الجيش والأمارات و تطورات الأحداث

 


 

 

زين العابدين صالح عبد الرحمن
عندما صرح الفريق أول ياسر العطا عضو مجلس السيادة و مساعد القائد العام للجيش ماذا يفعل سفير الأمارات في بورتسودان، و دولته هي التي تقوم بإمدادات عسكرية و تشوين لميليشيا الدعم السريع من خلال عدد من الدول ليبيا حفتر و تشاد و أفريقيا الوسطى و حتى دولة جنوب السودان التي جاء منها اعدادا كبيرة من المرتزقة الذين يقاتلون في صفوف الميليشيا، و أيضا ثيوبيا التي ارسلت اعدادا من المرتزقة... و في مايو 2023م كان قد احتشدت عدد كبير من المواطنين أمام مقر السفير الأمارتي في بورتسودان تطالب السلطة بطرد السفير الأماراتي من السودان.. و تبادلت الخرطوم و أبوظبي بطرد عدد من العاملين في سفارتي بلديهما.. لكن بعد تصريح العطا ظهرت صورة للسفير الأماراتي في تشاد محمد على الشامسي بصحبة أثنين من ضباط المخابرات إضافة لضباط عسكريين تشاديين يقال أن السفير يقوم بزيارة سرية للميليشيا في مدينة الجنينة بهدف اللقاء مع قيادات من الميليشيا آل دفلو لترتيب انسياب الأسلحة و التشوين من تشاد إلي داخل السودان عبر الحدود الغربية، مما يدل أعلى ن الأمارات تصر على التدخل في الشأن السوداني و تقديم الدعم للميليشا..
في جانب أخر قام وزير المخابرات المصري عباس كامل بزيارة إلي ليبيا و التقى مع خليفة حفتر، و تقول الأنباء أن الزيارة بحثت التطورات السياسية للأزمة اليبية، إلي جانب و دفع العملية السياسية من خلال بعثة الأمم المتحدة في ليبيا لقيام الانتخابات.. و معلوم أن حفتر يعد أكبر داعما للميليشيا و تستقبل الأراضي الليبية التي تقع تحت سيطرته رحلات طيران الأمارات الناقلة للأسلحة لليبيا، و منها إلي الميليشيا في السودان و كان الجيش قد قصف العديد من هذه الأمدات القادمة من معسكرات الميليشيا على الحدود الليبية مثل معسكر " شفرليت" و ايضا قصف عربات محملة بالسلاح من ليبيا إلي منطقة الزرق شمال دارفور.. أن ليبيا حفتر شريك أساسي للميليشا في حرب السودان. و بالضرورة تكون المباحثات بين الجانبين المصري و الليبي حفتر قد تطرقت للحرب الدائرة في السودان، خاصة أن البلدين يقعا على الحدود السودانية من ناحية الشمال و الشمال الغربي.. و لكن لم تورد وسائل الإعلام الليبية , و المصاحبة للزائر أي معلومة عن ذلك.. باعتبار أن مصر ساعية للبحث عن أفضل الطرق لإنهاء الحرب الدائرة في السودان.. أن تحرك الأمارات في المنطقة لابد أن يكون له أثارا سالبة على السودان و محاولة لإيجاد دور للميليشيا في المستقبل..
في ذات الوقت أصدر الجيش السوداني تعميما صحفيا، طالب فيه المواطنين السودانيين الابتعاد عن أماكن العمليات العسكرية، حيث أن الميليشيا تتعمد أن تتخذ المواطنين دروعا لها، كما نوه التعميم الصحفي المواطنين من الأبتعاد عن مناطق تجمعات ما سمها "ميليشيا آل دقلو الإرهابية" بمختلف أنحاء البلاد و التي تعتبر أهدافا عسكرية مشروعة لضرب قواتنا الجوية.. أن التعميم الصحفي للجيش يؤكد أن الجيش سوف يقوم بضربات جوية مكثفة في عدد