
لعب كرة القدم بفريق الوادي بحيه، حى الدناقلة شمال والذي زامل فيه لاعبين بارزين امثال سيد قديم، وكمال محمد علي، وحسن إبراهيم حاج، وحمود بابكر. ولكن شهرة شلنكح انطلقت بانضمامه ومنذ العام ١٩٦٤م ضمن فرقة بلبل بحرى الصداح حينها، ومغني لياليها الملاح المرحوم ايوب فارس عندما تميز عزالدين، ومن ضمن اعضائها باجادة العزف على الايقاع، ملتحقا ومشاركا ايضا ايامها مع الفنانين عبد العظيم حركة، وحسن وردي.
. اطلق عليه لقب شلنكح تأسيا باسم لاعب من شمبات كان يلعب في خانة الجناح الايسر اسمه عبد العزيز الامين وبحيث ظل ارتباطه حارا وعميقا بناديه، نادي الاتحاد منذ عام ١٩٥٨م.
بوفاة ملك، بل وزعيم الظرفاء البحراوي تنطوي حقبة خصبة من التاريخ الاجتماعي للمدينة تصدر فيه عزالدين، وعلى مر نصف قرن، او يزيد مشهد امهر صناع الطرفة الاجتماعية النقدية الساخرة الذكية. فقد كان شلنكح شخصا لماحا وقادرا رغم جسده النحيل وهدوئه العظيم من تحريك امواج الحياة الاجتماعية بانحاء وسط بحري بقفشاته وتعليقاته التي تناقلتها الاجيال جيلا بعد جيل. كما ظل يشكل، وطيلة حياته التي مرت كالنسيم نقطة تلاقي والتقاء بينهم وهم يبحثون ويتابعون ما يقول ويصدر عنه وهم يحيطون بموقع جلسته في مناسباتهم المتنوعة والتي نادرا ما لا يغيب عنها.
عزالدين لم يكن منتجا فقط للنكتة السطحية العابرة ولكن للنكتة العميقة، الساخرة، البليغة، التي تسكن الذهن والوجدان بدون استئذان، وتحرض متلقيها على مقاومة عاتيات الرياح، والمصائب والاكتشاف والفهم للاشياء وطبائعها. حتى في ايام الحرب ظل مصدرا للمقاومة وإلهام محيطه الكبير بالصبر والتحلي بالشجاعة بما خرج منه من مواقف بالغة الطرافة.
آخر تعليقاته الساخرة كانت مع احد مجندي الدعم السريع ممن اجتاحوا الحى واستوطنوا به منذ بداية الحرب حتى اللحظة، وكان شلنكح مقيما بمنزلهم رافضا الخروج.. فعندما راى الدعامي شلنكح خارجا من بيته ذات مرة صاح في وجهه: يا زول ماشي زين؟ رد شلنكح بكل هدوء: ماشي اركب المواصلات.
اليوم ورغم العزاء الساخن، المفتوح باغلب مدن السودان وعواء هذه الحرب المستم، المتصاعد، تدخل احياء بحري القديمة بيت عزائها الخاص، وتغرق في دموعها ضفة النيل المواجهة، وميدان فريق الاتحاد، وبيوت الدناقلة شمال، وخور نصر الدين، ومدرسة الاميرية وقبتى خوجلي وحمد، وذكريات نوادي الكفاح، والثريا، والتذكار بما ابقاه بها، وعطرها عزالدين من سماحة، وخلق، وظرف وتواصل.
اليوم تدخل الحرب لحم بحري الحى وينفجر نافوخها برحيل احد اساطين الحب و زمن الفكاهة الجميل.
وداعا ايها الفارس والمحب الكبير للناس والمكان والزمان الذي كأنما بات يقترب من ان يصبح مجرد ذكرى مفعمة بالشخصيات النادرة، والاحداث العظيمة لماضٍ ولى، وراح.
wagdik@yahoo.com