الشارع يوم الزينة

 


 

 

في وجه الظلمة الحالكة في تاريخ الشعوب، يلتمس الناس قيادة تصبح لهم رمزاً لشوقهم الدفين إلى التغيير. وسرعان ما يتحول هذا الرمز إلى نجم يُستهدى به في عتمة المسير نحو مستقبل بهي طالما رادوهم في الحلم.
لعل ذلك الشوق إلى الرمز يرتبط بغريزة البقاء عند الإنسان.
بتلك الغريزة، لطالما انعقدت آمال السودانيين على قيادة قوى الحرية والتغيير عند مستهل الثورة... ثم اتجهت الأشواق وتحلقت حول حمدوك. الرمزان كلاهما خاب الظن فيهما. الأولى استسهلت الشأن السوداني، وهو حقيق بأن يستصعب ويحسب له كل حساب. أما الثاني، فقد توانى وتراجع وتردد في اتخاذ القرار الثوري في حين كان الإقدام عليه واجباً محتوماً.
لكن، قبل ذلك، كان الرمزان كلاهما هدفاً للإخوان المسلمين الذين لم تخب جعبة سهامهم المسمومة بتقويض الرموز، وتبديد شمل المتعلقين بها.
بحنكة ودهاء، قضوا على الرمزين معاً.
ولأن سهامهم المسمومة لا تكل عن التصويب أبداً، فهم يحرصون اليوم على غرس الشك عميقاً بين المدنيين حول قدرتهم على تصريف شئونهم إذا ما تخلى لهم العسكر طوعاً أو كرهاً عن الحكم. تلك حجة واهية جداً. ففي أية دولة تجلى عجز المدنيين مقابل اقتدار العسكر؟ أفي الصومال أم في ليبيا أم سوريا أم أفغانستان أم اليمن؟ فبئساً لها من أمثلة وتعساً لها من مصاير! لماذا التغافل المتعمد عن النماذج المضيئة حول العالم؟
لحسن الحظ أن مدنية الدولة مطلب يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالعصا والجزرة في يد المجتمع الدولي.
رغم ذلك يظل الشارع هو الفاعل الأجرأ، والأقدر، والأقوى. وهو الذي سوف يفجأ الانقلابيين وسدنتهم الإخوان وحاضنتهم من لوردات السلاح بتكتيكات مبتكرة وكنانة مليئة بحيل شتى لا تنفد، وسيبطل كيدهم جميعاً، ليثبت لهم (إنما صنعوا كيد ساحر ولا يفلح الساحر حيث أتى).
الآن نتطلع لسلاح الاضراب السياسي والعصيان المدني، ذلك سلاح ناجع جربته الثورات السلمية وأيقنت من جدواه.

yassin@consultant.com

 

آراء