استخدام الانتربول في التستر علي الاسلاميين الهاربين من العدالة في السودان

 


 

 

ظلت صيغة التعامل مع عمليات القتل والتعذيب والتصفيات الجسدية التي طالت اعداد كبيرة من الناس في سودان مابعد الانتفاضة ومابعد سقوط نظام البشير ثابته لم تتغير وتتشابه في العناوين الرئيسية والمعالجات وقد جرت العادة في اعقاب كل عملية قتل بالرصاص او اثناء التعذيب في المعتقلات السرية او بعد كل مذبحة وحادث اليم ان تكون البداية بالاعلان عن فتح بلاغ ضد الجهة او الشخص المعتدي ورفع الحصانة عنه ووضعه في الحبس والتحقيق في ملابسات الحادث باشراف النيابة ثم تحريك اجراءات قضائية وانعقاد محكمة وصدور احكام لاتري النور بعد ذلك وهكذا تدور دورة الافلات من العقاب وتمضي الامور في عالم السياسة السودانية وكأن شيئا لم يكن دون اي انجاز يذكر للورثة الامنية للنظام والشركاء من النخب والمجموعات السياسية في مرحلة مابعد سقوط النظام علي اي مستوي او شئ له اثر علي حياة الناس ومعيشتهم وامنهم ..
نقول ذلك بمناسبة الحادث الدرامي وعملية الاعدام التي تمت في الهواء الطلق لصبي ومتظاهر سوداني في مقتبل العمر قتل امام انظار العالم كله الذي تداول ذلك المشهد الاليم .
لم تمضي ساعات علي ماجري حتي توالت بيانات الاستنكار الروتينية والمعتادة من الجماعات السياسية والاجاويد الاقليميين والدوليين التي تضمنت ايضا مناشدات كريمة لمن بيدهم مقاليد الامور بضرورة التحقيق في الحادث وتقديم المتهم الي محاكمة علنية واشياء من هذا القبيل ثم مضي كل الي غايته كما يقول الشاعر والي الحديث والسيل المنهمر من الاقوال والتصريحات عن مستقبل البلاد والعملية السياسية والاتفاق الاطاري المزعوم وسينضم ملف عملية الاعدام المشار اليها الي باقي الملفات والقضايا المشابهة والمجهولة المصير ...
ولكن هل يستقيم الظل والعود اعوج كما يقول ذلك المثل العميق الذي يتحدث عن حقيقة علمية عن انعكاسات الضوء والاجسام التي تتعرض الي الشمس واستحالة استقامة الظل اذا كان الجسم نفسه اعوج وهو ماينطبق علي كل ماجري في سودان مابعد سقوط النظام الذي انتهي في اعظم مشهد من مشاهد الثورات والتغيير في عالمنا المعاصر الثورة والانتفاضة السودانية المؤودة التي تعرضت بعد ذلك الي اكبر عملية سطو في عمل يرقي الي مستوي الدقة التي اتبعت في عملية الدراما السينمائية المعروفة وقصة سرقة القطار الكبري المعروفة عندما جري تحويل مسار القطار لينتهي سيره عند النقطة التي خطط لها ونفذها المختطفين ..
تقوم بعض الدوائر الامريكية والغربية هذه الايام باتهام الصين وعدد اخر من الانظمة والحكومات القمعية باستخدام منصة اوامر القبض والملاحقة والنشرات الحمراء علي شبكة البوليس الدولي
" الانتربول "
في تقديم بلاغات بحيثيات وهمية ضد عدد من المنشقين والمعارضين السياسيين لتلك الانظمة والحكومات واصدار نشرات حمراء للقبض عليهم وملاحقتهم وتطور الامر وتحول الي قضية دولية تم التداول فيها بين عدد من الدول والمنظمات الدولية وبين ادارة الانتربول لحرمان تلك الانظمة من ملاحقة المعارضين عبر موقع البوليس الدولي الذي سارع الي ازالة اسماء وصور بعض المعارضين السياسين الذين تم استهدافهم في اطار عمليات ترويع منهجي وحرب نفسية مخالفة للقوانين الدولية والانسانية .
السلطات السودانية لم تفعل مثل ذلك ضد المعارضين السياسيين ولكنها سارت في نفس الاتجاه وارتكبت مخالفات جسيمة للقوانين الدولية بزعمها ملاحقة اشخاص من قيادات ورموز النظام السابق عبر الانتربول عن طريق الاخبار التي كانت تنشر بصورة متواترة في الصحف السودانية عن صدور اوامر قبض عبر الانتربول لزيد او عبيد من قيادات النظام الاخواني السابق.
"صلاح قوش .. علي كرتي .. محمد عطا واخرين من بعض الهاربين خارج البلاد "
ولكن اتضح بعد ذلك ان السلطات السودانية لم تتقدم باي معلومات او طلبات ملاحقة الي البوليس الدولي في هذا الصدد بمعني انه قد تم استغلال اسم الشرطة الدولية بطريقة مخالفة للقوانين في تضليل العدالة والرأي العام السوداني وضحايا النظام السابق لكسب الوقت وصرف الانظار والتستر علي الهاربين المشار اليهم وغيرهم من المطلوبين المفترضين للعدالة السودان ..
وقد ظهر بعد مدة احد المطلوبين الكبار الذي قيل بوجود اسمه علي قائمة المطلوبين في شبكة الانتربول في دولة مجاورة وعاد مطلوب وهارب اخر الي البلاد عبر مطار الخرطوم وخرج منه بعلم وموافقة وتنسيق مع السلطة الانقلابية والشخص المشار اليه يعتبر من دهاقنة الحركة الاسلامية المتورطين في انتهاكات خطيرة لحقوق الانسان الي جانب جرائم فساد اقتصادي واستغلال للسلطة والنفوذ وكانوا قد زعموا من قبل ان السلطات السودانية تلاحق نفس الشخص عبر الانتربول بما يعني ان هناك من استخدم اسم الانتربول في تضليل العدالة والتستر علي الهاربين المشار اليهم ...
الخلاصة انه لايجب ان يتوقع الناس ان تقوم السلطات السودانية بالقصاص من الشرطي الذي قتل احد الشباب السودانيين امس الاول رميا بالرصاص من مسافة قريبة وبطريقة علنية مع سبق الاصرار والترصد كما جرت العادة في استخدام هذا المصطلح القانوني في وصف هذا النوع من جرائم القتل العمد حتي اذا صدر ضده حكم بالاعدام اذ جرت العادة ان تقيد مثل هذا النوع من الجرائم ضد مجهول وتظل الاحاكم حبيسة الاوراق ما دامت البلاد تحكم بهذه الطريقة وبنفس الاطقم الامنية والعسكرية وبعض الشرازم المدنية المرتشية وبعض شهود الزور المعروفين .
سيستمر الحال علي هذه الطريقة حتي اشعار اخر تقوم فيه سلطة ثورية وحكومة مدنية بعد انتصار المقاومة الراهنة الذي لابد منه باعتبار المقاومة السودانية الامل الاخير والخيار الوحيد المتاح لتظل هذه الامة وهذا الشعب علي قيد الحياة وباعتبارها ايضا الطريق الوحيد الذي سيفضي الي اقامة مؤسسات عدلية تتناسب مع ماجري في البلاد خلال سنين حكم الاسلاميين للبلاد علي مدي ثلاثة عقود واكثر الي جانب المرحلة التي تلت سقوط النظام التي حفلت ايضا بعدد كبير من الانتهاكات والفظائع ..

رابط له علاقة بالموضوع :

https://www.youtube.com/watch?v=z2XGDGREaBg

 

آراء