الثورة والإتفاق الإطاري

 


 

 

بعد فشل كل تجارب الحكم العسكري الدكتاتورية التي عرفها السودان منذ إستقلاله في عام ١٩٥٦م، وحتى الوقت الراهن الذي ينتظر فيه الشعب أن تكلل الجهود المخلصة التي بذلتها بعض أطراف الثورة ممثلة في قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي الوصول إلى توقيع إتفاق نهائي اليوم السبت الموافق ١/إبريل/٢٠٢٣، يتم بموجبه وضع حد للعبث الذي مثله حكم العسكر، لاسيما تجربة الإسلامويين، المعروفين في السودان بأسم الكيزان، الذين فشلوا فشلاً ذريعاً طوال ثلاث عقود، نتيجة لخطأ تصوراتهم وإفتراضاتهم السياسية التي على ضوءها أعطوا أنفسهم الحق في الإنقلاب على النظام الديمقراطي الذي كان قائماً في عام ١٩٨٩م.

ثورة ديسمبر من هذا الباب تعتبر مكسباً كبيراً للشعب السوداني لتصحيح أخطاء الماضي، وبناء نظام سياسي جديد معافى قائم على دولة القانون والمؤسسات التي تمثل إرادة الشعب التي لخصتها ثورة ديسمبر المجيدة في ثلاث شعارات أساسية: حرية، سلام وعدالة.
حتى يخرج السودان من نفق الإنقلابات العسكرية وما جلبته من حروب وتخريب للنسيج الإجتماعي وتدمير للإقتصاد الوطني، وأعاقت الوصول إلى دستور دائم يمهد الطريق لقيام دولة حديثة في السودان تنهض بواجباتها وتتحمل مسؤولياتها تجاه مواطنيها.
بهذا الفهم الثورة تعتبر نقلة كبيرة في إتجاه بناء الدولة الغائبة!!!
لذا أتمنى أن تكلل الجهود المخلصة التي بذلتها قوى الحرية والتغيير بالنجاح، كما أتمنى على بقية قوى الثورة التي نأت بنفسها عن الإتفاق الإطاري أن تتعامل مع المرحلة بحكمة وعقلانية حتى تفوت الفرصة على قوى الردة التي يمثلها الكيزان ومن لف ودار في فلكهم أمثال "الكتلة الإنتهازية" جماعة الموز الذين وقفوا مع الإنقلاب على حكومة الثورة في لحظة مظلمة، من تاريخنا السياسي الحديث، ووضعوا أنفسهم في موقف مخزي جردهم من كل شعاراتهم وإدعاءاتهم الكاذبة، وأظهرهم على حقيقتهم البشعة بأنهم ليسوا أقل سوءاً من النظام السابق الذي فرط في وحدة الوطن وحدوده، وأفرط في الإستبداد والفساد.
وبقاياه الذين يتباكون بأسم السيادة الوطنية!
أي سيادة وطنية يتباكى عليه هؤلاء المنافقين؟ الذين فرطوا وحدة السودان!
أحياناً يدهش المرء حينما يسمع صفاقة من أذاقوا السودانيين الأمرين!قهر وظلم وفساد، وتفريط في وحدة البلد حينما أظهر لهم جورج بوش الأبن العين الحمراء في عام ٢٠٠٣.
وإشترط عليهم التوصل إلى إتفاق مع الحركة الشعبية، وإلا سيواجهون مصيرهم وقتها رضخوا وباعوا كل شعاراتهم وعنترياتهم الزائفة!
هل هناك خيانة أكبر من ذلك؟
الكيزان القتلة الذين كانوا يتصرفون في السودان وشعبه، كأنهما قطع أثاث في قصورهم وفللهم التي بنوها من المال العام دون حسيب أو رقيب لمدة ثلاثون سنة مظلمة.
هؤلاء اللصوص بلغت بهم الجرأة أن يتوعدوا الشعب في حال توقيع الإتفاق الإطاري النهائي.
من أنتم؟
أيها القتلة السفلة يا من مارستم التضليل والتجهيل وقد غيبتم الشعب عن الحكم لأكثر من ثلاث عقود بأسم الدين! أي دين هذا يعطيكم الحق أن تعيشوا في رغد العيش بينما الأغلبية الساحقة من الشعب تعاني من حياة البؤس والفقر؟
أي دين يبرر للطاغية عمر البشير أن يرقص على أنغام الموسيقى والأغاني فوق جثث الضحايا الذين لقوا حتفهم في عهده المشؤوم؟
هؤلاء الذين يطلون الآن برؤوسهم الخاوية ونفوسهم المريضة ويطلقون التصريحات البائسة مكانهم الطبيعي السجون والمشانق.
لأنهم خانوا الوطن وفرطوا في وحدته.
والآن يصرخون من أجل وضع العراقيل أمام الثورة حتى لا يتم الوصول إلى توقيع الإتفاق النهائي اليوم السبت حسب ما هو متفق عليه، هذا أمر مفهوم لأنهم يحاولون الهروب من مواجهة محاكم الثورة التي تنتظرهم لإسترداد المال العام الذي سرقوه من الشعب.
لكن حتى لو تأجل التوقيع على الإتفاق الإطاري ، فنحن على ثقة ويقين أن لا عودة إلى الوراء.
قد إنتهى عهد اللف والدوران والغش والخداع.
الشعب السوداني يتطلع لفتح صفحة جديدة في تاريخه خالية من الإنقلابات العسكرية والحروب والدجل والنفاق.
صفحة جديدة يكتبها الثوار والثائرات وفاءاً للشهداء الأبرار.
صفحة خالية من الإستبداد والفساد والإستغلال والإستهبال الذي يمارسه البرهان.
صفحة جديدة نكتبها معاً لصالح الفقراء والكادحين والمشردين والمظلومين مضمونها حرية، سلام وعدالة، الثورة خيار الشعب من أجل بناء دولته المدنية الديمقراطية التي تخرجنا من الظلام إلى النور وتنتصر لكل الضحايا وتضع حداً لعبث القتلة واللصوص من كيزان وجماعة الموز الذين سموا أنفسهم بالكتلة الديمقراطية وهم يدعمون الإنقلاب!!!

Eltayeb_Hamdan@hotmail.com

 

آراء