الجنرالات الخمسة والحرص على تصفية الثورة

 


 

أسماء جمعة
28 April, 2022

 

أي دولة حكمها طاغية عسكري لسنوات طويلة، ينتج نظامها عدداً كبيراً من الطغاة أسوأ منه ألف مرة. وعندما يسقط عبر ثورة شعبية يحتل مكانه طغاة جدد لا يقبلون أن تنتصر الثور، لذلك يظلون يتربصون بالثورة من أجل تصفيتها وفرض أنفسهم بديلاً للطاغية المخلوع، وهذا ما يحدث الآن لثورة ديسمبر بالضبط.
فبعد سقوط البشير ظهر الجنرالات الخمسة الذين شكلوا المجلس العسكري، ومنذ ذلك الوقت كان شغلهم الشاغل تصفية الثورة، وإصرارهم على التفاوض كان هدفه الأول والأخير تصفية الثورة، فإن كانوا معها لعادوا إلى ثكناتهم واهتموا بواجبهم الذي انشغلوا عنه عقوداً طويلة.
الجنرالات الخمسة اتبعوا خطوات طويلة لتصفية الثورة حتى يتمكنوا من ضمان النتيجة، بدأت بخداع الشعب والحديث عن وقوفهم مع الثورة في الجهر، وفي الخفاء كانوا يحيكون ضدها المؤامرات، وحين أحسوا بأنها ماضية إلى الأمام انقلبوا على الحكومة الانتقالية وأعلنوا ثورتهم ضدها رسمياً، فأوقف قائدهم البرهان كل الإجراءات التي اتخذت لإزالة التمكين، وأعاد الفساد والمفسدين، ليؤكد أنه ضد الثورة والثوار، وبطريقة بها الكثير من المكايدات وشغل (المغارز) كما يقال لا يشبه من يفترض أنهم قادة في القوات المسلحة.
البرهان تحول إلى بشير آخر أكثر خطورة وعنفاً وأنانية وكراهية للحرية والسلام والعدالة، نفذ انقلابه دون أن يفكر في تداعيات الانقلاب على البلد بعد أن بدأت تتنفس الصعداء، كذلك قام بإجراءات أوقفت سير العدالة واستمرار قمع المواطنين وكبت الحريات، وسمح لأتباعه بتشويه سمعة الثوار، كما رأينا في الحملة المسعورة التي ما زالت تقوم بها المجموعات التي اختارها بعناية لتقف معه وتصبح حاضنته السياسة، والمكونة من المحتالين سياسياً الذين يتكسبون من موائد الطغاة، لا يفرق معهم برهان ولا بشير ولا أي طاغية آخر يقلب البرهان، والأسوأ من كل هذا أوقف كل الإصلاحات الاقتصادية، وتسبب في أزمة اقتصادية وعزلة عالمية تشبه التي حدثت في عهد البشير. كل هذا صاحبه انفلات أمني شديد يفسر بأنه خطة من خطط تصفية الثورة.
الآن بدأ البرهان يبحث عن طريقة تجعله يقترب من لجان المقاومة دينمو الثورة ووقودها، عله يجد فرصة يحجمهم بها بعدما أثبتوا شجاعتهم أمام آلة القتل والتعذيب والتنكيل والاعتقال، وما زال يعتقد أنهم مثل الحركات المسلحة وأحزاب الفكة والموز يمكن إغواؤهم بمائدة طعام تنسيهم إخوانهم الشهداء، فدعاهم لإفطار يجمعهم وحدد له يوم 29 رمضان، اليوم الذي ارتكبت فيه مذبحة القيادة، هل هناك (حقارة) واستخفاف بمشاعر الناس أكثر من هذا؟!
المهم رفض الشياب الدعوة وتمسكوا برأيهم، وقالوا لن يجلسوا مع الجنرالات الخمسة قتلة أحلامهم وأحبابهم، وهذا هو المهم، حتى لا يمنحوا البرهان الفرصة التي يريد، وتضيع حقوق الأحياء والشهداء.
ما زال البرهان يعتقد بل يؤمن أن تصفية الثورة لم يتبق منه الكثير، ومرور ستة أشهر أنعش داخله الأمل، خاصة في ظل ضعف تعامل المجتمع الدولي مع جريمته، ولكن نذكره هو وجنرالاته أن هذه الثور ثورة أجيال شابة طموحة متمردة قوية، هم أكثر من نصف سكان السودان، وبما أنهم أسقطوا نظاماً متجذراً ثلاثة عقود لن يغلبهم إسقاط نظام بلا جذور، والعبرة بالنهايات.

نقلا عن الديمقراطي

 

آراء