من مناطق السودان، و خاصة في دارفور.. أو هي تكون بداية الحملة العسكرية التي حشد لها قوات كبيرة لتحرير الجزيرة من الميليشيا.. هذا يؤكد حديث ياسر العطا خلال حضوره الافطار الذي اقامته القيادة الجوالة لإسناد عمليات القيادة العامة العسكرية في أم درمان قال فيه لا تفاوض و لا هدنة مع الميليشيا.. و في ذات الوقت قال نائب رئيس مجلس السياداة مالك عقار أن الحرب لابد أن تحسم عسكريا، بسسب ضعف إمكانية حلها بالوسائل السلمية، و أضاف عقار أن الجيش السوداني "لم و لن ينهزم" و في محطة أخرى قال مني اركو مناوي أن قواته سوف تقاتل مع الجيش جنبا إلي جنب في العاصمة الخرطوم..
و كان الفريق إبراهيم جابر عضو مجلس السيادة قال: في منبر الفرقة الثانية مشاه بالقضارف، أن الحرب مخطط أكبر من الذين خططوا له من خلال تدخلات خارجية و أحزاب تسببت في الحرب.. و أن القوات المسلحة و القوات النظامية الأخرى و المستنفرين قد تصدوا للتمرد و دحره.. ثم عرج إلي المسألة السياسية و قال أن القوات المسلحة لن تكون طرفا في أي اتفاق سياسي، و أكد أن الفترة الانتقالية سوف تقودها حكومة تكنوقراط تضطلع بترتيب شؤون الشعب السوداني، و تهيئة البلاد لانتخابات حرة و نزيهة، يختار فيها الشعب من يحكمه.. هذا نفس الحديث الذي كان قد ذكره الفريق أول ياسر العطا من قبل، مما يدل أن الجيش قد حسم أمره تماما، على أن تحسم الميليشيا عسكريا أو تستسلم ،و أن لا يكون لها أي دور سياسي أو عسكري في مستقبل ما بعد الحرب.. و الفترة الانتقالية توكل إلي تكنوقراط هم الذي يديرونها بهدف انجاز مهامها.. الأمارات لا تريد ديمقراطية في السودان و تعتقد وجود نظام ديمقراطي سوف يؤثر سلبا على النظم السياسية العائلية في المنطقة..
أن الجيش قد وضع أجندته للحل، فهل الأحزاب تستطيع أن تتحاور مع هذه الأجندة، و تخرج من شرنقة المصالح الخاصة المرتبطة بتسليمها السلطة إلي أفق أرحب للحوار، و تقدم رؤيتها بعيدا عن استلامها سلطة الفترة الانتقالية.. أن بعض الأحزاب السياسية التي ليس لها قواعد اجتماعية تؤهلها للتنافس عبر صناديق الاقتراع لن تقبل برؤية الجيش.. رغم أن الانتخابات هي الطريق الذي يجعل الجيش يعود إلي ثكناته.. و أيضا بعض الأحزاب و الأفراد في " تقدم" قد ربطوا مستقبلهم السياسي مع الأجندة الأماراتية و الميليشيا، و معلوم أن الدول عندما تتعامل مع سياسي الدول الأخرى تتعامل معهم من خلال أجهزة مخابراتها، و التي لا تتورع في استخدام وسائل تصبح كروت ضغط عليهم.. فالأمارات تتحرك في مسارات و وسائل مختلفة لكي تحقق أهدافها العسكرية و السياسية و الإعلامية.. أن هزيمة الميليشيا تعني هزيمة الأهداف الأماراتية و أدواتها.. لذلك تحاول الأمارات بشتى الطرق أن تضغط من أجل أن تكون هناك مفاوضات للتوصل لتسوية، و تعيد بها الميليشيا مرة أخرى إلي الساحة السياسية، و هو يعتبر مشروعا جديدا لحرب جديدة تعيد فيها تسليح الميليشيا.. الأمر الذي يرفضه الجيش و أغلبية الشعب الذي يقف بجانبه.. نسأل الله حسن البصيرة..

zainsalih@hotmail.com

 

آراء